العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أرشيف الدروس العلمية في معهد العلوم الشرعية๑¤๑ > أرشيف الأنشطة الإثرائية > قسم الدورات العلمية المكثفة

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-12-09, 12:46 PM   #20
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثامن والأربعون:


عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏((‏ثلاثةٌ حقٌّ على الله عَوْنُهم‏:‏ المُكاتب يريد الأداء، والمتزوج يريد العَفاف، والمجاهد في سبيل الله‏))‏ [رواه أهل السنن إلا النسائي]‏.‏



يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث الذي يرويه من طريق أبي هريرة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة حق على الله عونهم)) لما يترتب على هذه الحمالات التي تحملوها من نفعٍ عظيم، وأثرٍ بالغ، ((ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب يريد الأداء)) المكاتَب يريد الأداء، يعني ينوي الأداء، فإذا كانت هذه نيته، وكاتبه سيده بطلبٍ منه يريد الحرية ليتعبد من غير تقييد فالله -جل وعلا- يعينه، فإذا أراد العبد أن يتحرر بالكتابة من قيود الرقّ ليعبد الله -جل وعلا- ولينفع نفسه وغيره، وهو مع ذلك يريد أداء نجوم هذه الكتابة فإن الله -جل وعلا- يعينه، ومثله من تحمل بعض الديون لحوائجه الأصلية وهو يريد أداءها، بخلاف من أخذ أموال الناس تكثراً، ومع الأسف الشديد لا يحسب أي حساب للدين، فتجده يتخبط ويضطر إلى أن يستدين، ويرهق نفسه بالديون ونيته -والله أعلم- بها عاد كونه يريد الأداء أو لا يريد، هو تسبب في إغراق نفسه بالديون، نعم يختلف الأمر فيما إذا كان يريد الوفاء أو لا يريد الوفاء، يريد إتلافها أتلفه الله؛ لكن إذا لم يكن هناك سبب لتحمل هذه الديون فالدين خطر، شغل الذمة خطر، فإذا كانت الشهادة وهي القتل في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين، فالدين شأنه عظيم، وقد امتنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصلاة على المدين حتى ضمن الدين، وعلى هذا من تحمل الدين لحاجة مع نية الوفاء حكمه حكم هذا المكاتب، ومثل ذلك المتزوج يريد العفاف، وذلك لما في الزواج من مصالح دينية ودنيوية، وهو من سنن المرسلين، وأوجبه بعض أهل العلم مطلقاً، وإن كان حكمه تنتابه الأحكام الخمسة عند جمعٍ من أهل العلم، وعلى كل حال فمن رغب عنه فقد رغب عن السنة، ولو قال: ليتفرغ للعلم، ولو قال: ليتفرغ للجهاد، ليتفرغ للعبادة هذا عبادة، ((وفي بضع أحدكم صدقة)) وهو أيضاً تعاون على البر والتقوى، وهو أيضاً إبقاء للنوع الإنساني، وهو أيضاً تحقيق لأمره -عليه الصلاة والسلام- بالتكاثر، وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالزواج، ولا يتحقق هذا الأمر بمجرد العقد، ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) هذا أمر، ويختلف العلماء في حقيقة الزواج وحقيقة النكاح، هل هي العقد أو الوطء أو هما معاً أو حقيقة أحدهما مجاز في الآخر؟ الخلاف طويل؛ لكن الذي قرره شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن امتثال الأمر لا يتحقق إلا باجتماع الأمرين، ((فليتزوج)) لو قال شاب: نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) أنا عقدت، حققت الأمر وخرجت من عهدة هذا الأمر إذاً أطلق قبل الدخول، نقول: لا يا أخي، لا بد من تحقق الأمرين، وهذا في النكاح المأمور به كما يقول شيخ الإسلام لا بد من الأمرين معاً، أما النكاح المنهي عنه فالنهي ينصرف إلى العقد وحده، وإلى الوطء وحده، وإلى الأمرين من باب أولى، فمثلاً {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [(22) سورة النساء] قد يقول: المراد به العقد؛ لأن حقيقة النكاح العقد، إذاً العقد هل يتصور أن الشرع يحرم العقد ويبيح الوطء؟ أو يقول مثلاً: المراد حقيقة النكاح الوطء إذاً أعقد، لا بد من اجتناب الأمرين معاً، وتيمور لما أعلن الدخول في الإسلام، وهو ظالم باغي معتدي أعلن الإسلام وتحته نساء أبيه، فقال علماء الإسلام: لا يجوز أن تبقى نساء أبيه في عصمته بعد إسلامه، فخشوا من سطوته وردته -إن كان أسلم حقيقة والله يتولى السرائر- وبطشه وانتقامه من المسلمين، فقام واحد من أهل العلم قال: نجد له مخرج لأن الضرر متحقق، وهو أن نقول: أن عقد أبيه على هؤلاء النسوة باطل، كانوا كفار، فعقد أبيه على هؤلاء النسوة باطل؛ لكن هل يسوغ له أن يطأ هؤلاء النسوة اللاتي وطأهن أبوه ولو بعقدٍ باطل؟ لا يجوز هذا بحال، هذا رأى من المصلحة العامة للأمة أنه يترك، مفسدة خاصة به وبنسائه أسهل من مصلحة عامة جائحة بالأمة، وبعض أهل العلم يصير عندهم من الجرأة مثل هذا، ويتفاوتون في تقرير المصالح والمفاسد؛ لكن لا شك أن مثل هذه الفتوى إن لم يكن الضرر متحققاً والبلى متعدياً على الأمة وإلا فهي فتوى باطلة، وإن قال بعضهم أنها عين الفقه.
المقصود أن النكاح المنهي عنه يقع على العقد وحده، ويقع على الوطء وحده، ويقع عليهما من باب أولى معاً كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية، على كل حال ((المتزوج يريد العفاف)) الممتثل للأوامر الشرعية، لا بد من أن يجمع بين الأمرين ما يقول: أنا والله عقدت إذاً تزوجت؛ لأن الزواج والنكاح حقيقته العقد، يعني على قول ما يلزم أن يطأ، ويطلق قبل الدخول ليسترد نصف المهر، نقول: لا أخي أنت ما حققت الأمر الشرعي، وإذا كان هذا هدفك من الأصل فالله -جل وعلا- لن يعينك على هذا؛ لأنك ما امتثلت الأمر، ونظراً لعظم المصالح في الزواج والنكاح جاءت الأوامر به، وجاء الوعد بعون هذا المتزوج؛ لكن في حياة الناس اليوم ما هو بعيد كل البعد من الهدي النبوي في النكاح والزواج، فهل من يخسر في ليلةٍ واحدة خمسمائة ألف مثل هذا يدخل في الحديث؟ قاعة وإلا فندق تستأجر بخمسمائة ألف ليلة واحدة؟ مثل هذا هل هو يرجو لمثل هذا العون من الله -جل وعلا-؟ المقصود أنه المتزوج المحقق للهدف الشرعي من الأمر بالزواج الممتثل للتوجيهات الشرعية، والوصايا النبوية في الزواج، أما شخص عنده مخالفات عظيمة في الزواج، ويريد العون من الله -جل وعلا-، ومن المبذرين {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [(27) سورة الإسراء] فأخو الشيطان لا يستحق العون، ((المتزوج يريد العفاف)) لهذه النية، يريد أن يعف نفسه، ويعف زوجته، ويحصل بينهم من الأولاد من يدعو لهم بعد وفاتهم.
((والمجاهد في سبيل الله)) المجاهد في سبيل الله الذي يتحمل ما يعينه على الجهاد، فهذا الذي يجاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، لصد العدوان على عباد الله، مثل هذا الله -جل وعلا- يعينه في تسديد ما تحمله من أجل الجهاد، والله المستعان.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
برنامج تفريغ الأشرطة (الإصدار الذهبي) أم خــالد الأرشيف 19 01-02-14 07:09 PM


الساعة الآن 10:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .