![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() كيف نستقبل رمضان الحمد لله الذي منّ علينا بمواسم الخيرات، وخصّ شهر رمضان بالفضل والتشريف والبركات، وحثّ فيه على عمل الطاعات، والإكثار من القربات، أحمده سبحانه على نعمه الوافرة؛ وأشكره على آلائه المُتكاثرة. وأصلي وأسلم على أفضل من صلى وصام، وأشرف من تهجّد وقام، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام، أما بعد: فإن الله تعإلى هيأ لنا من المناسبات العظيمة، التي تصقُلُ الإيمان في القلوب، وتُحرّك المشاعر الفيّاضة في النفوس، فتزيد في الطاعات وتُضيّق مجالات الشر في المجتمعات، وتعطي المسلمين دروسا في الوحدة والإخاء، والتضامن والصفاء، والبرّ والصلة والهناء، والطُهر والخير والنقاء، والصبر والشجاعة والإباء، إنها منهل عذب، وحمى أمين وحصن حصين للطائعين، وفرصة لا تُعوّض للمذنبين المفرّطين، ليجددوا التوبة من ذنوبهم، ويسطّروا صفحة جديدة بيضاء ناصعة في حياتهم، مفعمة بفضائل الأعمال ومحاسن الفعال، ومكارم الخصال. فضل رمضان وإن من أجلّ هذه المناسبات زمناً، وأعظمها قدراً، وأبعدها أثراً: شهر رمضان الكريم الذي نرتوي من نميره، ونرتشف من رحيقه، ونشمّ عاطر شذاه، شهر مضاعفة الحسنات، ورفعة الدرجات، ومغفرة الذنوب والسيئات، وإقالة العثرات، قد تفتّح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفّد الشياطين، من صامه وقامه إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه؛ كما صحّ بذلك الحديث عن رسول الله ؛ فعن أبي هريرة عن النبي قال: « من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدّم من ذنبه » [متفق عليه]، و « من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه » [متفق عليه]. إخواني المسلمين: فرحة كُبرى تعيشها الأمة الإسلامية هذه الأيام، فها هي إزاء دورة جديدة من دورات الفلك، تمرّ الأيام وتمضي الشهور، ويحلّ بنا هذا الموسم الكريم، وهذا الشهر العظيم، هذا الوافد الحبيب، والضيف العزيز، وذلك من فضل الله سبحانه على هذه الأمة، لما له من الخصائص والمزايا، ولما أُعطيت فيه هذه الأمة من الهبات والعطايا، وخصّت فيه من الكرامات والهدايا، كما في حديث أبي هريرة أن النبي قال: « إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة، وغُلّقت أبواب النار، وصفّدت الشياطين » [متفق عليه]. فيا لها من فرصة عظيمة، ومناسبة كريمة تصفو فيها النفوس، وتهفو إليها الأرواح، وتكثر فيها دواعي الخير؛ تفتّح الجنات، وتتنزل الرحمات، وترفع الدرجات، وتغفر الزلات. في رمضان تهجُّد وتراويح، وذكر وتسبيح، في رمضان تلاوة وصلوات، وجُود وصدقات، وأذكار ودعوات، وضراعة وابتهالات. حاجتنا إلى رمضان إخواني المسلمين: إذا كان الأفراد والأمم محتاجين إلى فترات من الصفاء والراحة؛ لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، وعلاج ما جدّ من أدواء، فإن شهر رمضان المبارك هو الفترة الروحية التي تجد فيها هذه الأمة فرصة لإصلاح أوضاعها، ومراجعة تاريخها، وإعادة أمجادها، إنه محطة لتعبئة القُوى الروحية والخُلُقية، التي تحتاج إليها كل أمة، بل تتطلع إليها الأفراد والمجتمعات المسلمة، إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق، وشحذ الأرواح، وإصلاح النفوس، وضبط الغرائز، وكبح الشهوات. في الصيام: تحقيق للتقوى، وامتثال لأمر الله وقهر للهوى، وتقوية للإرادة، وتهيئة للمسلم لمواقف التضحية والفداء والشهادة؛ كما أن به تتحقق الوحدة والمحبة والإخاء والأُلفة، فيه يشعر المسلم بشعور المحتاجين، ويحس بجوع الجائعين، الصيام مدرسة للبذل والجود والصلة؛ فهو حقاً معين الأخلاق، ورافدُ الرحمة، من صام حقاً: صفت روحه، ورقّ قلبه، وصلحت نفسه، وجاشت مشاعره، وأُرهفت أحاسيسه، ولانت عريكتُه. فما أجدر الأمة الإسلامية اليوم أن تقوم بدورها، فتحاسب نفسها عند حلول شهرها، وما أحوجها إلى استلهام حكم الصيام، والإفادة من معطياته، والنهل من معين ثمراته وخيراته. كيف نستقبل رمضان أيها الإخوة: إن استقبالنا لرمضان يجب أن يكون - أولاً - بالحمد والشكر لله جل وعلا، والفرح والاغتباط بهذا الموسم العظيم، والتوبة والإنابة من جميع الذنوب والمعاصي؛ كما يجب الخروج من المظالم وردّ الحقوق إلى أصحابها، والعمل على استثمار أيّامه ولياليه صلاحاً وإصلاحاً؛ فبهذا الشعور والاحساس تتحقق الآمال، وتستعيد الأفراد والمجتمعات كرامتها، أما أن يدخل رمضان ويراه بعض الناس تقليداً موروثاً، وأعمالاً صورية محدودة الأثر ضعيفة العطاء، بل لعلّ بعضهم أن يزداد سوءاً وانحرافاً - والعياذ بالله - فذلك انهزام نفسي، وعبث شيطاني، له عواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع. فلتهنأ الأمة الإسلامية بحلول هذا الشهر العظيم، وليهنأ المسلمون جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها بهذا الموسم الكريم، إنه فرصة للطائعين للاستزادة من العمل الصالح، وفرصة للمذنبين للتوبة والإنابة، كيف لا يفرح المؤمن بتفتيح أبواب الجنان؟! وكيف لا يفرح المذنب بتغليق أبواب النيران؟! يا لها من فرص لا يحرمها إلا محروم! ويا بشرى للمسلمين بحلول شهر الصيام والقيام! فالله الله - عباد الله - في الجد والتشمير، دون استثقال لصيامه، واستطالة لأيامه، حذار من الوقوع في نواقضه ونواقصه، وتعاطي المفطرات الحسية والمعنوية!! حقيقة الصيام لقد جهل أقوام حقيقة الصيام؛ فقصروه على الإمساك عن الطعام والشراب؛ فترى بعضهم لا يمنعه صومه من إطلاق الكذب والبهتان، ويطلقون للأعين والآذان الحبل والعنان؛ لتقع في الذنوب والعصيان، وقد قال : « من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه » [رواه البخاري]. ولله درّ القائل: إذا لم يكن في السّمع مني تصاون وفي بصري غضّ وفي منطقي صمت فحظي إذن من صومي الجوعُ والظمأ فإن قلتُ إني صُمتُ يوماً فما صُمتُ رمضان وحال الأمة إخواني الصائمين: إنه ليَجدُر بالأمة الإسلامية التي تعيش اليوم مرحلة من أشد مراحل حياتها: أن تجعل من هذا الشهر نقطة تحوُّل، من حياة الفرقة والاختلاف، إلى الاجتماع على كلمة التوحيد والائتلاف، وأن يكون هذا الشهر مرحلة تغيّر في المناهج والأفكار والآراء، في حياة الأمم والأفراد؛ لتكون موافقةً للمنهج الحق الذي جاء به الكتاب والسنة، وسار عليه السلف الصالح - رحمهم الله - وبذلك تُعيد الأمة مجدها التليد، وماضيها المشرق المجيد، الذي سطّره تاريخ المسلمين الزاخرُ بالأمجاد والانتصارات في هذا الشهر المبارك؛ وما غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، ومعركة حطين، ووقعة عين جالوت، وغيرها إلا شواهدُ صدق على ذلك. إخوة الإسلام: يحل بنا شهرنا الكريم، وأمّتنا الإسلامية لا زالت تعاني جراحات عُظمى، وتُعايش مصائب كبرى. فبأي حال يستقبل المسلمون في الأرض المباركة من جوار الأقصى المبارك هذا الشهر الكريم، وهم لا زالوا يُعانون صَلَفَ الصهاينة المجرمين؟! بأي حال يعيش إخوانكم المبعدون المشرّدون عن ديارهم وأهليهم وأموالهم؟! وما استمرار قضية أولى القبلتين، ومسرى سيد الثقلين، وثالث المسجدين الشريفين، ما استمرار تلك القضية المأساوية إلا تحدّ سافر من إخوان القردة والخنازير، لكل مبادئ الدين والعقل، والحق والعدل، والسلام والأمن. بأي حال يستقبل إخوانكم المسلمون في أماكن كثيرة من العالم هذا الشهر الكريم وهو يعانون أبشع حرب إبادة عرفها التاريخ المعاصر؟! ويعانون حياة الجوع والتقتيل والتشريد؟! رمضان مدرسة الأجيال إخواني الصائمين: في رمضان تتربى الأمة على الجدّ، وأمة الهزل أمة مهزومة، في رمضان يتربّى أفراد الأمة على عفة اللسان، وسلامة الصدور، ونقاء القلوب، وتطهيرها من أدران الأحقاد والبغضاء، والحسد والغلّ والشحناء، ولا سيّما من طلبة العلم، والمنتسبين إلى الخير والدعوة والإصلاح؛ فتجتمع القلوب، وتتوحّد الجهود، ويتفرّغ الجميع لمواجهة العدو المشترك، ونتخلى جميعاً عن تتبع السقطات، وتلمّس العثرات، والنفخ في الهنّات، والحكم على المقاصد والنيات. في رمضان: يطلب من شبابنا تحقيق دورهم، ومعرفة رسالتهم، وقيامهم بحق ربهم، ثم حقوق ولاتهم ووالديهم ومجتمعهم. في رمضان: تتجسد ملامح التلاحم بين المسلمين رعاتهم ورعاياهم، علمائهم وعامّتهم كبيرهم وصغيرهم؛ ليكون الجميع يداً واحدةً، وبناءً متكاملاً؛ لدفع تيارات الفتن، وأمواج المحن؛ أن تخرق السفينة، وتفوّض البناء، ويحصل جرّاءها الخلل الفكريّ والاجتماعي. في رمضان: تكثر دواعي الخير، وتقبل عليه النفوس؛ فهو فرصة اادعاة والمصلحين، وأهل الحسبة والتربويين: أن يصلوا إلى ما يريدون من خير للأمة بأحسن أسلوب وأقوم منهاج؛ فالفرصة مؤاتية، والنفوس مقبلة. فاتقوا الله - عباد الله - وأدركوا حقيقة الصوم وأسراره، وتعلموا آدابه وأحكامه، واعمروا أيامه ولياليه بالعمل الصالح، وصونوا صومكم عن النواقض والنواقص، وجدّدوا التوبة وحققوا شروطها؛ لعل الله أن يتجاوز عن ذنوبكم، ويجعلكم من المرحومين المعتقين من النار بمنّه وكرمه. هدي الرسول في رمضان لقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان؛ يقول ابن القيّم رحمه الله: ( وكان هديه فيه عليه الصلاة والسلام أكمل هدي وأعظمه تحصيلاً للمقصود، وأسهله على النفوس، وكان من هديه في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن، وكان يكثر فيه الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر والاعتكاف، وكان يخصّه من العبادات بما لا يخصّ به غيره ). وقد سار على ذلك السلف الصالح - رحمهم الله - حيث ضربوا أروع الأمثلة في حسن الصيام، وإدراك حقيقته، وعمارة أيامه ولياليه بالعمل الصالح. واعلموا - إخواني المسلمين - أنكم كما استقبلتم شهركم هذا ستودعونه عما قريب، وهل تدري يا عبدالله هل تدرك بقية الشهر أو لا تكمله؟! إننا _ والله - لا ندري، ونحن نصلي على عشرات الجنائز في اليوم والليلة: أين الذين صاموا معنا فيما مضى؟! إن الكيّس اللبيب من جعل من ذلك فرصة لمحاسبة النفس، وتقويم إعوجاجها، وأطرها على طاعة ربّها قبل أن يفجأها الأجل، فلا ينفعها - حينذاك - إلا صالح العمل، فعاهدوا ربكم - يا عباد الله - في هذا الشهر المبارك على التوبة والندم، والاقلاع عن المعصية والمأثم، واجتهدوا في الدعاء لأنفسكم وإخوانكم وأمتكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
التعديل الأخير تم بواسطة رقية مبارك بوداني ; 11-07-11 الساعة 02:36 PM |
![]() |
![]() |
#3 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() بسم الله الرحمن الرحيم على أبواب رمضان يعتصرني الألم ويحدوني الأملالحمد لله شق النور ، وعلم هواجس الصدور ، نافذ أمره ، دائم بره ، شديد بطشه ، واجب حمده ، فتبارك اسمه وجل ذكره ، محمود بكل لسان ، معبود بكل زمان ، مقصود بكل مكان ، أشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالقرآن رحمة للعالمين الداعي غلى التوبة والإيمان صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أله وصحبه في كل حين وآن . أما بعد .... فما أسرع الأيام تمر كلمح البصر وإنها والله نذير للبشر لا يفرح الانسان بمرورها بقدر ما يحزن على فواتها ، ففي تصرمها انقضاء للعمر وفي زوالها تقريب من الحفر . إذا تم شيء بدا نقصهترقب زوالاً إذا قيل تم
وفي هذه الأيام نستقبل أيام رمضان الغالية والعزيزة على النفس بعد أن طويت منذ عام كامل بما أودعناها من أعمال ستشهد علينا غداُ أمام الله تعالى . فأهلاً وسهلاً بك أيها الضيف الحبيب حللت أهلاً ووطئت سهلاً وحيا الله الهلال الذي يبشر بقدومك . بحلولك تستأنس النفوس وبنزولك تطمئن القلوب لك في الخيال ذكرى وفي النفس شجى وفي الصدر شوق وفي الأعمال حنين . جفت مآقينا يا رمضان فأدركها ، و أرهقت كاهلنا الذنوب فخففها ، وتلاحقت النكبات على أفئدتنا فواسها وتقلبت أحوال الضمائر والنيات فطهرها وتعرضت الأجساد لسخط الجبار فأنقذها وتوالت صيحات الاستغاثة فأغثها . أظلمت الدنيا في وجهي طويلاً بحثت عن سر السعادة فلم أجدها ، نمت قمت .... شربت نشوت ... أكلت شبعت ... صاحبت سهرت ... عشقت نلت ... مشيت سرت .... أنفقت بذرت ... فرطت جهلت .... وأخيراً تعبت وندمت وخسرت . جربت كل شيء فلم يسعدني ، فعلت كل شيء فلم يرحني . إليك يا رمضان أبوح بخلجات الصدر ، لن أجد من أأتمنه لنقلها كما هي سوى الثغر ، فهو أسهل وسيلة للتغيير ، فلقد سئمت حياة المعاصي والتقصير وأسرفت على نفسي بشكل منقطع النظير ، ولكن إذا أراد الله فليس عليه عسير . والآن ذقت طعم السعادة بعد أن عدت إلى الله عودة صادقة بإذن الله ، إني أرى الضوء أخضر ، والحياة وردية ، والأيام بيضاء ، فلعلك يا رمضان تكون خير معين لي على طاعة ربي ، فأنت موسم البركات ، في ظلك أتفيؤ ظلال المغفرة والرحمات ، أنت شهر إقالة العثرات ، والتعرض من الله لأطيب النفحات ، أعاهدك يا رمضان أن أبدأ صفحة جديدة مع الله وأفتح سجلاً ناصع البياض فلا تراني إلا محافظاً على الصلاة مع الجماعة في الصف الأول وإذا بحثت عني ، فأنا مشغول بتكحيل عيني بتلاوة كتاب الله ، أو أتلمس الطريق لأصل إلى أهل العوز والحاجة ، لأنفق عليهم وأقوم بإفطار الصائمين ، وإن فترت فلا أفتر عن الدعوة إلى سبيل ربي ، أو الاستغفار في وقت السحر عن سابق معصيتي أو الدعاء بأن يتقبل الله توبتي ويغسل حوبتي وإذا نام الأنام صففت الأقدام في جنح الظلام لأقوم الليل خاشعاً باكياً وإن شاء الله سأزور بيت الله العتيق وأعتمر وأعتكف ، لعلي أنسى الماضي الأليم وأرجع بوجه وضاء جديد . إني شاكر لنعم ربي التي طالما عصيته بها فيما مضى خلفت الدنيا ورائي وطلقتها ثلاثأ بلا رجعة بعد شدة لجاج وغضب ، فهي التي كانت تحركني ، وتتحكم في قلبي وعاطفتي . ما أجمل العودة إلى الله ! لقد أيقنت أن السعادة في طاعة الله وأن للإيمان طعماً حلواً لم يتذوقه كثير من الناس ، وأن في دنيانا هذه جنة من لم يدخلها ، لم يدخل جنة الآخرة ، وقد تاه أكثر عباد الله عن بابها . إن رمضان فرصة للإنابة ومحاسبة النفس ، والدنيا دار بلاء مشحونة بالمتاعب ، مملوءة بالمصائب ، طافحة بالأحزان ، يزول نعيمها ، ويذل عزيزها ، ويشقى سعيدها ، ويموت حيها ، مزجت أفراحها بأتراح ، وحلاوتها بمرارة ، فلا تدوم على حال ، ولا يطمئن لها بال ، والموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ولا يستأذن أحداً ولباسه لا يستثني جسداً ، فأدعوا نفسي وكل من يقرأ ما تخطه بناني إلى التوبة ، اتركوا القدة والمنام ، واهجروا المعاصي والإجرام قبل تصرم الآجال ، وليردد الإنسان في هذا المقام : يا رب إن عظمت ذنوبــي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظــــم إن كان لا يرجـوك إلا محســن فمن الذي يدعو ويرجو المجرم أدعوك رب كما أمرت تضرعاً فإذا رددت يدي فمن ذا يرحـــم مــالي إليك وســيلة إلا الدعـــــا وجميل عفوك ثم أني مسلـــم يا رمضان سأنتقل فيك من طاعة إلى طاعة ، يعصرني الألم على ما مضى من التفريط ، ويحدوني الأمل في مواصلة الصالحات ، وتجديد العهد ورجاء القبول من الله ، وأتمنى أن تطول أيامك يا رمضان ، فلقد أبهجت قلبي ، وأنقذت حياتي بروحانيتك وأجوائك وحلاوة أوقاتك وخصوبة أرضك . فلا تلمني إذا ذرفت عيني لفراقك ، ولا تؤاخذني إذا تحشرج صوتي متقطعاً في لظات وداعك . يا راحلاً وجميل الصب يتبعه هل من سبيل إلى لقياك يتفق ما أنصفتك دموعي وهي دامية ولا وفىَّ لك قلبي وهو يحترق عذراً يا رمضان .... إن البكاء ليس كله للفراق ، فهناك شيء أكبر بكثير !! إنه القبول ، فهو الذي يقض مضجعي ، وينغص حياتي ، فلا أدري أغفر لي ربي أم تركني غارقاً في لجة ذنوبي ؟ فإن كان الأول فيا فوزي وسعادتي ، وإن كان الثاني فيا خسارتي وبؤسي . اللهم امنحني ولا تمتحني ، وأعطني ولا تحرمني وتب علي وسامحني ، اللهم اجعل قلبي مملوءاً بحبك ولساني رطباً من ذكرك ، ونفسي مطمئنة لأمرك مستسلمة لقضائك . يا من وثقت بعفوه هفوات المذنبين فما قطعها وخرقت السبع الطباق دعوات التائبين فسمعها وما ردها . إلهي أطرقت من جلال هيبتك وخجلت حياءً من عظمتك ، وقفت سائلاً ببابك ، ولذت فقيرا ًبجنابك ، ورست سفينة المسكين على ساحل كرمك ترجو الجواز إلى ساحة رحمتك ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت . إلهي بالإساءة أقررت ، والتقصير اعترفت ، ولبابك قرعت ، ، ولمعروفك تعرضت ، ولرحمتك خضعت ، ومن فضلك سألت ، فارحم ذل مقامي وضعف قوتي ، وقلة حيلتي وسلطاني واجبر كسر قلبي ، واختم بالصالحات عملي ، وأقر برؤيتك في الآخرة عيني . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه أجمعين . |
![]() |
![]() |
#4 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ماذا أعددت لرمضان ؟ أخي المسلم أختي المسلمة .. ربما لا يكون العنوان مشجعاً للقراءة، فدائماً وفي كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك يبدأ الواعظون وأهل العلم في الحديث عن فضل رمضان والخير الذي فيه، ويدعون إلى الصلاة والصدقة وقراءة القرآن و .... إلخ. وهذه المواضيع لا تشد أغلبنا لقراءتها ، فكلنا يعرف فضل رمضان والأجر الذي فيه، وأغلبنا يعرف ما هي مفسدات الصوم والأشياء التي تنقص من أجر الصائم. ولكن، اسمح لي أن أدعوك لقراءة ما سأكتب .. أستحلفك بالله أن تغصب هذه النفس الأمارة بالسوء وتلزمها لقراءة ما سأكتب حتى النهاية؛ فالذكرى تنفع المؤمنين، وربما يكون في ذلك نوراً لك في قبر ضاقت عليك أركانه بعد موتك، وربما يكون فيه نجاة لك في يوم لا ملجأ من الله إلا إليه !! أخي الحبيب .. أختي الكريمه، ماذا أعددت لرمضان ؟ هل ذهبت إلى السوق واشتريت الأطعمة والمشروبات التي سوف تتمتع بأكلها طوال هذا الشهر؟ أم أنك اخترت بعناية فائقة المسلسلات والكوميديا التي أعجبتك ونظمت وقتك لمشاهدتها؟ أم أنك مستعد للسهر واللهو في إحدى خيام الأنس والطرب التي تنتشر في بلادنا لإحياء ليالي شهر رمضان؟ أم أنك اتفقت مع أصدقائك على قضاء الليل في الحديث وتدخين الشيشة ولعب الكوتشينه ؟!؟!؟ بالله عليك أجبني .. ماذا أعددت لرمضان ؟ هل أنت واحد من هؤلاء الذين يكون رمضانهم في طعام وشراب وسهر ولعب وفساد ونوم في النهار، وعبث طوال الليل؟ أجبني ولا تخجل ، لا تكذب ، لا تخادع نفسك .. لا تتوهم الصلاح وتكون من أولئك الذين قال الله عنهم : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } [سورة الكهف: 103-104] إذا كنت منهم فتذكر أخي المسلم أنه سيأتي اليوم الذي ستزال الغشاوة من على عينيك، وينتزع فيه الموت روحك من كل عرق بلا رأفة ولا رحمة، تذكر اللحظة التي يغسلونك فيها، ويكفنونك ويضعونك في حفرة ضيقة، ويهيلون عليك التراب ويذهبون، وتبقى وحيداً ليخرج لك الثعبان الأقرع؛ لأنك كنت تضيع الصلوات، وترى هناك نار جهنم تضطرم ويشتد سعيرها، وهي تنادي ربها أن يقربها منك، ستبكي وتبكي وتبكي وتطلب الرحمة.. ولكن، لن يسمعك أحد؛ فهذا ما اقترفت يداك، وهذا ما زرعت لنفسك، ولتحصد تضييع أغلى ليالي عمرك .. إنها ليالي شهر رمضان المبارك التي كنت تقضيها في الفساد والرذيلة واكتساب الآثام !! ماذا ستقول لله سبحانه وتعالى عندما يسألك عن رمضان ؟ كيف سترد على قدمك التي تشهد عليك وأنت تمشي للحرام؟ ماذا سترد على لسانك الذي ينطق ويقول أمام رب العالمين أنك كنت تغتاب وتكذب، وتسب وتغني طوال أيام وليالي الشهر الفضيل؟ كيف ستتكلم، وعملك الأسود يكون حاضراً ليفضحك، وتذكر أن يومها لن تجدي الأعذار ولن يفيد الكذب .. آآآه .. كيف سيكون موقفك وشهر رمضان يخرج ليتكلم والقرآن يظهر ويصرخ معه، والصلاة تخرج إلى ربها لينادوا جميعاً، فيقولون لك: ضيعك الله كما ضيعتنا!!؟ أخي المسلم أختي المسلمة ... ماذا أعددت لرمضان ؟ سؤال يجب أن تجد له إجابة صادقة، ولابد أن تلتزم بها قبل أن يمضي رمضان هذا كما مضى سابقه، وأنت تتخبط في المعاصي والذنوب، وتفوّت الصلوات، وترتكب الكبائر، وتعصي الله سبحانه وتعالى سراً وعلانية !! هل ستلتزم بصلاتك وتحافظ عليها مع الجماعة ؟ هل ستمشي في ظلام الليل لتصلي صلاة الفجر في المسجد ؟ هل ستكسب حسنة في كل خطوة تخطوها قدمك إلى المسجد، أم أنك ستفضل البقاء على السرير نائماً أو أمام شاشات التلفزيون متسمراً، تشاهد الكاسيات العاريات وتضحك على نفسك، لتبكي في يوم تفارق فيه الأهل والخلان وتكون من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة !! هل ستقرأ القرآن كاملاً طوال أيام الشهر ؟ ربما تقرأ في أول يومين أو ثلاثة وبعدها لا يبقى عندك وقت للقراءة .. أليس هذا ما يحدث ؟!؟ في كل سنة تقول أنك ستقرأ وستحافظ على التلاوة وستقرأ في كل يوم جزءاً لتختم القرآن في آخر الشهر وبعدها تقرأ الأيام الأولى فقط ليغطي القرآن الغبار حتى السنة القادمة .. أليس هذا صحيحاً ؟!؟! هل تريد أن تكون ممن هجروا القرآن واستبدلوه بالأغاني الماجنة، والأفلام الساقطة، والمجلات الخليعة التي تدخل كل بيت ؟!؟!؟ هل ستتصدق على الفقراء والمساكين الذين يطرقون أبواب بيتك؟ أم أنك ستتطردهم لأنهم مجموعة من الدجالين الذين يحتالون على أصحاب الأيدي الكريمة أمثالنا ؟!؟ هل ستصغي إلى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وغيرك من ضعاف النفوس، الذين يبخلون بالدرهم في سبيل الله بينما يضيعون مئات وآلاف الدراهم في الحرام ؟!؟ أخي العزيز .. استيقظ .. أنت في دنيا فانية، زائلة، حقيرة .. نعم سوف تموت غداً ولن ينفعك علاج الطبيب ولن يفيدك بكاء الحبيب .. استيقظ يا صاحبي فلن تأخذ معك أموالاً جمعتها ولن تنفعك بيوت عمرتها .. ستأخذ معك الحنط والكفن وستنتهي إلى دنيا جديدة تصطك عليك فيها جدران قبرك، وتجد ما عملته في دنياك حاضراً ينتظرك .. القرآن الذي هجرته، والصلاة التي ضيعتها، والفقيرة التي بخلت عليها، ورمضان الذي فسقت فيه و ..... كل شيء، ستجد كل شيء محضراً، وستشهد عليك جوارحك ولا يظلم ربك أحدا !! رمضان أقبل فاغتنمه وأنت لا تدري فربما لا تعيش حتى رمضان القادم، بل ربما لا تكمل معنا رمضان هذا .. من يدري؟ فربما تموت وأنت تقرأ كلامي هذا .. اغتنم رمضان وسابق فيه إلى الطاعة، وعُد إلى الله سبحانه وتعالى وستجده فرحاً سعيداً بعودتك إليه ولا تكن ممن يعرضون على جهنم فيحرقون فيها .. وكلما نضجت جلودهم أبدلوهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب حيث قال سبحانه وتعالى : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه } [سورة الكهف:57]، وقال تعالى : { إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ، وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ، بئس الشراب وساءت مرتفقا } [سورة الكهف:29] ماذا أعددت لرمضان ؟ إذا كنت لا تعرف فأعدد له الطاعات والخيرات، وأبوابها أوسع مما تتصور، وخذ شهر رمضان بكرم طاعتك، ولا تقابله بسوء معصيتك .. إقرأ القرآن واجعله نوراً يضيء قبرك بعد الموت، وشاهداً يشهد لك يوم تلقى الله .. أخي المسلم داوم على صلاة الجماعة، وتعرف على الصحبة الطيبة فهي التي ستثبتك على الطريق الصحيح .. طريق الجنة التي تبحث عنها. إبتعد عن فاحش القول وأذية الناس، وأحسن معاملة والديك وجارك وإخوتك، ولا ترهق خادمك، وانصح أهلك وأصحابك وادعهم إلى طريق الرشاد، اشتري المصاحف وأهدها للناس؛ فتشاركهم أجر قراءة القرآن، تصدق على الفقراء والمساكين ولا تبخل بدرهم في سبيل الله، ضع الدراهم في صناديق الجمعيات الخيرية واحتسب الأجر عند الله، صلِ ركعتين في منتصف الليل؛ عسى أن يغفر لك الحي الذي لا ينام، عامل الناس معاملة حسنة وفي هذا محبتهم وصدقة لله سبحانه وتعالى .. صِل رحمك الذين قطعتهم، وسامح من أخطأ في حقك، واستغفر لذنبك ولسائر المسلمين .. أعف لسانك عن الكذب، وعينك عن الحرام، وأذنك عن سماع الأغاني، وقلبك عن الحسد والضغينة، ويدك عن الخطيئة، وقدمك من السير إلى أماكن اللهو والفساد .. أخي المسلم .. أختي المسلمة .... أبواب الخير واسعة، وأبواب الشر واسعة أيضاً.. فأيهما تختار يا ذا العقل الرشيد؟ جنة عرضها كعرض السموات والأرض، أم نار حانقة غاضبة تقول: هل من مزيد ؟!؟!؟ وأخيراً أرجع وأقول لك من جديد .. ماذا أعددت لرمضان ؟
|
![]() |
![]() |
#5 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]()
إلى من أدركت رمضان
الحمد لله الذي بلغنا هذا الشهر العظيم وأدعوه- عزّ وجلّ- كما بلغنا إياه أن يعيننا على حسن صيامه وقيامه، وأن يتجاوز عن تقصيرنا وزللنا، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد: فهذه رسالة قصيرة سطرتها لك أختي المسلمة على عجل وضمنتها وقفات متنوعة، أدعوه- عزّ وجلّ- أن يبارك في قليلها، وأن ينفع بها إنه سميع مجيب: الوقفة الأولى: أذكرك بأصل الخلق وسبب الوجود، قال الله- عزّ وجلّ-: { وما خلقتُ الجنَّ والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات:56]. قال الإمام النووي: وهذا تصريح بأنهم خُلقوا للعبادة، فحُقَّ عليهم الاعتناء بما خُلقوا له، والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور، ومشروع انفصام لا موطن دوام. أختي المسلمة: تفكري في عظم فضل الله تبارك وتعالى عليك.. { وإن تعُدُّوا نعمت الله لا تحصوها إنَّ الإنسان لظلومٌ كفّار } [إبراهيم:34].. وأجلُّ تلك النعم وأعظمها نعمة الإسلام، فكم يعيش على هذه الأرض من أمم حُرمت شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله. وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.. ثم احمدي الله- عزّ وجلّ- على نعمة الهداية والتوفيق فكم ممن ينتسبن إلى الإسلام وهن مخالفات لتعاليمه ظاهراً وباطناً، مفرطات في الواجبات، غارقات في المعاصي والآثام، فاللهم لك الحمد. وأنت- أيتها المسلمة- تتقلبين في نعم الله- عزّ وجلّ- من أمن في الأوطان، وسعة في الأرزاق، وصحة في الأبدان، عليك واجب الشكر بالقول والفعل، وأعظم أنواع الشكر طاعة الله- عزّ وجلّ- واجتناب نواهيه فإن النعم تدوم بالشكر.. { وإذ تأذّن ربُّكم لئن شكرتم لأزيدنَّكُم } [إبراهيم:7] واعلمي أن حقوق الله- عزّ وجلّ- من أن يقوم بها العباد، وأن نعم الله تبارك وتعالى أكثر من أن تُحصى ولكن (أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين).. الوقفة الثانية: من نعم الله تبارك وتعالى عليك أن مدّ في عمرك وجعلك تدركين هذا الشهر العظيم، فكم غيَّب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب.. فإن طول العمر والبقاء على قيد الحياة فرصة للتزود من الطاعات والتقرب إلى الله- عزّ وجلّ- بالعمل الصالح. فرأس مال المسلم هو عمره، لذا أحرصي على أوقاتك وساعاتك حتى لا تضيع سدى وتذكري من صامت معك العام الماضي وصلّت العيد!! ثم أين هي الآن بعد أن غيبها الموت؟! وتخيلي أنها خرجت إلى الدنيا اليوم فماذا تصنع؟ هل ستسارع إلى النزهة والرحلة؟ أم إلى السوق والفسحة؟ أم إلى الصاحبات والرفيقات؟ كلا بل- والله- ستبحث عن حسنة واحدة.. فإن الميزان شديد ومحصي فيه مثقال الذر من الأعمال { فمن يعمل مثقال ذرَّةٍ خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شراً يره } [الزلزلة:7-8] واجعلي لك نصيباً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك » .. واحرصي أن تكوني من خيار الناس كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فعن أبي بكرة رضي الله عنه « أن رجلاً قال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال صلى الله عليه وسلم: من طال عمره وحسن عمله. قال: فأي الناس شر؟.. قال صلى الله عليه وسلم: من طال عمره وساء عمله » [رواه مسلم]. الوقفة الثالثة: يجب الإخلاص في النية وصدق التوجه إلى الله - عزّ وجلّ-، واحذري وأنت تعملين الطاعات مداخل الرياء والسمعة فإنها داء خطير قد تحبط العمل، واكتمي حسناتك وأخفيها كما تكتمين وتخفين سيئاتك وعيوبك، واجعلي لك خبيئة من عمل صالح لا يعلم به إلا الله- عزّ وجلّ-: من صلاة نافلة، أو دمعة في ظلمة الليل، أو صدقة سر واعلمي أن الله- عزّ وجلّ- لا يتقبل إلا من المتقين، فاحرصي على التقوى.. { إنَّما يتقبَّلُ الله من المُتَّقين } [المائدة:27].. ولا تكوني ممن يأبون دخول الجنة.. كما ذكر ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم: « كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى.. قالوا : ومن يأبى يا رسول الله؟.. قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى » [رواه البخاري]. الوقفة الرابعة: عوِّدي نفسك على ذكر الله تبارك وتعالى في كل حين وعلى كل حال، وليكن لسانك رطباً من ذكر الله- عزّ وجلّ-، وحافظي على الأدعية المعروفة والأوراد الشرعية قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً . وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً } [الأحزاب:41-42].. وقال تعالى: { والذَّاكرين الله كثيراً والذَّاكرات أعدَّ الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً } [الأحزاب:35]. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله في كل أحيانه » [رواه مسلم]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « سبق المفردون.. قالوا وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات » [رواه مسلم]. قال ابن القيم- رحمه الله-: وبالجملة فإن العبد إذا أعرض عن الله تعالى واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقة التي يجد غبَّ إضاعتها يوم يقول: { يا ليتني قدَّمتُ لحياتي } [الفجر:24]. واعلمي أختي المسلمة أنه لن يعمل أحد لك بعد موتك من صلاة وصيام وغيرها فهبِّي إلى الإكثار من ذكر الله – عزّ وجلّ- والتزود من الطاعات والقربات. الوقفة الخامسة: احرصي على قراءة القرآن الكريم في كل يوم، ولو رتبت لنفسك جدولاً تقرأين فيه بعد كل صلاة جزءاً من القرآن لأتممت في اليوم الواحد خمسة أجزاء وهذا فضل من الله عظيم، والبعض يظهر عليه الجد والحماس في أول الشهر ثم يفتر، وربما يمر عليه اليوم واليومين بعد ذلك وهو لم يقرأ من القرآن شيئاً. وقد ورد في فضل القرآن ما تقرُّ به النفوس وتهنأ به القلوب فعن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف » [رواه الترمذي] وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب » [رواه الترمذي]. وعن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه- قال: « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه » [رواه مسلم]. فعليك أختي المباركة بالحرص على قراءة القرآن، بل وحفظ ما تيسر منه ومراجعة ما قد تفلت منك، فإن كلام الله تعالى فيه العظة والعبرة، والتشريع والتوجيه، والأجر والمثوبة. الوقفة السادسة: رمضان فرصة مواتية للدعوة إلى الله.. فتقربي إلى الله- عزّ وجلّ- في هذا الشهر العظيم بدعوة أقاربك وجيرانك وأحبابك عبر الكتاب والشريط والنصيحة والتوجيه، ولا يخلو لك يوم دون أن تساهمي في أمر الدعوة، فإنها مهمة الرسل والأنبياء والدعاة والمصلحين، وليكن لك سهم في هذا الشهر العظيم، فإن النفوس متعطشة والقلوب مفتوحة والأجر عظيم.. قال صلى الله عليه وسلم: « فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم » [متفق عليه]. قال الحسن: فمقام الدعوة إلى الله أفضل مقامات العبد.. الوقفة السابعة: احذري مجالس الفارغات، واحفظي لسانك من الغيبة والنميمة وفاحش القول واحبسيه عن كل ما يغضب الله تعالى، وألزمي نفسك الكلام الطيب الجميل، وليكن لسانك رطباً بذكر الله. ولأختي المسلمة بشارة هذا العام. فنحن في عطلة دراسية وهي فرصة للتزود من الطاعة والتفرغ للعبادة.. وقد لا تتكرر الفرصة.. بل وقد تموتين قبل أن تعود الفرص.. واعلمي أن كل يوم يعيشه المؤمن هو غنيمة.. عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان رجلان من بلى من قضاعة أسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما وأُخر الآخر سنة فقال طلحة بن عبيد الله: فرأيت المُؤخّر منهما أُدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك، فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أو ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: « أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة آلاف ركعة، وكذا ركعة صلاة سنة » [رواه أحمد]. الوقفة الثامنة: منزلك هو مناط توجيهك الأول، فاحرصي أولاً على أخذ نفسك وتربيتها على الخير، ثم احرصي على من حولك من زوج وأخ وأخت وأبناء يتذكيرهم بعظم هذا الشهر وحثِّهم على المحافظة على الصلاة وكثرة قراءة القرآن، وكوني آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر في منزلك بالقول الطيب، والكلمة الصادقة، وأتبعي ذلك كله الدعاء لهم بالهداية. وهذا الشهر فرصة لمراجعة ومناصحة المقصرين والمفرطين فلعل الله- عزّ وجلّ- أن يهدي من حولك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من دل على خير فله مثل أجر فاعله » [رواه مسلم]. الوقفة التاسعة: احذري الأسواق فإنها أماكن الفتن والصد عن ذكر الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها » [رواه مسلم]. ولا يكن هذا الشهر وغيره سواء، واحذري أن تلحقك الذنوب في هذا الشهر العظيم بسبب رغبة شراء فستان أو حذاء فاتقي الله في نفسك وفي شباب المسلمين، وما يضيرك لو تركت الذهاب إلى الأسواق في هذا الشهر الكريم، وتقربت إلى الله عزّ وجلّ بهذا الترك، قال عبد الله بن مسعود: ما قَرُبَتِ امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها. الوقفة العاشرة: العمرة فضلها عظيم وفضلها في رمضان يتضاعف فعن ابن عباس رضي الله عنه « أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجة الوداع قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان: ما منعك أن تحجي معنا ؟ قالت: أبو فلان (زوجها) له ناضحان حج على أحدهما، والآخر نسقي عليه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة » أو قال: « حجة معي » [رواه البخاري]. وإلى كل معتمرة باحثة عن الأجر وهي مجانبة للطريق، أربأ بها أن يجتمع عليها في بلد الله الحرام، حرمة الشهر، وحرمة المكان، وحرمة الذنب. فتكون عمرتها طريق إلى الإثم والمعصية من حيث لا تدري وترجع مأزورة غير مأجورة! وإن يسر الله تعالى لك العمرة فتجنبي مواطن الزلل وعثرات الطريق، واخرجي محتشمة بعيدة عن أعين الرجال غاضة الطرف، لا بسة الحجاب الشرعي، مبتعدة عن لبس النقاب، ومس العطور، واخرجي لبيت الله الحرام وأنت مستشعرة عظمة هذا البيت وعظمة خالقه- عزّ وجلّ-، وتذكري أن الحسنات تُضاعف فيه كما أن السيئات تضاعف فيه أيضاً. الوقفة الحادية عشرة: لقد فتح الله- عزّ وجلّ- لنا أبواب الخير وفاضت الأرزاق بيد الناس فاحرصي- وفقك الله- على الصدقة بما تجود به نفسك من مال ومأكل وملبس. وقد مدح الله تبارك وتعالى عباده المتقين ووصفهم بعدة صفات فقال تعالى: { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون . وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم } [الذاريات:17-19] وفي هذا الشهر تستطيعين أن تجمعي هذه الأعمال الفاضلة من قيام ليل واستغفار وصدقة في كل يوم. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة بقوله: « اتقوا النار ولو بشق تمرة » [رواه مسلم] وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله » وذكر منهم: « رجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه » [متفق عليه]. وقد أنفق بعض الصحابة أموالهم كاملة في سبيل الله وبعضهم نصف ماله فلا يُبخِّلنك الشيطان ويصدك عن الصدقة بل سارعي إليها.. وهذا نداء خاص لك أختي المسلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا معشر النساء تصدقن، وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار » [رواه مسلم]. الوقفة الثانية عشرة: شهر رمضان فرصة مناسبة لمراجعة النفس ومحاسبتها وملاحظة تقصيرها فإن في ذلك خيراً كثيراً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنما الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني » [رواه الترمذي]. وكان الحسن يقول: رحم الله رجلاً لم يغره كثرة ما يرى من الناس.. ابن آدم.. إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك. وقال ابن عون: لا تثق بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا؟ ولا تأمن ذنوبك فإنك لا تدري أكفر عنك أم لا؟ إن عملك مغيب عنك كله. الوقفة الثالثة عشرة: أوجب الله- عزّ وجلّ- بر الوالدين وصلتهم وحسن معاملتهم والرفق بهم، وحذر من مجرد التأفّف والتضجر فقال تعالى: { فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما } [الإسراء:23] وقال تعالى: { واخفض لهما جناح الذُّلِّ من الرَّحمة } [الإسراء:24] وقد جاء رجل يستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد وهو من أفضل الأعمال وفيه من المشقة والتعب ما هو معلوم معروف بل وربما ذهبت فيه النفس والروح.. فـ « قال النبي صلى الله عليه وسلم: أحيٌّ والداك؟ قال: نعم. فقال صلى الله عليه وسلم: ففيهما فجاهد » [رواه البخاري]. ومن صور بر الوالدين رحمتهما والسؤال عن صحتهما، وإعانتهما على الطاعة، والتوسعة عليهما بالمال والهدايا وإدخال السرور عليهما والدعاء لهما، وبعض النساء تعرض عن بر والديها وتراها تقدم الصديقة والزميلة بالتبسط والحديث والزيارة، ولا يكون لوالديها نصيب من ذلك، وبر الوالدين من أفضل الأعمال فعن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: « سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سيبل الله » [متفق عليه]. فاحرصي- بارك الله فيك- على برهما والدعاء لهما، والتصدق عنهما أحياءً وأمواتاً. غفر الله لهما وجزاك خيراً. واحرصي أيضاً على صلة الأرحام والتواصل معهم في هذا الشهر الكريم، ولكن لا يكون هذا التواصل باب شر عليك يُفتح فيه حديث الغيبة والنميمة والاستهزاء وضياع الأوقات. بل تكفي زيارة السؤال والاطمئنان ونشر الخير وتعليم الجاهلة وتذكير الغافلة وإبداء المحبة وتفقد الحال ومساعدة المحتاج، ولتكن مجالساً معطرة بذكر الله- عزّ وجلّ- فيها فائدة وخير. والوقفة الرابعة عشرة: التوبة: كلمة نرددها ونسمعها ولكنَّ قليلاً من النساء من تطبقها.. حتى أنه- والعياذ بالله- قد استمرأت بعض النفوس المنكر فترى البعض يُقدم على فعل المحرمات المنهي عنها بلا مبالاة مثل سماع الموسيقى والمعازف.. وكذلك رؤية الرجال على الشاشات وإضاعة الأوقات فيما هو محرم.. فحري بالمسلمة أن تكون ذات توبة صادقة قارنة القول بالفعل. قال الله تعلا حاثاً على التوبة ولزوم الأوبة: { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلَّكُم تُفلحون } [النور:31] وقال تعالى: { إنَّ الله يُحبُّ التوابين ويُحبُّ المُتطهِّرين } [البقرة:222] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون » [رواه الترمذي، والحاكم]. فسارعي أختي المسلمة إلى النوبة من جميع الذنوب والمعاصي وافتحي صفحة جديدة في حياتك وزينيها بالطاعة، وجمليها بصدق الالتجاء إلى الله- عزّ وجلّ- وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي { يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون . إلاَّ من أتى الله بقلبٍ سليم } [الشعراء:88-89] وتذكري حالك إذا غُسلت بسدر وحنوط وكفنت بخمسة أثواب هي كل ما تخرجين به من زينة الدنيا!! يا ليت شعري كيف انت إذا غُسلت بالكافور والسدر أو ليت شعري كيف أنت على نبش الضريح وظلمة القبر!! أختي المسلمة: هذه وقفات سريعة كتبتها على عجالة.. وإن أفزعتك دورة الأيام وأهمك أمر الآخرة وأردت أن تعملي، فلا تقصري فاقصدي باب التوبة واطرقي جادة العودة وقولي: لعله آخر رمضان في حياتي، ولعلي لا أعيش سوى هذا العام، ولا تستكثري عليك هذا التصور. فاحزمي أمرك وسيري إلى الآخرة فو الله إنك في حاجة إلى الحسنة الواحدة.. واستحضري عظمة الجبار وهول المطلع، ويوماً تشيب فيه الولدان، وفكري في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، ونار يُقال لها لظى { نزَّاعةً للشَّوى . تدعو من أدبر وتولى } [المعارج:16-17] وسترين بتذكر كل ذلك بإذن الله- عزّ وجلّ- ما يعينك على الاستمرار والمحافظة على الطاعة، وإن كنت قد تصدقت بما مضى من عمرك على الدنيا وهو الأكثر، فتصدقي بما بقي من عمرك على الآخرة وهو الأقل.. ولا تكوني ممن إذا حل بهم هادم اللذات ومفرق الجماعات فقال: { ربِّ ارجعون } [المؤمنون: 99] ولماذا العودة والرجوع { لعلِّي أعمل صالحاً فيما تركت } [المؤمنون:100] فابدئي الآن واحزمي أمرك فإنما هي جنة أو نار ولا منزلة بينهما. أدعو الله- عزّ وجلّ- بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يعيد هذا الشهر علينا أجمعين في خير وعافية وأن لا يكون هذا آخر رمضان نصومه. اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن تقصيرنا واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا إنك أنت الغفور الرحيم..ربنا وهب لنا من ذرياتنا وأزواجنا قرة أعين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
![]() |
![]() |
#6 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() أخي المسلم أختي المسلمة .. ربما لا يكون العنوان مشجعاً للقراءة، فدائماً وفي كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك يبدأ الواعظون وأهل العلم في الحديث عن فضل رمضان والخير الذي فيه، ويدعون إلى الصلاة والصدقة وقراءة القرآن و .... إلخ. وهذه المواضيع لا تشد أغلبنا لقراءتها ، فكلنا يعرف فضل رمضان والأجر الذي فيه، وأغلبنا يعرف ما هي مفسدات الصوم والأشياء التي تنقص من أجر الصائم. ولكن، اسمح لي أن أدعوك لقراءة ما سأكتب .. أستحلفك بالله أن تغصب هذه النفس الأمارة بالسوء وتلزمها لقراءة ما سأكتب حتى النهاية؛ فالذكرى تنفع المؤمنين، وربما يكون في ذلك نوراً لك في قبر ضاقت عليك أركانه بعد موتك، وربما يكون فيه نجاة لك في يوم لا ملجأ من الله إلا إليه !! أخي الحبيب .. أختي الكريمه، ماذا أعددت لرمضان ؟ هل ذهبت إلى السوق واشتريت الأطعمة والمشروبات التي سوف تتمتع بأكلها طوال هذا الشهر؟ أم أنك اخترت بعناية فائقة المسلسلات والكوميديا التي أعجبتك ونظمت وقتك لمشاهدتها؟ أم أنك مستعد للسهر واللهو في إحدى خيام الأنس والطرب التي تنتشر في بلادنا لإحياء ليالي شهر رمضان؟ أم أنك اتفقت مع أصدقائك على قضاء الليل في الحديث وتدخين الشيشة ولعب الكوتشينه ؟!؟!؟ بالله عليك أجبني .. ماذا أعددت لرمضان ؟ هل أنت واحد من هؤلاء الذين يكون رمضانهم في طعام وشراب وسهر ولعب وفساد ونوم في النهار، وعبث طوال الليل؟ أجبني ولا تخجل ، لا تكذب ، لا تخادع نفسك .. لا تتوهم الصلاح وتكون من أولئك الذين قال الله عنهم : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } [سورة الكهف: 103-104] إذا كنت منهم فتذكر أخي المسلم أنه سيأتي اليوم الذي ستزال الغشاوة من على عينيك، وينتزع فيه الموت روحك من كل عرق بلا رأفة ولا رحمة، تذكر اللحظة التي يغسلونك فيها، ويكفنونك ويضعونك في حفرة ضيقة، ويهيلون عليك التراب ويذهبون، وتبقى وحيداً ليخرج لك الثعبان الأقرع؛ لأنك كنت تضيع الصلوات، وترى هناك نار جهنم تضطرم ويشتد سعيرها، وهي تنادي ربها أن يقربها منك، ستبكي وتبكي وتبكي وتطلب الرحمة.. ولكن، لن يسمعك أحد؛ فهذا ما اقترفت يداك، وهذا ما زرعت لنفسك، ولتحصد تضييع أغلى ليالي عمرك .. إنها ليالي شهر رمضان المبارك التي كنت تقضيها في الفساد والرذيلة واكتساب الآثام !! ماذا ستقول لله سبحانه وتعالى عندما يسألك عن رمضان ؟ كيف سترد على قدمك التي تشهد عليك وأنت تمشي للحرام؟ ماذا سترد على لسانك الذي ينطق ويقول أمام رب العالمين أنك كنت تغتاب وتكذب، وتسب وتغني طوال أيام وليالي الشهر الفضيل؟ كيف ستتكلم، وعملك الأسود يكون حاضراً ليفضحك، وتذكر أن يومها لن تجدي الأعذار ولن يفيد الكذب .. آآآه .. كيف سيكون موقفك وشهر رمضان يخرج ليتكلم والقرآن يظهر ويصرخ معه، والصلاة تخرج إلى ربها لينادوا جميعاً، فيقولون لك: ضيعك الله كما ضيعتنا!!؟ بسم الله الرحمن الرحيم أخي المسلم أختي المسلمة ... ماذا أعددت لرمضان ؟ سؤال يجب أن تجد له إجابة صادقة، ولابد أن تلتزم بها قبل أن يمضي رمضان هذا كما مضى سابقه، وأنت تتخبط في المعاصي والذنوب، وتفوّت الصلوات، وترتكب الكبائر، وتعصي الله سبحانه وتعالى سراً وعلانية !! هل ستلتزم بصلاتك وتحافظ عليها مع الجماعة ؟ هل ستمشي في ظلام الليل لتصلي صلاة الفجر في المسجد ؟ هل ستكسب حسنة في كل خطوة تخطوها قدمك إلى المسجد، أم أنك ستفضل البقاء على السرير نائماً أو أمام شاشات التلفزيون متسمراً، تشاهد الكاسيات العاريات وتضحك على نفسك، لتبكي في يوم تفارق فيه الأهل والخلان وتكون من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة !! هل ستقرأ القرآن كاملاً طوال أيام الشهر ؟ ربما تقرأ في أول يومين أو ثلاثة وبعدها لا يبقى عندك وقت للقراءة .. أليس هذا ما يحدث ؟!؟ في كل سنة تقول أنك ستقرأ وستحافظ على التلاوة وستقرأ في كل يوم جزءاً لتختم القرآن في آخر الشهر وبعدها تقرأ الأيام الأولى فقط ليغطي القرآن الغبار حتى السنة القادمة .. أليس هذا صحيحاً ؟!؟! هل تريد أن تكون ممن هجروا القرآن واستبدلوه بالأغاني الماجنة، والأفلام الساقطة، والمجلات الخليعة التي تدخل كل بيت ؟!؟!؟ هل ستتصدق على الفقراء والمساكين الذين يطرقون أبواب بيتك؟ أم أنك ستتطردهم لأنهم مجموعة من الدجالين الذين يحتالون على أصحاب الأيدي الكريمة أمثالنا ؟!؟ هل ستصغي إلى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وغيرك من ضعاف النفوس، الذين يبخلون بالدرهم في سبيل الله بينما يضيعون مئات وآلاف الدراهم في الحرام ؟!؟ أخي العزيز .. استيقظ .. أنت في دنيا فانية، زائلة، حقيرة .. نعم سوف تموت غداً ولن ينفعك علاج الطبيب ولن يفيدك بكاء الحبيب .. استيقظ يا صاحبي فلن تأخذ معك أموالاً جمعتها ولن تنفعك بيوت عمرتها .. ستأخذ معك الحنط والكفن وستنتهي إلى دنيا جديدة تصطك عليك فيها جدران قبرك، وتجد ما عملته في دنياك حاضراً ينتظرك .. القرآن الذي هجرته، والصلاة التي ضيعتها، والفقيرة التي بخلت عليها، ورمضان الذي فسقت فيه و ..... كل شيء، ستجد كل شيء محضراً، وستشهد عليك جوارحك ولا يظلم ربك أحدا !! رمضان أقبل فاغتنمه وأنت لا تدري فربما لا تعيش حتى رمضان القادم، بل ربما لا تكمل معنا رمضان هذا .. من يدري؟ فربما تموت وأنت تقرأ كلامي هذا .. اغتنم رمضان وسابق فيه إلى الطاعة، وعُد إلى الله سبحانه وتعالى وستجده فرحاً سعيداً بعودتك إليه ولا تكن ممن يعرضون على جهنم فيحرقون فيها .. وكلما نضجت جلودهم أبدلوهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب حيث قال سبحانه وتعالى : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه } [سورة الكهف:57]، وقال تعالى : { إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ، وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ، بئس الشراب وساءت مرتفقا } [سورة الكهف:29] ماذا أعددت لرمضان ؟ إذا كنت لا تعرف فأعدد له الطاعات والخيرات، وأبوابها أوسع مما تتصور، وخذ شهر رمضان بكرم طاعتك، ولا تقابله بسوء معصيتك .. إقرأ القرآن واجعله نوراً يضيء قبرك بعد الموت، وشاهداً يشهد لك يوم تلقى الله .. أخي المسلم داوم على صلاة الجماعة، وتعرف على الصحبة الطيبة فهي التي ستثبتك على الطريق الصحيح .. طريق الجنة التي تبحث عنها. إبتعد عن فاحش القول وأذية الناس، وأحسن معاملة والديك وجارك وإخوتك، ولا ترهق خادمك، وانصح أهلك وأصحابك وادعهم إلى طريق الرشاد، اشتري المصاحف وأهدها للناس؛ فتشاركهم أجر قراءة القرآن، تصدق على الفقراء والمساكين ولا تبخل بدرهم في سبيل الله، ضع الدراهم في صناديق الجمعيات الخيرية واحتسب الأجر عند الله، صلِ ركعتين في منتصف الليل؛ عسى أن يغفر لك الحي الذي لا ينام، عامل الناس معاملة حسنة وفي هذا محبتهم وصدقة لله سبحانه وتعالى .. صِل رحمك الذين قطعتهم، وسامح من أخطأ في حقك، واستغفر لذنبك ولسائر المسلمين .. أعف لسانك عن الكذب، وعينك عن الحرام، وأذنك عن سماع الأغاني، وقلبك عن الحسد والضغينة، ويدك عن الخطيئة، وقدمك من السير إلى أماكن اللهو والفساد .. أخي المسلم .. أختي المسلمة .... أبواب الخير واسعة، وأبواب الشر واسعة أيضاً.. فأيهما تختار يا ذا العقل الرشيد؟ جنة عرضها كعرض السموات والأرض، أم نار حانقة غاضبة تقول: هل من مزيد ؟!؟!؟ وأخيراً أرجع وأقول لك من جديد .. ماذا أعددت لرمضان ؟ |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
~ ملف خاص بعشر ذي الحجة وعيد الأضحى المبارك .. | رقية مبارك بوداني | روضة الفقه وأصوله | 7 | 20-10-13 03:21 AM |
وماذا بعد رمضان ؟؟ | رقية مبارك بوداني | روضة الفقه وأصوله | 4 | 20-08-13 08:16 AM |
ملف متكامل عن" شهر رمضان المبارك " | رقية مبارك بوداني | روضة الفقه وأصوله | 4 | 20-06-13 04:41 PM |