![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 |
|نتعلم لنعمل|
|
![]() 5- قصة لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قال الشيخ علي حشيش [ في العدد (العدد 13) 1-3-2003 من مجلة ( التوحيد ) ] : قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحُدّثْت عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنّهَا قَالَتْ لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَتَانَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إلَيْهِمْ فَقَالُوا : أَيْنَ أَبُوك يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَتْ قُلْت : لَا أَدْرِي وَاَللّهِ أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَتْ فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا ، فَلَطَمَ خَدّي لَطْمَةً طُرِحَ مِنْهَا قُرْطِي . قَالَتْ ثُمّ انْصَرَفُوا . فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ . وَمَا نَدْرِي أَيْنَ وَجْهُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ الْجِنّ مِنْ أَسْفَلِ مَكّةَ ، يَتَغَنّى بِأَبْيَاتٍ مِنْ شَعَرِ غِنَاءِ الْعَرَبِ ، وَإِنّ النّاسَ لَيَتْبَعُونَهُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَمَا يَرَوْنَهُ حَتّى خَرَجَ مِنْ أَعَلَى مَكّةَ وَهُوَ يَقُولُ جَزَى اللّهُ رَبّ النّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلّا خَيْمَتَيْ أُمّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَا بِالْبَرّ ثُمّ تَرَوّحَا ... فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمّدٍ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنَيْنِ بِمَرْصَدِ ثانيًا : التحقيق : القصة ليست صحيحة . رواها ابن إسحاق كما في "السيرة" (2-109) لابن هشام . حيث أوردها في "سيرة النبي" (2-109) (ح513) فذكر أن ابن إسحاق قال: "فَحُدِّثْتُ عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: لما خرج رسول اللَّه ![]() قلت : فسند القصة منقطع ، يشهد لذلك صيغة الرواية في قول ابن إسحاق : "فَحُدّثتُ" التي جاءت بصيغة المبني للمجهول ، التي تدل على أن هناك سقطًا في الإسناد . ويشهد لانقطاع السند أيضًا قول الحافظ ابن حجر في "التقريب" (2-144) : "محمد بن إسحاق بن يسار ، أبو بكر ، المطلبي ، مولاهم المدني ، نزيل العراق ، إمام المغازي صدوق يدلس". قلت : ورواية السند بصيغة المبني للمجهول فيها إسقاط في السند ، وهذا أشد من تدليس الشيوخ ، حيث يتسبب في تضييع المروي عنه، وتوعير طريق معرفته على السامع . قال الإمام الذهبي في "الميزان" (3-468-7197) ، "محمد بن إسحاق بن يسار ، أبو بكر ، المخرمي ، مولاهم المدني. ما له عندي ذنب إلا قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة". قلت : وذكر الإمام المزي في "تهذيب الكمال" (16-78-5644) : أن يعقوب بن شيبة قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير ، وذكُر ابن إسحاق فقال : إذا حدث عن من سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق ، وإنما أُتي من أنه يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة. قلت : وبهذا التحيقيق تصبح هذه القصة باطلة؛ حيث يُحدّث فيها ابن إسحاق عن المجهولين . طريق آخر للقصة هذا الطريق ذُكر فيه الرجل من الجن الذي أقبل من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، ولم يُذكر فيه لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر . والقصة من هذا الطريق جاءت من حديث زيد بن أرقم وأنس بن مالك والمغيرة بن شعبة يتحدثون أن النبي ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر ثم تروَّحا فأفلح من أمسى رفيق محمد التخريج القصة من هذا الطريق وبهذا اللفظ ، أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (1-110) ، حيث قال: "أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، أخبرنا عون بن عمرو القيسي أخو رياح القيسي ، أخبرنا أبو مصعب المكي قال : أدركت زيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي ![]() التحقيق القصة من هذا الطريق ليست صحيحة ، وسندها لا يصلح للمتابعات والشواهد ، وفي السند علتان : الأولى : عون بن عمرو القيسي . أورده الذهبي في "الميزان" (3-306-6535) حيث قال : "عون بن عمرو، أخو رياح بن عمرو ، بصري ، قال ابن معين: لا شيء ، وقال البخاري : عون بن عمرو القيسي جليس لمعتمر ، منكر الحديث مجهول". قلت : 1- من أشد صيغ الجرح عند البخاري قوله : "فلان منكر الحديث". يظهر ذلك من قول السيوطي في "التدريب" (1-349) : "البخاري يطلق (فيه نظر)، و(سكتوا عنه) فيمن تركوا حديثه ، ويطلق (منكر الحديث) على من لا تحل الرواية عنه". 2- قول ابن معين : (لا شيء ) ، فسره الإمام ابن أبي حاتم في كتابه "الجرح والتعديل" (3-321) حيث قال : "معنى قول ابن معين: "لا شيء": ليس بثقة". قلت : ولقد أورد الإمام الذهبي في "الميزان" (3-307) هذه القصة وبهذا الطريق وجعلها من مناكير عون بن عمرو ، حيث قال : "مسلم بن إبراهيم ، حدثنا عون بن عمرو ، سمعت أبا مصعب المكي يقول : أدركت زيد بن أرقم وأنسًا والمغيرة بن شعبة وسمعتهم يتحدثون أن النبي ![]() ![]() وأبو مصعب لا يعرف . قلت : وهذه هي العلة الثانية . فمتن القصة يدور حول ثلاث جمل : الأولى : لطم أبي جهل لأسماء ، وقد أثبتنا أن هذه الجملة "واهية" كما بيّنا في التحقيق آنفًا. الثانية : عدم دراية بنت أبي بكر بمكان رسول اللَّه ![]() ![]() الثالثة : إقبال رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من الشعر من غناء العرب. وهذه الجملة أثبتنا أنها باطلة، وأن الطريق الآخر الذي جاءت فيه باطل، لا يصلح للمتابعات والشواهد، لما فيه من متروكين ومجهولين. قلت : وهناك روايات أخرى يذكر فيها هذا الشعر دون ذكر لجملة لطم أبي جهل لأسماء، ودون ذكر للرجل من الجن أقبل والناس يتبعونه، كما في الرواية التي أخرجها الطبراني في "الكبير" (4-48) (ح3605). وهذه أيضًا رواية (غير صحيحة) ، حيث أوردها الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5-58) وقال: "وفي إسناده جماعة لم أعرفهم". بدائل صحيحة سنذكر البدائل الصحيحة التي تبيّن دراية بيت أبي بكر بمكان الرسول ![]() ![]() فقد ثبت في "صحيح الإمام البخاري" (ح3905) من حديث عائشة رضي الله عنها زوج النبي ![]() قلت : وهذه الرواية تبيّن الهمة العالية لبيت أبي بكر ، والرسول وصاحبه في الغار . ولقد بوّب البخاري بابًا في كتاب "الجهاد والسير" من "صحيحه" : "باب حمل الزاد في الغزو"، وافتتحه بحديث أسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها (ح2979) قالت : "صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَتْ فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلَّا نِطَاقِي قَالَ فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ فَفَعَلْتُ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ". قلت : وأصبحت هذه منقبة لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ، لا يجحدها إلا حاقد حاسد. فقد أخرج البخاري (ح5388) هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ يَا بُنَيَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَحَدِهِمَا وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ قَالَ فَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ يَقُولُ إِيهًا وَالْإِلَهِ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا". قلت : هذا ما صح لأسماء بنت أبي بكر في الهجرة . ولقد توفيت أسماء رضي الله عنها بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بيسير ، وكانت قد ذهب بصرها ، وقال هشام بن عروة عن أبيه : كانت أسماء قد بلغت مائة سنة لم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل. كذا في "تهذيب الكمال" (22-291-8369). هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد.. |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|