العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > المناشط الدعوية

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-08, 11:31 AM   #21
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي الحديث السادس والسابع

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث السادس والسابع


الحديث السادس
عن أبي هريرة قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا شرب ال*** في إناء أحدكم فليغسله سبعا .
ولمسلم : أولاهن بالتراب .

الحديث السابع
وله في حديث عبد الله بن مغفّلٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ولغ ال*** في الإناء فاغسلوه سبعاً وعفِّروه الثامنة بالتراب .
فيهما مسائل :
حديث عبد الله بن مغفل رواه مسلم بهذا اللفظ :
قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ، ثم قال : ما بالهم وبال الكلاب ؟ ثم رخص في *** الصيد ، و*** الغنم ، وقال : إذا ولغ ال*** في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب .
والاختلاف بينه وبين ما أورده المصنف :
1 – سبع مرات
2 – في التراب

وهذا لعله من اختلاف النُّسخ ، ولا يضر هذا الاختلاف .

= لماذا ذكر المصنف هذين الحديثين في كتاب الطهارة ؟
لما انتهى المصنف – رحمه الله – من ذكر أحكام الماء ناسب أن يذكر بعده حكم ما يوضع فيه الماء وهو الآنية .

= ورد في رواية لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : إذا ولغ ال*** ... كما عند مسلم .
= المغايرة بين الشرب والولوغ ، وبين اللعق واللحس .
الشرب هو أن يدخل لسانه في الماءأو الشراب ويعبّ منه ويأخذ من الماء ليوصله إلى جوفه
وأما الولوغ فهو مجرد أن يُدخل لسانه في الماء ونحوه ثم يُحرّكه فيه دون الشرب
واللعق واللحس إذا كان في الإناء بقية طعام أو فيه دهن وزهومة .
وسواء شرب أو ولغ أو لعق أو لحس فالحكم لا يختلف في الآنية الصغيرة .
وأما في الآنية الكبيرة التي لا تتأثر بالنجاسة ففيها تفصيل .
إذا بيّن فيها أثر الولوغ أو الشرب ، وذلك بأن تظهر لزوجة لعاب ال*** ، فإذا كان كذلك فإنها تلحق بالحكم ، وإلا فلا .

= إذا أكل ال*** من طعام في الإناء فهل يُلحق به في الحُـكم ؟
إذا كان الطعام كثيرا فأكل من وسطه ولم يلحس أطراف الإناء فلا يلحق به ، ويبقى الكلام على الطعام
فإن كان كثيرا فإنه يُزال ما أصابه ال*** ويُستفاد من باقيه لمن قبلته نفسه .

= يُعفى عن يسير لعاب ال*** إذا أصاب الصيد ، خاصة في ال*** المعلّم على الصيد .
ويُعفى عنه لأنه في جامد وليس في مائع وسائل .
ويُعفى عنه لأن الصيد سيتعرّض للنار .
ولعموم البلوى بذلك .

= فيه دليل على نجاسة لُعاب ال***
بدليل رواية مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه ال*** أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب .
= الحُـكم خاص بلعاب ال*** دون شعره وسائر بدنه على الصحيح .

= في الروايات التي ذكرها المصنف لم يتطرق إلى حُـكم المائع الذي ولغ فيه ال***
وقد جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ولغ ال*** في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار .
فما ولغ فيه ال*** من مائع سواء كان لبنا أو ماء أو غيره فإنه يُراق ويُسكب إذا كان قليلا على التفصيل المتقدّم .

= الأمر باستعمال التراب هل هو للوجوب ؟
نـعـم هو للوجوب .

= مقدار التراب المستعمل .
ما يعمّ الإناء وتحصل به نظافة الإناء من آثار لعاب ال*** .

= هل يكفي مجرّد التعفير ؟
لا يكفي لأن من روى الغسل بالتراب أكثر ممن روى التعفير ، ولأن التتريب فيه زيادة فيؤخذ بها .

= هل تقوم المنظّفات الحديثة كالصابون والمطهّرات هل تقوم مقام التراب ؟
الصحيح أنها لا تقوم مقام التراب ولا يُكتفى بها في نظافة لعاب ال***
وقد تكلّم العلماء قديما وحديثا عن ذلك ونصُّوا على أنه لا يُكتفى بها ؛ لأن التراب منصوص عليه دون التنظيف فقط .
وقد ثبت علميا أن آثار لعاب ال*** لا تزول زوالا كاملا إلا بالتراب .

= ظهور الحِكمة من النهي عن اتخاذ الكلاب ، لما في لعابها من نجاسة وضرر .

= إثم من اتّخذ ***ا إلا فيما رُخّص فيه ، ويُمكن حصرها في :
*** صيد
*** ماشية
*** زرع
*** حرث

وقد ورد بها أحاديث في الصحيحين .
فمن اتخذ ***ا في غير هذه الأشياء المرخّص بها نقص من أجره كل يوم قيراط أو قيراطان بحسب الإيذاء للناس .
ويشتد التحريم ويعظم الإثم إذا كان اتخذ ال*** تشبُّهاً بالكفار

فإنه ينقص من أجره قيراطان ويأثم في تشبهه بالكفار في هذا الشيء الحقير
وهم في الغرب إنما تخذوه لقلة الوفاء أو انعدامه
وحدثني بعض المسلمين الذين يُقيمون في الغرب أنه رأى في مقبرة الكلاب في ( باريس ) ألواح رخام قيمتها تُشبع الجياع في أفريقيا !!!
ورأى لوحا كتبت عليه صاحبة ال*** عبارة : خانني كل الناس إلا أنت !!!

= هل تلحق بقية السباع بالكلاب ؟
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي لهب فقال : اللهم سلّط عليه ***ا من كلابك ، فسلّط الله عليه أسداً فأكله .
الصحيح أن السباع لا تلحق بالكلاب ، ويدل عليه رواية حديث عبد الله بن مغفل بأنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ...
فالمقصود به ال*** المعروف عند المخاطبين .

= إذا ولغ ال*** في بركة أو في حوض كبير أو في مستنقع هل يلحق بالحكم ؟
الصحيح أنه لا يلحق به
بدليل ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض : يا صاحب الحوض هل ترد ؟ يعني السباع فقال عمر بن الخطاب : يا صاحب الحوض لا تخبرنا ! فإنا نرد وترد علينا . رواه مالك وعبد الرزاق والبيهقي في السنن والدارقطني .

= إذا ورد عن الراوي خلاف ما روى . فهل يؤخذ بقوله ورأيه أو يؤخذ بما روى ؟
القاعدة : العبرة بما روى لا بما رأى .
وعلى هذا يُعمل بما ورد عن أبي هريرة – إن صح عنه – أنه رأى غسل الإناء ثلاثا
فالعبرة بما روى

وقول الصحابي لا يكون حجة إلا إذا لم يُخالف الثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم
وقد يكون اجتهاد منه ولا يُوافق عليه . أي لايُوافقه غيره من الصحابة عليه .

تفردّ مسلم بروايات التتريب والتعفير
وهذا من باب زيادة الثقة ، وزيادة الثقة مقبولة .
= من هذين الحديث يتّضح جليا شمولية الشريعة الإسلامية حتى في التعامل مع الحيوان
وتظهر أيضا الحكمة في النهي وأنه ليس المقصود به هو مجرد التضييق على الناس أو امتحانهم أو أمرهم ونهيهم .

إذ لا تأمر الشريعة بشيء إلا ومصلحته متحققة أو راجحة
ولا تنهى عن شيء إلا ومفسدته متحققة أو راجحة .

يتبع



توقيع ورده الياسيمن
[URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL][URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL]

[SIZE=5][COLOR=purple][I]إذا ذبلت رياحين القلب؛ فحتمًا ستجده تواقًا للعودة إلى الحياة. وإذا سئمت من الخلق جفاءهم، وتراكمت عليك الهموم والأحزان؛ لا تتردد في أن تستعيد البهجة؛ فالطريق إلى السعادة يبدأ بكلام الله. [/I][/COLOR][/SIZE]
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-08, 11:33 AM   #22
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Icon67 الحديث الثامن والتاسع

شرح أحاديث عمدة الأحكام

الحديث الثامن والتاسع


الحديث الثامن
عن حمران مولى عثمان بن عفان أنه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه ، فغسلهما ثلاث مرات ، ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ويديه إلى المرفقين ثلاثا ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثا ، ثم قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا ، وقال : من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه .

هذا نص الحديث في العمدة .
والذي في الصحيحين من روايات تتعلق بغسل الرجلين :
ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ، ثم غسل اليسرى مثل ذلك .
ثم غسل رجليه ثلاث مرات .
ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين .
م غسل كل رجل ثلاثا .
ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ، ثم اليسرى ثلاثا .

قال ابن حجر – رحمه الله – :
قوله " ثم غسل كل رجل " كذا للأصيلي والكشميهني ، ولابن عساكر " كلتا رجليه "
وهي التي اعتمدها صاحب العمدة .

الحديث التاسع
عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال : شهدت عمرو بن أبي الحسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فدعا بتور من ماء ، فتوضأ لهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأكفأ على يديه من التور ، فغسل يديه ثلاثا ، ثم أدخل يديه في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات ، ثم أدخل يده في التور فغسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين ، ثم أدخل يديه فمسح رأسه ، فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة ، ثم غسل رجليه .
وفي رواية
: بدأ بمقدّم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
وفي رواية
: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخرجنا له ماء في تور من صُفر .
التور
: شبه الطست .

فيهما مسائل :

= من روايات الحديثين في الصحيحين :
في رواية لحديث عثمان رضي الله عنه
: ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك .

ومن روايات حديث عبد الله بن زيد :
فغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثاً .
فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين .
ثم غسل رجليه إلى الكعبين .
ثم غسل وجهه ثلاثاً ويده اليمنى ثلاثاً ، والأخرى ثلاثاً ، ومسح برأسه بماء غير فضل يده ، وغسل رجليه حتى أنقاهما .

= لما فرغ المصنف – رحمه الله – من ذِكر حُـكم الماء ومن ذكر ما يُحمل فيه الماء - وهو الآنية – شرع في ذِكر صفة الوضوء .

=
المصنف عادة لا يذكر الراوي عن الصحابي إلا لفائدة
.
والفائدة هنا أن حُمران يروي قصة عثمان وفعله وقوله .
وفي حديث عبد الله بن زيد أورد الراوي عن الصحابي وهو يحيى المازني لأنه يحكي مُشاهدته لمجيء عمرو بن أبي الحسن وسؤاله لعبد الله بن زيد رضي الله عنه .
وأورد الراوي عن يحيى المازني وهو ابنه عمرو وفائدة ذلك أنه جاء في رواية للبخاري : عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال : كان عمي يُكثر من الوضوء قال لعبد الله بن زيد : أخبرني كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فدعا بتور .
وعمّـه هو عمرو بن أبي الحسن . نصّ عليه ابن حجر – رحمه الله – .

= أن حديث عثمان مع حديث عبد الله بن زيد عُمدة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم .
والوضوء جاء الأمر به في الكتاب والسنة
قال سبحانه وتعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ )
= قوله في حديث عثمان رضي الله عنه : دعا بوَضوء . بفتح الواو يعني به الماء الذي يُتوضّأ به .
وقد جاء في رواية في الصحيحين :
دعا بإناء
.

وفي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه : فدعا بتور من ماء .

= بدء الوضوء بغسل اليدين فيه دليل على أنه لا علاقة للوضوء بالاستنجاء .
( هذه مهمه)
فمن أراد الوضوء فلا يُشترط له ولا يُشرع له أن يغسل قبله أو دبره إلا لحاجة مثل من به سلس بول ونحوه .

= جواز الاستعانة بالغير في الوضوء ، وفيه خدمة أهل الفضل في الوضوء ونحوه .

= حرص الصحابة على تعليم الناس أمور دينهم التعليم العملي ، دون الاكتفاء بالتعليم النظري .
وعثمان رضي الله عنه مع شدة حياءه لم يمنعه ذلك من أن يُعلّم الناس ابتداءً ويتوضأ أمام الناس .
فقد جاء في رواية للبخاري عن حمران أنه قال : أتيت عثمان بن عفان بطهور وهو جالس على المقاعد ، فتوضأ فأحسن الوضوء .

= حرصهم رضي الله عنهم على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والسؤال عن هديه

= الفرق بين الوَضوء والوُضوء . ( أنظر الى تشكيل الكلمه )
الأول يُطلق على الماء الذي يُتوضّـأ به .
والثاني يُطلق على فعل الوضوء .

= فأفرغ على يديه . فيه دليل على سُنيّة ذلك ولو لم يكن قام من نوم ؛ لأن اليدين مَظِنّة الغبار والوسخ .

=
استحباب التثليث في الوضوء
. بمعنى أن يغسل كل عضو ثلاث مرات .
وإن غسل بعضها ثلاثاً وغسل البعض الآخر مرتين جاز .
وإن اقتصر على غسلة واحدة بحيث يعمّ الماء محل الغسل من العضو جـاز أيضا .

= لم تُذكر التسمية على الوضوء هنا كما أنه لم يذكر النيّـة ؛ لأنه يصف فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يصف القول وما دونه .

= وقد ثبت حديث التسمية على الوضوء ، وللشيخ أبي إسحاق الحويني رسالة لطيفة بعنوان
" كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية على الوضوء " . ( الشيخ يستشهد برسالة الشيخ الحوينى حفظه الله)
والصحيح وجوب التسمية على الوضوء ، غير أنه إذا نسي التسمية سقطت بالنسيان .

= المضمضة والاستنشاق والاستنثار .
في حديث عثمان رضي الله عنه مُبهمة ، وفي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه جاء فيها التفصيل .
ثلاثا بثلاث غَرفات .
يعني يأخذ الماء بيده اليمنى ثم يقسم الغَرفة بين الفم والأنف ، فيتمضمض ببعضها ويستنشق ببعضها .

= لا يُشترط في المضمضة تحريك الماء في الفم .
فلو وضع الماء في فمه ثم مجّه وألقاه أجزأه .
وقالوا : لو وضع الماء في فمه ثم بلعه أجزأه .
لكن لو حرّك الماء في فمه أو أمرّ أصبعه على أسنانه لكان أبلغ في المضمضة .

= الاستنثار يكون باليد اليسرى ، وقد تقدّم في شرح الحديث الرابع . هنا قد تقدم الاخ الفاضل ( محمد صلاح ) بتوضيح استحباب التيمن فى كل شيىء واوضح ان الشيخ لم يقصد فى الحديث الرابع ان التيمن مقتصر على الطعام والصلاه فقط ..جزى الله الشيخ والاخ محمد صلاح خير الجزاء

= جمهور العلماء على أن المضمضة والاستنشاق سُـنّـة .
واستدلو على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي أن يتوضأ كما أمره الله .
والله لم يأمر بالمضمضة والاستنشاق .

= حـدّ الوجه الواجب غسله في الوضوء .
من الأذن إلى الأذن عرضا ، ومن منحنى الجبهة إلى أسفل الذقن طولاً .

= حُـكـم الترتيب في الوضوء .
الذي يظهر أن الترتيب في الوضوء واجب لأن الترتيب في كتاب الله له مقصد .
ولم يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فبدأ بغسل رجليه أو بدأ بغسل يديه قبل غسل وجهه .
والفعل إذا كان بياناً للواجب دلّ على الوجوب .

= يُعفى عن تأخير المضمضة والاستنشاق إلى ما بعد غسل الوجه لفعله عليه الصلاة والسلام .
فقد أُتيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضوء فتوضأ ،
فغسل كفيه ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ، ثم مضمض واستنشق ثلاثا ، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ، وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا
. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني .
فَدَلّ تأخير المضمضة إلى أنها منفصلة عن غسل الوجه .
ودلّ أيضا على أنه يجوز تأخيرها عن غسل الوجه .

= هل غسل المرفقين داخل في غسل اليدين وكذلك الكعبين ؟
الصحيح أن غسل المرفقين داخل في مسمى غسل اليد .
وكذلك غسل الكعبين داخل في غسل القدمين .

= الخطأ في غسل اليدين
بعض الناس إذا وصل إلى غسل اليدين بدأ بغسل اليد من المرفق إلى مفصل الكف أو من مفصل الكف إلى المرفق ، ولا يغسل الكف بِحُـكم أنه غسله قبل الوضوء .
وهذا خطأ لأن من أمر الماء على يديه من مفصل الكف إلى المرفق أو العكس لا يصدق عليه أنه غسل يده كما أُمِـر .
والواجب أن يغسل يده من أطراف الأصابع إلى المرفقين ويُدير الماء على مرفقيه .

= المسح على الرأس وكيفيته .
يبدأ المسح من مُقدّم رأسه إلى أن ينتهي بمؤخرة الرأس ثم يُعيد يديه إلى مقدّم رأسه .
وإن عكس ذلك فله وجه كما في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه .
ففيه : فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة .

وثبت عنه عليه الصلاة والسلام تكرار المسح أحيانا .
ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما . رواه أبو داود .
وعلى هذا تنخـرم قاعدة : كل ممسوح فتكرار مكروه . وهي قاعدة غير متفق عليها وغير مُطّردة .

= ويمسح رأسه بماء جديد غير ما بقي بيديه من غسل يديه .
" ومسح برأسه بماء غيرِ فضل يده "

= مسح النبي صلى الله عليه وسلم على ناصيته وعلى العمامة ، ومسح على رأسه لما لبّده في الحج .
وعليه فيجوز للمرأة أن تمسح على الحناء أو ما تضعه على رأسها إذا كان يشق إزالته .

= غسل القدم إذا كانت مكشوفة .
والمسح عليها إذا لبس الجوارب بشروطها وسيأتي الكلام عليه استقلالاً .

= لا يُشرع للمسلم عند الوضوء ذِكر إلا التسمية قبل الوضوء ، والتشهد بعده ، ولا يصح حديث في الذِّكر على أعضاء الوضوء .

=
لا يُشرع مسح الرقبة عند الوضوء بل هو من المُحدَثات ، وكل مُحدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
.

= ما المقصود بحديث النفس في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يُحدّث فيهما نفسه "
حديث النّفس ينقسم إلى قسمين :
قسري
، وهو الذي لا يُمكن ردّه .
اختياري
، وهو الذي يُمكن ردّه ، ولو تمادى فيه لا تحصل له فضيلة المغفرة الواردة في حديث عثمان رضي الله عنه .

= ما يُكفّر من السيئات في قوله صلى الله عليه وسلم :
" إلا غفر الله له ما تقدّم من ذنبه "
الصحيح أنها الصغائر دون الكبائر ، والكبائر تحتاج إلى توبة واستغفار .
ولابن رجب
– رحمه الله – تفصيل حول المسألة في جامع العلوم والحِكم .
ولابن القيم
– رحمه الله – تفصيل آخر أيضا .

= الفروق بين حديث عثمان وحديث عبد الله بن زيد
حديث عثمان رضي الله
عنه تضمن وصف الفعل والقول وذكر صلاة ركعتين .
في حديث عثمان
فأفرغ على يديه ، وفي حديث عبد الله بن زيد فأكفأ وهما بمعنى واحد .
في بعض روايات حديث عبد الله بن زيد غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين ، بينما التّثليث في جميع الأعضاء هو الوارد في حديث عثمان .
في حديث عبد الله بن زيد
نُصّ على أن المضمضة والاستنشاق كانت ثلاث مرات بثلاث غرفات ، بينما هي مُبهمة في حديث عثمان رضي الله عنه .
في حديث عبد الله بن زيد
تفصيل كيفية المسح على الرأس ، وأخذ ماء جديد لرأسه ، بينما هذا لم يُفصّل فيه في حديث عثمان .

= سُنن الوضوء

تخليل الصابع .
المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم .
تخليل اللحية .
الذِّكر بعد الوضوء .

= هل للمتوضئ أن يُنشّف أعضاء الوضوء ؟
نعم . لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فقد روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له خرقة يُنشِّف بها بعد الوضوء .

وقد أطلت وجمعت بين شرح الحديثين ؛ لأن موضوعهما واحد وهو صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-08, 11:35 AM   #23
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Icon67 الحديث العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث العاشر


الحديث العاشر :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجبه التيمن في تنعله ، وترجّـله ، وطُـهوره ، وفي شأنه كلِّـه .
فيه مسائل :

= هذا لفظ البخاري
ولفظ مسلم :
إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر ، وفي ترجله إذا ترجّـل ، وفي انتعاله إذا انتعل .
وفي آخر لفظ لمسلم :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله . في نعليه ، وترجله ، وطُـهوره .

= لماذا أورد المصنف – رحمه الله – هذا الحديث في كتاب الطهارة ؟
ليُدلل على أن استحباب البدء باليمين في الوضوء ، وأُخِـذ هذا من لفظ " طُهوره "
فإذا توضأ المسلم فالسنة أن يبدأ بيده اليُمنى قبل اليسرى ، ويبدأ بالقدم اليمنى قبل اليسرى .
ويدلّ على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن يُغسلن ابنته زينب رضي الله عنها : ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها .
متفق عليه .
فإذا كان هذا في حق الميت فالحي أولى بالتيامن .

=
معنى التّيامن
هو البدء باليمين ، وتقديم اليمين فيما ذُكر في الحديث ، وفيما شأنه التكريم .
= كيفية الانتعال
يبدأ اللبس بالرجل اليمنى ، ويبدأ خلع النعال بالرجل اليسرى .
قال عليه الصلاة والسلام : إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين ، وإذا نزع فليبدأ بالشمال ، لتكن اليمنى أولهما تُنعل ، وآخرهما تنزع .
متفق عليه .

= في الحديث دلالة على شمولية دين الإسلام ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك شاردة ولا واردة إلا علّم أمته منها .

= ما هو التّـرجّـل ؟
هو تسريح الشعر
فيبدأ أو تبدأ بتسريح الجهة اليمنى قبل اليسرى ، وذلك بأن يوضع المشط في منتصف الرأس ويُذهب به جهة اليمين ، ثم إذا فُرِغ من جهة اليمين بدأ باليسار .

ومنه حلق شعر الرأس للرجال
يُسنّ له أن يبدأ باليمين خاصة في النُّسك " الحج والعمرة " .
ثبت في حديث أنس رضي الله عنه : ثم قال للحلاق خذ ، وأشار إلى جانبه الأيمن ، ثم الأيسر . رواه مسلم .

ويبدأ بشق رأسه اليمين في الغُسل ، كما سيأتي بيانه وتفصيله في باب الغسل .

وقيل معنى
التّـرجّـل : النزول عن الدابة ، ومنه ترجّـل الفارس .
وعليه فإذا نزل الرجل عن دابته فيبدأ باليمين ، هذا في الدواب التي يُمكن النزول منها باليمين .

= الطُّهور .
يُقصد به الطهارة ، ومن أجل هذا اللفظ أورده المصنف هنا .
ونقل ابن المنذر الإجماع على عدم الإعادة لمن بدأ بيساره في الوضوء .
كأن يغسل يده اليمنى قبل اليسرى ، أو الرجل اليسرى قبل اليُمنى .
ولا شك أن البدء باليمين هو السنة .

= في شأنه كلّه
لا يُفهم منه أنه في كل شيء ، بل ما كان له شأن من أموره ، وما شأنه التكريم .
أما ما يُستقبح أو يُستقذر فتُقدّم له الشمال .
فقد جاء النهي عن التّمسّح باليمين عند قضاء الحاجة ، كما سيأتي إن شاء الله .
وقد جاء النهي عن الامتخاط باليمين كما تقدّم .
والاستنثار يكون باليد اليسرى كما تقدّم أيضا .

ولذا قالت حفصة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ، ويجعل شماله لما سوى ذلك . رواه أحمد وأبو داود .

= الأخذ والإعطاء والأكل والشرب كله باليمين لمُخالفة الشيطان .
قال صلى الله عليه وسلم : لا يأكلن أحد منكم بشماله ، ولا يشربن بها ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بها ، ولا يأخذ بها ، ولا يعطي بها . رواه مسلم .
ولما أكل رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له عليه الصلاة والسلام : كل بيمينك . قال : لا أستطيع ! قال : لا استطعت . ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه . رواه مسلم . أي ما رفعها إلى فمه .

وقال عليه الصلاة والسلام : ليأكل أحدكم بيمينه ، وليشرب بيمينه ، وليأخذ بيمينه ، وليعطِ بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويعطي بشماله ، ويأخذ بشماله . رواه ابن ماجه ، وقال في مصباح الزجاجة : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات .

= تقديم اليمين في كل ما من شأنه التكريم تكريماً لليمين .
ولذا فإن العين اليُمنى تُقدّم عند الاكتحال ، وتُكحل وِترا .
ويُسن للمسلم أن ينام على شقّه الأيمن .
كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في الصحيحين .

= تقديم الأيمن
فإذا بُدئ بمقدّم المجلس سواء كان الكبير أو الضيف أو غيره ، فمن السنة أن يُعطى من كان عن يمينه لا عن يمين الساقي الذي يسقي القوم .
ولذا لما أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ قد شيب بماء ، وعن يمينه أعرابي ، وعن يساره أبو بكر ، فشرب ، ثم أعطى الأعرابي ، وقال : الأيمن فالأيمن . متفق عليه .

وأُتِيَ صلى الله عليه وسلم بشراب ، فشرب منه ، وعن يمينه غلام ، وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال : الغلام والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال : فَـتَـلَّـه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده . متفق عليه .
ومعنى : فَـتَـلَّـه . أي وضعه في يده .
وجاء في بعض الروايات أن الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما .

وهذا يدل على تقديم الأيمن ، وفضل اليمين .
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-08, 11:46 AM   #24
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Icon67 الحديث الحادي عشر :

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الحادي عشر والثاني عشر


الحديث الحادي عشر :
عن نُعيم المُجْـمِـر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن أمتي يأتون يوم القيامة غُـرّاً مُحَجّـلِين من أثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُـرّته فليفعل .
وفي لفظ لمسلم : رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين ، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يأتون يوم القيامة غُـراً محجلين من أثر الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل .

فيه مسائل :

في رواية لمسلم عن نعيم بن عبد الله المجمر قال : رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ، فأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ، ثم مسح رأسه ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ . وقال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم الغُـرّ المحجلون يوم القيامة مِن إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .

في رواية للبخاري – رحمه الله –
عن نعيم المجمر قال : رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ ، فقال : إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل .

= المصنف – رحمه الله – لا يُورد مَن كان بعد الصحابي إلا لفائدة .
والفائدة هنا أن نعيم انفرد بذكر الإدراج في الحديث ، ولذا قال نعيم بعد روايته للحديث : لا أدرى قوله : " من استطاع أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة ؟
ثم إن نعيم المجمر يروي ما شاهده من أبي هريرة رضي الله عنه .
فروى أن رآه يتوضأ ، وفي رواية أنه رآه توضأ على ظهر المسجد .

= الصحيح أن قوله :
" فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " مُدْرجٌ من قول أبي هريرة رضي الله عنه كما نصّ عليه أهل هذا الفن .
وأحياناً يقول الراوي قولا بعد روايته الحديث ثم يظن بعض من يرويه أنه من نَصّ الحديث .
كما تقدّم في رواية حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أسبغوا الوضوء . ويلٌ للأعقاب من النار .
فالجزء الأول من قول أبي هريرة رضي الله عنه .
ويتبيّن الإدراج بمقارنة الروايات بعضها ببعض .

= المُراد بـ " أمتي "
الأمة في العموم تنقسم إلى قسمين :
أمـة الإجابـة
وأمـة الدعوة

وأمة الإجابة هم من استجابوا للنبي صلى الله عليه وسلم .
وأمة الدعوة كل من عدا أمة الإجابة ممن توجّه إليهم الدعوة ، سواء من المشركين أو من الوثنيين أو من اليهود والنصارى .

قال صلى الله عليه وسلم
: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . رواه مسلم .
فقوله عليه الصلاة والسلام : أحد من هذه الأمة . يعني أمة الدعوة .

والمقصود بـ " الأمة " في هذا الحديث هي أمة الإجابة .

بدليل أنه صلى الله عليه وسلم أتى على أهل المقبرة فقال : سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . ثم قال : وددت أنا قد رأينا إخواننا . فقالوا : يا رسول الله ألسنا بإخوانك ؟ قال : بل أنتم أصحابي وإخواني الذين لم يأتوا بعد ، وأنا فرطهم على الحوض . فقالوا : يا رسول الله ، كيف تعرف من لم يأتِ بعد من أمتك ؟ قال : أرأيت لو أن رجلا كان له خيل غر محجلة بين ظهراني خيل بهم دهم ، ألم يكن يعرفها ؟ قالوا : بلى . قال
: فإنهم يأتون يوم القيامة غُـرّاً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض . رواه مسلم .

= فضل الوضوء
قال عليه الصلاة والسلام
: من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره . رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم :
إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، حتى يخرج نقيا من الذنوب . رواه مسلم .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال
: ولا يُحافظ على الوضوء إلا مؤمن . رواه أحمد وغيره .

والأحاديث الواردة في فضل الوضوء أكثر من أن تُحصر في هذه العجالة .

= معنى غُـرّاً مُحجّـلين .
الغُـرّة ما يكون في وجه الفرس من البياض ، وهي تزيده جمالاً .
والتّحجيل ما يكون من بياض في ثلاث قوائم من قوائم الفرس .

والمُراد بالغرة ما يكون في وجوه الأمة من بياض وإشراق من أثار الوضوء .
وهذا مما تتميّز به هذه الأمة عن غيرها من الأمم ، وبه يعرفها نبيُّها صلى الله عليه وسلم .

= أثر الوضوء – آثار الوضوء . المعنى واحد .
والأثر هو ما يبقى بعد المسير أو الاستعمال .
والمقصود به هنا آثار الماء المستعمل يُبدلهم الله به نورا يوم القيامة ، ويُدعون بهذا الوصف لمحافظتهم على الوضوء .

= خطورة ترك الوضوء .

فمن لم يكن من أهل الوضوء فكيف يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

وكيف يعرف أن هذا من أمته ؟

وبالتالي تتبيّن خطورة الصلاة ، فإن من ترك الوضوء ترك الصلاة ، إذ الصلاة لا تصح إلا بوضوء .
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –
عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : إنكم تأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ، وهذه صفة المصلين . فَبِمَ يُعرف غيرهم من المكلفين التاركين والصبيان ؟
فأجاب – رحمه الله – :
الحمد لله رب العالمين هذا الحديث دليل على أنه إنما يعرف من كان أغرّ محجّـلا ، وهم الذين يتوضؤون للصلاة ، وأما الأطفال فهم تبع للرجال ، وأما من لم يتوضأ قط ، ولم يُصِلّ ، فإنه دليل على أنه لا يعرف يوم القيامة . انتهى .

= ما يتعلق بغسل المنكبين والرفع إلى الساقين له قصة كما عند مسلم في صحيحه .
فقد روى الإمام مسلم عن أبي حازم قال : كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة ، فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه ، فقلت له : يا أبا هريرة ما هذا الوضوء ؟ فقال : يا بني فروخ أنتم ههنا ! لو علمت أنكم ههنا ما توضأت هذا الوضوء . سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول
: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .

المقصود ببني فرّوخ الموالي ، وقيل : العجم .

= هذا هو مذهب أبي هريرة رضي الله عنه بدليل انه قال لأبي حازم هذا القول .

= وقد جاء عن ابن عمر أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف .

اعلم رحمك الله
نقل الإمام النووي عن القاضى عياض أنه قال ك وإنما أراد أبو هريرة بكلامه هذا أنه لا ينبغي لمن يقتدي به إذا ترخص في أمر لضرورة أو تشدد فيه لوسوسة أو لاعتقاده في ذلك مذهبا شذّ به عن الناس أن يفعله بحضرة العامة الجهلة لئلا يترخصوا برخصته لغير ضرورة أو يعتقدوا أن ما تشدد فيه هو الفرض اللازم . هذا كلام القاضى ، والله أعلم .

= المقصود بالمنكب هو مفصل الكتف من أعلى .

= قول الصحابي وفعله إنما يكون حجّـة إذا لم يُخالف النص الصحيح .

الحديث الثاني عشر :
وفي لفظ لمسلم : سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : تبلغ الحِلية من المؤمن حيثُ يبلغ الوضوء .

فيه مسائل :

= الخُـلّـة أعلى درجات المحبة .
وهل هناك تعارض بين قول أبي هريرة هنا " خليلي " وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم : لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخي وصاحبي . متفق عليه .
ليس هناك تعارض فإن أبا هريرة لم يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه خليلا ، وإنما هو اعتبره وجعله خليلا له .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
أما ما يظنه بعض الظانين أن المحبة أكمل من الخُلّة ، وأن إبراهيم خليل الله ، ومحمد حبيب الله ! فمن جهله ، فإن المحبة عامة ، والخُلة خاصة ، والخلة نهاية المحبة ، وقد أخبر النبي أن الله اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلا ، ونفى أن يكون له خليل غير ربِّه ، مع إخباره بِحُبِّه لعائشة ولأبيها ولعمر بن الخطاب وغيرهم ، وأيضا فان الله سبحانه يحب التوّابين ويُحب المتطهرين ، ويحب الصابرين ، ويحب المحسنين ، ويحب المتقين ، ويحب المقسطين ، وخُلّته خاصة بالخليلين عليهما الصلاة والسلام . انتهى .

= المراد بـ " الحِـلْـيَـة " هنا هي حِلية أهل الجنة .
أي أن المؤمن يُحلّى في الجنة حيث يبلغ الوضوء .
وهذا مما يتميز به بعض أهل الجنة دون بعض .

= فيه دليل على فضل الوضوء ، وفضل إسباغ الوضوء .
قال صلى الله عليه وسلم
: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخُطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ؛ فذلكم الرباط . رواه مسلم .
وإسباغ الوضوء على المكاره هو غسل الأعضاء غسلا كاملا عند برودة المياه في الشتاء ، وعند شِدّة الحرارة في الصيف .

= هذا من الأخبار الغيبية التي أطلع الله نبيّه صلى الله عليه وسلم عليها .
لأن هذا من الأمور الغيبية المتعلقة باليوم الآخر .
وهذا يدل على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-08, 11:51 AM   #25
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Icon67 الحديث الثالث عشر

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الثالث عشر

الحديث الثالث عشر :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال :
اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث .

فيه مسائل :

= لفظ ( كان ) يدل على الكثرة ومُلازمة الفعل .

=
إذا دخل الخلاء .
يعني إذا أراد الدخول ، كما جاء به مصرّحـاً في روايةٍ للبخاري : إذا أراد أن يدخل .
وهذا كقوله تعالى : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) يعني إذا أردت أن تقرأ القرآن ، فالاستعاذة محلّها قبل القراءة لا أثناء القراءة ولا بعدها .

=
المقصود بالخلاء .
أماكن قضاء الحاجة .
فقد جاء في رواية لمسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الكنيف قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث .
والكنيف : هو مكان قضاء الحاجة ، ومنه قول عائشة في قصة الإفك : وخَرجت معي أم مسطح قبل المناصع ، وهو متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكُنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التـّـنـزّه ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا . رواه البخاري ومسلم ، وهو حديث طويل .

=
معنى قوله : اللهم . أي أستعيذ بك ياالله .
وقد جاء في رواية لمسلم : أعوذ بالله من الخبث والخبائث .

=
ضبط الخبث ( بضم الخاء والباء ) ( الخُـبُـث ) وضُبِطت ( الخُـبْـث )

=
المقصود بالخُبُث والخبائث .
الخُـبُـث بضم الباء : ذُكران الجن ، والخبائث : إناثهم ، فيستعيذ بالله من ذكران الجن وإناثهم .
الخُـبْـث بسكون الباء : الشيطان ، والخبائث : النجاسات من بول وغائط .
وعليه تُحمل رواية ابن أبي شيبة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الخبيث والخبائث .
وقيل : الخبث : الشرّ ، وقيل : الكفر .
وليس ثم مانع من اجتماع هذه الأشياء ، وأن يقصد الاستعاذة منها جميعا .
وكان كان حذيفة رضي الله عنه إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم . رواه ابن أبي شيبة .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إذا دخلت الغائط فاردت التكشف فقل : اللهم إني أعوذ بك من الرجس والنجس والخبث والخبائث والشيطان الرجيم . رواه ابن أبي شيبة .

=
سبب الاستعاذة
أن بيوت الخلاء ودورات المياه ، وما نُسميه " الحمامات " هي أماكن الشياطين ومساكنها .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ بالله من الخبث والخبائث . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكُبرى وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .
والمقصود بـ " الحشوش " بيوت الخلاء حيث تُقضى الحاجة ، وهو جمع حُـشّ .
وسبب آخر ، وهو أن الإنسان يحتاج إلى كشف عورته حال قضاء الحاجة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ستر ما بين الجن وعورات بنى آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله . رواه ابن ماجه من حديث علي رضي الله عنه .
ورواه الترمذي بلفظ : ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول : بسم الله .
والحديث صححه الألباني في الإرواء بمجموع طُرقـه .

=
حُـكـم هذا الدعاء عند دخول الحمام .
قال ابن المُلقّن : مُجمع على استحبابه .

=
لو نسي الاستعاذة ، فلا يجب عليه شيء ، ولكن إذا تذكر بعدما دخل دورة المياه فإنه يقول هذا الدعاء بنفسه دون التلفّـظ بـه .

=
في هذا الحديث حرص الصحابة رضي الله عنهم على نقل سُنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأن من شؤونه وفي كل أمر من أموره .

=
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال : غُفرانك . رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .
ومعنى غفرانك : أي أسألك مغفرتك .

قال ابن القيم : في سبب قوله : غفرانك .
قال : وفي هذا من السر - والله أعلم - أن النجو ( يعني الغائط ) يُثقل البدن ويؤذيه باحتباسه ، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه ، فهما مؤذيان مضرّان بالبدن والقلب ، فَحَمِدَ الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه ، وخفّـة البدن وراحته ، وسأل أن يخلصه من المؤذي الآخر ويريح قلبه منه ويخففه . انتهى كلامه – رحمه الله – .

=
وأما حديث : الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني . فهو ضعيف ، كما بينه الشيخ الألباني – رحمه الله – في الإرواء ح 53

=
لم يصح حديث في مسألة دخول الخلاء بالرجل اليسرى ، والخروج بالرجل اليُمنى .
إلا أنه تقدّم حديث عائشة رضي الله عنها في مسألة التيمّـن ، وبيان ذلك كله هناك .

والله تعالى أعلم .
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-08, 09:01 AM   #26
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
c8 الحديث الرابع عشر والخامس عشر

<B>
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح أحاديث عمدة الأحكام

الحديث الرابع عشر والخامس عشر
الحديث الرابع عشر :
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ، ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا.
قال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة ، فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل .
فيه مسائل :
=أقرب الروايات لهذا اللفظ الذي أورده المصنف هي رواية مسلم ، وفيها تقديم وتأخير .
ولفظ الحديث عند مسلم : إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ، ولكن شرقوا أو غربوا .
=قال المصنف – رحمه الله – :
الغائط : الموضع المطمئن من الأرض ، كانوا ينتابونه للحاجة ، فكنّوا به عن نفس الحدث كراهية لذكره بخاص اسمه . والمراحيض : جمع مرحاض ، وهو المغتسل ، وهو أيضا كناية عن موضع التخلّي .
=ومن هذا الباب – باب التـَّـكنية عن الأمر وعدم التصريح – قوله تعالى عن انبايءه ورسله : ( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ )
وقال عن عيسى ابن مريم وأمه : ( كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ )
ومن كان يأكل الطعام احتاج إلى ما يحتاجه الناس من قضاء الحاجة ، وبالتالي ينتفي عنه الخلود ، وتنتفي عنه الألوهية بطريق الأولى .
=ترتيب المصنف – رحمه الله – ترتيب بديع .
فإنه – رحمه الله – لما فرغ من بيان الحدث ورفعه بالوضوء ، عقّـب بذكر التخلّي وآدابه ، ليُشعر بصنيعه هذا أنه لا علاقة بين قضاء الحاجة ، وبين الوضوء ، كما تقدّم .
أي أن الاستنجاء أو الاستجمار لا علاقة له بالوضوء .
=قوله صلى الله عليه وسلم : ولكن شرقوا أو غربوا .
هذا خاص بأهل المدينة ؛ لأن قبلة أهل المدينة جهة الجنوب ، فإذا اتجهوا شرقا أو غرباً حال قضاء الحاجة لم يستقبلوا القبلة ولم يستدبروها .
ويدخل في ذلك من كان على نفس الجهة ، كأهل الشام واليمن .
أما من كان في اتجاهه شرقا أو غربا استقبال أو استدبار ، فإنه يُنهى عن ذلك لعموم الأحاديث .
فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها .
وروى عن سلمان رضي الله عنه أنه قال : قال لنا المشركون : إني أرى صاحبكم يعلمكم . حتى يعلمكم الخراءة ؟ فقال : أجل . إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو يستقبل القبلة ، ونهى عن الروث والعظام ، وقال : لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار .
فهذه ألفاظ عامة في النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها ، سواء لأهل المدينة أو لغيرهم .
=استغفار أبي أيوب رضي الله عنه .
بناء على مذهبه أنه يرى التحريم في الفضاء والبنيان .
وقيل : لأنه لا يرتضي ذلك الفعل ، وهذا دالٌّ على ورعه رضي الله عنه .
وقيل : استغفار لمن بناها إن كان من المسلمين .
= النهي يقتضي التحريم ، فيحرم استقبال القبلة أو استدبارها حال قضاء الحاجة سواء بالبول أو بالغائط .
= النهي خاص في قضاء الحاجة من بول أو غائط ، ولا يلحق بهما ما سواهما ، وهذا من تعظيم القبلة ، وهو أمرٌ توقيفي لا يُمكن أن يُلحق به غيره مما لم يُنصّ عليه .
وتعظيم القبلة حتى في قبلة المُصلّي .
ولذلك لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في قبلة المسجد ، فأقبل على الناس فقال : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه ؟ أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه ؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه ، فإن لم يجد فليقل هكذا . ووصف القاسم – أحد رواته - فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض . رواه مسلم .
=ولذلك لا يُنهى عن استدبار القبلة أو الكعبة حال النوم أو عند الجماع .
ولا يصح النهي عن استقبال النّيرين ( الشمس والقمر ) ولا عن استقبال الريح ، إلا إذا خشي أن تردّ الريح عليه بوله فلا يستقبلها لأجل ذلك لا للتعظيم .
=قول الصحابي حُجة إذا لم يُخالف النص ، أو لم يُخالفه غيره ، فإن خالفه غيره من الصحابة رُجّح بينهما أو جُمع إن أمكن الجمع .
وقد يكون الصحابي يقول بقول ، ولا يسعه غيره ؛ لأنه لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم سواه ، ويكون معذورا في نفسه .
وعلى هذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يُطبّق يديه في صلاته ، بأن يضم كفيه ويجعلهما بين ركبتيه .
قال رضي الله عنه : إذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليجنأ ، وليطبّـق بين كفيه ، فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأراهم . رواه مسلم .
فهذا مذهبه رضي الله عنه مع أن التطبيق قد نُسخ ، ولكن لم يبلغه النسخ .
= لو لم يرد في المسألة إلا حديث أبي أيوب رضي الله عنه لُحمل النهي على التحريم مُطلقاً
ولكن قد ورد استدبار الكعبة حال قضاء الحاجة كما في هذا الحديث :
الحديث الخامس عشر :
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : رقيت على بيت حفصة ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة .
وفي رواية : مستقبل بيت المقدس .
= فيه مسائل :
في الحديث قصة :
فعن واسع بن حبان قال : كنت أصلي في المسجد وعبد الله بن عمر مسند ظهره إلى القبلة ، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من شقي ، فقال عبد الله : يقول ناس إذا قعدت للحاجة تكون لك ، فلا تقعد مستقبل القبلة ولا بيت المقدس . قال عبد الله : ولقد رقيت على ظهر بيتٍ ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته . رواه البخاري ومسلم .
زاد البخاري : وقال لعلك من الذين يصلون على أوراكهم ؟ فقلت : لا أدري والله . قال مالك : يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض . يسجد وهو لاصق بالأرض .
وهذا يعني أن ابن عمر كان يعلم بحال المُخاطَب وبمذهبه الذي يذهب غليه في هذه المسألة .
وفي هذا بيان لطريقة من طرق التعليم .
وهي أنه إذا عُلم أن لدى الإنسان مذهب مُخالف فإنه يُبيّن له الحق بدليله .
وهذا يتكرر من ابن عمر رضي الله عنهما ، فإنه يكتفي أحيانا بإيراد الحديث أو الفعل ونسبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فإن فيه كفاية لمن أراد الهداية .
=الجمع بين الحديثين أولى من إهمال أحدهما ، بل ذهب بعض العلماء إلى وجوب العمل بالحديثين ما أمكن .
قال الإمام النووي : ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يُصار إلى ترك بعضها بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها .
وللجمع بين الحديثين يُقال : حديث أبي أيوب نص في تحريم استقبال القبلة أو استدبارها حال قضاء الحاجة ومثله حديث أبي هريرة وحديث سلمان .
وحديث ابن عمر نص في جواز ذلك في البنيان .
فبقي حديث أبي أيوب و حديث أبي هريرة وحديث سلمان نص في تحريمه في الفضاء ، وخص حديث ابن عمر البنيان دون الفضاء .
=الجمهور على المنع في الصحراء دون البنيان .
ولذا لما أورد المصنف قول أبي أيوب أورد حديث ابن عمر بعده مباشرة .
=إذا كان في الصحراء ما يستر من دابة أو جدار ونحو ذلك جاز استقبال أو استدبار القبلة .
وقد أناخ ابن عمر راحلته مستقبل القبلة ، ثم جلس يبول إليها فقيل له : يا أبا عبد الرحمن أليس قد نُهي عن هذا ؟ قال : بلى ، إنما نهى عن ذلك في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس . رواه أبو داود والبيهقي .
=صعود ابن عمر لبيت أخته حفصة إنما كان لحاجة .
وفيه جواز تبسط الزوج مع أهل زوجته ، ودخولهم بيته من غير إذنه إذا كان لا يكره ذلك .
=حرص الصحابة على التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء به ، وتعظيمهم للسنة .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
</B>
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-08, 09:02 AM   #27
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Icon62 الحديث السادس عشر

<B>
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث السادس عشر
الحديث السادس عشر :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء ، فأحمل أنا وغلام نحوي [ معي ] إداوة من ماء وعنزة ، فيستنجي بالماء
.
العَنَزَة : الحربة الصغيرة .
والإداوة : إناء صغير من جِلد .

فيه مسائل :
= لفظ [ معي ] لم أره في الصحيحين ، وإنما رأيته عند النسائي .

=
تقدم في الحديث السابق أن لفظ " كان " يدلّ على الكثرة .

=
كان يدخل الخلاء : أي يقصد الخلاء لقضاء الحاجة .

=
وغلام نحوي : أي مُقارب لي في السن .
وفي رواية البخاري : وغلام منّـا . يعني من الأنصار .

=
يحتمل أنهما يتساعدان في حمل الأشياء المذكورة .

=
حمل العنزة . قيل لأسباب منها :
- أنه كان يُصلي إليها إذا توضأ ، أي يجعلها سترة له .
- أنه كان ينبش الأرض الصلبة بها ، لئلا يتطاير عليه من رشاش البول في الأرض الصلبة ، وورد في هذا حديث ، ولكنه لا يصح .
ولفظه : كان إذا أراد أن يبول فأتى عزازاً من الأرض أخذ عوداً فنكت به في الأرض ، حتى يثير من التراب ، ثم يبول فيه . والحديث في ضعيف الجامع .
- لاتّـقـاء العددو ؛ لأنه يخرج خارج البنيان .
- التوكؤ عليها لمن قال هي عصا طويلة .
- تعليق الأمتعة بها .
وقيل غير ذلك .

=
في الحديث دليل على خدمة الصالحين ، وأهل الفضل ، وليس في ذلك عيب ولا منقصة .

=
فيه الإشارة إلى هديه صلى الله عليه وسلم في قضاء الحاجة .
ويتضمن أموراً :
أولاً :
الابتعاد عن الناس ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب المذهب أبعد . رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه . وهو حديث صحيح .
و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب لحاجته إلى المغمس . قال نافع : نحو ميلين من مكة . رواه الطبراني وأبو يعلى .
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط ، ورجاله ثقات من أهل الصحيح .

ثانياً :
أن لا يرفع ثوبه إذا كان في فضاء من الأرض إلا إذا اقترب من الأرض .
قال ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة تنحّى ، ولا يرفع ثيابه حتى يدنو من الأرض . رواه أبو داود والترمذي والبيهقي ، وصححه الألباني
.

ثالثاً :
الاستنجاء بالماء تارة ، والاستجمار بالأحجار تارة أخرى ، إلا أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الحجارة والماء .
والحديث الوارد في أهل قباء أنهم كانوا يغسلون أدبارهم ، كما في المسند من حديث عويم بن ساعدة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال : أن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم ، فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ قالوا : والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود ، فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا . ورواه أبو داود من حديث أبي هريرة مختصراً .

لا أنهم كانوا يُتبعون الحجارة الماء ، فإن هذا من التكلّف والغلو .
والحديث الوارد في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم ، فقالوا : إنا نتبع الحجارة الماء . فقد قال فيه الهيثمي : رواه البزار وفيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما ، وهو الذي أشار بجلد مالك .

وإن استجمر بالأحجار فإنه لا يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار ، كما سيأتي لاحقاً في الأحاديث .

=
يرى بعض السلف أن الاستنجاء يكون بالماء وبالحجارة ، وهذا مذهب الإمام البخاري فقد عقد باباً ،

فقال : باب الاستنجاء بالحجارة . وتبعه الترمذي . وهم – رحمهم الله – قد نظروا إلى المعنى اللغوي ، فإن المقصود منه قطع النجو ، وهو الغائط ، وسواء كان بالحجارة أو بالماء ، فهو استنجاء .

=
فيه دليل على مشروعية الاستنجاء بالماء خلافاً لمن كرهه .
فقد كرهه بعض السلف .

وقد بوّب الإمام البخاري : باب الاستنجاء بالماء .
قال ابن حجر : أراد بهذه الترجمة الرد على من كرهه ، وعلى من نفى وقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه سُئل عن الاستنجاء بالماء ، فقال : إذا لا يزال في يدي نتن ، وعن نافع أن ابن عمر كان لا يستنجي بالماء ، وعن ابن الزبير قال : ما كنا نفعله ، ونقل ابن التين عن مالك أنه أنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء ، وعن ابن حبيب من المالكية أنه منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم . انتهى .

وقد روى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يُسأل عن الوضوء من الغائط بالماء ؟


فقال سعيد : إنما ذلك وضوء النساء .
ولعله لم تبلغه الأحاديث الواردة في استنجاء النبي صلى الله عليه وسلم بالماء .

=
وقد وردت أحاديث أُخر تثبت استنجاء النبي صلى الله عليه وسلم بالماء ، وفعله أصحابه من بعده ، إلا من لم يبلغه الحديث .

إلا أن هذا لم يكن متكلّفاً ، بل بحسب ما يتيسر ، فلا يتكلف المسلم حمل الماء أو البحث عنه خاصة مع المشقة ، بل يستعمل الأحجار أو المناديل ، ولا يحتاج بعد ذلك إلى غسل دبره إذا وجد الماء ، بل يكتفي بالاستجمار .
وقصد حمل الماء معه يدل على فضل الاستنجاء بالماء ، كما تقدم عن أهل قباء
.


=
قول أنس : فأحمل أنا وغلام نحوي ... ليس معناه أنه كان يصب الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم حال استنجاءه بل يترك له الماء ثم يستنجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وتدل عليه الرواية الأخرى لمسلم . قال أنس :


دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطاً وتبعه غلام معه ميضأة ، هو أصغرنا ، فوضعها عند سدرة فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته ، فخرج علينا وقد استنجى بالماء .
</B>
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-08, 09:04 AM   #28
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Icon52 الحديث السابع عشر

<B>
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث السابع عشر
الحديث السابع عشر :
عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يُمسِكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ، ولا يتنفس في الإناء .
فيه مسائل :
= هذه رواية الإمام مسلم .
ورواه الإمام البخاري بألفاظ فيها تقديم وتأخير .
فقد رواه بلفظ : إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ، ولا يتمسح بيمينه .
كما رواه بلفظ : إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ، ولا يستنج بيمينه ، ولا يتنفس في الإناء .
وبلفظ : إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ، وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه ، وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسّح بيمينه .
وهي ألفاظ متقاربة .
= هذه الأمور من آداب الإسلام العِظام التي سبق بها الحضارات المادية ، بل تخلّفت الحضارات المادية المعاصرة عن هذه الآداب التي تتضمن الفوائد الطبية والنفسية وغيرها .
= في هذا الحديث النهي عن ثلاثة أمور :
1 - الاستنجاء باليمين
2 - إمساك الذّكر باليمين حال البول .
3 - التنفس في الإناء عند الشرب .
= النهي للتنزيه ، وهو قول الجمهور . حكاه ابن حجر .
وقال في الفتح : ومحل هذا الاختلاف حيث كانت اليد تباشر ذلك بآلة غيرها ، كالماء وغيره ، أما بغير آلة فحرام غير مجزئ بلا خلاف ، واليسرى في ذلك كاليمنى ، والله أعلم .
= كيف يفعل إذا استجمر ؟
إذا أمسك ذكره بيمينه وقع في النهي .
وإذا أمسك الحجر بيمينه باشر الاستجمار أو النجاسة بيمينه .
قال ابن حجر بعد أن حكى الأقوال في كيفية الاستنجاء بعد البول :
والمس ( يعني مسّ الذَّكر ) وأن كان مختصا بالذَّكر لكن يلحق به الدُّبر قياسا ، والتنصيص على الذَّكر لا مفهوم له بل فرج المرأة كذلك ، وإنما خص الذَّكر بالذِّكر لكون الرجال في الغالب هم المخاطبون ، والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما خُـصّ ... والصواب أنه يُمِرّ العضو بيساره على شيء يُمسكه بيمينه وهي قارة غير متحركه فلا يُعد مستجمرا باليمين ولا ماسّاً بها ، ومن ادعى أنه في هذه الحالة يكون مستجمراً بيمينه فقد غلط ، وإنما هو كمن صب بيمينه الماء على يساره حال الاستنجاء . انتهى .
= المرأة شقيقة الرجل فهي تُخاطب بذلك كما يُخاطب الرجل .
= هل يلحق بالنهي مسّ العضو باليمين عند الجماع ؟
الصحيح أنه لا يلحق ؛ لأن النهي مُختصّ بالبول دون غيره .
وذَكَرَ ابن حجر أن ابن أبي جمرة استدل على الإباحة بقوله صلى الله عليه وسلم لطلق بن على حين سأله عن مس ذكره : إنما هو بضعة منك . فدلّ على الجواز في كل حال ، فخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح ( حديث الباب ) ، وبقي ما عداها على الإباحة . انتهى .
= هذا النهي يدلّ على احترام اليمين ، إذ هي محلّ التكريم والتقديم والتسليم والأخذ والإعطاء ، كما تقدّم في شرح الحديث العاشر .
= كراهة التنفّس في الإناء أثناء الشرب ، وهذا فيه ناحية نفسيّـة وطبيّـة .
ناحية نفسية ، وذلك أن من سوف يشرب بعده قد يكره الشرب من الإناء ، وقد تتغيّر رائحة الماء إذا كان المتنفّس مريضا .
ناحية طبية ، وذلك أن الأمراض تنتقل عن طريق التّنفّس .
وناحية طبيّـة للشارب نفسه ، إذ أنه إذا أبعد الإناء عن فمه تنفّس بهدوء ثم يشرب مرة أخرى .
ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثا ويقول : إنه أروى وأبرأ وأمرأ . قال أنس : فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا . رواه مسلم .
وقد سأل مروان بن الحكم أبا سعيد الخدري فقال : أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النفخ في الشراب ؟ فقال له أبو سعيد . نعم . فقال له رجل : يا رسول الله إني لا أروى من نفس واحد . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأبِن القدح عن فيك ، ثم تنفس . قال : فإني أرى القذاة فيه . قال : فأهرقها . رواه الإمام أحمد والإمام مالك وابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم وصححه الألباني .
ومعنى ( فأبِن ) أي : فأبعد .
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح ، وأن ينفخ في الشراب . رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما ، وهو ، كما قال الألباني .
ويلحق بهذا النهي النفخ في الإناء خاصة إذا كان هناك من يشرب بعده .
قال الحليمي : وهذا لأن البخار الذي يرتفع من المعدة أو ينزل من الرأس وكذلك رائحة الجوف قد يكونان كريهين ، فإما إن يعلقا بالماء فيضرّا ، وإما أن يفسدا السؤر على غير الشارب ؛ لأنه قد يتقذر إذا علم به ، فلا يشرب . نقله عنه الإمام البيهقي ثم قال :
وذكر كليب الجرمي أنه شهد عليا رضي الله عنه نهى القصّابين عن النفخ في اللحم ، وهو نظير النفخ في الطعام والشراب الذي جاء النهي عنه ؛ لأن النكهة ربما كانت كريهة فكرّهت اللحم وغيّرت ريحه ، وقد عرف ذلك بالتجارب .
والله أعلم .
</B>
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-08, 09:05 AM   #29
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
Smile فائدة أصولية

فائدة أصولية

هل النهي المطلق المجرد عن القرينة (أي قول آخر أو فعل آخر غير الوارد في الحديث أو نحو ذلك) يفيد التحريم أم التنزيه؟

الجواب


اختلف العلماء في ذلك على أقوال أصحها:

1- أن النهي المجرد عن القرينة يفيد التحريم مطلقا.

2- أن النهي المجرد عن القرينة يفيد التحريم في العبادات، أم في الآداب فيفيد التنزيه.


وهذا القول الأخير هو الأقرب، لأن كثيرا من النواهي الشرعية تجد العلماء كلهم أو جمهورهم يقول فيها بالكراهة التنزيهية.
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-08, 09:07 AM   #30
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

أما قول الشيخ حفظه الله تعالى

[[[لو نسي الاستعاذة ، فلا يجب عليه شيء ، ولكن إذا تذكر بعدما دخل دورة المياه فإنه يقول هذا الدعاء بنفسه دون التلفّـظ بـه ]]]

أما منع التلفظ بمجرد دخول دورة المياه، فليس بمتجه. ولكن يمنع التلفظ لمن رفع ثوبه وجلس لقضاء الحاجة في المكان المخصص لذلك.

ولو قلنا بما قاله الشيخ حفظه الله فستكون الصحراء كله خلاء لمن كان يقضي فيها حاجته قديما. (إذن فالعبرة بالجلوس على القاعدة كما يقولون) والله أعلم. وهذا هو قول الشيخ محمدا حسان حفظه الله تعالى كما سمعته منه. وهو الصواب والله اعلم. فإن جلس لقضاء الحاجة أو بدأ في القضاء في مكان ولو واقفا، فهنا لا يسعه سوى الذكر بقلبه. والله أعلم.

وقوله حفظه الله

[[وعليه تُحمل رواية ابن أبي شيبة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الخبيث والخبائث ]]

فلم أجد تلك الرواية (أي الخبيث) عند ابن أبي شيبة في مصنفه

وهذا نص ما قاله ابن أبي شيبة في مصنفه

((بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطهارات ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء. (1) حدثنا بقي مخلد رحمه الله قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي شيبة قال : نا هشيم عن بشير عن عبد العزيز بن أبي صهيب عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الخبث والخبائت.
(3) حدثنا محمد بن بشر العبدي عن عبد العزيز بن عمر قال : حدثني الحسن بن مسلم بن يناق عن رجل من أصحاب عبد الله بن مسعود قال : قال عبد الله : إذا دخلت الغائط فأردت التكشف فقل اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس والخبث والخبائث والشيطان الرجيم.
(4) حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك قال : كان حذيفة إذا دخل الخلاء قال : أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم.
(5) حدثنا هشيم عن أبي معشر هو نجيح عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الكنيف قال : بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.))
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .