العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-17, 03:07 PM   #1
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
Books2 - 1 - كتاب الطهارة من "المختصر من الممتع" (كاملة الكواري)

تَقْـــــــــدِيـم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد.
فإن علم الفقه بحر لا ساحل له، وبستان لا ينقطع ثمره، وواحة فَيْحَاء يستظل بِظِلِّها الغادي والرائح، به قِوَام أمور الدين، ومن خلاله يتَّضِح الحلال من الحرام ويستبين.
وقد أنعم الله تعالى على الأمة الإسلامية بأن قيَّض لها ومنها رجالًا تفقّهوا في الدين، فأثْرَوْا تراث الأمة الإسلامية بذاك الكم الهائل من المصنفات في الفقه وغيره، ووُجِد عبر تاريخ الأمة تلك المذاهب الأربعة التي خَدَمَتِ الفقه الإسلامي بكل أمانة وإخلاص.
فصنّفوا المتون والمنظومات، وتوالت عليها الشروح والحواشي والتعليقات، فخرج لنا ذلك التسلسل المحمود من الكتب.
ومن المصنفات الفقهية التي عكف عليها الفقهاء في مذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة رحمه الله: متن (زاد المستقنع) للإمام الحجاوي، حيث يُعْتَبَر من أهم متون الحنابلة، وهو كتاب- على صغر حجمه، ووجازة لفظه- قد جمع فقه الإمام أحمد في عبارات دقيقة وافية، وقد استحق بذلك شيئان:
أولهما: ثناء العلماء عليه، كقول عبد الرحمن بن قاسم النجدي عنه: هو كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وجمع فأوعى، وَفَاقَ أَضْرَابَهُ جِنْسًا وَنَوعًا، لم تسمح قريحـة بمثالـه، ولم ينسـج ناسـج على منواله([1]).
وثانيهما: عكوف العلماء عليه بالشرح والدراسة، مثل شرح الروض المربع.
وقد قام علامة القصيم الشيخ محمد الصالح العُثَيْمِين -رحمه الله- بشرحه شرحًا مطولًا لم يقتصر فيه على المذهب، بل كان معتمدًا فيه على الدليل، يسير معه حيث سار، مع عرض أدلة المخالفين أحيانًا، والترجيح بينها، حتى وصل إلى رُبْعِ الكتاب في ثمانية مجلدات كبار.
وقد بلغ شرح الشيخ العثيمين من الشهرة مبلغًا طيبًا، وتلقّاه الناس بالقبول، ونال رضا بين أوساط طلاب العلم.
ونظرًا لكون المتون الفقهية عند المتأخرين لها طريقة خاصة في الشرح؛ حيث يقتصرون فيها على المذهب دون ذكر الخلاف والدليل، فقد استَخَرْتُ الله تعالى في خوض غمار هذا العمل بالاختصار والتلخيص؛ لأقدِّمَه لطلاب العلم في صورة مبسَّطَة، تخلو من التطويل، وقد وفّقَنِي الله تعالى لذلك، ووجدت ارتياحًا في إنجاز هذا العمل.

وكان منهجي فيه على النحو التالي:
أولًا: اجتهدت في اختصار الكتاب وتلخيصه، وحذف الأدلة والأقوال، مقتصرة فيه على المتن فقط، ومشيرة لشرح الشيخ بكلمة: قوله...
ثانيًا: قطعت المتن إلى مسائل وضعتها أعلى الصفحة بعدها فاصل، ثم وضعت شرح الشيخ، فإن وافق المذهب اقتصرت عليه، وإن كان له اختيار غير المذهب عزوت المذهب إلى الكتب المعتمدة، وعزوت اختيار الشيخ إن كان رواية أو وجهًا أو قولًا أو تخريجًا أو احتمالًا في المذهب؛ وقد أزيد قيودًا لا بد من ذكرها ومسائل يُحْتَاج إليها، وعبارات لا يصح الكلام بدونها، كل ذلك بحسب الطاقة والإمكان، ومواضع العزو والزيادات والحاشية.
ثالثًا: أضفت تعليقات وفوائد وحواشي مفيدة في الحاشية توضيحًا وتعليقًا على بعض المواضع التي رأيت أنها تحتاج إلى ذلك.
رابعًا: راعيت تقسيم متن الكتاب إلى فقرات وجزئيات يحسن السكوت عليها، طويلة أو قصيرة حسب الموضوع الذي تتناوله.
خامسًا: السبب في حذفي للأدلة من الكتاب أن الأدلة تؤخذ من مظانها، وما أكثرها! وكتاب السلسبيل للبليهي -رحمه الله- قد اقتصر فيه على الأدلة لمن أراد أن يعرفها.
سادساً: لما كنت بصدد اختصار الكتاب، ولا علاقة لي بضبط نص متن (زاد المستقنع) أو تحقيقه؛ اعتمادًا على الثقة في النسخة التي اعتمدها الشيخ، فلم أقم بالتعرض لذلك، حيث لَفَتَ نظري أثناء مراجعة النص ومطابقته لبعض نسخ المطبوع اختلاف في بعض الجمل والألفاظ بين نسخة الشيخ ابن العثيمين، وبين نسخ أخرى، وأذكر منها على سبيل التنبيه:
أ- نسخة مكتبة المدني بالقاهرة التي حققها الشيخ/عبد الله بن مانع.
ب- نسخة مكتبة دار الوطن بالرياض، والتي حققها الشيخ/ عبد الرحمن بن علي بن محمد العسكر.
وقد تم مطابقة نسخة الزاد في شرح الشيخ، مع هاتين النسختين، وتغاضيت عن تلك الفروق، معتمدة في الأعم الأغلب على نسخة الشيخ؛ حيث إن هذا باب واسع، يخرج بي عن مقصود الكتاب وهو (الاختصار).
وجدير بالذكر أن أقول: إنه قد صدر الجزء الأول من هذا الكتاب (حتى كتاب البيوع) منذ عدة سنوات، والحمد لله تلقاه طلاب العلم والعلماء بالقبول، وطالبوا بإتمامه، وهأنذا أخرج الكتاب كاملًا، مضافًا إليه تعليقات وفوائد مهمة رأيت أنها تزيده وضوحًا، وقد خلى منها الإصدار الأول.
كما أنني في الإصدار الأول كنت أجعل اختيارات الشيخ التي خالف فيها المذهب في الحاشية، وتقرير المذهب في صلب الكتاب، لكن رأيت في هذه الطبعة أن الأَوْلى أن أجعل اختيارات الشيخ في الصلب، وأُحشِّي عليها بتقرير المذهب؛ وذلك لأن أصل الكتاب هو الشرح الممتع للشيخ؛ فناسبه أن نلتزم ما قاله واختاره في الصلب، ونجعل تقرير المذهب في الحاشية.

وأخيرًا فهذا جهدي أقدِّمُه بين يَدِي القراء الكرام من طلاب العلم، وغيرهم، راجية به وجه الله تعالى، سائلة المولى جل وعلا الصفْحَ عن الزَّلَل، وغفران التقصير، إنه نعم المولى ونعم النصير، وبالإجابة جدير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



وكتبته
كاملة الكواري
الجمعة 20/3/1431
________________________________________________
([1]) حاشية ابن قاسم النجدي على الروض المربع (1/51)، الطبعة الأولى، 1397هـ.




توقيع أم إبراهيم السلفية
[CENTER] [CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]وما من كــاتب إلا سيلقى .. .. .. كتابته وإن فنيت يـــداه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]فلا تكتب بحظك غير شيء .. .. .. يسرك في القيامة أن تراه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[/CENTER]

التعديل الأخير تم بواسطة أم إبراهيم السلفية ; 02-01-17 الساعة 03:13 PM
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:15 PM   #2
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

المختصر من
الشرح الممتع على زاد المستقنع
للشيخ محمد بن صالح العثيمين

*****

مقدمة المؤلف:
الحَمْدُ للهِ، حَمْدًا لَا يَنفَدُ، أَفْضَلَ مَا يَنْبَغِي، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى أَفْضَلِ المُصَطَفَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَعَبَّدَ.
أَمَّا بَعْدُ، فَهَذَا مُخْتَصَرٌ فِي الْفِقْهِ مِنْ مُقْنِعِ الْإِمَامِ المُوَفَّقِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَرُبَّمَا حَذَفْتُ مِنْهُ مَسَائِلَ نَادِرَةَ الْوُقُوعِ، وَزِدْتُ مَا عَلَى مِثْلِهِ يُعْتَمَدُ؛ إِذِ الهِمَمُ قَدْ قَصُرَتْ، وَالْأَسْبَابُ المُثَبِّطَةُ عَنْ نَيْلِ المُرَادِ قَدْ كَثُرَتْ، وَمَعَ صِغَرِ حَجْمِهِ حَوَى مَا يُغْنِي عَنِ التَّطْوِيلِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلّا بِاللهِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.



--------------------
«الحمد» وصف المحمود بالكمال، سواء كان ذلك كمالًا بالعظمة أو بالإحسان والنعمة، والله تعالى محمود على أوصافه كلها وأفعالـه كلها، واللام في قوله: «لله» للاستحقاق؛ فالمستحِق للحمد المطلق هو الله، وهي أيضًا للاختصاص؛ فالذي يختص بالحمد المطلق الكامل هو الله، و«حمدًا» مصدر والعامل فيه المصدر قبله.
قوله: «أفضل ما ينبغي» أي أفضل حمد يستحق أن يحمده؛ فالحمد وُصف بوصفين: الاستمرارية بقوله: «لا ينفد» وكمال النوعية بقوله: «أفضل ما ينبغي أن يُحمد».
قوله: «وصلى الله» الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء، «وسلم» جملة خبرية لفظًا إنشائية معنى؛ أي أدعو الله تعالى بأن يسلم على محمد صلى الله عليه وسلم، والسلام هو السلامة من النقائص والآفات.
و«المصطفين» من الصفوة وهي خلاصة الشيء، و«محمد» عطف بيان.
قوله: «آله» إذا ذكر الآل وحده، فالمراد جميع أتباعه على دينه، ويدخل بالأولوية من على دينه من قرابته و«أصحابه» جمع صحب، والصحب اسم جمع.
قوله: «أما بعد» كلمة يؤتى بها عند الدخول في الموضوع الذي يقصد.
قوله: «مختصر» هو ما قَلّ لفظه وكَثر معناه، «في الفقه» وهو معرفة الأحكام العملية بأدلتها التفصيلية.
والمقنع: كتاب متوسط يُذكر فيه القولان والروايتان والوجهان في المذهب.
قوله: «على قول واحد» بمعنى أنه لا يأتي بأكثر من قول لأجل الاختصار «وهو الراجح» يعني من القولين، وقد لا يكون في المسألة إلا قول واحد «في مذهب أحمد» المذهب في الاصطلاح: ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلًا به، فلو تغير قوله فمذهبه الأخير.
قوله: «وربما حذفت منه» أي من المقنع «مسائل نادرة الوقوع»؛ لأن المسائل النادرة لا ينبغي للإنسان أن يُشْغِل بها نفسه، «وزدت ما على مثله يعتمد؛ إذ الهمم قد قصرت والأسباب المثبطة» أي: المفترة للهمم «عن نيل المراد قد كثرت».
قوله: «ومع صغر حجمه حوى» أي جَمَعَ «ما يُغْنِي عن التَّطويل» وهو أجمع من كتاب «دليل الطالب» ودليل الطالب أحسن من هذا ترتيبًا؛ لأنه يذكر الشروط والواجبات والمستحبات على وجه مفصل.
قوله: «ولا حول ولا قوة إلا بالله» فكأن المؤلف استعان بالله تعالى أن ييسِّرَ له الأمر.
قوله: «وهو حسبنا» الضمير عائد إلى الله، والحسب بمعنى الكافي «ونعم الوكيل» الوكيل هو الذي فوِّض إليه الأمر.
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:16 PM   #3
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

كِتَابُ الطَّهَارَةِ

وَهِيَ ارْتِفَاعُ الحَدَثِ، وَمَا ِفي مَعْنَاهُ، وَزَوَالُ الخَبَثِ.
المِيَاهُ ثَلَاثَةٌ: طَهُورٌ لَا يَرْفَعُ الحَدَثَ، وَلَا يُزِيلُ النَّجسَ الطَّارِئَ غَيْرُهُ، وَهُوَ البَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِغَيْرِ مُمازِجٍ كَقِطَعِ كَافُورٍ، أَوْ دُهْنٍ، أَوْ بِمِلْحٍ مَائِيٍّ، أَوْ سُخِّنَ بِنَجسٍ كُرِهَ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِمُكْثِهِ، أَوْ بِمَا يَشُقُّ صَوْنُ المَاءِ عَنْهُ مِنْ نَابِتٍ فِيهِ، وَوَرَقِ شَجَرٍ، أَوْ بِمُجَاوَرَةِ مَيْتَةٍ، أَوْ سُخِّنَ بِالشَّمْسِ،أَوْ بِطَاهِرٍ لَمْ يُكْرَهْ،وَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي طَهَارَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ كَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ، وَغُسْلِ جُمْعَةٍ، وَغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ، وَثَالِثَةٍ كُرِهَ، وَإِنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ -وَهُوَ الْكَثِيرُ - وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ عِرَاقِيٍّ تَقْرِيبًا، فَخَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ غَيْرُ بَوْلِ آدَمِيٍّ، أَوْ عَذِرَتِهِ المَائِعَةِ، فَلَمْ تُغَيِّرْهُ، أَوْ خَالَطَهُ الْبَوْلُ أَوِ الْعَذِرَةُ، وَيَشُقُّ نَزْحُهُ كَمَصَانِعِ طَرِيقِ مَكَّةَ فَطَهُورٌ.


--------------------
قوله: «كتاب» فِعَال بمعنى مكتوب؛ يعني هذا مكتوب في الطهارة.
قوله: «وهي ارتفاع الحدث» أي زوال الوصف المانع من الصلاة ونحوها، والحدث: وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تُشْتَرط له الطهارة.
قوله: «وما في معناه»؛ أي وما في معنى ارتفاع الحدث؛ كغسل اليدين بعد القيام من نوم الليل؛ فإنه واجب، ويسمى طهارة وليس من حدث.
قوله: «وزوال الخبث»فزوال الخبث طهارة، سواء زال بنفسه أو زال بمزيـل آخر([1])، والخبث هو النجاسة، وهي كل عين يحرم تناولها، لا لضررها ولا لاستقذارها ولا لحرمتها؛ فقولنا: يحرم تَنَاوُلها خرج به المباح تناوله، وقولنا: لا لضررها خرج به السم وشبهه، فإنه حرام لضرره، وليس بنجس، وقولنا: ولا لاستقذارها، خرج به المخاط وشبهه، فليس بنجس، وقولنا: ولا لحرمتها، خرج به الصيد في حال الإحرام والصيد داخل الحرم.
قوله: «المياه» جمع ماء، وهي ثلاثة أنواع:
الأول: الطَّهور، وسيأتي تعريفه، وهذا «لا يرفع الحدث» غيره؛ أي: لا يرفع الحدث إلا الماء الطهور، والتراب في التيمم على المذهب لا يرفع الحدث، وكذلك «لا يزيل النجس الطارئ»أي الذي ورد على محل طاهر-أما النجاسة العينية كالكلب فهذه لا تطهر أبدًا- «غيره».
قوله: «وهو الباقي على خِلْقَتِهِ» هذا تعريف الماء الطهور، فهو الباقي على خلقته حقيقة، بحيث لم يتغير شيء من أوصافه، أو حكمًا بحيث تغير بما لا يسلبه الطهورية ويأتي مثاله.
«فإن تغير»الماء «بغير ممازج»؛أي: بشيء لا يخالطه «كقطع كافور» وهو نوع من الطيب يكون قطعًا ودقيقًا ناعمًا غير قطع؛ فالقِطَع إذا وُضِعَتْ في الماء غَيَّرت طَعْمَه ورائحته، ولكنها لا تمازجه؛ أي: لا تذوب فيه؛ فإذا تَغَيَّر بهذا فإنه طهور مكروه؛ لأنه تغير عن مجاورة لا ممازجة، وكذا لو تغَيَّر بـ «دهن أو بِمِلْح مَائِيٍّ» وهو الذي يتكَوَّن من الماء، فلو تغير بملح معدني يُستخرج من الأرض فإنه يسلبه الطهورية على المذهب، فيكون طاهرًا غير مطهر([2])، وكذا لو «سُخِّن بنجس»تغير أو لم يتغير فإنه يُكْرَه، وإن كان مغطّى ومحكم الغطاء. والصواب في هذه المسائل كلها: أنه لا يكره؛ لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل ([3]).
قوله: «وإن تغير بِمُكْثِهِ» أي: بطول إقامته «أو بما يشق صون الماء عنه من نابت فيه» مثل: غدير نبت فيه عشب أو طحلب، فتغير بها، فإنه طهور غير مكروه، ولو تغيَّر لونه وطعمه وريحه؛ لأنه يشق التحرُّز منه، وكذا لو تغير «بمجاورة ميتة» كغدير عنده عشرون شاة ميتة من كل جانب، فصار له رائحة كريهة جدًّا؛ فهو طهور غير مكروه أيضًا؛ لأن التغيير عن مجاورة لا عن ممازجة([4]).
وكذا لو «سخن بالشمس»؛ أي وضع في الشمس ليُسَخّن «أو بطاهر» يعني أو سخن بطاهر مثل الحطب أو الغاز أو الكهرباء، فإنه لا يكره، وكذا «إن استعمل» أي الماء الطهور «في طهارة مستحبَّة»بأن يمر على العضو ويتساقط منه «كتجديد وضوء وغسلة ثانية وثالثة»في الوضوء، فإنها ليست بواجبة.
قوله: «وإن بلغ»الماء الطهور«قُلّتين» تثنية قُلة، والقلتان في اصطلاح الفقهاء «هو الكثير» واليسير ما دون القُلّتَين، «وهما خمسمائة رطل عراقي تقريبًا» مائة الرّطل العراقي يَزِنُ قِرْبة ماء تقريبًا، وعلى هذا يكون خمس قِرَب تقريبًا، وبالوزن 191.25 كيلو جرامًا، والمسألة ليست على سبيل التحديد فلا يضر النقص اليسير؛ كرطل ورطلين.
فإن بلغ قُلّتين «فخالطته نجاسة» أي امتزجت به، ولكنها «لم تغيره» طعمًا أو لونًا أو رائحة، ففيه قولان في المذهب: الأول: وهو المذهب عند المتقدمين: أنه إذا خالطته نجاسة، وهو دون القلتين نجس مطلقًا، تَغَيَّر أو لم يتَغَيَّر، أما إذا بلغ القُلّتين فإن خالطه بول آدمي أو عذرته المائعة نجس، وإن لم يتغير إلا أن يشق نزْحه ولم يتغير فطهور، أما بقية النجاسات فالمعتبر قلتان، فإذا بلغ قلتين ولم يتغير فطهور، وإن لم يبلغ القلتين فنجس بمجرد الملاقاة.
القول الثاني: وهو المذهب عند المتأخرين: أنه لا فرق بين بول الآدمي وعذرته المائعة وبين غيرهما من النجاسات؛ فإذا بلغ الماء قُلّتين لم ينجس إلا بالتغير، وما دُون القُلّتين ينجس بمجرد الملاقاة.
قوله: «كمصانع طريق مكة» مصانع جمع مصنع، وهي عبارة عن مجابي المياه في طريق مكة من العراق، وهذه المجابي يكون فيها مياه كثيرة، فإذا سقط فيها بول آدمي أو عذرته المائعة ولم تغيِّرْه فطهور، حتى على ما ذهب إليه المؤلف؛ لأنه يشق نزحه.


--------------------
([1]) إنما عبر في جانب الحدث بالارتفاع وفي جانب الخبث بالزوال؛ لأن المراد بالحدث الأمر، والإزالة لا تكون إلا في الأجرام غالبًا، ولأن الخبث قد يكون جرمًا ناسب التعبير معه زوالًا، ولما كان الحدث أمرًا معنويًّا عبر عنه بما يناسب وإن ناسب غيره أيضًا. انظر: حاشية أبي بطين على الروض المربع (1/15).

([2]) وإنما كره للاختلاف في سلبه الطهورية، وذكر غير واحد استحباب الخروج من الخلاف في مسائل الاجتهاد، لكن إذا كان الخلاف مخالفًا سنة صحيحة فلا حرمة له، ولا يستحب الخروج منه؛ لأن صاحبه لم تبلغه، وإن بلغته وخالفها فمحجوج بها. انظر: حاشية ابن قاسم النجدي على الروض المربع (1/62).

([3]) ما ذكره المصنف هو المذهب، كما في شرح منتهى الإرادات (1/16)، وما صوبه الشيخ أحد وجهين، كما في الإنصاف (1/23).

([4]) وكذا ما تغير بمَمَرِّه أو بمَقرِّه أو مجردًا ونحوه مما لا نفس له سائلة، وبآنية أدم ونحاس. انظر: حاشية أبي بطين (1/17).
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة أم إبراهيم السلفية ; 02-01-17 الساعة 03:19 PM
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:18 PM   #4
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَلَا يَرْفَعُ حَدَثَ رَجُلٍ طَهُورٌ يَسِيرٌ خَلَتْ بِهِ امْرَأَةٌ لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ حَدَثٍ، وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِطَبْخٍ، أَوْ سَاقِطٍ فِيهِ، أَوْ رُفِعَ بِقَلِيلهِ حَدَثٌ، أَوْ غُمِسَ فِيهِ يَدُ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ، أَوْ كَانَ آخِرَ غَسْلةٍ زَالَتْ النَّجَاسَةُ بِهَا فَطَاهِرٌ.

--------------------
قوله: «ولا يرفع حدث رجل...» مثال ذلك امرأة عندها قِدْر من الماء يسع قُلّة ونصف – وهو يسير في الاصطلاح – خلت به في الحمام، فتوضأت منه وضوءًا كاملًا ثم خرجت، فجاء الرجل بعدها ليتوضأ به، فلا يرفع حدثه، هذا هو مراده، والصواب أن طهارته صحيحة ويرتفع حدثه([1]).
قوله: «حدث رجل»يفهم منه أنه لو أراد أن يزيل به نجاسة عن بدنه أو ثوبه فإنها تطهر، وقوله: «يسير» يفهم منه أنه لو كان كثيرًا فإنه يرفع الحدث، وقوله: «خلت به»([2]) الخلوة على المذهب: أن تخلو به عن مشاهدة مميز، فإن شاهدها مميز زالت الخلوة([3])، وقوله: «لطهارة كاملة» يفهم منه أنه لو خلت به في أثناء الطهارة في أولها أو آخرها، بأن شاهدها أحد في أول الطهارة ثم ذهب، فإنه يرفع الحدث؛ لأنها لم تخل به لطهارة كاملة، وقوله: «عن حدث» أي: تطهَّرَت عن حدث، بخلاف ما لو تطهرت تجديدًا للوضوء أو نحو ذلك.
قوله: «وإن تغير لونه أو طعمه أو ريحه بطبخ» أي: طُبِخَ فيه شيء طاهر كاللحم فتغير طعمه، بحيث لا يُذَاق معه طعم الماء أو لونه أو ريحه، تغيرًا كثيرًا بيِّنًا، فإنه يكون طاهرًا غير مطهر، وكذا لو تغير بـ«ساقط فيه» أي: سقط فيه شيء طاهر فَغَيَّر أوصافَهُ، ويُسْتثنى ما يشق صون الماء عنه وما لا يمازجه.
والتعليل لكون هذا طاهرًا غير مطهر أنه ليس بماء مطلق، وإنما يقال ماء كذا فيضاف (نحويًّا معنويًّا محضًا) كما يقال: ماء ورد.
وكذا يكون طاهرًا غير مطهر لو «رُفع بقليله» أي: بقليل الماء، وهو ما دون القلتين «حدثٌ» سواء كان لكل الأعضاء أو بعضها «أو غمس فيه» أي في الماء القليل، «يد قائم...» المراد باليد هنا إلى الكوع «أو كان آخر غسلة...»المعروف عند أهل المذهب أنه لا بد لطهارة المحل المتنجس أن يغسل سبع مرات، فالغسلة الأولى إلى السادسة كل المنفصل من هذه الغسلات نجس؛ لأنه انفصل عن محل نجس، أما المنفصل في الغسلة السابعة فيكون طاهرًا غير مطهر، وهذا إذا كانت عين النجاسة قـد زالـت، وإذا فُرِضَ أن النجاسة لم تزل بسبع غسلات، فإن ما انفصل قبل زوال عين النجاسة نجس؛ لأنه لاقى النجاسة وهو يسير، أما الثامنة فطهور – إذا كانت عين النجاسة قد زالت – لأنه لم يؤثر شيئًا ولم يلاق نجاسة.
والصواب أن الماء الذي غُمِسَ فيه يد رجل قائم من نوم ليل طهور، لكن يأثم من أجل مخالفته النهي؛ حيث غمسها قبل غسلها ثلاثًا([4]).


--------------------
([1]) المذهب أنه لا يرتفع، كما في كشاف القناع (1/28)، وما صوبه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (1/47).

([2]) قال أبو بطين في حاشيته على الروض المربع (1/19): «فإن حضرها امرأة أخرى جاز للرجل إن لم تشاركها فيه».

([3]) قال ابن قاسم النجدي في حاشيته على الروض (1/80): «وليس المراد المشاهدة بالبصر؛ لأن الأعمى تثبت الخلوة بحضوره، ولا يؤثر الصبي أو كافر أو امرأة».

([4]) المذهب أنه غير طهور، كما في كشاف القناع (1/33)، وما صوبه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (1/38).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:21 PM   #5
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَالنَّجسُ مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ، أَوْ لَاقَاهَا، وَهُوَ يَسِيرٌ، أَوِ انْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّ نَجَاسَةٍ قَبْلَ زَوَالِهَا، فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى المَاءِ النَّجسِ طَهُورٌ كَثِيرٌ غَيرُ تُرَابٍ، وَنَحْوِهِ، أَوْ زَالَ تَغَيُّرُ النَّجسِ الكَثيرِ بِنَفْسِهِ أَوْ نُـزِحَ مِنْهُ، فَبَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ طَهُرَ، وَإِنْ شَكَّ فِي نَجاسَةِ مَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ طَهَارَتِهِ بَنَى عَلَى اليَقِينِ، وَإِنِ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِنَجسٍ حَرُمَ اسْتِعَمالُهُمَا، وَلَمْ يَتَحرَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّيَمُّمِ إِرَاقَتُهُمَا وَلا خَلْطُهُمَا، وَإِنِ اشْتَبَهَ بِطَاهِرٍ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا وُضُوءًا وَاحِدًا: مِنْ هَذَا غُرْفَةٌ، وَمِنْ هَذَا غُرْفَةٌ، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً، وَإِنِ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةٍ، أَوْ بِمُحَرَّمَةٍ صَلَّىَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلاةً بِعَدَدِ النَّجسِ، وَزَادَ صَلَاةً.

--------------------
قوله: «والنجس ما تغيَّر بنجاسة»أي تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة، ويُسْتَثْنَى من المتغير بالريح ما إذا تَغَيَّرَ بمجاورة ميتة «أو لاقاها»أي النجاسة([1]) «وهو يسير» أي دون القلّتين، «أو انفصل عن محل نجاسة قبل زوالها» أي قبل زوال حكمها؛ كماء نُطَهِّر به ثوبًا نجسًا، والنجاسة زالت في الغسلة الأولى، وزال أثرها نهائيًّا في الغسلة الثانية، فغسلناه الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، فالماء المنفصل من هذه الغسلات نجس؛ لأنه انفصل عن محل النجاسة قبل زوال حكمها.
يطهر الماء النجس بطرق:
أولًا:«إن أضيف إلى الماء النجس طهور كثير غير تراب»؛ لأن تطهير التراب ليس حِسِّيًّا، بل معنوي، فالإنسان عند التيمم لا يتطهر طهارة حسية بل معنوية، «ونحوه»؛كالصابون وما شابهه؛ لأنه لا يطهر إلا الماء..
ثانيًا:إن«زال تغير النجس الكثير بنفسه» الكثير: هو ما بلغ قلتين.
ثالثًا:إن «نزح منه»أي من الماء الكثير«فبقي بعده» أي ينـزح منه حتى يبقى بعد النـزح ماء طهور كثير، والنـزح: هو إخراج بعض الماء النجس، فلا بد أن يكون الماء المتنجس أكثر من قلتين؛ لأن المؤلف اشترط أن يبقى بعد النـزح كثير؛ أي: قلتان فأكثر.
وعُلِم مما سبق أن الماء إن كان أقل من قلّتين، فليس هناك إلا طريق واحد لتطهيره، وهو إضافة ماء طهور كثير إليه.
والصحيح أنه إذا زال تغيُّر الماء بالنجاسة بأي طريق كان، فإنه يكون طهورًا؛ لأن الحكم متى ثبت لعلةٍ زال بزوالها([2]).
قوله: «وإن شك في نجاسة ماء...»أي في نجاسته إذا كان أصله طاهرًا، وفي طهارته إذا كان أصله نجسًا، «بنى على اليقين» وهو ما لا شك فيه.
قوله: «وإن اشتبه طهور بنجس...» يعني: إن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعمالهما؛ «ولم يتحر»؛ أي لا ينظر أيهما الطهور من النجس، وعلى هذا فيتجنبهما حتى ولو مع وجود قرائن.
والصواب أنه يتحرى([3]).
قوله: «ولا يشترط للتيمُّمِ إراقتهما ولا خلطهما»؛ لأنه غير قادر على استعمال الطهور.
قوله: «وإن اشتبه بطاهر…» يعني اشتبه ماء طهور بطاهر؛ كماء غمس فيه يد قائم من نوم الليل، وماء طهور اشتبه أحدهما بالآخر، فلا يتحرى ولا يتيمم؛ لأن استعمال الطاهر هنا لا يضر، بخلاف المسألة السابقة، فيتوضأ وضوءًا واحدًا من هذا غرفة ومن هذا غرفة.
قوله: «وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة...»هذا من باب الاستطراد؛ لأن الثياب لا دخل لها في الماء، ومثالها: رجل له ثوبان أحدهما تيَقّن نجاسته، والثاني: طاهر، ثم أراد أن يلبسهما فشك في الطاهر من النجس، فيصلي بعدد النجس ويزيد صلاة. والصحيح أنه يتحرى، ويصلي بما يغلب على ظنِّه أنه الثوب المباح([4]).
قوله: «أو بمحرمة...»أي: إذا اشتبهت ثياب محرمة -لحق الله كالحرير، أو لحق آدمي كمغصوبة- بمباحة فيصلي بعدد المغصوب ويزيد صلاة.


--------------------
([1]) فينجس بمجرد الملاقاة، ولو جاريًا؛ بحيث لو ركد لأمكن سريان النجاسة فيه، ولا يقال بتنجيس الأعلى إذا كان الجاري نازلًا من أعلى إلى أسفل، فإنه إذا تَنَجَّسَ الأسفل لا يحكم بنجاسة الأعلى، لعدم إمكان سريان النجاسة إليه، والجرية ما أحاط بالنجاسة من الماء يمنة ويسرة وعلوًا وسفلًا، وقال الشيخ: ما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها، وقال هو والإمام أحمد وغيرهما: ماء الحمام بمنزلة الجاري إذا كان يفيض من الحوض. انظر: الروض المربع بحاشية ابن قاسم النجدي (1/89).

([2]) التفصيل الذي ذكره المصنف هو المذهب، كما في شرح منتهى الإرادات (1/22).

([3]) عدم التحري هو المذهب، كما في كشاف القناع (1/47)، والرواية الأخرى: أنه يتحرى إذا كثر عدد الطاهرات، كما في الإنصاف (1/71)، قال في الإنصاف: «قوله: لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب. يشعر أن له أن يتحرى في غير الصحيح من المذهب، سواء كثر عدد النجس والطاهر أو تساويا، ولا قائل به من الأصحاب، لكن في مجمع البحرين أجراه على ظاهره، وقال: أطلق المصنف وفاقًا لداود وأبي ثور والمزني وسحنون من أصحاب مالك، قلت: والذي يظهر أن المصنف لم يرد هذا، وأنه لم ينفرد بهذا القول؛ والدليل عليه قوله: في الصحيح من المذهب. فدل أن في المذهب خلافًا موجودًا قبله غير ذلك، وإنما الخلاف فيما إذا كثر عدد الطاهر على ما تقدم، أما إذا تساويا أو كان عدد النجس أكثر فلا خلاف في عدم التحري».

([4]) عدم التحري هو المذهب، كما في شرح منتهى الإرادات (1/27)، وما صححه الشيخ قول اختاره الشيخ تقي الدين، كما في الإنصاف (1/77).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:22 PM   #6
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

بَابُ الآنِيَةِ

كُلّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ، وَلَوْ ثَمِينًا يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ، إِلّا آنِيَةَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَمُضَبَّبًا بِهِمَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُـهَا، وَلَوْ عَلَى أُنْثَى، وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْهَا، إِلَّا ضَبَّةً يَسِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ لِحَاجَةٍ، وَتُكْرَهُ مُبَاشَرَتُهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

--------------------
قوله: «الآنية» جمع إناء، وهو الوعاء.
قوله: «كل إناء طاهر» احتراز من النجس، فإنه لا يجوز استعماله، وفيه نظر؛ لأن النجس يباح استعماله إذا كان على وجه لا يتعدَّى كأن يتَّخذ «زِنْبِيلًا» نجسًا يحمل به التُّراب ونحوه ([1]).
قوله: «ولو ثمينًا» أي مثل الجواهر والزمرُّد والماس، فإنه مباح «اتخاذه واستعماله» الاتخاذ: أن يقتنيه فقط؛ إما للزينة أو لاستعماله في حالة الضرورة، أو للبيع والشراء وما أشبه ذلك، أما الاستعمال: فهو التلبُّس بالانتفاع به.
قوله: «إلا آنية ذهب وفضة» يشمل الصغير والكبير، حتى الملعقة والسكين.
قوله: «مضببًا بهما» الضبة: حديدة تجمع بين طرفي المنكسر([2]).
قوله: «ولو على أنثى» فلا يجوز للمرأة اتخاذ أواني الذهب والفضة واستعمالها.
وذكر الأصحاب استثناءً آخر، وهو: عَظْم آدمي وجلده، فلا يباح اتخاذه واستعماله آنية.
والصحيح: أن اتخاذ آنية الذهب والفضة واستعمالها في غير الأكل والشرب ليس بحرام([3]).
قوله: «وتصح الطهارة منها»فلو جعل إنسان لوضوئه آنية من ذهب فالطهارة صحيحة، والاستعمال محرم.
قوله: «إلا ضبة يسيرة من فضة لحاجة» هذا مستثنى من قوله: «ومضببًا بهما».
قوله: «لحاجة» قال أهل العلم: الحاجة أن يتعلق بها غرض غير الزينة، وليس المعنى: ألا يجد ما يجبر به الكسر سواها؛ لأن هذه ليست حاجة، بل ضرورة.
قوله: «وتكره مباشرتها لغير حاجة» أي تكره مباشرة الضبة اليسيرة، بأنه إذا أراد أن يشرب من هذا الإناء المضبَّب شرب من عند الفضة، فيُكره لغير حاجة، والصواب أنه ليس بمكروه وله مباشرتها([4]).

--------------------
([1]) وقد قيد بالطهورية صاحب الإقناع، كما في كشاف القناع (1/50).

([2]) ومثل المضبب: المموّه والمطلي والمطعّم، انظر: الروض المربع بحاشية أبي بطين (1/25).

([3]) والمذهب هو حرمة الاتخاذ مطلقًا، كما في كشاف القناع (1/51)، وجواز الاتخاذ رواية، وكراهة الاستعمال قول ضعيف جدًّا، كما في الإنصاف (1/80).

([4]) الكراهة هي المذهب، كما في شرح منتهى الإرادات (1/30)، والإباحة قول، كما في الإنصاف (1/82).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:22 PM   #7
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَتُبَاحُ آنِيَةُ الْكُفَّارِ، وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبَائِحُهُمْ وَثِيَابُهُمْ، إِنْ جُهِلَ حَالُها. وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ مَيْتَةٍ بِدِبَاغٍ،وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي يَابِسٍ إِذَا كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فِي الحَيَاةِ، وَلَبنُهَا وَكُلّ أَجْزَائِهَا نَجِسَةٌ غَيْرُ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ، وَمَا أبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ.

--------------------
قوله: «وتباح آنية الكفار» يشمل الكافر الأصلي والمرتد واليهود والنصارى([1]).
قوله: «ولا يطهر جلد ميتة بدباغ» الدبغ: تنظيف الأذى والقذر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تضاف إلى الماء. والميتة إن كانت طاهرة فإن جلدها طاهر كالسمك، وإن كانت نجسة فجلدها نجس، وما ينجس بالموت، فإن جلده ينجس بالموت، ولا يطهر بالدباغ على المذهب.
قوله: «ويباح استعماله»يباح استعمال جلد الميتة بعد الدبغ «في يابس» أما استعماله قبل الدبغ، فلا يجوز في يابس ولا غيره، ولا يجوز أن نجعل فيه ماءً أو لبنًا، ولا أي شيء رطب ولو بعد الدبغ.
قوله: «من حيوان طاهر» فالذي يباح استعماله بعد الدبغ في اليابس ما كان من حيوان طاهر في الحياة، وهو كل مأكول كالإبل والبقر ونحو ذلك، وكل حيوان من الهر فأقل خلقة، فإنه طاهر في الحياة، وكل شيء ليس له نفس سائلة؛ يعني إذا ذبح فليس له دم يسيل فإنه طاهر، والآدمي، ولكنه هنا غير وارد؛ لأن استعمال جلده محرم، لا لنجاسته ولكن لحرمته.
قوله: «ولبنها» أي لبن الميتة نجس، وإن لم يتغير بها، وكذا «كل أجزائها نجسة» كاليد والرجل والرأس... إلخ، «غير شعر ونحوه» كالصوف للغنم، والوَبَرِ للإبل، والريش للطيور طاهر في الحياة، فلا ينجس بموت، فيجوز استعماله، واشترطوا في الشعر ونحوه أن يُجَزَّ جزًّا لا أن يقلع قلعًا؛ لأنه إذا قلع فإن أصوله محتقَنٌ فيها شيء من الميتة.
وذكر أهل المذهب أن جعل المصران والكرش وترًا -أي: حبالًا- دباغ؛ أي: بمنـزلة الدباغ، وبناء عليه يكون طاهرًا، ويجوز استعماله في اليابسات على المذهب.
والمختار قول صاحب الفروع: «يتوجه: لا»([2]) والمعنى أنه يرى أن الأوجه بناء على المذهب، أو على القول الراجح عنده ليس دباغًا، وما قاله متوجه؛ لأن المصران والكرش من صلب الميتة([3]).
قوله: «وما أُبِين»أي فُصِلَ «من»حيوان «حي فهو كميتته»يعني طهارةً ونجاسةً، حلًّا وحرمة، وهذه قاعدة فقهية؛ فما أبين من الآدمي فهو طاهر حرام لحرمته لا لنجاسته، وما أبين من السمك فهو طاهر حلال، وهكذا، واستثنى العلماء مسألتين:
الأولى: الطريدة: وهي الصيد يطرده الجماعة، فلا يدركونه فيذبحونه، لكنهم يضربونه بأسيافهم، فهذا يقص رجله وهذا يقص يده، قال أحمد: فإن بقيت، أي: قطعنا رجلها، ولكن هربت ولم ندركها، فإن رجلها حينئذ تكون نجسة وحرام؛ لأنها لم تكن صيدًا.
الثانية: المسك وفأرته، وذلك أنه يقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المسك فإنهم يركضون غزالًا معينًا فينـزل منه دم من عند سرته، ثم يأتون بخيط شديد قوي، فيربطون هذا الدم النازل ربطًا قويًّا من أجل أن لا يتصل بالبدن فيتغذى بالدم، فإذا أخذ مدة فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة، وهذا الوعاء: يسمى فأرة المسك، والمسك هو الذي في جوفه، فهذا انفصل من حي وهو طاهر.

--------------------
([1]) وإنما تباح إذا لم تُعْلَم نجاستها؛ فإن عُلِمَتْ غسلت؛ لخبر «فاغسلوها»، وكغيرها من أواني المسلمين إذا تنجَّسَت. انظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم النجدي (1/107).

([2]) الفروع (1/105).

([3]) وما ذكره المصنف هو المذهب، كما في شرح منتهى الإرادات (1/31).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:23 PM   #8
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

بَابُ الاسْتِنْجَاءِ

يُسْتَحَبُّ عِنْدَ دُخُولِ الخْلَاءِ قَوْلُ: بِسْمِ اللهِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبائِثِ. وَعِنْدَ الخُرُوجِ مِنْهُ: غُفْرَانَكَ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَاِني. وَتَقْدِيمُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى دُخُولًا، وَاليُمْنَى خُرُوجًا، عَكْسُ (المَسْجِدِ). وَنَعْلٌ. وَاعْتِمَادُهُ عَلى رِجْلهِ اليُسْرَى. وَبُعْدُهُ فِي فضَاءٍ، وَاسْتِتَارُهُ، وَارْتِيَادُهُ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا رِخْوًا. وَمَسْحُهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى إِذَا فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ، مِنْ أَصْلِ ذَكَرِهِ إِلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَنَتْرُهُ ثَلَاثًا، وَتَحَوُّلُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ لِيَسْتَنْجِيَ فِي غَيْرهِ إِنْ خَافَ تَلَوُّثًا.

--------------------
قوله: «الاستنجاء»: استفعال من النَّجْو، وهو في اللغة القطع، وهو إزالة الخارج من السبيلَيْن بماء، أو إزالة حكمه، وفي ذلك قطع لهذا النجس، وفي الاصطلاح: إزالة خارج من سبيل بماء أو حجر ونحوهما.
قوله: «يستحب» عند دخول الخلاء «قول»أي: بلسانه إلا من أخرس فَبِنِيَّةِ القلب: «بسم الله، أعوذ بالله»أي: أعتصم وألتجئ بالله عز وجل «من الخبث»بالتسكين: الشر، وبالضم: جمع خبيث والمراد به ذكران الشياطين، «والخبائث»على الأول: النفوس الشريرة، وعلى الثاني: جمع خبيثة، والمراد إناث الشياطين، والعندية في كلام المؤلف قبل الدخول، فإن كان في البر مثلًا استعاذ عند الجلوس.
قوله: «وعند الخروج منه»أي: يُسَنُّ أن يقول بعد الخروج منه: «غفرانك»([1]).
ويسن أن يقدِّم «رجله اليسرى»عند دخول الخلاء، ويقدم اليمنى إذا خرج.
قوله: «واعتماده على رجله اليسرى»يعني يُسن أن يعتمد على رجله اليسرى عند قضاء الحاجة، وبقاء الإنسان على طبيعته معتمدًا على الرِّجلين كلتيهما هو الأولى والأيسر، وعلى كل حال يُرْجَعُ فيه إلى الطب([2]).
قوله: «وبُعْدُه»أي قاضي الحاجة «في فضاء» حتى لا يُرَى جسمه، وذلك إذا كان في مكان ليس فيه جدران أو أشجار ساترة.
قوله: «واستتاره» أي يُسْتَحب استتار بدنه كله، وأما استتاره بالنسبة للعورة فهو أمر واجب.
قوله: «وارتياده»أي: طلبه«لبوله»يعني: دون غائطه«مكانًا رخوًا» مثلث الراء، ومعناه المكان اللين الذي لا يُخشى منه رشاش البول.
قوله: «ومسحه بيده اليسرى» أي: يُسْتَحب أن يمسح إذا فرغ من البول «من أصل ذكره»وهو عند حلقة الدبر «إلى رأسه» ثلاث مرات؛ لأجل أن يخرج ما تبقى في القناة من بول.
قوله: «ونـتره ثلاثًا» النّتْر معناه: أن يجذب ذكره ليستخرج بقية بوله عند الاستنجاء.
قوله: «وتحوله من موضعه...»يعني انتقاله من موضع قضاء الحاجة ليستنجي بالماء إن خاف تلوثًا؛ أما إذا لم يخف كما يوجد في الحمامات الآن فإنه لا ينتقل.

--------------------
([1]) قيل في مناسبة سؤال المغفرة في هذا الموضع أنه دخل ثقيلًا وخرج خفيفًا؛ فذكر ثقل الذنوب يوم القيامة فسأل الله المغفرة. من حاشية أبي بطين (1/29).

([2]) والاعتماد على رجله اليسرى هو السنة على المذهب، كما في كشاف القناع (1/60).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:24 PM   #9
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى إَلَّا لِحَاجَةٍ، وَرَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنَ الْأَرْضِ، وَكَلامُهُ فِيهِ، وَبَوْلُهُ فِي شَقٍّ، وَنَحْوِهِ، وَمَسُّ فَرْجِهِ بِيَمِينِهِ، وَاسْتِنْجَاؤُهُ، وَاسْتِجْمَارُهُ بِهَا، وَاسْتِقْبَالُ النَّيِّرَيْنِ، وَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، وَاسْتِدْبَارُهَا فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ، وَلُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ، وَبَوْلُهُ فِي طَرِيقٍ، وَظِلٍّ نَافِعٍ، وَتَحْتَ شَجَرَةٍ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ، وَيَسْتَجْمِرُ بِحَجَرٍ، ثُمَّ يَسْتَنْجِي بِالمَاءِ. وَيُجْزِئُهُ الاسْتِجْمَارُ إِنْ لَمْ يَعْدُ الخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ.

--------------------
قوله: «ويكره دخوله»أي قاضي الحاجة، ويحتمل عود الضمير إلى الخلاء، والمراد بذكر الله هو اسم الله؛ فكل ما فيه اسم الله يكره دخول الخلاء به، واستثنى أهل المذهب المصحف، فقالوا: يحرم أن يدخل به الخلاء سواء كان ظاهرًا أو خفيًّا.
قوله: «إلا لحاجة» يعني إذا احتاج إلى ذلك؛ كالأوراق النقدية التي فيها اسم الله، والمصحف إن خاف أن يُسرق. ويكره لقاضي الحاجة «رفع ثوبه»قبل أن يدنو من الأرض، «وكلامه فيه» أي: في الخلاء،«وبوله في شق»-الشّق: هو الفتحة في الأرض، وهو الجُحْرُ للهوام والدواب- «ونحوه» مَثّل بَعضُهم بفم البالوعة، وهي مجتمع الماء غير النظيف، وكذا يكره «مس فرجه بيمينه» يشمل كلا الفرجين: القُبُلِ والدّبُرِ «واستنجاؤه» أي بالماء«واستجماره» أي بالحجر ونحوه؛ فيكره كلاهما بيمينه.
وكذا يكره «استقبال النيرين» الشمس والقمر حال قضاء الحاجة، كذا نصه، والصحيح عدم الكراهة؛ لعدم الدليل، بل ولثبوت الدليل الدال على الجواز([1]).
قوله: «ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير البنيان»فإذا كان في بنيان، فيجوز الاستقبال والاستدبار.
قوله: «ولبثه فوق حاجته» أي يحرم، ويجب عليه أن يخرج من حين انتهائه، وكذا يحرم «بوله في طريق» والغائط من باب أولى، وكذا في «ظل نافع» أي يستظل به الناس ومثله: مشمس الناس في أيام الشتاء، فلا يجوز، وكذا يحرم «تحت شجرة عليها ثمرة»أي قريبًا منها وليس بعيدًا، ويجب أن تُقَيد الثمرة بالمقصودة -أي التي يقصدها الناس ولو كان ثمرها غير مطعوم- وكذلك تُقَيَّد بالمحترمة كثمرة النخل، ولو كانت في مكان لا يقصده أحدٌ، فلا يبول ولا يتغوط تحتها ما دامت مثمرة.
قوله: «إن لم يعْدُ الخارج موضع العادة» من شروط الاستجمار([2]) ألّا يعدو الخارج موضع العادة بأن لا ينتشر البول إليه من رأس الذّكر، وبأن لا ينتشر الغائط إليه من داخل الفخذين، فإن تعدى موضع العادة فلا يجزئ إلا الماء.


--------------------
([1]) والمذهب الكراهة، كما في كشاف القناع (1/61)، وما صححه الشيخ قول ذكره في الإنصاف (1/100).

([2]) قال في الرعاية: «ويجزئ الاستجمار بكل طاهر جامد خشن منقّ حلال، وإن كان أرضًا أو جدارًا أو خشبًا أو خزفًا ثمينًا ونحو ذلك، ولا يجزئ ما له حرمة؛ كطعام آدمي أو بهيمة حتى التبر، وفي الحشيش وجهان». من حاشية أبي بطين (1/31).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-17, 03:25 PM   #10
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَيُشْتَرَطُ لِلاسْتِجْمَارِ بَأْحَجَارٍ وَنَحْوِهَا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، مُنْقِيًا، غَيْرَ عَظْمٍ، وَرَوْثٍ، وَطَعَامٍ، وَمُحْتَرَمٍ، وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوانٍ. وَيُشْتَرطُ ثَلاثُ مَسْحَاتِ مُنْقِيَةٍ فَأَكْثَرُ، وَلَوْ بِحَجَرٍ ذِي شُعَبٍ، ويُسَنُّ قَطْعُهُ عَلَى وِتْرٍ. وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ لِكُلِّ خَارِجٍ إِلّا الرِّيحَ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ وُضُوءٌ وَلَا تَيَمُّمٌ.

--------------------
قوله: «ويشترط للاستجمار بأحجار ونحوها»مثل: المدَرَ، وهو: الطين اليابس المتجمد، والتراب، والخرق والورق، وما أشبه ذلك؛ كالخشب «أن يكون طاهرًا» يعني لا نجسًا أي بعينه- ولا متنجسًا -أي بغيره، يعني طرأت عليه النجاسة- «مُنقيًا» يعني يحصل به الإنقاء، فإن كان غير منقٍّ لم يجزئ «غير عظم وروث وطعام» يعني طعام بني آدم وطعام بهائمهم، «ومحترم» أي ككتب العلم الشرعي، «ومتصل بحيوان» كذيل بقرة، فلا يجوز الاستجمار به؛ لأن للحيوان حرمة.
قوله: «ويشترط ثلاث مسحات منقية» الإنقاء: أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء، أما الإنقاء بالماء فهو عود خشونة المحل كما كان، ويُشترط في الاستنجاء بالماء سبع غسلات على المشهور من المذهب، والصحيح أنه متى حصل الإنقاء طهر المحل، سواء كان بثلاث أو بأكثر([1]).
قوله: «ولو بحجر ذي شعب» إن أنقت.
قوله: «ويُسَن قطعه»يعني قطع الاستجمار، والمراد عدده «على وتر» فإذا أنقى بأربع زاد خامسة، وإذا أنقى بست زاد سابعة، وهكذا.
قوله: «يجب الاستنجاء لكل خارج»أي: من السبيلين«إلا الريح»؛ لأنها لا تحدث أثرًا، فهي هواء فقط، وسواء كان له صوت أو لا فهي طاهرة، وإن كانت رائحتها خبيثة، ويُستثنى من ذلك أيضًا المنيُّ وغير الملوث ليبوسته.
قوله: «ولا يصح قبله وضوء ولا تيمم» يعني: يُشْتَرَطُ لصحة الوضوء والتيمم تقدم الاستنجاء أو الاستجمار.

--------------------
([1]) وهو المذهب، كما في كشاف القناع (1/70).
__________________
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدليل إلى المتون العلمية أمةالله المتون العلمية 58 17-01-08 10:11 PM
أحاديث غير صحيحة عن فضل الأضحية !!! بشـرى روضة السنة وعلومها 3 27-12-06 07:38 AM


الساعة الآن 02:25 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .