العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة مكتبة طالبة العلم > المتون العلمية

الملاحظات


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-09-06, 10:16 PM   #1
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي الدليل إلى المتون العلمية

الدليل إلى المتون العلمية

تأليف فضيلة الشيخ:
عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم
القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض


أقوال
من حفظ المتون.. حاز الفنون
من حفظ الأصول.. ضمن الوصول
من لم يتقن الأصول.. حُرم الوصول
من رام العلم جملة.. ذهب عنه جملة
ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم

قال أفلاطون:
الفضائل مرة الأوائل حلوة العواقب
والرذائل حلوة الأوائل مرة العواقب

الفهرس:
المقدمـة
الباب التمهيدي ـ تعريفات وفوائد
العلم
التدرج
الحفظ
المتـن
الباب الأول ـ العلوم الشرعية
الفصل الأول ـ التفسير ومايتعلق به
1 ـ أصول التفسير
2 ـ علم التفسير
3 ـ علم القراءات
4 ـ علم التجويد
5 ـ علوم القرآن
الفصل الثاني ـ علم التوحيد
الفصل الثالث ـ علم مصطلح الحديث
الفصل الرابع ـ علم الحديث
الفصل الخامس ـ علم أصول الفقه
أولاً: متون الحنفية
ثانياً: متون المالكية
ثالثاً: متون الشافعية
رابعاً: متون الحنابلة
الفصل السادس ـ علم الفقه
أولاً: المتون الفقهية عند الحنفية
ثانياً: المتون الفقهية عند المالكية
ثالثاً: المتون الفقهية عند الشافعية
رابعاً: المتون الفقهية عند الحنابلة
الفصل السابع ـ علم الفرائض
الباب الثاني ـ علوم العربية
الفصل الأول ـ علم النحو
الفصل الثاني ـ علم الصرف
الفصل الثالث ـ علم الاشتقاق
الفصل الرابع ـ علم اللغة
الفصل الخامس ـ علوم البلاغة
الفصل السادس ـ علما العروض والقوافي
الفصل السابع ـ علم قوانين الكتابة
الفصل الثامن ـ علم قوانين القراءة
الفصل التاسع ـ علم قرض الشعر
الفصل العاشر ـ علم الإنشاء
أولاً: كتب الإنشاء
ثانياً: كتب الأدب
ثالثاً: المقامات
رابعاً: الأمثال
الفصل الحادي عشر ـ علم المحاضرات والسيرة والتاريخ
أولاً: كتب علم المحاضرات
ثانياً: الكتب المتعلقة بالسيرة النبوية
ثالثاً: الكتب المتعلقة بالصحابة
رابعاً: كتب التاريخ العامة المطولة
خاتمة
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 25-09-06, 10:21 PM   #2
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

المقدمـة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد ، و على آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:

فإن طلب العلم الشرعي من أفضل الأعمال التي يتقرب العبد بها إلى الله سبحانه وتعالى ، ولما كان الطالب لهذا العلم بحاجة إلى معرفة الأصول التي يضمن بها الوصول ، وإلى معرفة المتون التي من يحفظها يحوز الفنون ؛ أحببت أن أكتب في بيان العلوم الشرعية ، والعلوم المساعدة لها، والمتون الخاصة بكل فن، حسب التدرج فيه، مع ذكر ماتيسر من شروحها، وحواشيها، وتخريج أحاديثها، وبيان لغتها، والكتب المتعلقة بها، لتكون زاداً لطالب العلم، ومساراً يسير عليه في طلبه للعلم الشرعي، لأن سلوك هذه الطريقة ـ بعد عون الله تعالى ـ هو الذي يجعل الطالب متمكناً في العلم، كما عليه طريقة أهل العلم من سنين طويلة، كما يعلم ذلك من الاطلاع على تراجمهم.

أما من طلب العلم طلباً مجرداً، من غير عناية بالأصول والمتون، فسرعان ماينسى ماتعلمه ، ولا يحصّل هذا وأمثاله شيئاً يذكر من العلم، ويُعرف مقام السنفين في حالة البحث والاستفتاء.
وقد جعلت هذا الكتاب في ثلاثة أبواب:
1 ـ الباب التمهيدي: تعريفات وفوائد.
2 ـ الباب الأول: العلوم الشرعية.
3 ـ الباب الثاني: علوم العربية.

ـ الباب التمهيدي بعنوان تعريفات وفوائد: تكلمت فيه عن العلم: من حيث تعريفه ،وأقسامه ،وفضله.. إلخ.
ثم لما كان التدرج هاماً في هذا الباب تطرقت إلى: تعريفه، وأمثلته، وأقسامه، وفوائده... إلخ.
ثم لما كان المتبادر من ذكر المتون أنها جعلت للحفظ عرّجت على تعريف الحفظ، وأوقاته، وأماكنه، والأسباب المعينة عليه.
ثم تكلمت عن المتون: من حيث تعريفها ، وأقسامها ، وكلام العلماء حولها... إلخ.

ثم يأتي الباب الأول: العلوم الشرعية ، وفيه فصول:
الفصل الأول: التفسير وما يتعلق به وفيه ما يأتي:
1 ـ أصول التفسير.
2 ـ علم التفسير.
3 ـ علم القراءات.
4 ـ علم التجويد.
5 ـ علوم القرآن.
الفصل الثاني: علم التوحيد.
والفصل الثالث: علم مصطلح الحديث.
والفصل الرابع: علم الحديث.
والفصل الخامس: علم أصول الفقه على المذاهب الأربعة.
والفصل السادس: علم الفقه على المذاهب الأربعة.
والفصل السابع: علم الفرائض على المذاهب الأربعة.

الباب الثاني: علوم العربية. وفيه فصول:
الفصل الأول: علم النحو.
الفصل الثاني: علم الصرف.
الفصل الثالث: علم الاشتقاق.
الفصل الرابع: علم اللغة.
الفصل الخامس: علوم البلاغة " البيان ، المعاني ، البديع ".
الفصل السادس: علما العروض والقوافي.
الفصل السابع: علم قوانين الكتابة.
الفصل الثامن: علم قوانين القراءة.
الفصل التاسع: علم قرض الشعر.
الفصل العاشر: علم الإنشاء وما يتعلق به.
ويحتوي على كتب " الإنشاء ، الأدب ، المقامات ، الأمثال ".
الفصل الحادي عشر: علم المحاضرات ومنه التواريخ.

وفي ختام هذه المقدمة آمل من الفقراء الكرام تزويدي بملاحظاتهم واستدراكاتهم للاستفادة منها في طبعة ثانية إن شاء الله.
هذا وأسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يوفقنا للعلم النافع ، والعمل الصالح إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم.
الرياض (11429) ص. ب: (36993).
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 25-09-06, 10:43 PM   #3
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

الباب التمهيدي ـ تعريفات وفوائد


ويشتمل على مايلي:
1 ـ العلم (تعريفه ، أقسامه ، فضله ،...إلخ).
2 ـ التدرج (تعريفه ، أمثلته ، أقسامه ، فوائده ,... إلخ).
3 ـ الحفظ (تعريفه ، أوقاته ، أماكنه ، الأسباب المعينة عليه إلخ..).
4 ـ المتون تعريفها ، أقسامها ، كلام العلماء حولها ، إلخ...).

العلم
• تعريف العلم في اللغة.
• تعريف العلم في الإصطلاح.
• إطلاقات كلمة العلم.
• أقسام العلوم.
• العلوم الشرعية.
• علوم العربية.
• فضل العلم.
• أقوال السلف في فضل العلم.
• مايبدأ به في الطلب.


تعريف العلم في اللغة:

1 ـ قال في المصباح المنير:" العلم: اليقين ، يقال علم يعلم إذا تيقن، وجاء بمعنى المعرفة أيضاً ، كما جاءت بمعناه ، ضُمِّن كل واحد معنى الآخر لاشتراكهما في كون كل واحد مسبوقاً بالجهل"
2 ـ وقال في القاموس:" علمه كسمعه، علماً بالكسر عرفه، وعلم هو في نفسه، ورجل عالم ، وعليم ، جمع علماء ، وعلام ، كجهال.."

تعريف العلم في الاصطلاح:

فد اختلف في العلم هل يُحدُّ أو لا ؟
فقال بعضهم: إنه لا يحد لعسر تصوره ، أو لأنه ضروري يحصل بمجرد التفات النفس إليه من غير نظر واكتساب.
وقيل: إنه يحد وعليه الأكثر ، ومن الحدود التي قيلت فيه مااختاره صاحب الكوكب المنير وهو أنه:" صفة يميز المتصف بها بين الجواهر ، والأجسام ، والأعراض ، والواجب ، والممكن ، والممتنع ، تمييزاً جازماً مطاباً ، لأي لا يحتمل النقيض ".
وقال صالح الكليات:" والعلم هومعرفة الشيء على ماهو به ، وبديهيه مالا يحتاج فيه إلى تقديم مقدمة ، وضروريه بالعكس ، ولو سلك فيه بعقله فإنه لا يسكل كالعلم الحاصل بالحواس الخمس.
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله:" حد العلم عند العلماء المتكلمين في هذا المعنى هو / مااستيقنته وتبينته ، وكل من استيقن شيئاً وتبينه فقد علمه ، وعلى هذا من لم يستيقن الشيء وقال به تقليداً فلم يعلمه ، والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع ، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على مابان لك من فضل قوله وصحة مذهبه ،والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه ، ولا وجه القول ، ولا معناه ، وتأبى من سواه ، أو أن يتبين لك خطؤه ، فتتبعه مهابة خلافه ،وأنت قد بان لك فساد قوله ، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه ".

إطلاقات كلمة العلم:

قال في الكوكب المنير:" اعلم أن العلم يطلق لغة وعرفاً على أربعة أمور:
أحدها: إطلاقه حقيقة على مالا يحتمل النقيض.
الأمر الثاني: أنه يطلق ويراد به مجرد الإدراك ، يعني سواء كان ا لإدراك جازماً ، أو مع احتمال راجح ، أو مرجوع ، أو مساوٍ ، على سبيل المجاز المجاز ، فشمل الأربعة قوله تعالى:{ماعلمنا عليه من سوءٍ} (يوسف ـ 51) إذ المراد نفي كل إدراك.
الأمر الثالث: أنه يطلق ويراد به التصديق ، قطعياً كان التصديق أو ظنياً ، أما التصديق الظني فإطلاقه عليه على سبيل المجاز ومن أمثلته ، قوله تعالى:{فإن علمتموهن مؤمنات} (الممتحنة ـ 10).
الأمر الرابع: أنه يطلق ويراد به معنى المعرفة ، ومن أمثلة ذلك قوله تعال:{لا تعلمهم نحن نعلمهم} (التوبة ـ 101)

أقسام العلوم:

قسمت العلوم إلى أقسام كثيرة باعتبارات مختلفة ، ومن هذه الأقسام مايلي:
الأول:
أ ـ علوم نظرية: أي غير متعلقة بكيفية عمل.
ب ـ علوم عملية: متعلق بها كيفية عمل.
الثاني:
أ ـ علوم آلية: وهي التي لا تقصد بنفسها ، كعلم النحو والصرف.
ب ـ علوم غير آلية: وهي المقصودة بنفسها كعلم التفسير والحديث.
الثالث:
أ ـ علوم عربية.
ب ـ علوم غير عربية.
الرابع:
أ ـ علوم شرعية.
ب ـ علوم غير شرعية.
الخامس:
أ ـ علوم عقلية ، وهي التي لا يحتاج فيها إلى النقل.
ب ـ علوم نقلية.
إلى غير ذلك من التقسيمات.

العلوم الشرعية:
1 ـ أصول التفسير.
2 ـ علم التفسير.
3 ـ علم القراءات.
4 ـ علم التجويد.
5 ـ علوم القرآن.
6 ـ علم التوحيد.
7 ـ علم الحديث.
8 ـ علم مصطلح الحديث.
9 ـ علم الفقه.
10 ـ علم أصول الفقه.
11 ـ علم الفرائض

علوم العربية:
علوم العربية اثنا عشر علماً ، وهي:ـ
1 ـ علم اللغة.
2 ـ علم التصريف.
3 ـ علم النحو.
4 ـ علم المعاني.
5 ـ علم البيان.
6 ـ علم البديع.
7 ـ علم العروض.
8 ـ علم القوافي.
9 ـ علم قوانين الكتابة.
10 ـ علم قوانين القراءة.
11 ـ علم إنشاء الرسائل والخطب.
12 ـ علم المحاضرات ومنه التواريخ

قال العلامة السجاعي ـ في حاشيته على القطر:ـ " والعربية منسوبة للعرب ،وهي علم يحترز به من الخلل في كلام العرب ، وهو بهذا المعنى يشمل اثنى عشر علماً ، جمعها بعض أصحابنا في قوله: شعرٌ عروضُ اشتقاقُ الخطُّ إنشاءُتلك العلوم لها الآداب أسماء صرفٌ بيانٌ معاني النحوُ قافيةٌ محاضراتٌ وثاني عشرها لغة ثم صار علماً بالغلبة على النحو "

ونظمها بعضهم بقوله:
فطوى شذا المنثور حين تضوع علم المعاني بالبيان بديع وكتابة التاريخ ليس يضيع خذ نظم آداب تضوع نشرها لغة وصرف واشتقاق نحوها وعروض قافية وإنشا نظمها

كما نظمت في قول بعضهم:
وبعدها لغة قرض وإنشاء والاشتقاق لها الآداب أسماء نحو وصرف عروض ثم قافية خط بيان معان مع محاضرة

قال الجاربردي في حاشيته على الشافية:" وعلوم الأدب علوم يحترز بها عن الخلل في كلام العرب لفظاً أو كتابة ، وهي على ماصرحوا به اثنا عشر ، منها أصول ، وهي العمدة في ذلك الاحتراز ، ومنها فروع.
أما الأصول: فالبحث إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها فعلم اللغة ، أو من حيث صورها وهيئاتها فعلم التصريف ، أو من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعية فعلم الاشتقاق.
وأما عن المركبات على الإطلاق فإما باعتبار هيئاتها التركيبية وتأديها لمعانيها الأصلية فعلم النحو ، أو باعتبار إفادتها لمعان مغايرة لأصل المعنى فعلم المعاني ، أو باعتبار كيفية تلك الإفادة في مراتب الوضوح فعلم البيان.
وأما عن المركبات الموزونة فأما من حيث وزنها فعلم العروض ، أو من حيث أواخر أبياتها فعلم القافية.
وأما الفروع: فالبحث فيها إما أن يتعلق بنقوش الكتابة فعلم الخط ، أو يختص بالمنظوم فالعلم المسمى بقرض الشعر ، أو بالمنثور فعلم إنشاء النثر من الرسائل والخطب ، أو لا يختص بشيء منها فعلم المحاضرات ، ومنه التواريخ.. ".

التعديل الأخير تم بواسطة أمةالله ; 25-09-06 الساعة 10:46 PM
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 25-09-06, 10:44 PM   #4
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

فضل العلم:

تكاثرت الأدلة من الكتاب والسنة ، الدالة على فضل العلم ، وأهله ومن ذلك مايلي: ـ
1 ـ قوله تعالى:{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (آل عمران ـ 18).
حيث قرن سبحانه شهادة أولي العلم بشهادته لنفسه بالوحدانية، وشهادة الملائكة له بذلك.

2 ـ وقوله تعالى:{وقل رب زدني علماً}(طه ـ 114).

3 ـ وقوله تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء} (فاطر ـ 28).

4 ـ وقوله تعالى[COLOR="red"]:{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}[/COLOR] (الزمر ـ 9).

5 ـ وقوله تعالى:{يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير}(المجادلة ـ 11).

6 ـ وعن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خيركم من تعلم القرآن وعلمه " رواه البخاري.

7 ـ وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " متفق عليه.

8 ـ وعن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " مثل مابعثني الله به من الهدى ، والعلم ،كمثل غيث أصاب أرضاً ، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء ، فأنبتت الكلأ ، وا لعشب الكثير ، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا منها ، وسقوا ، وزرعوا. وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ، ولا تنبت كلآً ، فذلك مثل من فقه في دين الله ، ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ،ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ، ولم يقبل هُدى الله الذي أرسلت به ". متفق عليه.

9 ، وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ،وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ، ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر " رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وغيرهم.

10 ـ وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم

أقوال السلف في فضل العلم:

جاء عن الصحابة ومن بعدهم من السلف أقوال كثيرة في فضل العلم فمن ذلك مايلي:ـ
1 ـ قال علي رضي الله تعالى عنه:" كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لايحسنه ،ويفرح به إذا نسب إليه ، وكفى بالجهل ذمّاً أن يتبرأ منه من هو فيه "
2 ـ وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: " تذاكر العلم بعض ليلة أحب إليّ من إحيائها "
3 ـ وقال الزهري رحمه الله تعالى:" ماعُبد الله بمثل العلم ".
4 ـ وقال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:" مامن عمل أفضل من طلب العلم إذا صحّت النية "
5 ـ وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:" طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة "

كما أكثر الشعراء من النظم في فضل العلم ، ومن ذلك:ـ
1 ـ قول صالح بن جناح:
فما العلم إلا عند أهل التعلم ولن تستطيع العلم إن لم تعلم من الحلة الحسناء عند التكلم بصير بما يأتي ولا متعلم تعلم إذا ماكنت ليس بعالم تعلم فإن العلم زين لأهله تعلم فإن العلم أزين بالفتى ولا خير فيمن راح ليس بعالم

2 ـ وقال بعضهم:
أبوهم آدم والأم حواء وأعظُم خلقت فيهم وأعضاءيفاخرون به فالطين والماءعلى الهدى لمن استهدى أدلاءوللرجل على الأفعال أسماءوالجاهلون لأهل العلم أعداء الناس في جهة التمثيل أكفاءنفس كنفس وأرواح مشاكلةفإن يك لهم من أصلهم حسبماالفضل إلا لأهل العلم إنهموقدر كل امرئ ماكان يحسنهوضد كل امرئ ماكان يجهله

3 ـ وقال أحمد بن عمر بن عصفور:
وعنه فكاشف كل من عنده فهم وعون على الدين الذي أمره حتم وذو العلم في الأقوام يرفعه العلم وينفذ منه فيهم القول والحكم وأفنى سنيه وهو مستعجم فدمت ركب في أحضانها اللحم والشحم بدت رحضاء العي في وجهه تسمرمن اشيْبَ لاعلم لديه ولا حكم فأولها خزي وآخرها ذم فصحبتهم زين وخلطتهم غنم نجوم إذا ماغاب نجم بدا نجم ولا لاح من غيب الأمور لنا رسم مع العلم فاسلك حيث ماسلك العلم ففيه جلاء للقلوب من العمى فإني رأيت الجهل يزري بأهله يعد كبير القوم وهو صغيرهم وأي رجاء في امرئ شاب رأسه يروح ويغدو الدهر صاحب بطنة إذا سئل المسكين عن أمر دينه وهل أبصرت عيناك أقبح منظرهو السوءة السوءاء فاحذر شماتها فخالط رواة العلم واصحب خيارهم ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم فو الله لولا العلم ما اتضح الهدى

4 ـ وقال أبو بكر قاسم بن مروان الوراق:
أتت إلينا بذا الأنباء والكتب فكيف من كان ذا علم له حسب فما سوى العلم فهو اللهو واللعب والعلم زين وتشريف لصاحبه والعلم يرفع أقواماً بلاحسب فاطلب بعلمك وجه الله محتسباً

وقال بعض المحدثين:
نعم القرين إذا ماعاقلاً صحبا عما قليل فيلقى الذل والحرب افلا يحاذر فوتا لا ولا هرب الا تعدلن به ذُرّاً ولا ذهبا العلم زين وكنز لا نفاد له قد يجمع المرء مالاً ثم يسلبه وجامع العلم مغبوطٌ به أبداياجامع العلم نعم الذخر تجمعه

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:" أفضل مااكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة هو العلم والإيمان ، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله:{وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث} (الروم ـ 56).
وقوله:{يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة ـ 11).
وهؤلاء خلاصة الوجود ولُبّه والمؤهلون للمراتب العالية.
ولكن أكثر الناس غالطون في حقيقة مسمى العلم والإيمان اللذين بهما السعادة والرفعة وفي حقيقتهما ، حتى أن كل طائفة تظن أن مامعها من العلم والإيمان هوهذا الذي تنال به السعادة وليس كذلك بل أكثرهم ليس معهم إيمان ينجي ولا علم يرفع ، بل قد سدوا على نفوسهم طرق العلم والإيمان اللذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إليهما الأمة وكان عليهما هو وأصحابه من بعده وتابعوهم على مناهجهم وآثارهم "
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 25-09-06, 10:46 PM   #5
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

مايبدأ به في الطلب:

قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:" ينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل ، إذ كان أجل العلوم وأولاها بالسبق والتقديم... فإذا رزقه الله تعالى حفظ كتابه فليحذر أن يشتغل عنه بالحديث ، أوغيره من العلوم اشتغالاً يؤدي إلى نسيانه... ثم الذي يتلو القرآن من العلوم ، أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسننه ، فيجب على الناس طلبها إذ كانت أسّ الشريعة ،وقاعدتها ، قال الله تعالى:{وماآتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر ـ 7) , وقال تعالى:{من يطع الرسول فقد أطاع الله} (النساء ـ 80) وقال:{وماينطق عن الهوى} (النجم ـ 3) ".

وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: " فأول العلم حفظ كتاب الله جل وعز وتفههمه ، وكل مايعين على فهمه فواجب طلبه معه.."
وقال:" القرآن أصل العلم ، فمن حفظه قبل بلوغه ، ثم فرغ إلى مايستعين به على فهمه من لسان العرب كان ذلك له عوناً كبيراً على مراده منه ، ومن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ينظر في ناسخ القرآن ومنسوخه وأحكامه ، ويقف على اختلاف العلماء واتفاقهم في ذلك ، وهو أمر قريب على من قربه الله عز وجل عليه ، ثم ينظر في السنن المأثورة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبها يصل الطالب إلى مراد الله عز وجل في كتابه ، وهي تفتح له أحكام القرآن فتحاً "
وقال:" واعلم ـ رحمك الله ـ أن طلب العلم في زماننا هذا وفي بلدنا ، قد حاد أهله عن طريق سلفهم ،وسلكوا في ذلك مالم يعرفه أئمتهم ، وابتدعوا في ذلك مابان به جهلهم ، وتقصيرهم عن مراتب العلماء قبلهم ، فطائفة منهم تروي الحديث وتسمعه ، قد رضيت بالدؤوب في جمع مالا تفهم ، وقنعت بالجهل في حمل مالا تعلم ،فجمعوا الغث والسمين ، والصحيح والسقيم ، والحق والكذب ، في كتاب واحد ، وربما في ورقة واحد ، ويدينون بالشيء وضده ، ولا يعرفون مافي ذلك عليهم ، قد شغلوا أنفسهم بالاستكثار ، عن التدبر والاعتبار ، فألسنتهم تروي العلم ، وقلوبهم قد خلت من الفهم ، غاية أحدهم معرفة الكنية الغريبة ، والاسم الغريب والحديث المنكر ، وتجده قد جهل مالا يكاد يسع أحداً جهله من علم صلاته ، وحجّه ، وصيامه ، وزكاته.
وطائفة هي في الجهل كتلك ، أو أشد ، لم يعنوا بحفظ سنة ، ولا الوقوف على معانيها ، ولا بأصل من القرآن ، ولا اعتنوا بكتاب الله عز وجل فحفظا تنزيله ، ولا عرفوا ماللعلماء في تأويله ، ولا وقفوا على أحكامه ، ولا ت فقهوا في حلاله وحرامه ، قد اطرحوا علم السنن والآثار وزهدوا فيها وأضربوا عنها فلم يعرفوا الإجماع من الاختلاف ، ولا فرقوا بين التنازع والائتلاف ، بل عولوا على حفظ مادون لهم من الرأي والاستحسان الذي كان عند العلماء آخر العلم والبيان ، وكان الأئمة يبكون على م اسلف وسبق لهم ـ من الفتوى ـ فيه ويودن أن حظهم السلامة منه ".
وقال:" فعليك ياأخي بحفظ الأصول والعناية بها ، واعلم أن من عني بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن ، ونظر أقاويل الفقهاء ، فجعله عوناً له على اجتهاده ، ومفتاحاً لطرائق النظر ، وتفسير الجمل المحتمله للمعاني ، ولم يقلد أحداً منهم تقليد السنن ا لتي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر ، ولم يرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن ، وتدبرها ،واقتدى بهم في البحث والتفهم ، والنظر ، وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ، ونبهوا عليه ، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم ،ولم يبرئهم من الذلل ، كما لم يبرؤوا أنفسهم منه ، فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح ، وهو المصيب لحظه ، والمعاين لرشده ،والمتبع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهدي صحابته رضي الله عنهم ، وعمن اتبع بإحسان آثارهم ، ومن أعفى نفسه من النظر ، وأضرب عما ذكرنا ، وعارض السنن برأيه ، ورام أن يردها في إلى مبلغ نظره ، فهو ضال مضل ، ومن جهل ذلك كله أيضاً وتقحم في الفتوى بلا علم ، فهو أشد عمى وأضل سبيلاً.
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
وقد علمت أنني لا أسلم من جاهل معاند لا يعلم "

وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:" فينبغي لذي الهمة أن يترقى إلى الفضائل ، فيتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره ، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبمعرفة سيره وسير أصحابه ، والعلماء بعدهم ، ليتخير مرتبة الأعلى فالأعلى ، ولابد من معرفة مايقيم به لسان من النحو ، ومعرفة طرف مستعمل من اللغة ، والفقه أصل العلوم والتذكير حلواؤها وأعمها نفعاً "

وقال النووي رحمه الله تعالى:" وأول مايبتدئ به حفظ القرآن العزيز ، فهو أهم العلوم ، وكان السلف لا يعملون الحديث والفقه إلا لمن يحفظ القرآن ، وإذا حفظه فليحذر من الاشتغال عنه بالحديث والفقه وغيرهما ، اشتغالاً يؤدي إلى نسيان شيء منه ، أو تعريضه للنسيان ، وبعد حفظ القرآن يحفظ من كل فن مختصراً ويبدأ بالأهم ، ومن أهمها الفقه والنحو ، ثم الحديث والأصول ، ثم الباقي على ماتيسر ، ثم يشتغل باستشراح محفوظاته ، ويعتمد من الشيوخ في كل فن أكملهم.."

وقال ابن جَماعة ـ في تعداد آداب الطالب في دروسه:ـ
" النوع الأول: أن يبتدئ أولاً بكتاب الله العزيز فيتقنه حفظاً ، ويجتهد على إتقان تفسيره ، وسائر علومه ، فإنه أصل العلوم وأمها وأهمها.
ثم يحفظ من كل فن مختصراً يجمع فيه بين طرفيه ، من الحديث وعلومه ، والأصولين ، والنحو ، والتصريف.
ولا يشتغل بذلك كله عن دراسة القرآن ، وتعهده ، وملازمة ورده منه ، في كل يوم ، أو أيام ، أو جمعة ، كما تقدم ، وليحذر من نسيانه بعد حفظه ، فقد ورد فيه أحاديث تزجر عنه ، ويشتغل بشرح تلك المحفوظات على المشايخ.
وليحذر من الاعتماد في ذلك على الكتب أبداً ، بل يعتمد في كل فن من هو أحسن تعليماً له ، وأكثر تحقيقاً فيه ، وتحصيلاً منه ، وأخبرهم بالكتاب الذي قرأه , وذلك بعد مراعاة الصفات المقدمة من الدين ، والصلاح ، والشفقة... وغيرها "

وقال ابن مفلح رحمه الله تعالى:" قال الميموني: سألت أبا عبد الله: أيهما أحب إليك: أبدأ ابني بالقرآن ، أو بالحديث ؟ قال: لا ، بالقرآن. قلت: أعلمه كله ؟ قال: إلا أن يعسر ، فتعلمه منه.
ثم قال لي: إذا قرأ أولاً تعود القراءة ثم لزمها. وعلى هذا أتباع الإمام أحمد إلى زمننا هذا "

بعض أسباب حرمان العلم:

قال السفاريني ـ في غذاء الألباب ـ: وحرمان العلم يكون بستة أوجه:
أحدها: ترك السؤال.
الثاني: سوء الإنصات وعدم إلقاء السمع.
الثالث: سوء الفهم.
الرابع: عدم الحفظ.
الخامس: عدم نشره وتعليمه ، فمن خزن علمه ولم ينشره ، ابتلاه الله بنسيانه جزاء وفاقاً.
السادس: عدم العمل به ، فإن العمل به ، يوجب تذكره ، وتدبره ، ومراعاته ، والنظر فيه ، فإذا أهمل العمل به نسيه.
قال بعض السلف: كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به.
وقال بعضهم: العلم يهتف بالعمل ، فإن أجابه وإلا ارتحل ، فما استُدر العلم ، واستُجلب بمثل العمل به

التعديل الأخير تم بواسطة أمةالله ; 25-09-06 الساعة 11:41 PM
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 25-09-06, 11:53 PM   #6
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

التدرج
• ـ تعريف التدرج في اللغة.
• تعريف التدرج في الاصطلاح.
• التدرج في التكوين.
• التدرج في التشريع الإسلامي ـ في الأوامر والنواهي.
أ ـ التدرج في الأوامر الشرعية:
1 ـ التدرج في الدعوة.
2 ـ التدرج في الأمر بالجهاد.
3 ـ التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4 ـ التدرج في طلب العلم.
5 ـ التدرج في الطهارة.
6 ـ التدرج في الصلاة.
7 ـ التدرج في الصيام.
8 ـ التدرج في قراءة القرآن.
9 ـ التدرج في آدب المرأة الناشز.
• ب ـ التدرج في النواهي الشرعية:
1 ـ التدرج في تحريم الخمر.
• أقسام التدرج:
• فوائد التدرج.
• شيء من كلام أهل العلم في التدرج.


تعريف التدرج في اللغة:

قال الجوهري في الصحاح:" درج الرجل يَدْرُجُ دُرُوجَاً أي مشى ودَرَّجَه إلى كذا واسْتَدْرَجَه ، بمعنى: أي أدناه منه على التدريج ، فتَدَرَّجَ هو "
وقال في المصباح المنير:" واستدرجته أخذته قلييلاً قليلاً ".
وقال في تاج العروس:" درج الرجل ، والضب ،يدرج دروجاً أي مشى.. والدرجة بالضم ، والدرجة بالتحريك ، المرقاة التي يتوصل بها إلى سطح البيت "

التدرج في الاصطلاح:

التدرج فيالاصطلاح هو:" الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى متقدمة ، للبلوغ إلى الغاية المنشودة "(4)
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}(الحج ـ 5).

وقال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (المؤمنون 12 ـ 16).

وعن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير ؟ قالت: ويحك ، ومايضرك ! قال: ياأم المؤمنين ، أريني مصحفك. قالت: لمَ ؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه ، فإنه يقرآ غير مؤلف ، قالت: ومايضرك أّه قرأت ، قبل ، إنما نزل أول مانزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء:" لا تشربوا الخمر " لقالوا: لاندع الخمر أبداً ، ولو نزل " لا تزنوا" لقالوا: لا ندع الزنا أبداً ، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب " بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر " ومانزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده قال: فأخرجت له المصحف ، فأملت علين آي السور.

التدرج في التشريع الإسلامي:

لم تأت الأوامر والنواهي في الشرع المطهر مرة واحد ،وإنما شرعت شيئاً فشيئاً ، فقد بقي صلى الله عليه وسلم في مكة عشر سنين ، يدعو إلى التوحيد وترك عبادة غير الله سبحانه.
ثم عُرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، وفرضت عليه الصلوات والخمس , فصلى بمكة ثلاث سنين.
ثم أمر بالهجرة إلى المدينة المنورة ، ونزلت عليه فرائض الإسلام ، ونواهيه بالتدرج ، إلى أن أكمل الله به الدين ،وأتم به النعمة ، ثم توفاه إليه بعد ذلك.

ومن الأمثلة على التدرج في الأوامر مايلي:

1 ـ التدرج في الدعوة:
وذلك واضح في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الثابت في الصحيحين حيث قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه حين بعثه إلى اليمن:" إنك ستأتي قوماً أهل كتاب ، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن م حمداً رسول الله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب"

2 ـ التدرج في الجهاد:
أ ـ الكف عن القتال ، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} (النساء ـ 77).
ب ـ الإذن في القتال بدون فرض ، قال تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (النساء ـ 77).
جـ ـ وجوب القتال لمن قاتل المسلمين من الكفار دون من لم يقاتلهم ، قال تعالى:{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}(البقرة ـ 190}.
د ـ وجوب قتال المشركين كافة قال تعالى:{وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}(التوبة ـ 36)

3 ـ التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "

4 ـ التدرج في طلب العلم:
قال الله تعالى {وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مُكثٍ ونزّلْناهُ تنزيلا} (الإسراء ـ 106).
{ونزلناه تنزيلاً} أي شيئاً فشيئاً مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة.
أي أنزلناه نجماً بعد نجم ولو أخذوا جميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
وقال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}(الفرقان ـ 32).

5 ـ التدرج في الطهارة:
أ ـ الطهارة بالماء ، قال تعالى:{ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم}.. الآية (المادة ـ 6).
وقال تعالى:{وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً} (الفرقان ـ 48).
ب ـ الطهارة بالتيمم ، قال تعالى:{.. فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً} (النساء ـ 43).
جـ ـ الصلاة بدون الماء والتيمم في حق المعذور.

6 ـ التدرج في الصلاة:
أ ـ التدرج في هيئتها:
عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال:" صلّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب ".
ب ـ العمل في الصلاة:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان".

7 ـ التدرج في الصيام:
أ ـ التخيير بين الصيام والإطعام ، كما في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة 183 ـ 184).
ب ـ ثم أوجب الله الصيام على الجميع دون تخيير.
جـ ـ وكان من ن ام قبل أن يفطر حرام عليه الأكل إلى الغد.
ثم استقر الأمر على وجوب الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

8 ـ التدرج في قراءة القرآن:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ القرآن في شهر ، قلت: إني أجد قوة... حتى قال: فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك ".

9 ـ التدرج في أدب المرأة الناشز:
قال تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء ـ 34).


التعديل الأخير تم بواسطة أمةالله ; 25-09-06 الساعة 11:56 PM
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 26-09-06, 12:17 AM   #7
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

ومن الأمثلة على التدرج في النواهي:
1 ـ التدرج في تحريم الخمر:
أ ـ قال تعالى:{يسألونك عن الخمر والميسر قُل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للناس وإثمُهما أكبر من نفعهما}(البقرة ـ 219).
ب ـ ثم قال تعالى:{ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون}(النساء ـ 43).
جـ ـ ثم قال تعالى:{ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلامُ رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}(المائدة ـ 90).

أقسام التدرج:

التدرج ينقسم إلى قسمين:
1 ـ تدرج بين العلوم المختلفة.
مثل أن يبدأ الطالب بعلم التوحيد ، فإذا أتقنه ، انتقل إلى علم التفسير ، ثم علم الحديث ،وهكذا ، كما هي طريقة المغاربة.

2 ـ تدرج في العلم الواحد.
مثل أن يبدأ الطالب في علم الحديث بمتن الأربعين النووية ، ثم عمدة الاحكام ، ثم بلوغ المرام ثم منتقى الأخبار ، وهكذا في بقية العلوم.

فوائد التدرج:

للتدرج فوائد كثيرة منها:ـ
1 ـ سهولة العلوم على طالبها إذا سار على هذه الطريقة.
2 ـ الضبط والإتقان للعلم المأخوذ بالتدرج.
3 ـ إن هذه الطريقة تميز بين الطالب المجد من غيره ، وتظهر بواسطتها الفروق الفردية بين الطلبة وتفاوت قدراتهم في التحصيل.

شيء من كلام أهل العلم في التدرج.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في جامع بيان العلم وفضله: "عن يونس بن يزيد قال: قال لي ابن شهاب: يايونس لا تكابر العلم فإن العلم أودية ، فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أنتبلغه ، ولكن خذه مع الأيام والليالي ، ولا تأخذ العلم جملة ؛ فإن من رام أخذه جملة ذهب عنه جملة ، ولكن الشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي".
وقال:" وروينا عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال:العلم أكثر من أن يحاط به ، فخذوا منه أحسنه".
وقال:" فصل: قال الخليل بن أحمد: اجعل تعليمك دراسة لك ،واجعل مناظرة العلم تنبيهاً بما ليس عندك ،وأكثر من العلم لتعلم ، وأقلل منه لتحفظ ، وروى عنه أنه قال: أقلوا من الكتب لتتعلموا ، وأكثروا منها لتُعلّموا ".
وقال:" قال صالح بن عبد القدوس:
تبلغ الفرع الذي رُمته إلا ببحثٍ منك عن أسّهِ

وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: إذا ثبتت الأصول في القلوب نطقت الألسن بالفروع ، والله يعلم أن قلبي لك شاكر ، ولساني لك ذاكر ، وهيهات أن يظهر الود المستقيم ، من القلب السقيم".
وقال:" طلب العلم درجات ومناقل ورتب لا ينبغي تعديها ، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله ،ومن تعدى سبيلهم عامداً ضل ، ومن تعداه مجتهداً زل. فأول العلم حفظ كتاب الله جل وعز وتفهمه ، وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه ،ولا أقول: إن حفظه كله فرض ، ولكن أقول: إن ذلك واجب لازم على من أحب أن يكون عالماً ليس من باب الفرض ".

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:" وينبغي له أن يثبت في الأخذ ولا يكثر ، بل يأخذ قليلاً قليلاً حسب مايحتمله حفظه ويقرب من فهمه ، فإن الله تعالى يقول:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}(الفرقان ـ 32).
وقال أيضاً:" اعلم أن القلب جارحة من الجوارح تحتمل أشياء وتعجز عن أشياء ، كالجسم الذي يحتمل بعض الناس أن يحمل مائتي رطل ، ومنهم منيعجز عن عشرين رطلاً ، وكذلك منهم من يمشي فراسخ في يوم لا يعجزه ، ومنهم من يمشي بعض ميل فيضر ذلك به ، ومنهم من يأكل من الطعام أرطالاً ، ومنهم من يتخمه الرطل فما دونه ، فكذلك القلب.
من الناس من يحفظ عشر ورقات في ساعة ، ومنهم من لا يحفظ نصف صفحة في أيام ، فإذا ذهب الذي مقدار حفظه نصف صفحة يروم أن يحفظ عشرورقات تشبهاً بغيره لحقه الملل ، وأدركه الضجر ، ونسي ماحفظ ، ولم ينتفع بما سمع ، فليقتصر كل امرئ من نفسه على مقدار يبقى فيه مالا يستفرغ كل نشاطه ، فإن ذلك أعون له على التعليم من الذهن الجيد ، والمعلم الحاذق"أ. هـ.

وقال الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى:
" وكثير من الناس ثكلوا الوصول بتركهم الأصول ، وحقه أن يكون قصده من كل علم يتحراه ، التبلغ به إلى مافوقه حتى يبلغ به النهاية".

وقال ابن خلدون رحمه الله تعالى: " اعلم أن تلقين العلوم إنما يكون مفيداً إذا كان على التدريج شيئاً فشيئاً وقليلاً قليلاً ، يُلقى عليه أولاً مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك الباب ، ويقرب له في شرحها على سبيل الإجمال ، ويراعى في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول مايرد عليه حتى ينتهي إلى آخر الفن ، وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم ، إلا أنها جزئية وضعيفة ،وغايتها أنها هيأته لفهم الفن ، وتحصيل مسائله.
ثم يرجع به إلى الفن ثانية ،فيرفعه في التلقين عن تلك الرتبة إلى أعلى منها ، ويستوفي الشرح والبيان ، ويخرج عن الإجمال ،ويذكر له ماهنالك من الخلاف ، ووجهه ، إلى أن ينتهي إلى آخر الفن ، فتجود ملكته.
ثم يرجع به وقد شدا ، فلا يترك عويصاً ، ولامبهماً ، ولا مغلقاً ، إلا وضحه ، وفتح له مقفله ، فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته.د
هذا وجه التعليم المفيد ، وهو كما رأيت إنما يحصل في ثلاث تكرارات ، وقد يحصل للبعض في أقل من ذلك ، بحسب مايخلق له ويتيسر عليه".




الحفظ
• تعريفه في اللغة.
• تعريفه في الاصطلاح.
• أوقات الحفظ.
• أماكن الحفظ.
• الأسباب التي يستعان بها على الحفظ.
• الحث على الحفظ.
• فوائد الحفظ.
• طرق إحكام المحفوظ.
• مايعين على الحفظ من المأكولات.
• أحكام الحفظ.
• صلاة حفظ القرآن.
• حفظ متن في كل فن وشيء من كلام أهل العلم حول المتون والعناية بها.
• أسباب النسيان.
• الحافظ عند المحدثين.
• تربية الصبيان على الحفظ.


تعريفه في اللغة:

قال الجوهري في الصحاح: حفظت الشيء حفظاً أي حرسته ، وحفظته أيضاً بمعنى استظهرته..
قال في لسان العرب: الحفظ نقيض النسيان وهو التعاهد وقلة الغفلة... والتحفظ التيقظ ، وتحفظت الكتاب أي استظهرته شيئاً بعد شيء.
قال في المصباح المنير: حفظت المال وغيره حفظاً إذا منعته من الضياع والتلف... وحفظ القرآن إذا وعاه على ظهر قلبه.
وقال الجرجاني في التعريفات: الحفظ: ضبط الصور المُدْركَة
وفي المعجم الوسيط: الحافظة قوة تحفظ ماتدركه القوة الوهمية من المعاني وتذكرها ، وتسمى الذاكرة أيضاً.

تعريفه في الاصطلاح:

الحفظ في الاصطلاح ملكة يقتدر بها على تأدية المحفوظ.

أوقات الحفظ.

للحفظ أوقات ينبغي لمن أراده أن يراعيها ، فأجود أوقاته:
1 ـ السحر.
2 ـ انتصاف النهار.
3 ـ أول النهار دون آخره.
4 ـ حفظ الليل أصلح من حفظ النهار.
هذا في الكثير الغالب ، وقد يناسب إنساناً مالا يناسب آخر ، وكل يختار ماهو أصلح له..

أماكن الحفظ:

أجود أماكن الحفظ:
1 ـ الغرف دون السفل.
2 ـ كل موضع بعيد مما يلهي ويخلو القلب فيه عما يشغله.
3 ـ يتجنب الحفظ على شطوط الأنهار وقوارع الطرق وبحضرة النبات والخضرة.

الأسباب التي يستعان بها على الحفظ.

ينبغي أن يقصد الطالب بالحفظ ابتغاء وجه الله تعالى والنصيحة للمسلمين في الإيضاح والتبيين.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنما يحفظ الرجل على قدر نيته.

ومن الأسباب المعينة على الحفظ مايلي:
1 ـ إخلاص النية.
2 ـ ترك المعاصي ، قال محمد بن النضر: سمعت يحيى بن يحيى يقول: سأل رجل مالك بن أنس: ياأبا عبد الله ، هل يصلح لهذا الحفظ شيء؟ قال: إن كان يصلح له شيء فترك المعاصي.
وقال بشر بن الحارث: إذا أردت أن تلقن العلم فلا تعص.
وقال علي بن خشرم: سألت وكيعاً ، قلت: ياأبا سفيان تعلم شيئاً للحفظ ؟ قال: أراك وافداً ، ثم قال: ترك المعاصي عون على الحفظ.
وقال بعضهم ـ وينسب للشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصِ
3 ـ الصدق في اللجأ إلى الله سبحانه ومراعاة حدوده.
قال تعالى:{إن تنصروا الله ينصركم} (محمد ـ7) وقال تعالى:{فاذكروني أذكركم} (البقرة ـ 152) وقال تعالى:{وأوفوا بعهدي أُوف بعهدكم} (البقرة ـ 40).
4 ـ تطييب الكسب وإصلاح الغذاء وإقلال الطعام.
5 ـ الجد والمواظبة. قال بعضهم.
ومن طلب العلا سهر الليالي يغوص البحر من طلب اللآلي لأجل رضاك يامولى الموالي وبلغني إلى أقصى المعالي بقدر الكد تكتسب المعالي تروم العز ثم تنام ليلاً تركت النوم ربي في الليالي فوفقني إلى تحصيل علم

الحث على الحفظ:

قال ابن عبد البر ـ رحمه الله تعالى ـ في جامع بيان العلم وفضله:
من كره كتابة العلم إنما كرهه لوجهين ، أحدهما: أن لا يتخذ مع القرآن كتاب يضاهي به ، ولئلا يتكل الكاتب على ماكتب فلا يحفظ فيقلّ الحفظ ، كما قال الخليل ـ رحمه الله ـ:
ما العلم إلا ماحواه الصدر ليس بعلم ماحوى القمطر
وذكر بإسناده إلى أبي معشر أنه قال في الحفظ:
ماقد روى تضارع المصاحفا ياأيها المضمن الصحائفا
احفظ وإلا كنت ريحاً عاصفا

وقال أعرابي: حرف في تامورك ، خير من عشرة في كتبك. قال أبو عمر: التامور: علقة القلب ، وذكر بإسناده إلى يونس بن حبيب أنه سمع رجلاً ينشد:
وبئس مستودع العلم القراطيس استودع العلم قرطاساً فضيعه
فقال يونس: قاتله الله ، ماأشد صيانته للعلم وصيانته للحفظ.
إن علمك من روحك ، وإن مالك من بدنك ، فصن علمك صيانتك روحك ، وصن مالك صيانتك بدنك.

ومما ينسب إلى منصور الفقيه من قوله:
علمي معي حيثما يممت أحمله
بطني وعاء له لابطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي
أو كنت في السوق كان العلم في السوق

وقال عبد الرزاق: كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده علماً.

وقال عبيد الله بن أحمد الصيرفي:
ماالعلم إلا ماحواه الصدروزينة جليلة وقدر ليس بعلم ماحوى القمطرفذاك فيه شرف وفخر

وقال بعض البصريين:
كتب العلم وهو بعد يخطقال علمي ياخليلي في السفطوبخط أي خط أي خطحك لحييه جميعاً وامتخط رب إنسان ملا أسفاطهفإذا فتشته عن علمهبكراريس جياد أحرزتفإذا قلت له: هات ، أرنا

وقال محمد بن بشير ـ في أبيات له:
فجمعك للعلم لاينفعوعلمي في البيت مستودعيكن دهره القهقري يرجع إذا لم تكن واعياً حافظاًأشاهد بالعي في مجلسومن يك في علمه هكذا

أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 26-09-06, 12:18 AM   #8
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

فوائد الحفظ:

للحفظ فوائد كثيرة منها:ـ
1 ـ بقاء المعلومات في الذهن.
2 ـ الاستفادة من الأوقات في تحصيل العلم زيادة على المحفوظ.
3 ـ استحضار المعلومات بكل يسر وسهولة.
4 ـ تظهر فائدة الحفظ ومنفعته في حالات منها: فقد الكتاب ، فقد الإضاءة ليلاً ، فقد البصر.

إن الحافظ يقدم على غيره ، وتظهر ميزته بين أهل العلم أنفسهم ،ولهذا قال صاحب الرحبية ـ لما ذكر الفروض المقدرة في كتاب الله ـ قال:
والثلثان وهما التمام فاحفظ فكل حافظ إمام
قال البقري ـ على قوله " فكل حافظ إمام " ـ: أي مقدم على غيره ممن لم يكن مثله ، بأن كان أدون حفظاً ، أو لم يحفظ شيئاً.أ.هـ.
وقال ابن غليون ـ في شرح البيت السابق ـ: اي مقتدى به مقدم على غيره ، فمن جدّ وجد ، ومن فرش رقد ،ومن زرع حصد ،ومن كسل نال الهم ، والندم ، والنكد..

وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة بلوغ المرام:" أما بعد فهذا مختصر يشمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية ، حررته تحريراً بالغاً ، ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغاً..

طرق إحكام المحفوظ:

الطريق في إحكامه كثرة الإعادة ، والناس يتفاوتون في ذلك: فمنهم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار ، ومنهم من لا يحفظ إلا بعد التكرار الكثير ، فينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ ليثبت معه المحفوظ ، ولاسيما في حفظ القرآن الكريم.

فعن أبي موسى رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" تعاهدوا هذا القرآن ، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها " متفق عليه..
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت " متفق عليه.
وقد قيل: السبق حرف والتكرار ألف.
وقيل: حفظ حرفين خير من سماع وِقْرَيْن ، وفهم حرفين خير من حفظ سطرين ، والوِقْر: الحمْل الثقيل.

وقال الخليل بن أحمد الشجري ـ رحمه الله تعالى:ـ
وأدم درسه بفعل حميدثم أكده غاية التأكيدوإلى درسه على التأبيدفانتدب بعده لشيء جديدواقتناء لشأن هذا المزيد اخدم العلم خدمة المستفيدوإذا ماحفظت شيئاً أعدهثم علقه كي تعود إليهفإذا ماأمنت منه فواتاًمع تكرار ماتقدم منه

مايعين على الحفظ من المأكولات:

عن ابن جريج قال: قال الزهري عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ.
وقال الزهري أيضاً: من سره أن يحفظ ا لحديث فليأكل الزبيب.
وينبغي أن يستعمل ما جعله الله تعالى سبباً لجودة الذهن كمضغ اللبان والمصطكى على حسب العادة وأكل الزبيب بُكْرة

أحكام الحفظ:

يختلف الحكم التكليفي بالنسبة للحفظ تبعاً لاختلاف مايضاف إليه ، فهناك أحكام تتعلق بحفظ القرآن وحفظ مايقرآ في الصلاة وحفظ الوديعة إلى غير ذلك من الأحكام ، تراجع في مظانها من كتب أهل العلم.

صلاة حفظ القرآن:

اشتهر عن علي رضي الله عنه أنه تفلت القرآن من صدره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي أربع ركعات وأن يدعو في آخرها بدعاء خاص.. إلخ.
إلا أن هذا الحديث لا يصح عند أهل العلم.

حفظ متن في كل فن , وشيء من كلام أهل العلم حول المتون والعناية بها:

من المفيد جداً لطالب العلم أن يحفظ متناً مختصراً في كل فن.
قال النووي رحمه الله تعالى: " وبعد حفظ القرآن ، يحفظ من كل فن مختصراً , ويبدأ بالأهم ، ومن أهمها الفقه والنحو ، ثم الحديث والأصول ، ثم الباقي على ماتيسر ، ثم يشتغل باستشراح محفوظاته.."

وقال ابن جماعة رحمه الله تعالى:" ثم يحفظ من كل فن مختصراً يجمع فيه بين طرفيه ، من الحديث وعلومه ، والأصولين ،والنحو ،و التصريف ،ولا يشتغل بذلك كله عن دراسة القرآن ،وتعهده ،وملازمة ورده منه في كل يوم ، أو أيام ، أوجمعة ـ كما تقدم ـ وليحذر من نسيانه بعد حفظه ، فقد ورد فيه أحاديث تزجر عنه "

وقال مرتضي الزّبيدي رحمه الله تعالى في ألفية السند:
وبعضها بشرط بعض مرتبطشخص فخذ من كل فن أحسنهتأخذه على مفيد ناصححقق ودقق مااستمد منهمختلف وباختلاف العلمبحثا بعلم وجهه دقيق فإن أنواع العلوم تختلطفما حوى الغاية في ألف سنةبحفظ متن جامع للراجحثم مع الفرصة فابحث عنهلكن ذاك باختلاف الفهمفالمبتدي كالفدْم لا يطيق

وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى:ـ
" الأمور النافعة في الدين ترجع في أمرين: علم نافع ، وعمل صالح ، أما العلم النافع فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح ، المثمر لسعادة الدارين ، وهو ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير،وفقه، ومايعين على ذلك من علوم العربية ، بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان.
وتعيين مايشتغل به من الكتب يختلف باختلاف الأحوال والبلدان ،والحالة التقريبية في نظرنا هذا: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصرات الفن الذي يشتغل به ، فإن تعذر ، أو قصر عليه حفظه لفظاً ، فليكرره كثيراً ، حتى ترسخ معانيه في قلبه ، ثم تكون باقي كتب الفن كالتوضيح والتفسير لذلك الأصل الذي أدركه وعرفه.
فلو حفظ طالب العلم " العقيدة الواسطية " لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و" ثلاثة الأصول " ، و " كتاب التوحيد " للشيخ محمد ، وفي الفقه: " مختصر الدليل " و " مختصر المقنع " ، وفي الحديث:" بلوغ المرام " ، وفي النحو:" الآجرومية " ، واجتهد في فهم هذه المتون وراجع عليها ماتيسر من شروحها ، أو كتب فنها ، فإنها كالشروح لها لأن طالب العلم إذا حفظ الأصول ،وصار له ملكة تامة في معرفتها ، هانت عليه كتب الفن كلها الصغار والكبار ، ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
فمن حرص على هذه العلوم النافعة ، واستعان بالله أعانه وبارك له في علمه ، وطريقه الذي سلكه. ومن سلك في طلبه للعلم غير الطريقة النافعة ، فاتت عليه الأوقات ، ولم يدرك إلا العناء ، كما هو معروف بالمشاهدة والتجربة.
أما الثاني وهو العمل الصالح ، فالعمل الصالح هو الذي جمع الإخلاص لله ،والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.."

وفي الشقاق النعمانية في ترجمة علاء الدين علي بن محمد القوشجي رحمه الله تعالى:"وقد جمع عشرين متناً في مجلدة واحدة ، كل متن من علم ، وسماه " محبوب الحمائل " وكان بعض غلمانه يحمله ولا يفارقه أبداً ، وكان ينظر فيه كل وقت ، يقال إنه حفظ كل مافيه من العلوم "

وكثير من الناس ثكلوا الوصول بتركهم الأصول ، وحقه أن يكون قصده من كل علم يتحراه التبلغ به إلى مافوقه حتى يبلغ به النهاية.
قال بعضهم:
ومايغني التندم ياخليلي بما ضيّعت من حفظ الأصولِ لقد أصبحتُ في ندمٍ وهَمٍ مُنعت من الوصول إلى مَرامي

أسباب النسيان:

للنسيان أسباب كثيرة منها:ـ
1 ـ الإستهانة بأداء فرئض الله وتعدي حدوده.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
وقال الضحاك بن مزاحم رحمه الله تعالى: مامن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه وذلك بأن الله تعالى يقول:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}(الشورى ـ30) ونسيان القرآن من أعظم المصائب.
وسئل سفيان بن عيينة: هل يسلب العبد العلم بالذنب يصيبه ؟! قال: ألم تسمع قوله:{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ}(المائدة ـ 13).
2 ـ كثرة الأكل.
3- الإجهاد والسهر المضني.
4 ـ كثرة الاهتمام بأمور الدنيا والانشغال عن مراجعة المحفوظ.

الحافظ عند المحدثين:

قال ابن سيد الناس رحمه الله تعالى:" وأما المحدث في عصرنا فهو: من اشتغل بالحديث رواية ، ودراية ، وجمع رواة ، واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره ، وتميز في ذلك حتى عرف فيه خطه ، واشتهر فيه ضبطه ، فإن توسع في ذلك حتى عرف شيوخه ،وشيوخ شيوخه ، طبقة بعد طبقة ، بحيث يكون مايعرفه من كل طبقة أكثر مما يجهله منها ، فهذا هو الحافظ.."

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ـ في النكت على ابن الصلاح ـ: للحافظ في عرف المحدثين شروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظاً:
1 ـ وهوا لشهرة بالطلب والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف.
2 ـ والمعرفة بطبقات الرواة ومراتبهم.
3 ـ والمعرفة بالتجريج والتعديل وتمييز الصحيح من السقيم حتى يكون مايستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره مع ا ستحضار الكثير من المتون.
فهذه الشروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظاً.
والحفاظ من المحدثين كثيرون. وقد ذكر ابن الجوزي جماعة منهم ورتبهم على حروف المعجم في كتابه " الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ" فانظرهم هناك.

تربية الصبيان على الحفظ:

ينبغي لولي الصبي أن يجتهدمعه في التحفظ للقرآن،وسائر العلوم ، في صغره ،وكذا كل مبتدئ في طلب العلم ، حتى يكون الحفظ سهلاً على الطالب ، لأن الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً وموقوفاً:" حفظ الغلام الصغير كالنقش في الحجر ، وحفظ الرجل بعدما يكبر كالكتابة على الماء " وهو صحيح من حيث المعنى وإن لم يصح من جهة الرواية.
أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 26-09-06, 08:28 PM   #9
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

المتـن
• تعريف المتن لغة:
• تعريف المتن اصطلاحاً.
• تعريف الأصل في اللغة.
• أقسام المتون.
• المتون بين المدح والقدح.
• عدم الاعتماد على الكتب.


تعريف المتن لغة:

المتن بفتح الميم ، وسكون المثناة الفوقية.
قال ابن فارس:" الميم والتاء والنون ، أصل صحيح واحد يدل على صلابة في الشيء مع امتداد وطول"
ويطلق المتن في اللغة على عدة معانٍ منها:ـ
1 ـ الحلف ، يقال متن لي بالله أي حلف.
2 ـ النكاح.
3 ـ الضرب بالسوط في أي موضع كان.
4 ـ الذهاب في الأرض.
5 ـ المد ، وقد متنه متناً إذا مدّه.
6 ـ ماصلب من الأرض وارتفع واستوى كالمتنة.
7 ـ الرجل الصلب القوي.
8 ـ اللفظ.
إلى غير ذلك من المعاني.

تعريف المتن اصطلاحاً:

جرى إطلاقه عند أهل العلم على مبادئ فنمن الفنون تكثف في رسائل صغيرة غالباً وهي تخلو في العادة من كل مايؤدي إلى الاستطراد أو التفصيل كالشواهد والأمثلة إلا في حدود الضرورة وذلك لضيق المقام عن استيعاب هذا ونحوه ، لذلك عدت المتون أقل ألفاظاً الأحسن في ذاتها والأكثر قبولاً عند الدارسين.
وعرف صاحب " قصد السبيل "بأنه: الكتاب الأصلي الذي يكتب فيه أصول المسائل ، ويقابله الشرح ، مولد لم يرد عن العرب ،وإنما هو مما نقله العرف تشبيهاً له بظاهر الظهرالذي هو معنى المتن الأصلي في القوة والاعتماد عليه.
وعُرّف بأنه: خلاف الشرح والحواشي.
قال في المدخل الفقهي العام:" وقد سموا به في الاصطلاح هذه المختصرات العلمية ، لأنها تتضمن المسائل الأساسية للركوب والحمل".
ويطلق المتن ويراد به ماينتهي إليه السند من الكلام ، قال الحافظ في شرح النخبة:" والمتن هو غاية ماينتهي إليه الإسناد من الكلام ".

تعريف الأصل في اللغة:

قال في المصباح المنير:" أصل الشيء أسفله ، وأساس الحائط أصله ، واستأصل الشيء ثبت أصله وقوى ، ثم كثر حتى قيل أصل كل شيء ما يستند وجود ذلك الشيء إليه ، فالأب أصل للولد..".
وقال في القاموس:" الأصل: أسفل الشيء كاليأصول جمع أصول ، وآصل ،وأصُل ككرم صار ذا أصل ، أو ثبت ورسخ أصله كتأصل ، و ـ الرأي الجاد ".

أقسام المتون:

تنقسم المتون إلى قسمين:
1 ـ متون منثورة ، وهي الأكثر.
2 ـ متون منظومة في أبيات الشعر يسمى الشعر التعليمي ، وتكون غالباً من بحر الرجز ، وقد تكون من غيره.
والرجز بحر معروف من بحور الشعر ، وتسمى قصائده الأراجيز واحدتها أرجوزة ويسمى قائله راجزاً.
وإنما سمي الرجز رجزاً لأنه تتوالى فيه حركة وسكون ، ثم حركة وسكون ، وهو يشبه في هذا بالرجز في رجل الناقة ورعدتها ، وهو أن تتحرك وتسكن ، ثم تتحرك وتسكن. ويقال لها حينئذٍ رجزاء.
والرجز ديوان العرب في الجاهلية والإسلام ، وكتاب لسانهم ،وخزانة أنسابهم وأحسابهم.
وهذا النوع من النظم " الشعر التعليمي " نظم علمي يخلو من العواطف ،والأخيلة ،ويقتصر على الأفكار ، والمعلومات ،والحقائق العلمية المجردة.

وهذه المنظومات العلمية تنقسم إلى قسمين:
1 ـ منظومات في علم معين استقلالاً ، كملحة الإعراب للحريري ،وألفية ابن مالك في النحو.. إلخ.
2 ـ منظومات لمتن معين مثل ألفية العراقي نظم مقدمة ابن الصلاح ،ونظم العمريطي لمتن الورقات ، ولمتن الآجرومية ، ونظم زاد المستقنع ،وجمع الجوامع.. إلخ.
والمتون موجودة من قديم الزمان ،ولكنها لم تعرف بهذا الاسم ، بل باسم المختصرات ،مثل مختصر الخرقي عمر بن الحسين الخرقي المتوفي سنة (334هـ) رحمه الله تعالى.
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن البنا في كتابه المقنع في شرح مختصر الخرقي:" وكان بعض شيوخنا يقول: ثلاثة مختصرات ، في ثلاثة علوم ، لا أعرف لها نظائر: الفصيح لثعلب ، واللمع لابن جني ، وكتاب المختصر للخرقي ، فما اشتغل بها أحد وفهمها كما ينبغي إلا أفلح"
ثعلب: هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني مولاهم المتوفي سنة (291هـ) رحمه الله تعالى.
ابن جني: هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي المتوفي سنة (1392هـ) رحمه الله تعالى.
وكان الغرض منها حكيماً ، وهو جمع المسائل الأولية البسيطة في متون صغيرة ، بعبارة سهلة ، لتكون بداية لشُداة الفقه على نحو الآجرومية في علم النحو.
لكنها لم تستمر كذلك ، بل بالغ بعض المتأخرين في إيجاز بعض المتون إلى درجة الإلغاز ،ولكن هذا الصنف غير مراد في بحثنا هذا.

وقد اقتضت الحاجة التعليمية وجود منهج يسير عليه الطالب ، وهو:
1 ـ المتن الذي هو الأساس الذي يبني عليه الطالب علمه في كل فن بحسبه.
2 ـ شرح لهذا المتن.
3 ـ حاشية على هذا الشرح.
4 ـ تقرير على الحاشية.

المتون بين المدح والقدح:

قال ابن خلدون في مقدمته:" ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والأنحاء في العلوم ، يولعون بها ، ويدونون منها برنامجاً مختصراً في كل علم ، يشتمل على حصر مسائله وأدلتها ، باختصار في الألفاظ ،وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن ، وصار ذلك مخلاً بالبلاغة ،وعسراً على الفهم ، وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون بالتفسير والبيان ، فاختصروها تقريباً للحفظ ، كما فعله ابن الحاجب في الفقه وأصول الفقه ، وابن مالك في العربية ، والخونجي في المنطق ، وأمثالهم ، وهو فساد في التعليم ، وفيه إخلال بالتحصيل ، وذلك لأن فيه تخليطاً على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه ، وهو لم يستعد لقبولها بعد ، وهو من سوء التعليم.. , ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم ، بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة الفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائل من بينها ، لأن ألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبة عويصة ، فينقطع في فهمها حظ صالح من الوقت... ا. هـ".

قال في الفكر السامي:" ثم كَلَّ أهل هذه المئة عن حال من قبلهم من حفظ كبار الأصول ، فاقتصروا على حفظ ماقلّ لفظه ، ونزر خطه ، فأفنوا أعمارهم في حلّ رموزه ، وفهم لغوزه ، ولم يصلوا لرد مافيه لأصوله بالتصحيح ، فضلاً عن معرفة الصحيح من الضعيف ، بل حل مقفل ، وفهم مجمل... إلى أن قال:" ومنها أنهم لما أغرقوا في الاختصار ، صار لفظ المتن مغلقاً لا يفهم إلا بواسطة الشراح ، أو الشروح والحواشي ، ففات المقصود الذي لأجله وقع الاختصار ، وهو جمع الأسفار في سفر وتقريب المسافة ، وتخفيف المشاق ، وتكثير العلم ، وتقليل الزمن ، بل انعكس الأمر إذ كثرت المشاق في فتح الإغلاق ،وضاع الزمن من غير ثمن.. إلخ "

وانتقدت أيضاً بأن المهتمين بها في النهاية أعجز من غيرهم في التطبيق وتذوق النصوص ولا سيما النصوص الأدبية...
وأنها بأساليبها ، ومحتوياتها ، ومناهج تصانيفها ، لا تتفق مع الحقائق التربوية الحديثة ، والمناهج التعليمية العصرية ، لصعوبة أسلوبها ووعورة مضمونها

ولكن الناظر في هذا النظام من التصنيف ، على الرغم من كل ماقيل فيه من قدح يجد فيه:
1 ـ عمقاً علمياً يتجلى في كثرة المعلومات ،وتنوعها ، وترتيبها ترتيباً محكماً.
2 ـ إضافة إلى مافيها من الفوائد ، والإضافات التي لا توجد في المطولات.
3 ـ تكوين صورة مجملة للفن الذي ألفت فيه ، يستطيع الطالب الإحاطة بها في زمن قليل ، وماهي إلا مدخل للعلوم ، وليست هي الغاية وإليها النهاية ، بل هي الأساس والبداية.
4 ـ إن العلم الذي فيه المتون ، أكثر منه فيما تلاها من المؤلفات الحديثة وأعظم فائدة.
5 ـ هذه المتون يحتاج الدارس لها إلى الصبر ، والجد والاجتهاد في فهمها ، ويكوّن هذا الجد والاجتهاد ملكة لا توجد لغير دارسها.
6 ـ إن الغموض الذي عيبت به المتون ليس مما يعاب ، بل هو في الحقيقة مدح لها لا قدح فيها ، لأنه لا يستوي من يحصل العلم بيسر وسهولة ،ومن يحصله بكد ،ومشقة ، وعناء... وأين مستوى هذا من ذاك ، وبهذا يشرف قدر العالم وتفضل منزلته ،ولو كان العلم كله بيناً لاستوى في علمه جميع من سمعه ، فيبطل التفاضل.
قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى:" من الأبواب مالو شئنا أن نشرحه حتى يستوي فيه القوي والضعيف لفعلنا ، ولكن يجب أن يكون للعالم مزية بعدنا ".
وقال بعضهم عن المتون:" حفظتْ من العلم جوهره ولبابه ، وقامت لا تزال بدورْها الكريم في مسرح التعليم ، من ذلك العصر البعيد إلى عصرنا الجديد".
7 ـ المتون تجمع حقائق العلم في ورقات يسهل حفظها ،ويسهل استحضارها في الدروس ، والمناسبات.
8 ـ قال صاحب النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة:" العالم إنما يمتاز بفهم الغامض ، وإدراك البعيد , وحلّ المستغلق ،وذلك لا يكون إلا بتعويد المرء على شيء من الصعاب ، ليمرن عقله على حل مايماثلها ، وكما أن المرء الرياضي لا يكون قوياً على حمل الأثقال إلا بالتعود على حمل أحمال ثقيلة متدرجاً في ذلك , كذلك لا يكون عقله قادراً على حل الصعاب إلا إذا عوّد عقه على حلّ مسائل عويصة متدرجاً في ذلك ".
9 ـ الذين يحيطون بالمتون ويتقنونها ولا يشتكون منها أقرب إلى الابتكار وإلى الاجتهاد من غيرهم ، ومن قال عن المتون: إنها غامضة وعميقة قد يكون كلامه هذا من عدم القدرة على الفهم.
10 ـ وجود بعض الناس ممن اعتنى بالمتون ولم يفلح ، لا يحكم به على الأكثر.
11 ـ الناظر في تراجم العلماء ، وكيفية طلب العلم بالنسبة لهم ، يدرك تماماً صحة هذه الطريقة.
12 ـ هذا الأسلوب من التصنيف يربي فضيلة البحث ، والتمحيص ، وينمي حلية الصبر والاعتماد على النفس ، ويعوّد على دقة الملاحظة.

أمةالله غير متواجد حالياً  
قديم 26-09-06, 08:36 PM   #10
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

عدم الاعتماد على الكتب:

على طالب العلم أن يأخذه عن أهله ولا يعتمد على الكتب وحدها.
قال الإمام الشافعي:"من دخل في العلم وحده خرج وحده ".

وقال ابن جماعة ـ بعد كلام له ـ:" ويشتغل بشرح تلك المحفوظات ،وليحذر من الاعماد في ذلك على الكتب أبداً ، بل يعتمد في كل فن من هو أحسن تعليماً له ،وأكثر تحقيقاً فيه ، وتحصيلاً منه ،وأخبرهم بالكتاب الذي قرأه ".

وقال أبو حيان النحوي رحمه الله تعالى:
أخا فهم لإدراك العلوم غوامض حيرت عقل الفهيم ضللت عن الصراط المستقيم تصير أضل من توما الحكيم يظن الغُمر أن الكتب تجدي وماعلم الجهول بأن فيها إذا رمت العلوم بغير شيخ وتشتبه الأمور عليك حتى

وقال النووي في المجموع ـ بعد كلام له عما ينبغي لطالب العلم:ـ
" ويعتني بتصحيح درسه الذي يتحفظه تصحياً متقناً على الشيخ... ولا يحفظ ابتداء من الكتب استقلالاً بل يصحح على الشيخ كما ذكرنا فالاستقلال بذلك من أضر المفاسد. وإلى هذا أشار الشافعي رحمه الله بقوله: من تفقه من الكتب ضيّع الأحكام ".

وقال الشاطبي:" من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام.. وإن كان الناس قد اختلفوا هل يمكن حصول العلم دون معلم أم لا ؟ فالإمكان مسلّم ،ولكن الواقع في مجاري العادات أن لابد من المعلم وهو متفق عليه في الجملة.. واتفاق الناس على ذلك في الوقوع وجريان العادة به كاف في أنه لابد منه ، وقد قالوا: إن العلم كان في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب وصارت مفاتحه بأيدي الرجال.

وهذا الكلام يقضي بأن لابد في تحصيله من الرجال إذ ليس وراء هاتين المرتبتين مرمى عندهم ، وأصل هذا في التصحيح " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء " الحديث ، فإذا كان كذلك فالرجال هم مفتاحه بلا شك "
وقال:" حسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالماً اشتهر في الناس الأخذ عنه ، إلا وله قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك ، وقلما وُجدت فرقة زائغة ، ولا أحد مخالف للسنة ، إلا وهومفارق لهذا الوصف. وبهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم الظاهري وأنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ ، ولا تأدب بآدابهم ، وبضد ذلك كان العلماء الراسخون كالأئمة الأربعة وأشباههم".

وقال:" فصل: وإذا ثبت أنه لابد من أخذ العلم عن أهله فلذلك طريقان: أحدهما المشافهة ،وهي أنفع الطريقين وأسلمهما لوجهين:
الأول: خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم يشهدها كل من زاول العلم والعلماء ، فكم من مسألة يقرؤها المتعلم في كتاب ، ويحفظها ، ويرددها على قلبه فلا يفهمك ، فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة وحصل له العلم بها بالحضرة ،وهذا الفهم يحصل إما بأمر عادي ، من قرائن أحوال ، وإيضاح موضع إشكال ، لم يخطر للمتعلم ببال ، وقد يحصل بأمر غير معتاد ، ولكن بأمر يهبه الله للمتعلم عند مثوله بين يدي المعلم ، ظاهر الفقر ، بادي الحاجة إلى مايلقى إليه.
وهذا ليس ينكر فقد نبه عليه الحديث الذي جاء:" أن الصحابة أنكروا أنفسهم عندما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم " وحديث حنظلة الأسيدي حين شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهم إذا كانوا عنده وفي مجلسه كا نوا على حالة يرضونها فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أنكم تكونون كما تكونون عندي لأظلتكم الملائكة بأجنحتها " وقد قال عمر بن الخطاب:" وافقت ربي في ثلاث " وهي من فوائد مجالسة العلماء إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم مالا يفتح له دونهم ويبقى ذلك النور لهم بمقدار مابقوا في متابعة معلمهم وتأدبهم معه واقتدائهم به ، فهذا الطريق نافع على كل تقدير..
الطريق الثاني: مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين ،وهو أيضاً نافع في بابه بشرطين:
الأول: أن يحصل لهمن فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ومعرفة اصطلاحات أهله مايتم له به النظر في الكتب ، وذلك يحصل بالطريق الأول من مشافهة العلماء أو مما هو راجع إليه ، وهو معنى قول من قال: كان العلم في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب ، ومفاتحه بأيدي الرجال.
والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئاً دون فتح العلماء ،وهومشاهد معتاد.
والشرط الثاني: أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد ، فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين ،وأصل ذلك التجربة والخبر.
أما التجربة فهو أمر مشاهد في أي علم كان ، فالمتأخر لا يبلغ من الرسوخ في علم ما مابلغه المتقدم ، وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي ، أونظري ، فأعمال المتقدمين في إصلاح دنياهم ، ودينهم ، على خلاف أعمال المتأخرين ، وعلومهم في التحقيق أقعد.
فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ، ليس كتحقق التابعين ، والتابعون ليسوا كتابعيهم ،وهكذا إلى الآن ، ومن طالع سيرهم ،وأقوالهم ، وحكاياتهم ، أبصر العجب في هذا المعنى.
وأما الخبر ففي الحديث:" خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم.." وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع مابعده كذلك..
فلذلك صارت كتب المتقدمين ،وكلامهم ،وسيرهم ، أنفع لمن أراد الأخذ بالاحتياط في العلم على أي نوع كان ، وخصوصاً علم الشريعة ، الذي هو العروة الوثقى ، والوَزَر الأحمى وبالله تعالى التوفيق).




الباب الأول ـ العلوم الشرعية


الفصل الأول ـ التفسير ومايتعلق به


1 ـ أصول التفسير.
2 ـ علم التفسير.
3 ـ علم القراءات.
4 ـ علم التجويد.
5 ـ علوم القرآن.



1 ـ أصول التفسير

ألّف جماعة من أهل العلم كتباً تتعلق بعلم التفسير يحسن بطالب العلم قراءة ماتيسر منها قبل أن يبدأ بالقراءة في فن التفسير ومن ذلك مايلي:

1 ـ مقدمة في أصول التفسير

لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني المتوفي سنة (728هـ) رحمه الله تعالى ، قال في أولها:" أما بعد فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه ،والتمييز في منقول ذلك ومعقوله بين الحق وأنواع الأباطيل ، والتنبيه على الدليل الفاصل بن الأقاويل ، فإن الكتب المصنفة في التفسير ، مشحونة بالغث والسمين ، والباطل الواضح ، والحق المبين ،وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من إملاء الفؤاد ، والله الهادي إلى سواء الرشاد " وقد طبعت هذه المقدمة عدة مرات منها:ـ
أ ـ في دمشق قامت بنشرها دار الآثار في دمشق بعناية الشيخ جميل الشطي رحمه الله تعالى.
ب ـ في المطبعة السلفية في مصر سنة (137هـ) ، (1372هـ) ، (1385هـ) ، (1397هـ) بتعليق الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله تعالى.
جـ ـ كما طبعت بتحقيق الدكتور عدنان زرزور نشر دار القرآن الكريم في الكويت ومؤسسة الرسالة في بيروت سنة (1392هـ).

شروحها:
ولهذه المقدمة عدة شروح منها:ـ
أ ـ شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين طبع باعتناء الشيخ عبد الله بن محمد الطيار نشرته دار الوطن بالرياض سنة (1415هـ) ، وللشيخ محمد أيضاً شرح مسجل على هذه المقدمة في خمسة أشرطة.
ب ـ كما شرحها الشيخ عبد المنعم إبراهيم في كتاب سماه " النكت المتممة لمقدمة ابن تيمية " قامت بنشره مكتبة نزار مصطفى الباز في مكة المكرمة ـ الرياض ـ الطبعة الأولى سنة (1418هـ).
جـ ـ وللشيخ محمد المديفر شرح مسجل على المقدمة المذكورة في ستة أشرطة.

2 ـ الإكسير في علم التفسير

للشيخ سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الصرصري البغدادي المتوفي سنة (716هـ) رحمه الله تعالى ، طبع في المطبعة النموذجية في مصر دون تاريخ بتحقيق الدكتور عبد القادر حسين في مجلد.

3 ـ التيسير في قواعد علم التفسير

تأليف العلامة الشيخ محمد بن سليمان الكافيجي المتوفي سنة (879هـ) رحمه الله تعالى ، طبع بتحقيق الشيخ ناصر بن محمد المطرودي ، نشر دار القلم في دمشق ،ودار الرفاعي في الرياض الطبعة الأولى سنة (1410هـ) في مجلد.

4 ـ التحبير في علم التفسير

لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفي سنة (911هـ) رحمه الله تعالى ، طبع بتحقيق الدكتور فتحي عبد القادر فريد نشرته دار العلوم للطباعة والنشر بالرياض سنة (1402هـ) في مجلد.

5 ـ القواعد الحسان لتفسير القرآن

للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي المتوفي صنة (1376هـ) رحمه الله تعالى ، اشتملت على سبعين قاعدة من قواعد التفسير ، طبعت في مطبعة أنصار السنة المحمدية في مصر سنة (1366هـ) بتصحيح الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى ، كما نشرتها ثانية مكتبة المعارف في الرياض سنة (1400هـ).
وللشيخ محمد بن صالح العثيمين شرح مسجل على هذه القواعد في اثنى عشر شريطاً.

6 ـ منظومة التفسير

تأليف الشيخ عبد العزيز الرئيس الزمزمي عز الدين أبي علي البيضاوي الشيرازي الأصل ثم المكي الزمزمي الشافعي المتوفي سنة (976هـ) رحمه الله تعالى ، وهي نظم لما أودعه السيوطي في كتابه النقاية ، كما قال في مقدمتها:
أفردت نظماً من النقاية مهذباً نظامها في غاية
شرح هذه المنظومة الشيخ محمد بن علي بن عبد الرحمن المساري الحضرمي المتوفي سنة (1354هـ) رحمه الله تعالى ، واسم شرحه نهج التيسير شرح منظومة الزمزمي في أصول التفسير.
وقد ألف الشيخ علوي بن عباس المالكي المتوفي سنة (1391هـ) رحمه الله تعالى حاشية على هذا الشرح سماها " فيض الخبير وخلاصة التقرير".
كما قام الشيخ محمد ياسين بن عيسى الفاداني المكي المتوفي سنة (1411هـ) رحمه الله تعالى بوضع حاشية على المنظومة المذكورة.
طبعت المنظومة المذكورة وشرحها والحاشيتان عليه في مؤسسة خالد للتجارة والطباعة في الرياض دون تاريخ.
كما قام الشيخ محمد يحيى بن الشيخ أمان بشرح هذه المنظومة في كتابه التيسير شرح منظومة التفسير ، طبع هذا الشرح في مطبعة مصطفى محمد صاحب المكتبة التجارية الكبرى في مصر سنة (1355هـ).
أمةالله غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 1
ريما أحمد
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[بحث] فوائد من فقه الصيام لبنى أحمد فقه الصيام 12 11-12-13 02:23 AM
أحوال الأشقياء والمقتصدين والأبرار والسابقين أم عبيدة روضة التزكية والرقائق 0 07-12-07 03:59 AM


الساعة الآن 12:01 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .