العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة مكتبة طالبة العلم > مكتبة طالبة العلم الصوتية

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-08-10, 04:28 PM   #1
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


قلوب الصائمين


الصبــــــــــــــــــــــر


الحمد لله يأمر وينهى ..ويقضي ويحكم .. لا رادَّ لما قضى ولا معقّب لما حكم .. والصلاة والسلام على رسوله..

أما بعــــــــــد ..



فإن من أعمال القلوب التي يتقرّب المؤمنون بها إلى ربهم جلّ وعلا ..الصبر وعدم الجزع ..



فإن الصبر من أخلاق النفوس الأبيّة ، ومن صفات القلوب المخلصة ، والصبر حبس النفس عن التجزّع سواءًفي أوامر الله الشرعية أو أقداره الكونية ، قال عبيد ابن عُمير:[ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب ، ولكنّ الجزع القول السيئ والظن السيئ ] وقد قال الله جل وعلا عن أم موسى )وَلَولا أن رَبَطنَا عَلَىَ قَلبِهَالِتَكُونَ مِنَ المُؤمِنِين( أي ثبتناها بالصبر وبإبعاد الجزع عنها فإن العبد إذا أصابته مصيبة فصبر ولم يجزع زاد ذلك من إيمانه ، فدلّ على أن استمرار الجزع مع العبد دليل على ضعف إيمانه ، وفي الخبر { إذا أحب الله قومًا ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع} .

ومن طرق علاج الجزع .. نسيان المصائب مع اليقين بأن ما عند الله أفضل وأبرك ، وعند الله جل وعلا الخلف لكل مصيبة .

ومن علاج الجزع .. التخلّق بخلق الصبر وعدم الشكوى إلى الخلق من أقدار الله المؤلمة ، وإنما يشكوا العبد إلى ربه جلّ وعلا .

ومن علاج الجزع .. ملاحظة صنع الله في عباده ، مما يتمكن المرء معه من علاج جزعه .

ومن طرق علاج الجزع .. أن يتذكر المرء مقارنة الظفر والفوز بالصبر، فإن الله جل وعلا قد وعد الصابرين بالفوز والظفر .

ومن أعظم علاج الجزع .. الإكثار من الصلاة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وقد قال الله تعالى ) إنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعَا إذَا مَسَّهُ الشَرَُ جَزُوعَا وإذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنُوعَا إلاالمُصَلّين الّذِينَ هُم عَلَىَ صَلاتِهِم دَائِمُون( وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ يا بلال أرحنابالصلاة} .

ومن أنواع علاج الجزع .. الإكثار من ذكر الله تعالى كما قال سبحانه ) ألا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُ القُلُوب ( .

وكذلك من طرق علاج الجزع .. الإيمان بالقضاء والقدر ، بأن يعلم العبد أن ما قدّره الله عليه فلا مناص له منه ،ولا مهرب منه مهما فعل من الأسباب .

ومن علاج الجزع .. أن يعرف العبد أن الجزع يضرّه ولا ينفعه ، وقد جاء في حديث محمود ابن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{إذا أحب الله قومًا ابتلاهم ، فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع} وكتب محمود ابن لبيد لمعاذ :[ إن احتسبته (يعني ولده الذي مات ) فاصبر ولا يُحبط جزعُك أجرك فتندم ، واعلم أن الجزع لا يردُّ شيئا ولا يدفع حُزنا ] ، وقال عمر ابن عبد العزيز :[ الصبر أقرب إلى الله وسيلة ، وليس الجزع بمحيي من مات ، ولا برادِّ ما فات ] .

وليعلم المصاب بأي مصيبة أن الجزع لا يرد المصيبة التي قدّرها الله ، بل إن الجزع يُضاعف المصيبة ، والجزع في الحقيقة يزيد في مصيبة العبد ، فالجزع يُشمت العدو ويسوء الصديق ، ويُغضب الربَّ ، ويُسرُّ الشيطان ، ويُحبط الأجر ، ويُضعف النفس .. ولذلك جاءت النصوص الشرعية بالأمر بالصبر .

إن لترك الجزع مع التخلّق بالصبر .. فــوائــــــــــد عـــظــيـمـــة : ـــ

1-فهو من صفات الصادقين المتقين كما قال سبحانه ) والصَابِرِينَ فِي البَأسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأس أولَئِكَ الّذِينَصَدَقُوا وَأولَئِكَ هُمُ المُتَّقُون( .

2-الصابر يعظم أجره عند ربه كما قال تعالى ) إنما يُوفَّىَ الصَابِرُونَ أجرَهُم بِغَيرِ حِسَاب ( .

3-الصابر محبوب عند الله ، كما قال سبحانه) واللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين ( ، ولذا كان من صفات المفلحين التواصي بالصبر كما قال جل وعلا ) وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وتَوَاصَوا بِالصَّبر( .

4-الإمامة في الدين إنما تُنال بصفات منها الصبر، كما قال سبحانه ) وَجَعَلنَا مِنهُم أئِمَّةٍ يَهدُونَ بِأمرِنا لَمَّا صَبَرُواوَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون ( .

5- وقد وعد الله الصابرين بأن يكون الله معهم مؤيدًا وناصرا ، قال تعالى ) يَا أيُّهَا الّذِينَآمَنُوا استَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِين ( وقال جل وعلا ) وَبَشِّرِ الصَّابِرِين( ، ومن هنا فقد بشّر الله جلّ وعلا الصابرين بالرحمة والهدى كما قال سبحانه ) وبَشّرِ الصَّابِرِين الّذينَ إذَا أصَابَتهُم مُصِيِبَةٌ قَالُوا إنَّا للهِ وإنَّا إلَيهِ رَاجِعُون أولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ من رَبِّهِم وَرَحمَة وَأولَئكَ هُمُ المُهتَدُون ( .

6-الصبر من أسباب دخول الجنّة كما قال تعالى ) إنِّي جَزَيتُهُمُ اليَومَ بِمَا صَبَرُوا أنَّهم هُمُ الفَائِزُون ( وقال جل وعلا ) سَلامٌ عَلَيكُم بِمَا صَبرتُم فَنِعمَ عُقبى الدَار ( .

7-الصبر من أسباب الظفر والنصر في الدنيا ، جاء في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرا ، وأن النصر مع الصبر } .

8-الصابرون يجعلهم الله يُفكّرون في العواقب ، ويُدركون مآلات الأمور كما قال سبحانه ) إنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّصَبَّارٍ شَكُور (.

9-الصبر مع التقوى .. يحصل بهما فوائـــــد عــظيـــــمة ، وثمرات جزيلة كما قال سبحانه ) وإن تَصّبِرُوا وَتَتّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُور ( وقال) إنَّهُ من يَتَّقِي ويَصبِر فإنَّ اللهَ لا يُضيِعُ أجرَ المُحسِنِين ( وقال ) وإن تَصبِرُواوتَتَّقُوا لا يَضُرّكُم كَيدَهُم شَيئَا ( وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{من يصبر يُصبِّره الله ، وماأعطيَ العبد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر} متفق عليه ، وفي صحيح مسلم :{الصبر ضيــــــــاء} وقال سبحانه ) ولَمَن صَبَرَ وَغفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِن عَزمِ الأمُور (.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :{عجبًالأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إنأصابته سرّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له} كما رواه الإمام مسلم في صحيحه .



إن الجزع وترك الصبر يورد الإنسان المهالك ، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزِعَ فأخذ سكيناً فحزَّ بها يده فما رقئ الدم حتى مات ، فقال الله تعالى بادرني عبديبنفسه ، حرّمت عليه الجنة} .

أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإيّاكم الصبر .. وأن يبعد عنا الجزع ..
هذا والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...



توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-10, 04:29 PM   #2
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


قلوب الصائمين


الحيـــــــــــــــــــاء


الحمد لله لا يستحيي من بيان الحق وتوضيحه )إنَّ اللهَ لا يَستَحيِي أنْ يَضرِبَ مَثَلا ًمَا بَعُوضَة ً فَمَا فَوقَهَا(..والصلاة والسلام على أشرف أنبياءه ورسوله..

أما بعــــــــــــد...

إن قلوب المؤمنين تتصف بصفة الحيـــاء .. فهي تستحي من الله ، وتستحي من عباد الله .. والصــوم من الأعمال الصالحة التي تزيد من وجود الحيـــاء في القلوب ، وبالحيـــاء يعظم أجر الصائم ويكثر ثوابه .

الحيــــاء صفة تدفع إلى الإعراض عن القبيح ترفّعا ًعنه ، الحيـــاء مشتق من الحياة ، فإن القلب الحي يكون صاحبه حيّا ، فيه حياء ٌ يمنعه عن القبائح ، فإن حياة القلوب هي المانعة من القبائح التي تُفسد القلب ، إذ إنّ الحي يدفع ما يؤذيه بخلاف الميت الذي لا حياة فيه فإنه يُسمى وقحا ، والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالط لرطوبة الحيـــاء ، فإذا كان وقحا ًيابسا ًصليب الوجه لم يكن في قلبه حياء توجب حياءه وامتناعه من القبيح .

الحيـــــــــاء مادّة حياة القلب .. وهو أصل كل خير، وذهاب الحياء ذهاب الخير أجمع ، إن الذنوب تُضعف الحيـــاء عند العبد حتى ربما انسلخ من الحيـــاء بالكليّة بسبب الذنوب ، بحيث لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ..

من استحيى من الله عند معصيته .. استحيى الله من عقوبته يوم لقاه .. خلق الحيـــاء من أفضل الأخلاق وأجلّها وأعظمها قدرا وأكثرها نفعا ، بل إن خلق الحيـــاء هو خاصيّة الإنسانية ، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم .

ولولا خُلُقُ الحيـــاء الفاضل .. لم يكرم الضيف ولم يوفى بالوعد ولم تؤدّى أمانة ، ولم تُقضى لأحد حاجة ، ولا تحرّى الرجل الجميل فآثره ، ولا ستر لغيره عورة ، ولا امتنع من فاحشة .

كثير من الناس لولا الحيـــــــاء لم يؤدٍّ شيئا ً من الأمور المفترضة عليه ، ولم يرعَ لمخلوق حقّا ، ولم يصل رحما ًولا بر والدا ، لأن الباعث على هذه الأمور إما أن يكون دينيًا وهو رجاء عاقبتها الحميدة في الآخرة ، وإما أن يكون دنيويا ًعلويا وهو حيــاء فاعلها من الخلق ، فلولا الحيـــاء إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعل صاحبها تلك الفضائل ..

إن الحيــــاء نور في قلب العبد .. يجعله ذلك الخلق يرى أنه واقف بين يدي ربّه ، فيستحي من الله في خلواته فضلا ًعن غيرها ، جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ إن مما ورث الناس من كلام النبوّة الأولى إذا لم تستحي ..فاصنع ما شئت } .

ومما يبعث على الحيـــاء .. أن الله عزّ وجل يحب الحيـــاء ويأمر به ، ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم :{الحيـــــــاء شعبـــة من الإيمــــان } ، وفيهما {الحيـــــاء خير كله } ..

ومما يدفع إلى الحيــاء .. أن يعلم العبد أن أنبياء الله عليهم السلام يتصفون بصفة الحيـــاء ، ففي الصحيح أن موسى عليه السلام كان حييّا ًستّيرا لا يُرى من جلده شيء استحياءً من الله ، وفي الصحيحين [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حيـــاءً من العذراء في خدرها ] يعني المرأة غير المتزوجة أو في ليلة زواجها في خدرها فإنه يكون في قلبها من الحياء ما الله به عليم .. وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن عثمان رضي الله عنه : { ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة } وقال أنس :{ كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحيـــــــاء}

من الأمــور الدافــــعـة إلى أن يتخلّق الإنسان بخلق الحيــــاء .. أن يرى العبد كثرة نعم الله عليه مع تقصيره في جناب ربّه ، فإذا قارن العبد بين نعم الله وبين تقصيره توّلد من ذلك الحيــــــاء من الله .

إن من أسباب وجود الحيــــــــاء في قلوب المؤمنين .. أن يستشعر العبد اطلاع الله عليه بحيث يجعله ذلك يستحيي من ربه ، فإن العبد متى علم أن الربّ جل وعلا ينظر إليه ويطّلع على جميع شأنه أورثه ذلك الحيـــــاء من الله .

إن شدّة محبة العبد لربه تجعله يستحيي من الله .. إذ إن نفس المؤمن لا تُطاوعه على إلقاء جلباب الحيـــــاء عند محبوبه جلّ وعلا .

ومن الأمور الدافــــعـة إلى التخلق بخلق الحيــــــــاء .. كثرة المنافع والفوائد التي يجلبها الحيـــاء ، ففي الصحيحين من حديث عمران ابن حصين رضي الله عنهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم :{الحيـــاء لا يأتي إلا بخير } وفي السنن { ما كان الحيـــــاء في شيء قط إلا زانه } .

الحيــــــاء يجعل النفس تتحمل أعباء الطاعات ..

الحيـــــاء يُبعد العبد عن معاصي الله ..

الحيـــــــاء يكفّ النفس عن كل ما يشين ويقدح ..

الحيـــــــاء يُلبس العبد ثوب الوقار وثياب المروءة ..

قد يقترن بالكبيرة من الحيــــــــاء من الله والخوف منه سبحانه والاستعظام لذلك الذنب ما يُلحق تلك الكبيرة بالصغائر ، وقد يقترن بالصغيرة من قلّة الحيــــاء ما يلحقها بالكبائر ، بل قد يجعلها في أشنع رُتَبِهَا اعتبارا ًبما في القلب ، جاء في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ استحيوا من الله حق الحيــــــاء ..فقالوا : يا رسول الله إنّا نستحيي والحمد لله . قال : ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحيــــاء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوا ولتذكر الموت والبِلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحيـــــاء } ، وروى احمد في الزهد أن رجلا ًقال للنبي صلى الله عليه وسلم : { أوصني . قال : أوصيك أن تستحيا من الله كما تستحيي رجلا ًمن صالح قومك } ، قال عبيد ابن عُمير : [ آثر الحيـــــــــاء من الله على الحياء من الناس ] ..

الذنوب تُضعف الحيـــــــــــاء من العبد ، حتى ربما انسلخ من الحيـــــــاء بالكليّة ، حتى ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ، ولا باطلاعهم عليه ، إن بين الذنوب وبين قلّة الحيـــاء وعدم الغيرة تلازما ًعجيبا ًمن الطرفين وكلٌ منهما يستدعي الآخر ويطلبه ..من استحيى من الله عند معصيته ، استحيى الله من عقوبته يوم يلقاه .

إن من الحيــــــــــاء نصيحة الخلق ..والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن حياءك من الله أعظم من خوفك من خلقه ، ترك ذلك عجز وخَوَر ليس من الحيـــاء المشروع في شيء .

ومن الحيـــاء أن تستحيّ أن تطلب غير مولاك ، وأن تعرض حوائجك على أحد سواه ، قال عمر رضي الله عنه :[ من قلّ حياءه قلّ ورعه ، ومن قلّ ورعه مات قلبه ] ، وقالت عائشة رضي الله عنها :[ خلال المكارم عشر تكون في الرجل ولا تكون في ولده ، وتكون في العبد ولا تكون في سيّده يجعلها إليه حيث يشاء :

أولها : صـدق الحديث ، وثانيها : صدق البأس ، وثالثها : المكافأة بالصنائع ، ورابعها : حفظ الأمانة ، وخامسها : صلة الرحم ، وسادسها : تذمم للجار ، وسابعها : التذمم للصاحب ، وثامنها : إعطاء السائل ، وتاسعها : إقراء الضيف، وعاشرهن قالت : ورأسهنَّ الحيـــــــــــاء] ، وقال أبو أيوب الأنصاري : [ أربع من سنن المرسلين.. التعطر والنكاح والسواك والحيـــاء] ..

أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإيّاكم لخيري الدنيا والآخرة .. وأن يجعلنا وإيّاكم من أهل الحيــــــــــــاء , اللهم أنشر الحيـــــــــــاء في أمة نبيك ..
هذا والله أعلم ....وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-08-10, 01:40 AM   #3
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بــســــم الــله الـــرحــمـن الـرحــيـــم


قــــلـــوب الصــــائـــمـــيـــن


محبـــــــــــــــة المؤمنــــــــــــيــــن




الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..

أما بعــــــــــــد...



فإن من العبادات القلبية التي يؤجر العبد عليها .. محبــــــــــة المؤمنيـــــــــن .. بأن يكون بين العبد وبين غيره من المؤمنين مودّة ، يفرح بلقائهم ، ويستبشر برؤيتهم ، ويُسرُّ بوصول الخير إليهم ، ويتعاون معهم ..

جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم { ذكر أن رجلاً زار أخا له في قرية أخرى ، فأرصد الله على مدرجته (أي طريقه ) ملكا ، فلما أتى عليه قال الملك : أين تريد ؟ قال :أريد أخا ًلي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نعمة تردّها إليه ؟ قال: لا ..غير أني أحببته في الله تعالى ، قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبّك كما أحببته فيه }.



إن الأخوّة الإيمانية ..تنطلق بين المؤمنين فتجعل بينهم المحبة والألفة ، ومن ثم يوجد بينهم الأخلاق الفاضلة وحسن العشرة وكريم الصحبة ، جاء في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ المؤمن مألفة ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف } .



إن من أسباب انتشار المحبة بين المؤمنين .. أن يفشوا السلام بينهم ، فيسلم المرء على من عرف ومن لم يعرف من المؤمنين ، جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ لا تدخلون الجنة حتى تُؤمنوا ، ولا تُؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟! أفشوا السلام بينكم}.



إن من أسباب وجود المحبة بين المؤمنين .. أن يُهدي بعضهم إلى بعض كما في الحديث { تهادَوا تحابّوا } جاء عند الطبراني مرفوعا { ثلاث يصفّين لك ودّ أخيك : تُسلّم عليه إذا لقيته ، وتُوسّع له في المجلس ، وتدعوه بأحب أسماءه إليه } وفيه عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ إن من عباد الله لأناس ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله .. قالوا : يا رسول الله تُخبرنا من هم ؟ قال : هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها ، فوا لله إن وجوههم لنور ، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، أولئك أولياء الله ، ثم قرأ ]ألا إنَّ أولِيَاءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُون(.



جاء في سنن أبي داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله } روى الإمام مالك في الموطئ بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ قال الله عز وجل : وجبت محبتي للمتحابين فيّا ، والمتجالسين فيّا ، والمتزاورين فيّا ، والمتباذلين فيّا ، فالمتحابون يُحبهم الرحمن متى كان تحابهم لله } .



محبة المؤمنين لبعضهم .. توجد حلاوة الإيمان في القلب ، كما في الصحيح { ثلاث من كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ...} الحديث .



إن محبة المؤمنين لبعضهم .. من أسباب كونهم يستظلّون في يوم القيامة ، حيث تدنو الشمس من الرؤوس ،ويلجم العرق بعض العباد كما جاء في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، وذكر منهم رجلين تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه} ، وفي صحيح مسلم :{ يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي .. اليوم أظلّهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي } وفي الترمذي بسند جيد :{ قال الله : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء } .



إن انتشار المحبة الإيمانية والتآلف بين المؤمنين من أكبر نعم الله تعالى على عباده المسلمين ، قال تعالى )واعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعَاً ولا تَفَرَّقُوا واذكُرُوا نِعمَتَ اللهِ عَلَيكُم إذ كُنتُم أعدَاءً فَألّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَأصبَحتُم بِنِعمَتِهِإخوَانَا ( وقال سبحانه ) وإن يُريِدُوا أن يخدَعُوك فإنَّ حَسبَكَ الله هُوَ الّذِي أيّدَكَ بِنَصرِهِ وبِالمُؤمِنِين وألّفَ بَينَ قُلُوبِهِم لَو أنفَقتَ مَا فِي الأرضِ جَمِيعَاً ًمَا ألّفتَ بَينَ قُلُوبِهم ولَكنَّ اللهَ ألّفَ بَينَهُم إنّهُ عَزيزٌ حَكِيم ( .



ولنشر الأخوة والمحبة الإيمانية .. جاءت الشريعة بالترغيب في الأخلاق الفاضلة والأقوال الطيبة ، بل رغّبت الشريعة في الإصلاح بين المتخاصمَين كما قال سبحانه ] لا خَيرَ في كَثِيرٍ مِن نَجواهُم إلا مَن أمَرَ بِصَدقَةٍ أومَعروفٍ أو إصلاحٍ بَينَ النّاس ومَن يَفعَل ذَلِكَ ابتِغَاءَ مَرضَاةِ الله فَسَوفَ نُؤتِيهِ أجرَا ًعَظِيمَا( وقال سبحانه ) فاتَّقُوااللهَ وأصلِحُوا ذَاتَ بينِكُم( .

إن نعمة المحبة في الله منّة من الله وهبة منه سبحانه ، كما قال جل وعلا ) واذكُرُوا نِعمَتَ اللهِ عَلَيكُم إذ كُنتُم أعدَاءً فَألّفَبَينَ قُلُوبِكُم فأصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إخوانَا ( قال ابن مسعود :[ كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلمهم هؤلاء الكلمات : اللهم أصلح ذات بيننا وألّف بين قلوبنا ] .



إن المحبة الإيمانية .. تزيد في تماسك المسلمين وتآلفهم ، واجتماعهم وقوتهم ، وتجعل بعضهم يعين بعضهم الآخر على الخير ، وبذلك تسلم قلوبهم وتطمئن نفوسهم ، ويرضى عنهم رب العزّة والجلال .



إن من مقتضى المحبة الإيمانية .. أن يحب العبد المؤمن أن يصل لإخوانه الآخرين الخير ، كما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ لا يؤمن أحدكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه } .



إن من أسباب زوال المحبة الإيمانية .. أن يترك المؤمنون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن بني إسرائيل أول ما وقع فيهم النقص أنه كان الرجل يرى أخاه على الذنب فينهاه عنه ، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى أن يكون أكيله وشريبه وخليطه ، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض .



جاء في الصحيح من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ، لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام } وما ذاك إلا لأن الشيطان حريص على إيجاد العداوة بين المؤمنين ، وإبعاد الأخوة الإيمانية ، وذلك بما يفعله الشيطان من بذل الأسباب المؤدية للبغضاء بينهم ، قال تعالى ) إنّمَا يُرِيدُ الشَيطَانُ أن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ و البَغضَاءَ فِي الخَمرِ والميسِرِ ويَصُدّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِالصَلاةِ فَهَل أنتُم مُنتَهُون( وقال سبحانه )وقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا التي هِيَ أحسَن إنَّ الشَيطَانَ يَنزَغُ بَينَهُم إنَّالشَيطَانَ كَانَ للإنسَانِ عَدُوّاً مُبِينَا( .



جاء في السنن من حديث الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ، والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أنبئكم بما يثبّت ذلك لكم أفشوا السلام بينكم } .

فمن هنا يجب على المؤمنين أن يستشعروا التقرّب لله جل وعلا بإيجاد المحبة بينهم وبين إخوانهم المؤمنين ، فذلك من أعظم العبادات التي يتقرّب بها المؤمنون إلى ربهم جلّ وعلا ...



اللهم اجعل في قلوبنا محبة المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها ..
هذا والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....
--
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-08-10, 01:43 AM   #4
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بـــسـم اللــه الـرحــمــن الرحــيـــم


قـــلـــوب الصـــــــائــمــــيـــن


التــضــرَّع و الخضــوع




الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..

أما بعـــــــــد..

فإن من الأعمال الصالحة التي تتقرب القلوب بها إلى الله جل وعلا ، وخصوصًا في هذا الشهر المبارك ، شهر رمضــــــــــان ..التضرع والخضوع بين يدي الله جل وعلا ..



والمراد بالتضرع.. التدلل لله تعالى والخضوع له ، والانكسار بين يديه محبًة وتعظيمًا ، فإن دين الإسلام مبني على هذا المعنى ، إذ إن تعريف الإسلام هو الاستسلام لله وحده ، فأصل الاستسلام يكون في القلب بالخضوع لله وحده ، وبعبادته سبحانه وحده دون من سواه .

ومن هنا ..فإن الناظر في النصوص الشرعية يجد أنها ترغبّ في التضرّع بين يدي الله والإخبات له سبحانه ، فالتضرّع يكون في الدعاء كما قال تعالى ) ادعُوا رَبَّكُم تَضَرُّعًاً وخُفيَة إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدِين (والتضرع يكونعند ذكر الله تعالى كما قال سبحانه) وَاذكُر رَبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعًا وخِيفة وَدُونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ بِالغُدُوِّ والآصَالِ وَلا تَكُ مِنَ الغَافِلِين (،وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى أداء الصلاة أن يكون متضرّعًا خاضعًا ، وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما صفة النبي صلى الله عليه وسلم عند ذهابه لصلاة الاستسقاء ، وكان من ذلك أنه يذهب متخشّعًا متخضّعًا متضرّعا ..



إن الله تعالى يرسل المصائب للناس لعلهم يخضعون لربهم جل وعلا ، كما قال سبحانه ) وَلَقَد أرسَلنَا إلىَ أمَمٍ مِنقَبلِكَ فَأخَذنَاهُم بِالبَأسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُون فَلَولاَ إذ جَاءَهُم بَأسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكن قَسَت قُلُوبُهُم(وقال سبحانه) قُل مَن يُنَجِيكُم مِن ظُلُمَاتِ البَرِّ والبَحرِ تدعُونَهُ تَضَرُّعًا وخُفيَة لئِن أنجانَا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَاكِرِينقُلِ اللهِ يُنَجّيِكُم مِنهَا ومَن كُلِّ كَربٍ ثُمَّ أنتُم تُشرِكُون (وقال سبحانه) وَمَا أرسَلنَا فِي قَريَةٍ مِن نَبِي إلا أخذنَا أهلَهَابِالبَأسَاءِ والضَّرَّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعُون (وقال الله جل وعلا مبيناً ًحال أهل الإيمان عند وصول النصوص الشرعيةإليهم) وَليَعلَمَ الّذِينَ أتُوا العِلمَ أنَّهُ الحَقَّ مِن رَبِّك فَيُؤمِنُوا بهِ فَتُخبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم وإنَّ اللهَ لَهَادِي الّذينَ آمَنُوا إلىَ صِرَاطٍمُستَقِيم (ويقول سبحانه مُبينًا ثمرات الإخبات إلى الله والخضوع له جل وعلا) إنَّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصّالِحَاتِ وَأخبَتُوا إلَىَ رَبِّهِم أولَئِكَ أصحَابُ الجَنّة هُم فِيهَا خَالِدُون (ويقول جل وعلا) وبَشِّرِ المُخبِتِين (..

قال ابن عباس :[ هم المتواضعون ] وقال غيره : [ المتضرعون ] .



الإخبات إلى الله .. يورث الطمأنينة ، والثقة بالله وحسن الظن به سبحانه ، والإخبات إلى الله يقطع تعلّق القلب بغير الله ..



ومن مظاهر الخضوع لله والإخبات بين يديه .. الركوع والسجود الّلذان يدلّان على غاية الخضوع لله ، الخاشع المتضرع يسأل الله مسألة المسكين الذليل الذي انكسر قلبه ، وذلّت جوارحه ، وخشع صوته حتى إنه لا يكاد تبلغ ذلّتُه ومسكنته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه .



ومن أكبر الدواء لما يصيب الإنسان من البلاء .. التضرع لله وحده ، لا سيّما في أوقات الإجابة ..

إن قلوب العابدين تُحصّل في أوقات السحر من الرقة والتضرع وحلاوة العبادة ، ما يجعل العبد يحسّ بمخاطبته لربه ..



إن العبد المؤمن يحركه إلى التضرع والخضوع لله .. مشاهدة قدرة الله .. واستحضار عظمة الله وغناه .. مع معرفة العبد بشدّة حاجته إلى ربه جل وعلا ، وفقره إليه ، واضطراره لمعونته مع ما لدينا من نقص وتقصير..



إن التضرع بين يدي الله.. يجعل القلب حاضرا ًحال مخاطبتنا مع الله جل وعلا ، قال ابن القيم : [ إذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب واجتماعه بكلّيّته على المطلوب ، وصادف وقتا ًمن أوقات الإجابة ، وصادف خشوعا ًفي القلب ، وانكسارا ًبين يدي الرب ، وذلّا ًله وتضرعا ًورغبة ، واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ، ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنّى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله وألحّ عليه في المسألة ، وتملّقه ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدّم بين يدي دعاءه صدقة ، فإن هذا الدعاء لا يكاد يُردُّ أبدا ولا سيما إن كان الدعاء بالأدعية المأثورة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها متضمنة للاسم الأعظم ] .



في الدعاء من الفائدة .. التضرع بين يدي الله جلّ وعلا ، وذلك منتهى العبادات ، فالدعاء يرد القلب إلى الله بالتضرع والاستكانة ، ولذلك كان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، لأن الدعاء يرد القلوب إلى الله بالاستكانة والتذلل .



إن ترغيب الشارع في إخفاء بعض العبادات لتكون أعظم في التضرع بين يدي الله ، وأقرب إلى حضور القلب مع الله ، وأبعد عن الرياء والمباهاة ، وأعون على تدبر معنى ما يدعو به الإنسان أو يذكر به ربه ، فيكون ذلك سببا ًمن أسباب علوّ درجته في دنياه وأخراه .

أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من المتضرعين بين يدي الله في كل حين .. كما أسأله جل وعلا أن يصلح قلوبنا ، وأن يجعلها متعلقة بالله جل وعلا ..



هذا والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .....
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-10, 02:26 PM   #5
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بـــســـم اللـه الــرحــمــن الــرحــيــم


قــــــــلـــــوب الصائــــميـــــــــن


فـضيـلــة الشـــيخ ســعــد ابـن نـاصـر الشـثــري


الــــــــرجــــــــــــاء



الحمد الله الرؤوف الرحيم .. المؤمل بكشف الملمات .. والمرجو برفع الدرجات .. وأشهد أن لا إله إلا الله نرجو رحمته ونخاف من سوء أعمالنا .. وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما ً كثيرا .

أما بعد ..

فإن من عبادات القلوب ..رجاء رحمة علاّم الغيوب ، قال تعالى) أولئكَ الّذينَ يَدعُونَ يَبتَغُونَ إلىَ رَبّهِمُ الوَسِيلَة أيّهُم أقَرَب وَيَرجُونَ رَحمَتَه وَيَخَافُونَ عَذَابَه ( وفي الصحيح يقول النبي صلّى الله عليه وسلم :{ لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ويقول :{ قال الله عزّ وجل : أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء }.


قال ابن القيم :{ الرجاء حاد يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب وهو الله والدار الآخرة }، أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل ، كرجاء المطيع لثواب ربه ، أو رجاء كائد لمغفرته وعفوه .

الرجاء ضروري للمريد السالك ، والعارف لو فارقه لحظة لتلف أو كاد ، فإنه دائر بين ذنب يرجو غفرانه ، وعيب يرجو إصلاحه ، وعمل صالح يرجو قبوله ، واستقامة يرجو حصولها ودوامها ، وقرب من الله وعلو منزلة عنده يرجو وصوله إليها.


الرجاء من الأسباب التي ينال العبد بها ما يرجوه من ربه .. بل هو أقوى الأسباب ، وفي قوله تعالى ) إن الّذينَ آمَنُوا والّذينَ هَاجَرُوا وجَاهَدُوا في سَبيلِ اللهِ أولئكَ يَرجُونَ رَحمَةَ الله ( دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بالقيام بالأعمال ، وأما الرجاء المقارن بالكسل فهو غرور وأمن من مكر الله وهو دال على ضعف الهمّة ، ونقص العقل ، وفي الآية دلالة على أن العبد لا يعتمد على عمله ، ولا يعّول عليه ، بل يرجو رحمة ربه .

حسن الظن ..وعظم الرجاء .. أحسن ما تزود به المؤمنون لقدومهم على ربهم جلَّ وعلا .. قوة الرجاء بالله أمان لكل خائف ، ومما يدعو إلى زيادة الرجاء في الله وفي فضله التعرف على أسماء الله ، التي تجعل القلب يرجو رحمة الله جلَّ وعلا فهو سبحانه البر الرحيم ، وهو سبحانه الغفور الرحيم ، وهو سبحانه العفو الكريم ، وهو سبحانه المحسن الحليم ، وهو سبحانه المعطي الجواد ، وهو سبحانه الوهاب الرزاق .


إذا علم العبد أن رحمة الله واسعة ، دعاه ذلك إلى أن يكون قلبه معلّقاً برجاء الله ، قال تعالى) إنَّ رَحمَتِي وَسِعَت كُلّ شَيء ( وفي الحديث الصحيح قال النبي صلّى الله عليه وسلم :{ لما قضى الله الخلق ، كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي }.

إن استشعار العبد لعبوديته لربه ، وفقره إليه ، وحاجته لما يرجوه من ربه ، ويستشرفه من إحسانه ، وأنه لا يستغني عن فضل الله وإحسانه طرفة عين ، يدعوه إلى أن يملئ قلبه من رجاء الله تعالى .

إذا عرف العبد أن الله تعالى يحب العبد متى رجاه وسأله ، فإنه سيكون من الراجين السائلين ..

من أسباب تحصيل الرجاء .. أن يشاهد العبد عظم فضل الله عليه ، وعموم إحسانه في نفسه وعلى غيره ، فكم من نعمة أنعمها عليك ربك أيها العبد ، وكم من خير أوصله إلى غيرك ، قال تعالى )وإمّا تُعرِضنَّ عَنهُم ابتِغَاء رَحمَةٍ مِن رَبّكَ تَرجُوهَا فَقُل لَهُم قَولاً مَيسُورَا( .


ومن أسباب تحصيل رجاء الله تعالى .. أن يستحضر المؤمن وعد الله للمؤمنين بخيري الدنيا والآخرة ، قال تعالى )وبَشّرِ المُؤمِنِينَ بِأنَّ لَهُم مِن اللهِ فَضَلاً كَبِيرَا ( وقال سبحانه ) و الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَالِحَات فِي رَوضَاتِ الجَنّات لَهُم مَا يَشَاءُونَ عِندَ رَبّهِم ذَلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبِير( .


ومن أسباب تحصيل العبد لرجاء الله تعالى .. أن يعلم أن الله تعالى يغفر ذنوب العباد التائبين مهما تعاظمت ، قال تعالى )قُل يَا عِبَادِي الّذينَ أسرَفُوا عَلَى أنفُسِهِم لا تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ الله إنَّ اللهَ يَغِفرُ الذُنُوبَ جَمِيعَا (.


إذا لاحظ العبد سنّة الله في الكون، بنصر أولياءه المؤمنين ، ازداد قلبه رجاءاً لله تعالى( أليس الله بكافٍ عبده )،(ومن يتوكل على الله فهو حسبه )، وإذا لاحظنا أن الله تعالى يجيب دعاء الداعين على اختلاف أزمانهم وأماكنهم ، وعلى تنوع لغاتهم وألسنتهم ، زادنا ذلك رجاءاً في الله تعالى ، ثم إن الثمرات العظيمة التي تحصل من رجاء الله تعالى ، تدعونا إلى أن نملئ قلوبنا من رجاء الله .



· فمن ثمرات الرجاء .. أن الرجاء من أسباب مغفرة الذنوب ، كما ورد في الحديث القدسي :{ يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي .}

· الرجاء من أسباب رضا الله عن العبد ومحبته له وقربه منه .


· الرجاء ينشّط النفس على طاعة الله ، فإن من عرف قدر مطلوبه ، هان عليه ما يبذله فيه ، قال تعالى) فَمَن كَانَ يَرجُو لِقَاءَ رَبّهِ فَليَعمَلَ عَمَلاً صَالِحَاً ولا يُشركَ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أحَدا( ، وقال تعالى ) أمّن هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الّليلِ سَاجِدَا ً وَقَائِمَا يَحذَرُ الآخِرَةَ وَيَرجُوا رَحمَةَ رَبّهِ قُل هَل يَستَوي الّذينَ يَعلَمُونَ والّذِينَ لا يَعلَمُونَ إنّمَا يَتَذَكّرُ أولُوا الألبَابِ ( .


· الرجاء يجعل العبد يتلذذ بأنواع الطاعات ، فكلما طالع القلب ثمرات الطاعات ، وحسن عاقبتها ، إلتذَّ بها.



· الرجاء يبثّ الطمأنينة في النفس ، ويبعد عنها الوساوس والخطرات ، ويهّون عليها المصائب ، إذ النفس ترجو زوال ما حلَّ بها من مصيبة ، وبذلك يقوى العبد على أعداء الله ، قال تعالى ) ولا تَهِنُوا فِي ابتِغَاءِ القَوم إن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإنّهُم يَألَمُونَ كمَا تَألَمُون وَتَرجُونَ مِن اللهِ مَا لا يَرجُون وكَانَ الله عَلِيمَاً حَكِيمَا (.


لولا التعلق بالرجاء تقطعت ~~ نفس المحب تحسّراً وتمزقا
لولا الرجاء يحدو ألمطي لما سرت ~~ يحدو لها لديارهم ــــــــــ اللقاء




رجاء الله ورجاء ثوابه .. يحدو العبد إلى متابعة النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم ، والسير على طريقة عباد الله الصالحين )لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُول ِالله ِأسُوَةٌ حَسَنَة لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ واليَومَ الآخِرَ وذَكَرَ اللهَ كَثيرَا( ، لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر .


الرجاء من أكبر أسباب تحصيل الأجور العظيمة ،)إن الّذين يتلُونَ كِتابَ اللهِ وأقَامُوا الصَّلاة وأنفَقُوا ممّا رَزَقنَاهُم سِرّاً وَعَلانِيَة يَرجُونَ تِجَارةً لَن تَبُور لِيُوفيهُم أجورَهُم ويَزيدَهُم مِن فَضلِه إنَّه غَفُورٌ شَكُور(.


الرجاء سبب لتحصيل منافع الدنيا والآخرة .. وفي الحديث{ أن النبي صلّى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت ، قال : كيف تجدك ؟ قال : والله يا رسول الله إني لأرجو الله ، وإني أخاف ذنوبي . فقال صلّى الله عليه وسلم :لا يجتمعان في قلب عبد ، في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمّنه مما يخاف .}


وما أعظم ما ينجز الرجاء.. من انتظار رحمة الله ، وتوقع فضل الله ، الذي يعلّق القلب بالله

طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-10, 02:32 PM   #6
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بـســم اللـه الـرحــمــن الــرحــيـم

قــلــوب الصــائـــمـيــــــــن
فــضيــلــة الـشيــخ سـعــد ابـن نـاصـر الشــثــري
الــخــــــــــوف
الحمد لله رب العالمين .. الحمد لله القوي العزيز.. صاحب البطش الشديد ..فعّال لما يريد،كم أهلك من أمة كافرة ، وكم أخذ من جماعة ظالمة ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
أما بعد ..
ففي لقاءنا هذا في برنامج قلوب الصائمين نتحدث عن امتلاء قلوب المؤمنين بالخوف من رب العالمين ، قال الله تعالى ) فَليَحذَرِ الّذينَ يُخَالِفُونَ عَن أمرِهِ أن تُصِيبَهُم فِتنَة أو يُصِيبَهُم عَذَابٌ ألِيم (.


من الأمور التي تدعوا العبد إلى زيادة الخوف من الله تعالى كثرة المعاصي التي فعلها العبد ، ويخاف من سوء عاقبتها ، فإذا كان أنبياء الله صلوات الله عليهم وسلامه يقولون) إنّي أخَافُ إن عَصَيتُ رَبِّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيم ( فكيف بغيرهم من أفراد الناس .


ومن طرق تحصيل خوف الله تعالى ..تصديق الله في وعده ووعيده ، وذلك أن المرء يخاف أن يدخله الله نار جهنّم ويعذبه بها ، كما قال تعالى) قُل إنَّ الخَاسِرِينَ الّذِينَ خَسِرُوا أنفُسَهُم وأهلِيهِم يَومَ القِيامَة الا ذَلِكَ هُوَ الخُسرَان المُبين لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَل من النّارِ ومِن تَحتِهِم ظُلَل ذَلِكَ يُخَوّفُ اللهُ به عِبَاده يَا عِبَادِي فَتّقُون ( .


ومما يزيد الخوف في قلب العبد من ربه جلّ وعلا .. معرفة تلك العقوبات العظيمة ، التي أنزلها الله بالأمم السابقة ، فإن من تأملها وتفكّر فيها ، زاده ذلك خوفا من الله تعالى ، قال سبحانه ) قَالُوا إنّا أُرسِلّنَا إلى قَوم ٍمُجرِمِين لِنُرسِلَ عَلَيهِم حِجَارَةً مِن طِيِن مُسَوَّمَةٍ عِندَ رَبّكَ لِلِمُسرِفِين( إلى قوله سبحانه ) وتَرَكنَا فِيهَا آيةً للّذِينَ يَخَافُونَ العَذَابَ الألِيم ( .


ثم إن العبد يخشى من ربه أن يوقع عليه العقوبات في الدنيا بسبب سوء عمله ، قال تعالى في وصف من يتوسل إليه التوسل المشروع ويخافون عذابه ) إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحذُورَا وإن مِن قَريَةٍ إلّا نَحنُ مُهلِكُوهَا قَبلَ يَوم ِالقِيَامَة أو مُعَذِبُوهَا عَذَابَاً شَدِيدَا كَانَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ مَسطُورَا ( .


من أسباب تحصيل للخوف من الرب تبارك وتعالى :

ملاحظة الآيات الكونية
، وما قدّره الله من المخلوقات العظيمة ، يزرع الخوف من الله في قلب العبد ، قال تعالى) هُوَ الّذِي يُريِكُمُ البَرقَ خَوفَاً وطَمَعَا ويُنشئُ السَّحَابَ الثِقَال ويُسَبِحُ الرَّعدُ بِحَمدِهِ والمَلائِكَةُ مِن خِيفَتِهِ ويُرسِلُ الصَواعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُم يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَال ( ، وقال سبحانه) ومَا نُرسِلُ بِالآياتِ إلّا تَخويِفَا (.



إن تحصيل العلم الشرعي ينتج الخوف في قلب العبد ، قال تعالى) إنَّمَا يَخشَى اللهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاء ( .
ومن أسباب تحصيل خوف الله جلّ وعلا أن يستشعر العبد أن الله يراقبه ولا يخفى عليه شيء من أحواله ، قال سبحانه) إنَّ اللهَ يَعلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُم فَحذَرُوُه (.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية :{ من طلب من العباد العوض ثناءاً أو دعاءاً أو غير ذلك لم يكن محسناً إليهم ، ومن خاف الله فيهم ، ولم يخفهم في الله ، كان محسناً إلى الخلق ، محسناً إلى نفسه ، فإن خوف الله يحمله على أن يعطيهم حقهم ، ويكف عن ظلمهم ، ومن خافهم ولم يخف الله فيهم ، فهذا ظالم لنفسه ولهم ، حيث خاف غير الله ورجاه ، لأنه إذا خافهم دون الله احتاج أن يدفع شرّهم عنه بكل وجه إما بداهنتهم أو مراءاتهم ، وإما بمقابلتهم بشيء أعظم من شرهم أو مثله ، فإذا رجاهم لم يقم بحق الله فيهم ، وإذا لم يخاف الله فهو مختار للعدوان عليهم ، فإن طبع النفس الظلم لمن لا يظلمها فكيف بمن ظلمها .
ستجد هذا الضرب من الناس ..كثير الخوف من الخلق ، كثير الظلم إذا قدر، مهين ذليل إذا قُهر ، فهو يخاف الناس بحسب ما عنده من ذلك ، وهذا مما يوقع الفتن بين الناس ، وكذلك إذا رجاهم وهم لا يعطونه ما يرجوه منهم فلابد أن يبغضهم ، فيظلمهم إذا لم يكن خائفاً من الله .


والإنسان إذا لم يخف من الله اتبع هواه ، ولا سيّما إذا كان طالباً ما لم يحصل له ، فإن نفسه تبقى طالبة لما تستريح به ، وتدفع به الغم والحزن عنها ، وليس عندها من ذكر الله وعبادته ما تستريح إليه ، فتظن أن راحتها في المحرمات ، من فعل الفواحش وشرب المسكرات ، وقول الزور واللهو والعبث ، ومخالطة قرناء السوء ، ولا تطمئن نفسه إلا بعبادة الله .


قال ابن حزم :{ وقد علم الله تعالى أن كل مسلم لولا خوف الله تعالى لأحب الأكل إذا جاع في رمضان ، والشرب فيه إذا عطش ، والنوم في الغدوات الباردة عن الصلوات ، وفي الليل القصير عن القيام إلى الصلوات المندوبات ، ووطئ كل جارية حسناء يراها المرء ، ولكن مخافة الله تمنع المؤمن من ذلك }.


إن الخوف من الله تعالى ينتج عنه فوائد عظيمة ..منها ترك الذنوب والمعاصي ، روى الحاكم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ، فمن تركها من خوف الله ،أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه ، ومن ترك المعاصي خوفاً من الله أجر وأثيب } .


الخوف من الله سبب لرفع الدرجات في الجنّة ، قال تعالى ) ولِمَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان ( وقال ) وأمَّا مَن خَافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهَىَ النَّفسَ عَنِ الهَوَى فَإنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى ( ، وفي حديث السبعة الّذين يظلهم الله يوم القيامة : { رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال إني أخاف الله }.


من استحضر مخافة الله في دعاءه ، كان ذلك من أسباب



إجابة الدعاء ، قال تعالى ) وادعُوهُ خَوفَاً وَطَمَعَا إنَّ رَحمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحسِنين ( وقال) تَتَجَافَىَ جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ ربَّهُم خَوفَاً وَطَمَعَا وَمِمَّا رَزقنَاهُم يُنفِقُون فَلا تَعلمُ نَفسٌ مَا أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أعيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعمَلُون ( .


مخافة الله سبب للتمكين في الأرض ، قال تعالى) ولَنُسكِنَنَّكُم الأرضَ من بَعدِهِم ذَلِكَ لِمَن خَافَ مَقَامِي وخَافَ وَعِيد(


مخافة الله سبب للاتعاظ والتذكر ، قال تعالى) فَذَكّر بِالقُرءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيد (.
مخافة الله في قلب العبد تدفعه للإقدام على الطاعات ، وفي الحديث { من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، الا إن سلعة الله غالية .. الا إن سلعة الله الجنّة }.
إذا استحضر المرء مخافة الله في كل وقت ، دعاه ذلك لأن يكون مخلصاً لله في كل أعماله .


من خاف الله لم يتكبّر على خلقه ولم يتجبّر على عباده .

وخوف الله يحمل العبد إلى إعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم .

من خاف الله حقيقة ، لم يخف من غيره ، قال تعالى) إنّمَا ذَلِكُمُ الشَيطَانُ يُخَوّفُ أولِيَاءَه فَلا تَخَافُوهُم وخَافُونِي إن كُنتُم مُؤمِنِين( ، فإذا اتحد مصدر الخوف ، أطمئنت النفس ، وفي بعض الآثار :[ من خاف الله .. خوّف الله منه كل شيء ، ومن لم يخاف الله ..خوفه الله من كل شيء ].


مخافة الله سبب لمغفرة الذنوب ، ففي الحديث :{ أن رجلاً وصى أبناءه بحرق بدنه ، وسحقه وذرّه في الريح العاصف ، فأمر الله بجمع بدنه وقال له : ما حملك على ذلك . فقال : مخافتك يا ربي ، فغفر الله له ذلك }.
لقد حرص سلف الأمة على الترغيب في الخوف والاتصاف به ، قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه :{ أيها الناس .. لو نادى منادي من السماء "أيها الناس إنكم داخلون الجنّة كلكم إلا رجلاً واحدا " لخفت أن أكون أنا هو } ، قال الحسن البصري :{ لقد مضى بين يديكم أقوام لو أن أحدهم أنفق عدد هذا الحصى ، لخشي ألا ينجو من عظم ذلك اليوم } .
قال ابن مسعود :{ إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في أصل جبل يخشى أن ينقلب عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه فقال به هكذا فطار } قال ابن عباس :{ وعد الله المؤمنين الّذين خافوا مقامه وأدّوا فرائضه الجنّة }


وقال
عمر
ابن عبد العزيز :{ من خاف الله ..أخاف الله منه كل شيء } قال وهب ابن كمنبه :{ ما عبد الله بمثل الخوف }.


وقال الداراني :{ أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله عزَّ وجل } ، وكل قلب ليس فيه خوف ، فهو قلب خرب .


قال ابن تيمية :{ الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله } ، وقال بعضهم :{ إذا سكن الخوف القلب ، أحرق مواضع الشهوات منه ، وطرد الدنيا عنه } .

هذا ، والله أعلم ..

وصلى الله على نبينا محمد....



التعديل الأخير تم بواسطة طالبة الرضوان ; 07-08-10 الساعة 02:36 PM
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-10, 02:41 PM   #7
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بــســم الــلــه الرحــمــن الرحـيـم


قــــلـــــوب الصــائــمــيـــن


فـضـيلــة الشـيــخ سـعــد ابـن نـاصر الشـــثـري

التـــــــــواضـــــــــــع



الحمد لله الذي خضع لعظمته الجبابرة .. وذل لسطوته الظلمة العصاة .. وأشهد أن لا إله الا هو سبحانه ، لا ينازعه أحد الا قصمه .. وأشهد أن محمد عبده ورسوله .. أشدّ الناس تواضعا ، حتى اختار أن يكون عبداً رسولا ، لا ملكاً نبيا ، وكان من تواضعه أنه يكون في خدمة أهله ، وقال :{ لا تطروني إنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله }صلّى الله عليه وسلّم تسليما


أما بعد ...



فإن من أخلاق قلوب الصائمين .. التواضع ، التواضع أن لا يرى الإنسان لنفسه على غيره فضلا مهما علت منزلته ، ومهما قدّم من إحسان لغيره ، وقد فسّر النبي صلّى الله عليه وسلّم الكبر بأنه {بطر الحق "أي جحده "، وغمط الناس "أي احتقارهم"} .



متى تصح درجة التواضع؟

ولا يصح للعبد درجة التواضع ، حتى يقبل الحق ممن يحب وممن يبغض ، فيقبله من عدوّه كما يقبله من صديقه ، وإذا لم تردّ عليه حقا فكيف تمنعه حقا ً له قِبَلك ، ومن أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته ، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته حقاً كانت معذرته أو باطلا ، وتكل سريرته إلى الله تعالى ، كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنافقين الّذين تخلّفوا عنه في الغزو ، فلما قدم جاءوا يعتذرون إليه فقبل أعذارهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى .


وعلامة التواضع والكرم .. أنك إذا رأيت الخلل في عذره فلا توقفه عليه ، ولا تحاجّه ، ولا تبيّن له أنك فد اطلعت على كذبه في عذره .


إن أعظم درجات التواضع .. أن تتواضع مع الله ، بأن تعرف مقدار نفسك ، وأن تستجيب لأمر ربّك ، طاعة له سبحانه ، لا استجابة لعاده ولا تحقيقاً لهوى ومحبة ، فلا ترى لنفسك حقاً على الله لأجل عملك ، وإنما تتواضع لربك بأن تعرف أن الله جلَّ وعلا قد تكرّم عليك .


لقد أمر الله تعالى بالتواضع في آيات قرآنية عديدة .. وجاء الأمر بالتواضع في أحاديث كثيرة ، ومما ورد في ذلك قول الله تعالى) واخفِض جَنَاحَكَ لِلمُؤمِنِين( وقوله سبحانه )ولا تَمشِي فِي الأرضِ مَرَحَا إنَّكَ لَن تَخرِقَ الأرضَ ولن تَبلُغَ الجِبَالَ طُوُلا( وقوله جلَّ وعلا ) ولا تَمشِي فِي الأرضِ مَرَحَا إنَّ اللهَ لا يُحِبُ كُلَّ مُختَالٍ فَخُوُر ( وقال سبحانه ) وعِبَادُ الرّحمَنِ الّذينَ يَمشُونَ عَلَى الأرضِ هَونَا (.


قال ابن عباس :{ بالعفاف ، والطاعة ، والتواضع } وفي الحديث يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :{ إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد }:{ ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله } أخرجه مسلم .وفي حديث أبي سعيد ألخدري عند ابن حبّان أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال :{ من تواضع لله درجة ، رفعه الله درجة حتى يجعله في أعلى عليين ، ومن تكبّر على الله درجة ، وضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل سافلين ، ولو أن أحدكم يعمل في صخرة صمّاء ليس عليه باب ولا كوّة لخرج ما غيّبه للناس كائناً من كان } . رواه مسلم .


وقال صلّى الله عليه وسلّم في التواضع مصلحة الدين والدنيا ..

فإن الناس لو استعملوا التواضع في الدنيا ، لزالت بينهم الشحناء ، ولاستراحوا من تعب المباهاة والمفاخرة .


التواضع سلّم الشرف .. ثمرة التواضع ، انتشار المحبة في قلوب الخلق ، فمن تواضع للناس أحبوه وأحبه الله تعالى .

من أحسن الأخلاق أن تكون سجيّة العبد التواضع .. ومن أحسن الأفعال ، الإحسان إلى من أساء إليك .


قوله صلّى الله عليه وسلّم ( تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ) يبين أن التواضع المأمور به .. يضاد البغي والفخر ، التواضع ضد التكبر ، وسبب التواضع شيئان :


· التحقق في مقام العبودية لله .

· ومعرفة الإنسان بعيوب نفسه.


قال ابن حجر : [ الأمر بالتواضع نهي عن الكبر فإنه ضده ] ، وفي الصحيح مرفوعا قال النبي صلّى الله عليه وسلم :{ قال الله عزّ وجل : الكبرياء رداءي ، والعظمة إزاري ، من نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم } وقد قال الله تعالى ) أفا كُلّمَا جَاءَكُم رَسُولٌ بمَا لا تَهوىَ أنفُسِكُم استكبَرتم فَفَرِيقَاً كَذّبتُم وفَرِيقَاً تَقتُلُون( .


فالكبر سبب لردّ الحق وعدم قبوله ، قال تعالى) سَأصرِفُ عَن آيَاتِيَ الّذينَ يَتكَبّرُونَ فِي الأرض ِبِغَيرِ حَق( وقال سبحانه ) ويلٌ لِكُلِّ أفَّاك ٍ أثِيم يَسمَعُ آياتِ اللهِ تُُُتُلى عَليهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُستَكبِرَا كأن لم يَسمَعهَا فَبَشِرّهُ بِعَذَابٍ ألِيم ( .

الكبر من أسباب غضب الرب على العبد ، وعدم محبته له ، قال تعالى) إنّهُ لا يُحِبُّ المُستَكبِرِين (، الكبر من أسباب نزول العقاب ، قال الله تعالى )وأمَا الّذينَ استَنكَفُوا واستَكبَرُوا فَيُعَذِبُهُم عَذَابَاً ألِيمَاً ولا يَجِدُونَ لَهُم مِن دُونِ اللهِ وَلِيّاً ولا نَصِيرَا ( ،

وقال) والّذينَ كَذّبُوا بِآيَاتِنَا واستَكبَرُوا عَنهَا أولَئِكَ أصحَابُ النّارِ هُم فِيهَا خَالِدُون (وقال ) اليَومَ تُجزَونَ عَذَابَ الهُونِ بمَا كُنتُم تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيرَ الحَقّ و كُنتُم عَن آيَاتهِ تَستَكبِرُون (وقال) فَادخُلُوا أبَوابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فلَبئسَ مَثوى المُتَكبِرِين(، وفي الحديث { لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر }.


المتكبر ذليل يوم القيامة ، ففي السنن أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال :{ يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال ، يغشاهم الذل من كل مكان }، وفي الصحيح :{ بينما رجل يتبختر في برديه قد أعجبته نفسه ، فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة } وقال :{ من جرّ ثوبه خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة }.


وانظر إلى إبليس.. لما تكبّر أخرج من الجنّة ، وغضب الله عليه ، قال تعالى )فَمَا يَكُونُ لَكَ أن تَتَكَبّرَ فِيهَا فَاخرُج إنّكَ مِن الصَاغِرِين (.


أما عن مظاهر الكبر .. وترك التواضع .. فمنها رؤية الإنسان لنفسه أنه أفضل من غيره ، وترفعه عن من يماثله ، وتقدمه على أقرانه ، ومن مظاهره المفاخرة ومدح الإنسان لنفسه .


يحسن بالمسلم أن يكون صيامه من أسباب تواضعه بين يدي الله ، وتواضعه لعباد الله ، فإن الذي منع العبد من بعض النعم في الصوم ، قادر على سلب النعم كلها بالكبر وعدم التواضع .



الصوم .. يجعل الذهن يخلو من المشغلات عن التفكير .. فيتأمل الإنسان في أصل خلقته ، ويتأمل مدى ضعفه وقدرة الله عليه ، ويتأمل مساواته لغيره في أحكام الله ، فكيف يتكبر على من كان مساوياً له ، ويتذكر وقوفه بين يدي الله ، ومحاسبته له على أعماله ، ويتأمل بحسن عاقبة التواضع وسوء عاقبة الكبر ، قالت عائشة :{ تغفلون عن أفضل العبادة التواضع }.

أسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلنا وإياكم من المتواضعين.. والبعد عن التكبر وأهله .


هذا والله أعلم .. وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...

طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-08-10, 02:42 PM   #8
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بســـم اللـــه الرحمـــن الرحيـــــــم



قـــــلــــــــوب الصائمـــــــــــــين



لفضيلة الشيخ سعد ابن ناصر الشثري



التــــــــفكّـــــــر





أحمده سبحانه... وأشهد أن لا إله الا هو وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد..





فإن من عبادات القلوب التي يتقرب بها المؤمنون إلى ربهم ، التفكّر والاعتبار ..



والتفكر هو تأمل القلب في المعاني لإدراك العواقب وفهم الحقائق..



والاعتبار قياس حال النفس بحال الغير ، إذ ما حلّ بغيرك سيحلُّ بك ، متى كانت أسباب ذلك حاصلة عندك ، والسعيد من وعظ بغيره



ومما تكرر في القرآن ، مدح المتفكّرين .. وفتح الباب للتفكّر والاعتبار ، والأمر الجازم بذلك ، قال تعالى) فَاعتَبِرُوا يَا أُولِي الأبصَار (كأنه قال : ( انظروا إلى فعل هؤلاء الّّذين نزلت بهم العقوبات ، فاجتنبوا فعلهم ، لئلا ينزل بكم عقاب مثل عقابهم ).



وأصل الخير والشر:.. من قبل التفكّر ، فإن الفكر مبدأ الإرادة والطلب في الزهد ، والترك والحب والبغض .



كثر الحث في كتاب الله تعالى على التدبّر ، والاعتبار والنظر والافتكار ، ولا يخفى أن الفكر هو مفتاح الأنوار.. ومبدأ الاستبصار ، وهو شبكة العلوم ، ومصيدة المعارف والفهوم ،وأكثر الناس قد عرفوا فضل التفكّر ورتبته ، ولكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره .



إن التفكّر في آيات الله الكونية والشرعية: مفتاح الإيمان ، وطريق العلم والإيقان ) فَإنَها لا تَعمَى الأبصَار ولَكن تَعمَى القُلُوبُ التي في الصُدُور إنَّ في ذَلِكَ لآيات لقوم ٍيعقِلُون( أي يستفيد من التفكّر في ذلك ، من لهم عقول يستعملونها في التدبر و التفكّر فيعرفون ما هم مهيئون له ، فيُفارقون حال الغافلين ، الّذين يكون استعمالهم لحواسّهم مماثلاً لحظ البهائم ، إذ لا يجعلون إحساسهم سبب للتفكّر والتأمل .



التفكّر والاعتبار يكون في أمور عديدة ..



منها الاعتبار بنصر الله لأولياءه المؤمنين ،قال تعالى)قَدْ كَانَ لَكُم آيةٌ فِي فِئَتَينِ التَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتلُ فِي سَبِيل ِ اللهِ وَأُخرَى كَافِرة يَرَونَهم مِثلَيهم رَأيَ العَين ِواللهُ يُؤيّدُ بِنَصرِه ِمَن يَشَاء إنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لِأُولِي الأبصَار(..



كذلك الاعتبار: بالعقوبات التي نزلها الله على الأمم المكذّبة السابقة ، قال تعالى) هُوَ الّذِي أخرَجَ الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِم لأوّل ِالحَشر مَا ظَنَنتُم أن يَخرُجُوا وَظَنّوا أنَّهُم مَانِعَتُهُم حُصُونُهُم مِنَ اللهِ فَآتَاهُمُ اللهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعب يُخرِبُونَ بِيُوُتَهُم بِأيدِيِهِم وَأيدِي المُؤمِنِينَ فَاعتَبِروا يَأولِي الأبصَار ( ، وقال تعالى عن فرعون) فَكَذّبَ وَعَصَى* ثُمّ أَدبَرَ يَسعَى*فَحَشَرَ فَنَادَى *فَقَالَ أنَا رَبُّكُمُ الأعلَى *فَأخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرة ِوالأُولَى*إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبرَةً لِمَن يَخشَى( ،وقال ) أفلم يهد ِ لَهُم كَم أهلَكنَا قَبلَهُم مِنَ القُرُونِ يَمشُونَ فِي مَسَاكِنِهِم إنَّ فِي ذَلِكَ لآيات ٍ لأولي النُهَى( ، )وكَذَلِكَ أخذُ رَبّكَ إذَا أَخَذَ القُرَى وَهيَ ظَالِمَة إنَّ أَخذَهُ أليمٌ شَدِيد إنَّ فِي ذَلِكَ لآية لِمَن خَافَ عَذَابَ الآخِرة(.



كذلك الاعتبار: بالمخلوقات العظيمة التي خلقها رب العزّة والجلال : قال تعالى ) يُقلّبُ اللهُ الليلَ والنّهَار إنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لأُولِي الأبصَار( ،وقال ) أولَم يَرَوا إلى الأرض ِكَم أنبَتنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوج ٍكَرِيم إنّ في ذَلِكَ لآية ومَا كَانَ أكثََرُهُم مُؤمِنِين( ..



كذلك الاعتبار: في إخراج الله للمخلوقات من بين الأمور المتضادات ، قال تعالى) وإنّ لَكُم في الأنعام ِلَعِبرة نُسقِيكُم مِمّا في بُطُونِهِ مِن بينِ فَرث ٍودَم ٍ لَبَنََاً خَالِصَاً سَائِغَاً للِشَارِبين* ومِن ثَمَرَات ِالنّخِيل ِوالأعنَاب ِتَتّخِذُونَ مِنُه سَكَرَاً ورِزقَاً حَسَنَا إنّ في ذَلِكَ لآيةً ًلِقومٍ يَعقِلُون( ، فانظر كيف أخرج اللبن من بين الفرث والدم ،وانظر كيف فرّق بين السكر والرزق الحسن .



وكذلك الاعتبار بالتاريخ ، وقصص الأمم السابقة ، وخصوصاً ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قال سبحانه ) لَقَد كَان فِي قَصَصِهِم عِبرَة لأولي الأبصَار مَا كَانَ حَدِيثَاً يُفتَرَى وَلَكن تَصديقَ الّذِي بَينَ يَدَيهِ وتفصيلَ كل شيء وهُدَىً ورحمة لِقوم ٍيُؤمنون( .



ومن ذلك الاعتبار والتفكّر:في أحوال قرابتك الّذين ماتوا ، وتركوا الدنيا ، يقول النبي صلّى الله عليه وسلم :{ زوروا القبور،فإن فيها عبرة } وفي لفظ {فإنها تذكركم الآخرة }..



ومن ذلك الاعتبار والتفكّر في أحوال الدنيا وتقلباتها...كم من غني أصبح فقيرا ، وكم من رئيس أصبح مرؤوسا ..بكى عمر ابن عبد العزيز يوما ،فسئل عن ذلك ، فقال : [فكّرت في الدنيا ولذّاتها ، وشهواتها ، فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي ، حتى تكدّرها مرارتها ، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر ، إن فيها لمواعظ لمن اذّكر] .



ومن ذلك تفكّر الإنسان: في خلق الله له ، ونقله من حال إلى حال ،( فَليَنظُر ِالإنسَانُ ممّا خلُِق *خُلِقَ مِن مَاء ٍدَافق )،(مَالَكُم لاَ ترجُونَ لله ِوَقَارَا*وقَد خَلَقَكُم أطوَارَا).



ومن ذلك تفكّر الإنسان ..في الأحوال التي مرّ عليها طعامه الذّي يأكله ، قال تعالى ) فليَنظُر الإنسانُ إلى طَعَامِهِ*أنّا صَبَبنَا المَاءَ صَبّا*ثمّ شَققَنَا الأرضَ شَقّا*فَأنبَتنَا فِيهَا حَبّا*وعِنَبَا ًوَقَضبا*وَزَيتُونَا ًوَنخلاً *وَحَدَائقَ غُلبَا *ًوَفَاكِهَة ًوأبّا* مَتَاعا ً لَكُم وَلأنعَامِكُم فمن نظر في هذه النعم أوجب له ذلك شكر ربه،وجعله يبذل الجهد في الإنابة إليه، والإقبال على طاعته والتصديق بأخباره .

لقد اشتمل كتاب الله على الأدلّة العقلية المقنعة في كل شأن مما عرض له كتاب الله ، فهل من متفكّر فيها !!



فوائد التفكر:

إذ في الاعتبار بذلك ، تقوية الإيمان والزيادة له ..في الاعتبار، زيادة الخوف من الله والرجاء له ..في الاعتبار تعريف الإنسان بحقائق المخلوقات ومعرفة الإنسان بحقيقة نفسه .. في الاعتبار، معرفة الدنيا وحقيقتها وزوالها وتذكر الآخرة مع الاستعداد لها .

في الاعتبار بذلك ، قناعة العبد بما رزقه الله ، وسعادة قلبه ، وطمأنينة نفسه ... بالاعتبار تزيد البصيرة ، وتقوى الفراسة ،وتزيد الحكمة .

بالاعتبار و التفكّر .. يدرك المرء عواقب الأمور .. بالتفكّر ،يدرك المرء قدرة ربه ، وعظمته ، ويدرك عدله ورحمته ، وحكمته وتمام ملكه ، وتفرّده بالتصرف في المخلوقات ، مع مشاهدة مقدار بعض نعم الله على العبد.

بالتفكّر والاعتبار... ينتقل العبد إلى حمد الرب وشكر النعم ، والاستعداد ليوم المعاد .. وإذا غذي القلب بالتذكر، وسُقي بالتفكّر، وسلم من الآفات ، رأى العجائب وأُلهمَ الحكمة ..



أسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلنا وإياكم من المتفكّرين .. والله أعلم ، وصلّى الله على نبينا محمد..





طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 10:01 PM   #9
ام عبد الله الاثرية
طالبة بمعهد خديجة - رضي الله عنها -
 
تاريخ التسجيل: 20-04-2015
المشاركات: 199
ام عبد الله الاثرية is on a distinguished road
افتراضي

مادة طيبة ماشاء الله

بارك الله فيك و جزاك خيرا و بارك الله في شيخنا و نفع يعلمه
ام عبد الله الاثرية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وماذا بعد رمضان ؟؟ رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 4 20-08-13 08:16 AM


الساعة الآن 07:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .