العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > خواطر دعوية

الملاحظات


خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-11-12, 03:05 PM   #1
نُسيبة أم إبراهيم
~مستجدة~
افتراضي به النّصر!

به النّصر!


بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فما أصعبها من لحظة!
تلك الّتي يجد فيها الإنسان نفسه مكتوف اليدين أمام واقع مرير يظنّ لأوّل وهلة أنّه لا يملك شيئا لتغييره...
سوريا تغرق في دمائها وغزّة تُحرَّق أطفالها ونفسي تكابد آلامها؛ صور الدّمار لا تفارقني، وضميري لا ينفكّ يعاتبني؛ألقيت بروحي المتعبة على متّكئ وزفرت زفرة تخنقها العبرات ورحت أرتّل بعض الآيات فلاقيت آية كانت هي مالملم الشّتات، قال الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ) (1)
((إذا غيّر العباد ما بأنفسهم من المعصية فانتقلوا إلى طاعة الله غيّر الله عليهم ما كانوا فيه من الشّقاء إلى الخير والسّرور والغبطة والرّحمة))(2)
فعلمتُ أنّ سبيل التّغيير هو إصلاح حال المسلمين، وأنّ الإيمان هو من أعمدة تشييد النّصر بل هو النّصر عينه قال الله عزّ وجلّ: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(3)
ثمّ لاح لي منظر ذلك الشّابّ الّذي ينادي بكلّ حماس " أعطني سيفا ودعني أمزّق أعناق اليهود؛وحياة أمّي سأرمّل نساءهم..."
فتأوّهتُ متحسّرة؛وأنّى يُنصر من يحلف بغير الله؟
وأمّه في البيت تستغيث بوليّ ميّت؟
وله أب يساهم بأمواله في دعم الزّردات والذّبائح المقامة على أبواب الأضرحة والقبور!
ليس من العجب أن يُسلّط علينا الأعداء وأن تتوالى على أمّتنا الهزائم ذلك أنّ سنن الله لا تتغيّر، فإنّ الرّعيل الأوّل ما فتحوا البلدان وقهروا العدوان إلاّ حين حقّقوا التّوحيد الخالص لله الدّيّان.
والتّاريخ يشهد على هذا إذ أنّه لمّا هاجم التّتار أهل الشّام هرع المسلمون إلى مواجهتهم وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- حالهم حينئذ فقال (خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرّهم ؛ وقال بعض الشعراء :
يا خائفين من التّتر ... لوذوا بقبر أبي عمر
أو قال :
عوذوا بقبر أبي عمر ... ينجيكم من الضّرر
فقلت لهم : هؤلاء الذين تستغيثون بهم ، لو كانوا معكم في القتال لانهزموا ، كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد ؛ فإنّه كان قد قضى أن العسكر ينكسر لأسباب اقتضت ذلك ، ولحكمة الله (عزّ وجل) في ذلك .
فلما كان بعد ذلك : جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين لله (عز وجل) ، والاستغاثة به ، وأنّهم لا يستغيثون إلا إيّاه ، لا يستغيثون بملك مقرب ، ولا نبيّ مرسل ؛ كما قال (تعالى) يوم بدر : {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} ، وروى أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) كان يوم بدر يقول : «يا حيّ يا قيّوم ، لا إله إلا أنت ، برحمتك أستغيث» . وفي لفظ : «أصلح لي شأني كله ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، ولا إلى أحد من خلقك» . فلما أصلح الناس أمورهم ، وصدقوا في الاستغاثة بربهم : نصرهم على عدوهم نصرًا عزيزاً ، ولم تهزم التّتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً ، لما صحّ من تحقيق توحيد الله (تعالى) وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك ؛ فإن الله (تعالى) ينصر رسوله والّذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )) (4)
فصمتا معشر المثبّطين عن الاهتمام بالتّوحيد ولتسعكم قصّة ذات أنواط لتنتهوا عن تسفيه أنصار العقيدة السّاعين إلى إعادة بعثها بعد أن شابت نواصيها في قلوب المسلمين:
«عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ -وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ-، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِالسِّدْرَةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ, اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: 138]، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ (5)
فلم يغفل النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن تصحيح ذلك الخطئ العقديّ رغم انشغاله بأمر الجهاد !
وبالحديث عن الجهاد إنّي لأعجب ممّن يتسامرون على كلمات الأناشيد الجهاديّة وهم يعضّون أصابع الحسرة أن حُرموا منه!
ويحهم ومتى كان الجهاد نوعا واحدا حتّى نبكي كالثّكالى فلا نزيد الأمّة إلاّ هوانا؟
أوماعلموا أنّ جهاد خاصّة أتباع المرسلين هو الجهاد بالحجّة والبيان؟
فما لنا نهوّن من أمر إقامة الدّين؟
أليس حريّا بنا أن نقتفي خطى نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم الّذي عكف ثلاثة عشرة سنة يدعو إلى التّوحيد وينهى عن الشّرك؟
والّذي نفسي بيده لو دافعنا عن جناب التّوحيد لما تخاذلت الأمّة ولكان إيمانها بالله أجلّ من مطالعة تسلّط الأعداء وقلّة الأسباب.
لو أفهمنا المسلمين أنّ " لا إله إلاّ الله " هي سلاحهم لما خاف مسلم من يهوديّ ولكان مقام الله في قلبه أجلّ من ملذّات الدّنيا وحينها فقط يحصل لنا الوعد (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)(وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) (6)
فهل من غيور على الدّين يمدّ يد العون إلى أولئك الّذين نذروا أنفسهم ليصنعوا مجد الأمّة من ورق كتب التّوحيد؟!
فيدعمهم ببسمة اليقين ويهمس في آذانهم: " اثبتوا فمن هنا سيُزهر النّصر ولو بعد حين!
دعوة إلى أهل الاستقامة أرسلها مع زفراتي :
متى ستتركون مجالس " الجرح والتّجريح" وتشتغلون بتعليم أطفال حيّكم أنّ "الله ليس في كلّ مكان"!
متى ستتركون النّزاع حول خلافاتكم الفقهيّة وتعكفون على عقد حلقات تُخرجون بها ما قد بثّه أعداء الإسلام في قلوب النّاس من الشّركيّات الجليّة والخفيّة؟
ومتى ستتوقّفون عن التّباهي بملء مكتباتكم بالمجلّدات المزركشة وتنفقون أموالكم بدل ذلك في نشر المطويّات والرّسائل العقائديّة وسط عامّة المسلمين؟
إنّما هي كلمة أختم بها،الدّفاع عن التّوحيد هو دفاع عن ذات الله!
فمن شاء فليتقدّم ومن شاء فليتأخّر...
سبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك
-----------------
(1) الآية 11 الرّعد
(2) تفسير السّعدي -رحمه الله-
(3) الآية 55 النّور
(4) الاستغاثة في الرّدّ على البكري لابن تيمية
(5)أخرجه التّرمذي وصحّحه الألباني
(6) الآية 13 ، 14 إبراهيم

بقلمي الخميس 01محرّم1434
ه
17 نوفمبر 2012م

التعديل الأخير تم بواسطة نُسيبة أم إبراهيم ; 23-11-12 الساعة 03:29 PM
نُسيبة أم إبراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-12, 03:51 PM   #2
نُسيبة أم إبراهيم
~مستجدة~
افتراضي

عفوًا: التّاريخ 15 نوفمبر 2012 م
نُسيبة أم إبراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .