العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > كوني داعية

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-04-10, 10:55 AM   #11
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي فوائد قراءة تراجم الصالحين,والسلف الماضين

فوائد قراءة تراجم الصالحين,والسلف الماضين

تراجم السلف الصالحين, والعلماء العاملين, والفقهاء الماضين, من أعظم الوسائل التي تعين على السير قدما على طريق الاستقامة, وتبعث على غرس الفضائل في النفوس, وتدفعها إلى التأسي والاقتداء بالأخيار الذين أخذوا بالكتاب والسنة والآثار, كل ذلك لتسمو النفس إلى الدرجات العلية, وتندفع إلى المقامات السنية.
وقد ذكر أهل العلم جملة من الفوائد التي تستفاد من هذه التراجم والحكايات, حتى تكون سببا ليشمر المرء للعكوف لقراءتها, من ذلك:
علو الهمة وتباث القلب: قال أحد السلف: "الحكايات جند من جنود الله يثبت الله بها قلوب أوليائه", وشاهده من كتاب الله تعالى قوله سبحانه: "وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ".
2- الاقتداء بالسلف والاستفادة والاعتبار بمواعظهم وأحوالهم: يقول ابن الجوزي رحمه الله: "..وعليكم بملاحظة سير السلف, ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم فالاستكثار من مطالعة كتبهم رأية لهم... ولو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر وأنا بعد في الطلب.
فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم, وقدر هممهم وحفظهم وعباداتهم, وغرائب علومهم, ما لا يعرفه من لم يطالع
" صيد الخاطر.
3- صلاح القلب: قال ابن الجوزي رحمه الله: "رأيت الاسشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب إلا أن يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالحين, لأنهم تناولوا مقصود النقل, وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها" صيد الخاطر.
4- معرفة الإنسان قدر نفسه: قال أحد العلماء: "إذا ذكر السلف افتضحنا", وفي صفة الصفوة قال حمدون القصار رحمه الله: "من نظر في سير السلف عرف تقصيره وتخلفه عن درجات الرجال".
وذكر عند مخلد بن الحسين رحمه الله أخلاق الصالحين فقال:
لا تعرضن لذكرنا في ذكرهم ........ ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
وقال ابن الجوزي رحمه الله في تلبيس إبليس: "ومن نظر في سير السلف من العلماء العاملين استحقر نفسه, فلم يتكبر".
محبة السلف والأئمة: لأن قراءة تراجمهم والوقوف عند أحوالهم تبعث على ذلك فطوبى لمن أحبهم في الله ولله جل وعلا, فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "المرء مع من أحب".
من الفوائد كذلك أن تجتمع عند المرء خلاصة التجارب وعصارة الأفكار, ويُطلع على عجائب الأمور وتقلبات الزمان.
قال بعضهم:
إذا علم العبد أخبار من مضى ........توهمته قد عاش من أول الدهر
وقال ابن الجوزي رحمه الله في مقدمة كتابه المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: "واعلم أن في ذكر السير والتاريخ فوائد كثيرة من أهمها أن يطلع بذلك على عجائب الأمور, وتقلبات الزمن وتصاريف القدر, وسماع الأخبار, فالنفس تجد راحة بسماع الأخبار".
من فوائد ذلك تنزل الرحمات حيث بذكر أحوال السلف والعلماء يحصل في النفوس من الحركة والرغبة إلى الخير واللذة والسرور, فإن هذه الأخيرة رحمة من الله جل وعلا يجعلها في قلوب المؤمنين.
قال ابن تيمية رحمه الله: "الله يعجل للمؤمنين من الرحمة في قلوبهم وغيرها بما يجدونه من حلاوة الإيمان ويذوقونه من طعمه وانشراح صدورهم للإسلام إلى غير ذلك من السرور وبالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح" الإقتضاء 1/21.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: "عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة" التمهيد, ومقدمة صفة الصفوة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ".. فتارة يكون المعلوم محبوبا يلتذ بعلمه وذكره كما يلتذ المؤمنون لمعرفة الله وذكره، بل ويلتذون بذكر الأنبياء والصالحين، ولهذا يقال: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة, بما يحصل في النفوس من الحركة إلى محبة الخبر والرغبة فيه والفرح به والسرور واللذة" الصفدية 2/269.
أبو أويس الإدريسي





توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-10, 02:38 PM   #12
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي هل الأخذ بظواهر النصوص الشرعية يعد ظاهرية وجمودا وسطحية وتحجرا؟

هل الأخذ بظواهر النصوص الشرعية يعد ظاهرية وجمودا وسطحية وتحجرا؟

يسم كثير من أهل الأهواء والبدع من العقلانيين والعلمانيين وغيرهم ممن لا فهم لهم دقيق أهل السنة -طعنا فيهم- بالظاهرية الجدد أو الحرفية في الفكر والنظر, لأجل تمسكهم بظواهر نصوص القرآن والسنة وجعل ذلك هو الأصل, وعدم أخذهم بروح النص كما زعموا!
ومن العجيب أن بعض من ينتسب إلى الدعوة يدعي أن هذا المسلك الذي سار عليه أهل السنة هو الذي ذمه العلماء على الظاهرية قديما!
وهذا من الخلط بين المفاهيم, ووضع بعضها موضع الآخر دون نظر وتدقيق, مما يدل على أن قائل ذلك: لا يعرف حقيقة مذهب الظاهرية، وما الذي رده العلماء عليهم؟, وما الذي ذموه في مسلكهم؟.
فنقول بيانا:
قرر العلماء رحمهم الله في هذا الصدد أن الأصل: هو الأخذ بظاهر النصوص إلا بقرائن ملزمة, قال ابن القيم رحمه الله: "الواجب حمل كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم, وحمل كلام المكلف على ظاهره الذي هو ظاهره, وهو الذي يقصد من اللفظ عند التخاطب, ولا يتم التفهيم والفهم إلا بذلك, ومدعي غير ذلك على المتكلم القاصد للبيان والتفهيم كاذب عليه" إعلام الموقعين 3/108-109.
وقال الشنقيطي رحمه الله: "قد أجمع جميع المسلمين على أن العمل بالظاهر واجب حتى يرد دليل شرعي صارف عنه, إلى المحتمل المرجوح وعلى هذا كل من تكلم في الأصول" أضواء البيان 7/443.
وبناء عليه فكل ما ورد عن الأئمة في عدم الأخذ بظواهر بعض النصوص فذلك لمعارض ظهر لهم فتنبه.
ومن أمثلة ذلك ما بينه الذهبي رحمه الله في السير حيث قال: "قال أحمد بن حنبل: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث "البيعان بالخيار" فقال: يستتاب, فإن تاب وإلا ضربت عنقه. ثم قال أحمد: هو أورع وأقول بالحق من مالك.
قلت (أي: الذهبي): لو كان ورعا كما ينبغي لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث لأنه رآه منسوخا.." السير 7/142-143.
أما الظاهرية التي ذمها العلماء على أصحابها: أن يهجم المستدل على النصوص ويقطع بالحكم بها ببادئ النظر، اعتقادا منه أنه هو ظاهر النص ومقتضى اللغة دون طلب تفسير الصحابة والسلف, ودون مراعاة مقاصد الشرع ومحكماته.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طرق أهل البدع" الفتاوي 7/375.
ومن معالم الظاهرية المبتدعة- كذلك -: الجمود على ظاهر لفظ النص دون مراعاة المعنى المقصود منه وإبطال دليل القياس تعيينا, إلى غير ذلك. انظر إعلام الموقعين 1/344.
قال الشاطبي رحمه الله: "اتباع ظواهر القرآن على غير تدبر ولا نظر في مقاصده ومعاقده والقطع بالحكم ببادئ الرأي والنظر الأول, وهو الذي نبه عليه قوله في الحديث: "يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم" ومعلوم أن هذا الرأي يصد عن اتباع الحق المحض ويضاد المشي على الصراط المستقيم, ومن هنا ذم بعض العلماء رأي داوود الظاهري وقالوا: إنها بدعة ظهرت بعد المائتين" الموافقات 4/179.
وقال أبو حيان الأندلسي: "محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه".
قال الشوكاني في البدر الطالع 2/290 معلقا على كلمة أبي حيان الأندلسي: "لقد صدق أبو حيان في مقاله, فمذهب الظاهر هو أول الفكر وآخر العمل عند من منح الانصاف, ولم يرد على فطرته ما يغيرها عن أصلها وليس هو مذهب داوود الظاهري وأتباعه فقط, بل مذهب أكابر العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن, وداوود واحد منهم, وإنما اشتهر عنه الجمود في مسائل وقف فيها على الظاهر حيث لا ينبغي الوقوف وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصف إهماله.
وبالجملة فمذهب الظاهر هو العمل بظاهر الكتاب والسنة بجميع الدلالات وطرح التعويل على محض الرأي الذي لا يرجع إليهما بوجه من وجوه الدلالة.
وأنت إذا أمعنت النظر في مقالات أكابر المجتهدين المشتغلين بالأدلة وجدتها من مذهب الظاهر بعينه, بل إذا رزقت الانصاف وعرفت العلوم الاجتهادية كما ينبغي, ونظرت في علوم الكتاب والسنة حق النظر كنت ظاهريا, أي: عاملا بظاهر الشرع منسوبا إليه لا إلى داوود الظاهري, فإن نسبتك ونسبته إلى الظاهر متفقة, وهذه النسبة هي مساوية للنسبة إلى الإيمان والإسلام, وإلى خاتم الرسل عليه أفضل الصلوات والتسليم, وإلى مذهب الظاهر بالمعنى الذي أوضحناه..."
اهـ.
وصفوة الكلام في هذا الباب, وفصل النزاع في قضية الأخذ بالظاهر التفريق بين ما يظهر للإنسان وبين ظاهر كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فالأول قد يكون متوهما.
قال شيخ الإسلام: "ولفظ الظاهر يراد به ما قد ظهر للإنسان, وقد يراد به ما يدل عليه اللفظ, فالأول يكن بحسب فهم الناس, وفي القرآن ما يخالف الفهم الفاسد شيء كثير" منهاج السنة 4/179.
وقال أيضا: "فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق, بخلاف ما يظهر للإنسان بمعنى آخر غير نفس القرآن يسمى ظاهر القرآن, كاستدلالات أهل البدع من المرجئة والجهمية والخوارج والشيعة" الفتاوي 7/375.
أبو أويس الإدريسي
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-10, 10:55 AM   #13
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
c8 من هم محارم المرأة الذين يجوز لهم الخلوة بها

من هم محارم المرأة الذين يجوز لهم الخلوة بها
والنظر إليها؟
لما بعد كثير من الناس عن تعاليم الإسلام وأحكام الدين, خاصة تلكم التي تحفظ الفروج والعورات, وتسد الذريعة إلى إختلاط الأنساب والمياه, وتحول دون ارتكاب المنكرات: وقع الناس في مستنقع الرذيلة والفاحشة وساعد على ذلك تمكن أعداء الإسلام من المرأة حتى أوقعوها في براثن الضياع وقلة الحياء بدعوى تحريرها, وهم في الواقع أرادوا أن يحرروها من دينها وحيائها وعفتها.
ومن هذه الأحكام الشرعية: معرفة المرأة لمحارمها من غيرهم حتى تحفظ نفسها ودينها فنقول وبالله التوفيق:
قال النووي رحمه الله:
عندما وجه إليه سؤال: ما حقيقة التي هي محرم له, وله النظر إليها والخلوة بها؟ فأجاب رحمه الله: "هي كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها. وقولنا (على التأبيد) إحتراز من أخت المرأة ونحوها (أي: عمتها وخالتها وبنتها إذا عَقَد على الأم ولم يدخل بها), وقولنا: (بسبب مباح) احتراز من الأم الموطوءة بشبهة وبنتها, فإنهما محرمتان على التأبيد لكن لا بسبب مباح, فإن وطء الشبهة لا يوصف بأنه مباح ولا حرام، لأنه ليس فعل مكلف لأن الغافل ليس مكلفا.
وقولنا: (لحرمتها) احتراز من الملاعنة فإنها محرمة على التأبيد بسبب مباح لكن لا لحرمتها بل عقوبة لهما والله أعلم
" الفتاوي المسمى بالمنثورات للنووي, المسألة 223.
قال تعالى: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء".
قال ابن كثر رحمه الله: " لِبُعُولَتِهِنَّ: أي لأزواجهن.
ومن قوله: أَوْ آبَائِهِنَّ... إلى آخر الآية: قال رحمه: كل هؤلاء محارم للمرأة يجوز للمرأة أن تظهر عليهم بزينتها من غير تبرج" تفسير ابن كثير 3/284.
وتفسير المحارم هم كالآتي:
أَوْ آبَائِهِنَّ: هو أبو المرأة.
أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ: هو أبو الزوج, والأجداد وإن عَلَو.
أَوْ أَبْنَائِهِنَّ: إبن المرأة وإن سفلوا, وكذلك أبناء البنات وإن سفلن.
أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ: ذكور أولاد الزوج, ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن سفلوا, من ذكران كانوا أو إناث.
أَوْ إِخْوَانِهِنَّ: أخو المرأة.
أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ: أبناء الأخ وإن سفلوا.
أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ: أبناء الأخت وإن سفلوا.
أَوْ نِسَائِهِنَّ: أي نساؤهن المسلمات ليس المشركات على الراجح.
أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ: فيه قولان:
أـ المراد الإماء الكتابيات.
ب ـ المراد المملوك الرجل.
10ـ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ: قيل: الذين ليسوا بأكفاء وهم مع ذلك في عقولهم وَلَه, ولا همة لهم إلى النساء ولا يشتهونهن, وقيل: المغفل الذي لا شهوة له, وقيل: هو الأبله, وقيل: المخنث الذي لا يقوم ذكره, أما المخنث الذي يصف فلا يعد من غير أولي الإربة.
11ـ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء: يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن, فإذا كان الطفل صغيرا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء, فأما إن كان مراهقا أو قريبا من ذلك بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يمكن من الدخول على النساء.
يقال طفل: ما لم يراهق الحلُم, يظهروا: أي لم يبلغوا أن يطيقوا النساء.
فائدة:
هل يدخل العم والخال في المحارم؟
قال القرطبي:
الجمهور على أن الخال والعم كسائر المحارم في جواز النظر لهما إلى ما يجوز لهم.
فائدة:
هل زوج البنت محرم لأمها؟
قال ابن كثير: جمهور العلماء على أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد.
فائدة:
هل زوج الأم يعد محرما لابنتها (الربيبة)؟
لا يعد زوج الأم من محارم ابنتها إلا إذا توفر شرطان كما قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: "التحريم جاء مشروطا بأمرين:
أـ أن تكون في الحجر.
ب ـ أن يكون الذي يريد التزويج قد دخل بالأم.
فلا تحرم بوجود أحد الشرطين".
وإلى هذا ذهب داوود بن علي وأصحابه, واختاره ابن حزم وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك رحمه الله, وقد استشكله الإمام بن تيمية وتوقف فيه.
وذهب الجمهور على أن الربيبة حرام, سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره. انظر تفسير ابن كثير وفتح الباري.


سؤال من طالب علم
الحمد لله،
جزاكم الله خيرا شيخنا أبا أويس وزادكم علما ونفع بكم.
في مسألة حرمة الربيبة، لو تزيدوا الشرط الأول بسطا بارك الله فيكم.
ما هو المعنى الفقهي للحجر؟ هل يشترط فيه العيش تحت سقف نفس البيت أم النفقة فقط ؟ وهل له متعلق بسن الربيبة أو بلوغها ؟


بسم الله الرحمن الرحيم
بيان وجواب عن سؤال
يخص موضوع: "محارم المرأة"

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه وسلم.
ابتداء: إن الصدر لينشرح والقلب ليطرب عندما يرى المرء المسارعة من الطلاب والطالبات على العلم النافع وتحرير مسائله وتصورها فنسأل الله لنا ولكم التوفيق وأن يبارك في الجميع وأن يجعلنا من العاملين.
أما في خصوص السؤال الذي طرح: فننبه إلى أن القصد من بيان ذلك الموضوع هو الاختصار دون بسط ولا تأصيل لكن لما ورد السؤال فلا بأس بشيء من التفصيل.
فأقول: محارم المرأة هم الذين لا يحلون لها –أي يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد كما مر معنا-، وهذه المحرمية قد تكون بسبب النسب، أو بسبب الرضاع أو بسبب المصاهرة.
أما بسبب النسب: كالآباء (آبائهن)، والأبناء (أبائهن)..، وهكذا دواليك.
أما بسبب الرضاع: كالأخ من الرضاع، أو الابن من الرضاع..، ولذا فقولنا: (مثلا) –فيما سبق-: ("أو إخوانهن": أخ المرأة)، يلحق به الأخ من الرضاع.. وهكذا، لأنه ما يحرم بسبب الرضاع كالمحرمية بسبب النسب.
قال الألوسي رحمه الله: "ثم إن المحرمية المبيحة لإبداء الزينة للمحارم كما تكون من جهة النسب، تكون من جهة الرضاع، فيجوز أن يبدين زينتهن لآبائهن أو أبنائهن من الرضاع" تفسير الألوسي 18/143.
أما بسبب المصاهرة فمثلا بالنسبة لزوجة الأب هو ابنه من غيرها (وهو المعبر عنه فيما سبق: "بأبناء بعولتهن").. وهكذا، انظر شرح المنتهى 3/7.
أما المعنى الفقهي للحجر في قوله تعالى: "اللائي في حجوركم": فـ "الحجر بالفتح والكسر، حضن الإنسان" تاج العروس 1/3658، وهو كناية عن البيت ولذلك قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (عن أبي عبيدة قوله: "اللائي في حجوركم" قال: "في بيوتكم") تفسير ابن كثير 1/623.
ومر معنا أن جمهور العلماء على أن الربيبة حرام ، سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره، وهو القول الصحيح، وتقييد الآية بـ"حجوركم" خرج مخرج الأغلب، والقاعدة كما في الأصول أن القيد إذا خرج مخرج الأغلب فلا مفهوم له.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9/158: "التقييد بقوله: "في حجوركم" هل هو للغالب؟ أو يعتبر فيه مفهوم المخالفة؟ وقد ذهب الجمهور إلى الأول، وفيه خلاف قديم".
ومن ثم فعلى مذهب الجمهور فإن اشتراط العيش تحت سقف البيت كما ورد في السؤال غير وارد أصلا.
وقال القرطبي رحمه الله: "والربيبة: بنت امرأة الرجل من غيره، سميت بذلك لأنه يربيها في حجره، فهي مربوبة فعيلة بمعنى مفعولة، واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم وإن لم تكن الربيبة في حجره، وشذ بعض المتقدمين وأهل الظاهر فقالوا: لا تحرم عليه الربيبة إلا أن تكون في حجر المتزوج بأمها، فلو كانت في بلد آخر وفارق الأم بعد الدخول، فله أن يتزوج بها واحتجوا بالآية، فقالوا: حرم الله تعالى الربيبة بشرطين: أحدهما: أن تكون في حجر المتزوج بأمها، والثاني: الدخول بالأم، فإذا عدم أحد الشرطين لم يوجد التحريم واحتجوا بقوله عليه السلام: "لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي أنها ابنة أخي من الرضاعة"، فشرط الحجر.
ورووا عن علي بن أبي طالب إجازة ذلك، قال ابن المنذر و الطحاوي: "أما الحديث عن علي فلا يثبت لأن رواية إبراهيم بن عبيد عن مالك بن أوس عن عليج، وإبراهيم هذا لا يعرفه أكثر أهل العلم، قد تلقوه بالدفع والخلاف قال أبو عبيد: ويدفعه قوله: "فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن" فعم ولم يقل: "اللائي في حجري"، ولكنه سوى بينهن في التحريم، قال الطحاوي: وإضافتهن إلى الحجور إنما ذلك فعلى الأغلب مما يكن عليه الربائب، لا أنهن لا يحرمن إذا لم يكن كذلك" الجامع لأحكام القرآن 5 /101.
أما اشتراط النفقة عليها (أي: الربيبة) فنقول: الآية السالفة تحتمل النفقة وعدمها، وما دام الأمر كذلك مع عدم التفصيل فالحكم: العموم أي: سواء كانت الربيبة تحت كفالة ونفقة زوج الأم أم لا بناء على القاعدة في الأصول: ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ويصح به الاستدلال كما قال الشافعي رحمه الله.
قال صاحب المراقي:
ونزلنا ترك الاستفصال منزلة العموم في المقال
وفي "الفقه على المذاهب الأربعة" 4/38: "نساؤه (أي الرجل) المدخول بهن فيحرم عليه أن يتزوج بنت امرأته وهي ربيبته سواء كانت في كفالته أو لا
".
إذن فاشتراط النفقة أو عدمها غير مؤثر في الحكم، ولا يلزم من تربية الزوج لربيبته إذا رباها (هذا على أغلب عادات الناس) أن تكون في بيته أو أن ينفق عليها فتنبه.
والله أعلم.

http://www.manzila.org/forum/index.php?showtopic=3338




رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-10, 01:04 AM   #14
أم الهمام
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
المشاركات: 31
أم الهمام is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله الفردوس الاعلى اختي الحبيبة عن جهودك وجعلهافي ميزان حسناتك ونفعك ونفع بك
أم الهمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-10, 11:27 PM   #15
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي الحجة في الدليل والإجماع.. لا في الاختلاف و النزاع


جزاك الله خيرا اختي بديعة ، اسعدني مرورك العطر

الحجة في الدليل والإجماع.. لا في الاختلاف و النزاع

" ليس الاختلاف حجة, و بيان السنة حجة على المختلفين من الأولين و الآخرين"

من الأصول المعلومة و القواعد المقررة أن الحجة عند التنازع كتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم كما قال تعالى "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ".
عن ميمون بن مهران قال في معنى الآية: "إلى كتاب الله و الرد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قبض إلى سنته" الجامع لابن عبد البر بإسناد صحيح.
قا ل ابن القيم -رحمه الله- : " و لو لم يكن في كتاب الله و سنة رسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه و لم يكن كافيا لم يأمر بالرد إليه إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند التنازع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع". إعلام الموقعين 1/49.
و عليه فالواجب على المرء عند الاختلاف: النظر في الصحيح الراجح من ذلك فيلزمه و يتمسك به أو يتحرى الخروج من الخلاف في حالة الاشتباه.
يقول السبكي –رحمه الله- : "طريق الرشاد في الأمور التي اختلف العلماء في وجوبها أمران : إما أن يتحرى الخروج من الخلاف إن أمكن و إما أن ينظر ما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم فيتمسك به". نقلا عن الاختلاف و ما إليه 47.
و من ثم فمن الخطأ الجسيم الذي سار عليه كثير من الناس احتجاجهم بمطلق الخلاف عل سعة الأمر دون النظر في حقيقة هذا الخلاف و لا معرفة لقوته أو ضعفه...حيث ترتب عليه القول بعدم الإنكار لمسائل الخلاف مطلقا، و هذا سوء فهم لعدم التفريق بين مسائل الاجتهاد و مسائل الاختلاف.
فإن مسائل الاختلاف هي كل مسألة اختلف فيها العلماء سواء كان فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا أم لا.
أما مسائل الاجتهاد فهي ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا فيسوغ فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها.
مما يبين بيانا واضحا أن مسائل الاجتهاد هي من مسائل الخلاف لا العكس.
فأهل العلم عندما قرروا أنه " لا إنكار في مسائل الخلاف" قصدهم بذلك مسائل الاجتهاد لأنهم كما قرروا ذلك نصوا على أنه"لا اجتهاد مع النص" فتنبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :"وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً. وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء.
وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار.
أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.
وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس. والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها" بيان الدليل على بطلان التحليل (ص 210-211) باختصار.
وقال الشوكاني-رحمه الله-:"هذه المقالة –أي لا إنكار في مسائل الخلاف- قد صارت أعظم ذريعة إلى سدّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما بالمثابة التي عرفناك، والمنـزلة التي بيّناها لك، وقد وجب بإيجاب الله عز وجل، وبإيجاب رسوله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع، والنهي عما هو منكر من منكراته: ومعيار ذلك الكتاب والسنة، فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفاً، وينهى عما هو فيهما أو في أحدهما منكراً.
وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك، فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاً، ثم على العامل به ثانياً.
وهذه الشريعة الشريفة التي أُمِرْنا بالأمر بمعروفها، والنهي عن منكرها، هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة" السيل الجرّار المتدفق على حدائق الأزهار (4/588).
و لايعني هذا أن لا خلاف يسعنا و إنما الكلام عن مطلق الخلاف لا الخلاف الاجتهادي السائغ مع السعي فيه هو بدوره إلى تضييقه قدر الإمكان.
يقول الشافعي –رحمه الله- : "الاختلاف من وجهين : أحدهما محرم، و لا أقول ذلك في الآخر.
قال {أي محاوره}: فما الاختلاف المحرم؟.
قلت: كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصا بينا لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
و ما كان من ذلك يحتمل التأويل و يدرك قياسا، فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، و إن خالفه فيه غيره لم أقل : إنه يضيق عليه ضيق الخلاف في المنصوص" الرسالة 560.
و بناءا عليه فإن مجرد الاختلاف ليس من حجج الشرع و لا يعتد به كدليل عند العلماء لأنه ليس بتشريع.
قال الحافظ ابن عبد البر –رحمه الله- " الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له و لا معرفة عنده و لا حجة في قوله" جامع بيان العلم 2/89.
و قد قرر هذا الإمام الشاطبي –رحمه الله- حيث قال: "و قد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة، و وقع فيما تقدم و تأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفا فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف، فإن له نظرا آخر
".
إلى أن قال: "وهذا عين الخطأ على الشريعة، حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدا، و ما ليس بحجة حجة".
و نقل كلاما للخطابي –رحمه الله- حيث قال : " ليس الاختلاف حجة, و بيان السنة حجة على المختلفين من الأولين و الآخرين" الموافقات 4/141.
و من خلال ما سبق يتبين الخطأ الذي جرى عليه عمل بعض المشتغلين بالعلم من إيراد عموم مسائل الخلاف و حكايتها و سرد الأقوال فيها و نسبتها إلى أصحابها، و ربما ذكر أدلة كل مذهب دون تحقيق لذلك و من غير بيان للراجح من المرجوح و القوي من الضعيف، مع أن نوع ذاك الخلاف يستوجب ذلك.
فهذا العرض لمسائل الخلاف يجعل غير الفقيه في حيرة، و ربما ظن اشتباه الشرع و صعوبة درك الحق و طلبه.
فهذا الطريق لا يحصل بها بيان، بل هي إلى التعمية و توعير الطريق أقرب.
و قال الشاطبي –رحمه الله- :" و كلام الناس هنا كثير و حاصله معرفة مواقع الخلاف، لا حفظ مجرد الخلاف" الموافقات 4/162.
و قال ابن كثير – رحمه الله – عند كلامه عن آداب المجادلة:" فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تُنبِّه على الصَّحيح منها ، وتُبطل الباطل ، وتذكر فائِدة الخلاف وثمرته ؛ لئلاَّ يطول النزاع والخلاف فيما لا فائِدة تحته ، فيُشتغل به عن الأهم "( مقدمة التفسير )[1/10] .
أبو أويس الإدريسي
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-05-10, 12:29 PM   #16
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي غلط على الإمام مالك رحمه الله

غلط على الإمام مالك رحمه الله
الإمام يحرم المعازف ولا يبيحها


ما دام العلماء والأئمة وسائط للفهم عن الله جل وعلا وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فالواجب التثبت والتحري فيما ينسب إليهم وينقل عنهم من الأقوال والمذاهب والأحكام "فما أكثر ما يُحكى عن الأئمة ما لا حقيقة له" قاله شيخ الإسلام رحمه الله، الفتاوى الكبرى 6/95، ومن ذلك ما نسب للإمام مالك رحمه الله من القول بإباحة الغناء والمعازف كما نقل ذلك الشوكاني رحمه الله فيما حكاه عن الروياني عن القفال: "أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف"!! إبطال دعوى الاجماع على تحريم مطلق السماع 24.
وهذا لا يصح عن الإمام مالك رحمه الله من وجوه:
أولا: أين إسناد هذه الرواية إلى مالك رحمه الله؟! وإن وجد فيا ترى ما صحته"؟!.
ثانيا: أن المنقول في كتب المالكية عن مالك رحمه الله خلاف ما نقله القفال وهو شافعي المذهب، ومن ذلك ما في المدونة 3/432: "كره مالك قراءة القرآن بالألحان فكيف لا يكره الغناء، وكره مالك أن يبيع الرجل الجارية ويشترط انها مغنية فهذا مما يدل على أنه يكره الغناء"اهـ والمقصود بالكراهة هنا الحرمة فتنبه.
ثالثا: أنه صح عن مالك رحمه الله خلاف ذلك ففي كتاب الأمر بالمعروف للخلال 32، وتلبيس إبليس لابن الجوزي 244 بالسند الصحيح عن إسحاق ابن عيسى الطباع -ثقة من رجال مسلم- قال: " سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال: إنما يفعله عندنا الفساق".
رابعا: لما نسب ابن المطهر الشيعي إلى أهل السنة القول بإباحة الملاهي والغناء كذبه شيخ الإسلام رحمه الله في رده عليه في منهاج السنة فقال: "هذا من الكذب على الأئمة الأربعة فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو كالعود ونحوه ولو أتلفها متلف عندهم لم يضمن صورة التالف بل يحرم عندهم اتخاذها"3/439.
أبو أويس الإدريسي


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-10, 01:19 AM   #17
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي من آثار الذنوب والمعاصي: ضعف الإدراك وفساد التصور



بسم الله الرحمن الرحيم|
من آثار الذنوب والمعاصي: ضعف الإدراك وفساد التصور

للمعاصي والذنوب من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله.
لذلك كانت هي أصل البلاء والشر.
قال ابن القيم رحمه الله: "فكل نقص وبلاء, وشر في الدنيا والآخرة فسببه الذنوب, ومخالفة أوامر الرب, فليس في العالم شر قط إلا والذنوب موجبتها" المدارج 1/424.
ومن ذلك: ضعف الإدراك وفساد التصور الذي ينتج عنه الحكم الباطل, فإن "الحكم على الشيء فرع عن تصوره
" مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله 6/295.
يقول ابن القيم رحمه الله: "فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبا على قلبه, وصدؤه بحسب غفلته, وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه, فيرى الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم, فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه, فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الرَّان فسد تصوره وإدراكه, فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا, وهذا أعظم عقوبات القلب, وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى فإنهما يطمسان نور القلب, ويعميان بصره, قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً"" الوابل الصيب صحيحه.
وحقيقة ذلك "أن المعاصي تفسد العقل, فإن للعقل نورا, والمعصية تطفؤ نور العقل ولا بد, وإذا طفئ نوره ضعف ونقص" الداء والدواء.
ومن الصوارف عن الحق لفساد التصور: ضعف عقل الناظر في الحق.
والعقل محله القلب على الصحيح من قولي الفقهاء وهو مذهب الجمهور لقوله تعالى: "فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا".
وقال عمر رضي الله عنه في حق ابن عباس رضي الله عنهما: "ذالكم فتى الكهول, إن له لسانا سؤولا, وقلبا عقولا" رواه الحاكم في مستدركه.
وفي ذلك قال بعضهم:
محله القلب على المشهور **** للوحي وهو مذهب الجمهور
وفي الدماغ قال جل الحكما **** وبقولهم قال بعض العلما
وعليه ففساد العقل: فساد للقلب والبصيرة.
قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: "فمتى كان الناظر غير تام العقل كان أعمى البصيرة" الذريعة إلى مكارم الشريعة 263.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "كما أن الإنسان يغمض عينيه فلا يرى شيئا وإن لم يكن أعمى, فكذلك القلب بما غشاه من رين الذنوب لا يبصر الحق, وإن لم يكن أعمى كعمى الكافر" الإيمان 29.
ولما كان العقل له تعلق بالدماغ والقلب معا, حيث يكون مبدأ الفكر والنظر في الدماغ, ومبدأ الإرادة والقصد في القلب فالمريد لا يكون مريدا إلا بعد تصور المراد, و"التصور محله الدماغ" انظر الفتاوي 9/304.
فلزم من ذلك أنه إذا فسد القلب والعقل بالذنوب والمعاصي، ضعف الإدراك وفسد التصور.
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن عقوباتها (أي: المعاصي) أنها تؤثر بخاصة في نقصان العقل, فلا تجد عاقلين أحدهما مطيع لله, والآخر عاص, إلا وعقل المطيع منهما أوفر وأكمل, وفكره أصح ورأيه أسد, والصواب قرينه, ولهذا تجد خطاب القرآن إنما هو مع أولي العقول والألباب كقوله: (وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)..." الجواب الكافي 123.
أبو أويس الإدريسي
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-06-10, 02:27 PM   #18
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
c8 الأسرة المسلمة والخوف من الفقر

الأسرة المسلمة والخوف من الفقر

وقفات مع قوله تعالى:
"وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى"
"الأسرة المسلمة والخوف من الفقر
"

هذه الآية الكريمة من جملة آيات كثيرة في كتاب الله تعالى, تعالج مشكلة من المشكلات, وآفة من الآفات التي تعتري الأسرة المسلمة والمجتمع المؤمن ألا وهي: قضية الخوف من الفقر.
فأكثر الناس في وقتنا هذا في حالة قلق واضطراب وفزع مما سيكون في المستقبل, فنتج من جراء ذلك: الجري وراء الدنيا وتعلق القلوب بها, حتى أفضى بهم الأمر إلى الوقوع في المحرمات, فظهر الغش والتدليس, وأخذ أموال الناس بالباطل.., وأعظم ذلك وأشنعه: المعاملات الربوية التي شاعات وانتشرت نسأل الله العافية.
مع أن مفتاح الرزق حقيقة: الإقبال على طاعة الله تعالى, والصبر على عبادته سبحانه.
قال تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ".
قال السعدي رحمه الله في تفسيره: "أي: حث أهلك على الصلاة وأزعجهم إليها من فرض ونفل.
والأمر بالشيء أمر بجميع ما لا يتم إلا به, فيكون أمرا لتعليمهم ما يصلح الصلاة ويفسدها ويكملها
" تيسير الكريم الرجمن 3/228.
وهذا الأمر بالصلاة راجع إلى امتثال قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ".
قال غير واحد من السلف في تفسيرها: "أي علموهم وأدبوهم".
وهذا الشطر من الآية يدل على أصل عظيم من أصول التربية عموما وتربية الأسرة خصوصا وهو: "التعليم".
وقال تعالى: "وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا": والاصطبار مرتبة من مراتب الصبر.
قال ابن القيم رحمه الله في المدارج: "والمصطبر: المكتسب الصبر المليء به".
قال السعدي رحمه الله: "(وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) أي: على الصلاة بإقامتها بحدودها وأركانها وخشوعها فإن ذلك مشقّّّّّّ على النفس.
ولكن ينبغي إكراهها وجهادها على ذلك والصبر معها دائما
" تيسير الكريم الرحمن 3/228.
وورد تخصيص الصلاة في الآية بالذكر دون سائر الطاعات لأن "العبد إذا أقام صلاته على الوجه المأمور به كان لما سواها من دينه أحفظ وأقوم وإذا ضيعها كان لما سواها أضيع" تيسير الكريم الرحمن 3/228.
وجاء الجمع بين الصلاة والصبر لأنهما عون على المضي في الطريق إلى الله تعالى كما قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".
وقال ابن كثير رحمه الله في معنى قوله اصطبر عليها: "واصطبر (أي: يا رَبَّ البيت) أنت على فعلها" تفسير القرآن 3/1879.
وهذا بيان لأصل ثان من أصول التربية ألا وهو "القدوة" فها هو النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح المشهور يكون في خدمة أهله فإذا سمع النداء فزع إلى الصلاة كأنه لا يعرفهم ولا يعرفونه.
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية. الجامع لأحكام القرآن 11/233.
وقال تعالى: "لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ".
قال ابن كثير رحمه الله: "أي إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب كما قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)..".
إذن فمفتاح الرزق الحقيقي طاعته تعالى وعبادته والإيمان به، هذا مع الأخذ بالأسباب الشرعية والتوكل على رب البرية، فإن التوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم والأخذ بالأسباب من سنته.
قال تعالى: "فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ".
وقال عليه الصلاة والسلام: "يقول الله تعالى: يابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنا وأسد فقرك, وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك" صحيح سنن الترمذي.
وقال ثابت رحمه الله: "كانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة". تفسير ابن كثير.
وقال تعالى: "وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى".
قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية: "في الدنيا والآخرة (للتقوى) التي هي فعل المأمور وترك المنهي" تيسير الكريم الرحمن 3/228.
فدلَّ ذلك على أن العاقبة الحسنى لأهل التقوى والصلاة والصبر ويؤكده قوله جل وعلا: "وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ".

أبو أويس الإدريسي.

رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-10, 02:41 PM   #19
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي الخلاف سنة كونية

الخلاف سنة كونية
والاعتصام فريضة شرعية

ينشأ الاختلاف الفكري من اختلاف الطبيعة والعقول البشرية, فهو من طبيعة البشر أو من لوازم طبيعتهم كما قال تعالى: "وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ".
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: "قال الحسن البصري في رواية عنه: وللاختلاف خلقهم", أي: أن الله تعالى خلقنا للاختلاف كونا وقدرا, لا دينا وشرعا.
وقال ابن القيم رحمه الله: "ووقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه" (الصواعق المرسلة 2/519).
وقال العلامة صديق حسن خان رحمه الله: "كما أن الموت أمر طبيعي للحياة البشرية باعتبار الطبيعة الخاصة والعامة معا.. فكذلك الاختلاف طبيعي لعقول البشر باعتبار الطبيعة الخاصة والعامة, وإليه الإشارة في قوله تعالى: (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)" (أبجد العلوم 213).
ولذلك لا يتصور البتة الاتفاق في كل مسألة مسألة, وكيف يتصور ذلك والخلاف حصل بين الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام, كما ورد في نصوص الكتاب والسنة.
قال ابن الوزير اليماني رحمه الله:
تسل عن الوفاق فربنا قد **** حكى بين الملائكة الخصاما
كذا الخضر المكرم والوجيه المـ **** كلم إذا ألم به لمـامـا
تكدر صفو جمعهما مرارا **** وعجل صاحب السر الصرما
ففارقه الكليم كليم قلب **** وقد ثنى على الخضر الملاما
فدلَّ على اتساع الأمر فيما الـ **** كرام فيه خالفت الكراما

(أنظر إيثار الحق على الخلق 199).
لكن تقرير هذا الأصل لا يعني بحال الاستسلام للخلاف, لأن الخلاف إذا كان سنة كونية, فإن الاعتصام فريضة شرعية كما قال تعالى: "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ".
قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية: "..ثم أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختلُّ نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام" تيسير الكريم الرحمن.
إذن فالاعتصام أمر الله جل وعلا به حتى نسعى بذلك إلى التخفيف من حدة الخلاف وتضييق دائرته والالتزام بآدابه بالتزام الإنصاف والعدل, والقيام على تأليف القلوب وجمع الكلمة على الحق, ووضع الخلافات في إطارها الشرعي, دون غلو منا أو تزيد, ودون تمييع أو تساهل, فنرفض خلاف التضاد الذي لم تدل عليه الأدلة الشرعية والقواعد المرعية - وإن كنا قد نعذر القائل به إذا كان أهلا للاجتهاد أو من تبعه صادقا-, ونقبل الخلاف المعتبر المنضبط بالضوابط المتينة العلمية, فتتسع له صدورنا كما وسع ذلك من سلفنا مع السعي إلى تضييقه هو بدوره قدر الامكان.
قال ابن القيم رحمه الله في معرض ذلك: "..ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه, وإلا فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية، ولكن إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة لم يكد يقع اختلاف, وإن وقع كان اختلافا لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة, فإن الأصل الذي بنوا عليه واحد وهو كتاب الله وسنة رسوله والقصد واحد وهو طاعة الله ورسوله والطريق واحد وهو النظر في أدلة القرآن والسنة وتقديمها على كل قول ورأي وقياس وذوق وسياسة" الصواعق المرسلة 2/519.
إذن فاعتقاد حتمية الخلاف لا يعني الاسترسال فيه حتى يصير ديدن الإنسان الاحتجاج بمطلق الخلاف وهو أمر باطل.
فليس كل خلاف جاء معتبرا ****إلا خلاف له حظ من النظر
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: "الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له, ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله" جامع بيان العلم 2/922.
وقال الشاطبي رحمه الله: "وقد زاد الأمر قدر الكفاية حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة... فربما وقع الافتاء في المسألة بالمنع, فيقال لم تمنع؟ والمسألة مختلف فيها, فيجعل الخلاف حجة في الجواز بمجرد كونها مختلفا فيها" الموافقات 4/141. وقد بسطنا هذا المعنى الأخير في موضوع بعنوان: "الحجة في الدليل والإجماع.. لا في الاختلاف و النزاع" بمنتدى الفقه وأصوله.
أبو أويس الإدريسي

رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-10, 07:36 PM   #20
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي بيان الباطل والإنكار على من وقع فيه: رحمة وإحسان, لا تشفي وانتقام

بيان الباطل والإنكار على من وقع فيه: رحمة وإحسان, لا تشفي وانتقام

من الأصول المقررة عند أهل السنة: أن الرد على أهل الأهواء, وبيان الباطل والإنكار على من وقع فيه -لمن تأهل لذلك وأحسنه- من أهم المهمات وأعظم الواجبات.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "واشتد نكير السلف والأئمة للبدعة, وصاحوا بأهلها من أقطار الأرض, وحذروا فتنهم أشد التحذير وبالغوا في ذلك بما لم يبالغوا في إنكار الفواحش والظلم والعدوان, إذ مضرة البدع وهدمها للدين ومنافاتها له أشد" المدارج 1/327.
وقال المروذي رحمه الله: "قلت لأبي عبد الله, يعني: إمامنا (الإمام أحمد): ترى للرجل أن يشتغل بالصوم والصلاة ويسكت عن الكلام في أهل البدع؟ فكلح في وجهه وقال: إذا هو صام وصلى واعتزل الناس, أليس إنما هو لنفسه؟ قلت: بلى. قال: فإذا تكلم كان له ولغيره, يتكلم أفضل" طبقات الحنابلة 2/216.
لكن مما ينبغي الحذر منه في هذا المقام: التعدي ومجاوزة الحد المشروع عند بيان الباطل والإنكار على أهله.
قال تعالى: "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى".
يقول شيخ الإسلام رحمه الله في معرض ذكره لفوائد قوله تعالى: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم": "ألا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم أو نهيهم أو هجرهم أو عقوبتهم... فإن كثيرا من الآمرين الناهين قد يتعدى حدود الله إما بجهل وإما بظلم, وهذا باب يجب التثبت فيه وسواء في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين والفاسقين والعاصين", ثم قال: "وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين الأمة وعلمائها وعبادها وأمرائها ورؤسائها وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل... كما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة, وكما بغت الناصبة على علي وأهل بيته,... وكما قد يبغي بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به وهو الإسراف المذكور في قولهم (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا)" الفتاوي 14/481-483.
وها هو الإمام الذهبي رحمه الله يبين أن بغض المبتدعة أدى بالبعض إلى تجاوز طريقة السلف والخروج عن العدل فقال في ترجمة يحيى بن عمار رحمه الله: "وكان متحرقا على المبتدعة والجهمية, بحيث يؤول به ذلك إلى تجاوز طريقة السلف وقد جعل الله لكل شيء قدرا" تهذيب السير 3/1231.
وذكر أيضا في ترجمة ابن منده رحمه الله: "أنه نهى عن الدخول على بعض من وقع في مخالفة مذهب السلف في أمور تخص الاعتقاد، وقال (أي: ابن منده): "على الداخل عليهم أحرج أن يدخل مجلسنا أو يسمع منا, أو يروي عنا, فإن فعل فليس هو منا في حِلّ".
وعلق الذهبي على ذلك فقال: "قلت: ربما آل الأمر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدَّة, فيقع في الهجران المحرم, وربما أفضى ذلك إلى التكفير والسعي في الدم" السير.
وعليه فليس من العدل ولا من المروءة أن يستغل المتبع لطريقة السلف الصالح, ومنهج أهل السنة والحديث تبديع العلماء المعتد بهم لشخص وتحذيرهم منه ومن كلامه, فيفرِّغ أحقاده الشخصية, ويلبسها ثوب الحرص على السنة, والنقمة على البدعة, مستجيبا لدعاوي الهوى التي تحركه فيتجاوز الحدود الشرعية وطريقة السلف المرعية.
يقول ابن تيمية رحمه الله عن المبتدع: "يُبيَّن أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله...وهذا كله ينبغي أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى, لا لهوى الشخص مع الإنسان, مثل أن تكون بينهما عداوة دنيوية, أو تحاسد, أو تباغض, أو تنازع على الرئاسة, فيتكلم بمساويه مظهرا للنصح, وقصده في الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه, فهذا من عمل الشيطان" الفتاوي 28/221.
وفي تعليله رحمه الله للقول بهجر المبتدع الداعي لبدعته والتغليظ في ذمه يقول: "والمقصود بذلك ردعه, وردع أمثاله, للرحمة والإحسان لا للتشفي والانتقام" منهاج السنة 5/239.
أبو أويس الإدريسي


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملخص حلية طالب العلم للأستاذة عطاء الخير أسماء حموا الطاهر علي أرشيف الفصول السابقة 10 25-12-13 01:00 AM


الساعة الآن 02:27 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .