العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة اللغة العربية وعلومها

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-13, 06:35 AM   #1
سنا
مشرفة روضة علوم اللغة العربية
افتراضي ( حتّى أحلّني الكَرخَ)؛ لمُحبّاتِ النّحو!

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحَبيباتُ في اللهِ؛

مادّة قيّمةٌ - بمنّهِ جلّ وَعلا -؛

،’
حتّى أحلّني الكَرخ!
***********

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ....أما بعد :

نص المقامة البغدادية لبديع الزمان

حَدَّثَنَا عِيَسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذَ، وَلَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ، فَخَرْجْتُ أَنْتَهِزُ مَحَالَّهُ حَتَى أَحَلَّني الكَرْخَ، فَإِذَا أَنَا بِسَوادِيٍّ يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَيَطَرِّفُ بِالعَقْدِ إِزَارَهُ، فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ، فَقَالَ السَّوادِيُّ: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبْو عُبَيْدٍ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطَانَ، وَأَبْعَدَ النِّسْيانَ، أَنْسَانِيكَ طُولُ العَهْدِ، وَاتْصَالُ البُعْدِ، فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدي، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟ فَقَالَ: َقدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ، وَأَرْجُو أَنْ يُصَيِّرَهُ اللهُ إِلَى جَنَّتِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلاَ حَوْلَ ولاَ قُوةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم، وَمَدَدْتُ يَدَ البِدَارِ، إِلي الصِدَارِ، أُرِيدُ تَمْزِيقَهُ، فَقَبَضَ السَّوادِيُّ عَلى خَصْرِي بِجِمُعْهِ، وَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ لا مَزَّقْتَهُ، فَقُلْتُ: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ، فَاسْتَفَزَّتْهُ حُمَةُ القَرَمِ، وَعَطَفَتْهُ عَاطِفُةُ اللَّقَمِ، وَطَمِعَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ، ثُمَّ أَتَيْنَا شَوَّاءً يَتَقَاطَرُ شِوَاؤُهُ عَرَقاً، وَتَتَسَايَلُ جُوذَابَاتُهُ مَرَقاً، فَقُلْتُ: افْرِزْ لأَبِي زَيْدٍ مِنْ هَذا الشِّواءِ، ثُمَّ زِنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الحَلْواءِ، واخْتَرْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الأَطْباقِ، وانْضِدْ عَلَيْهَا أَوْرَاقَ الرُّقَاقِ، وَرُشَّ عَلَيْهِ شَيْئَاً مِنْ مَاءِ السُّمَّاقِ، لِيأَكُلَهُ أَبُو زَيْدٍ هَنيَّاً، فَأنْخّى الشَّواءُ بِسَاطُورِهِ، عَلَى زُبْدَةِ تَنُّورِهِ، فَجَعَلها كَالكَحْلِ سَحْقاً، وَكَالطِّحْنِ دَقْا، ثُمَّ جَلسَ وَجَلَسْتُ، ولا يَئِسَ وَلا يَئِسْتُ، حَتَّى اسْتَوفَيْنَا، وَقُلْتُ لِصَاحِبِ الحَلْوَى: زِنْ لأَبي زَيْدٍ مِنَ اللُّوزِينج رِطْلَيْنِ فَهْوَ أَجْرَى فِي الحُلْوقِ، وَأَمْضَى فِي العُرُوقِ، وَلْيَكُنْ لَيْلَّي العُمْرِ، يَوْمِيَّ النَّشْرِ، رَقِيقَ القِشْرِ، كَثِيفِ الحَشْو، لُؤْلُؤِيَّ الدُّهْنِ، كَوْكَبيَّ اللَّوْنِ، يَذُوبُ كَالصَّمْغِ، قَبْلَ المَضْغِ، لِيَأْكُلَهُ أَبَو َزيْدٍ هَنِيَّاً، قَالَ: فَوَزَنَهُ ثُمَّ قَعَدَ وَقَعدْتُ، وَجَرَّدَ وَجَرَّدْتُ، حَتىَّ اسْتَوْفَيْنَاهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا زَيْدٍ مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ، لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ، وَيَفْثأَ هذِهِ اللُّقَمَ الحَارَّةَ، اجْلِسْ يَا أَبَا َزيْدٍ حَتَّى نأْتِيكَ بِسَقَّاءٍ، يَأْتِيكَ بِشَرْبةِ ماءٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ ولاَ يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ، فَلَمَّا أَبْطَأتُ عَلَيْهِ قَامَ السَّوادِيُّ إِلَى حِمَارِهِ، فَاعْتَلَقَ الشَّوَّاءُ بِإِزَارِهِ، وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ ما أَكَلْتَ؟ فَقَالَ: أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عَلَيْهِ بِلَطْمَةٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّوَّاءُ: هَاكَ، وَمَتَى دَعَوْنَاكَ؟ زِنْ يَا أَخَا القِحَةِ عِشْرِينَ، فَجَعَلَ السَّوَادِيُّ يَبْكِي وَيَحُلُّ عُقَدَهُ بِأَسْنَانِهِ وَيَقُولُ: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهْوَ يَقُولُ: أَنْتَ أَبُو زَيْدٍ، فَأَنْشَدْتُ:
أَعْمِلْ لِرِزْقِكَ كُلَّ آلـهْ *** لاَ تَقْعُدَنَّ بِكُلِّ حَـالَـهْ
وَانْهَضْ بِكُلِّ عَظِـيَمةٍ *** فَالمَرْءُ يَعْجِزُ لاَ مَحَالَهْ

معاني الكلمات:

1- الأزاد: نوع من التمر الجيد
2- على نقد: أي والحال أني مُعدم لا مال عندي
3- المحالُّ: جمع محلة، والمراد بها الأماكن التي يوجد بها الأزاذ، وانتهز: المراد منه أتلمس وأقصد، ولكنه جعلها كالغنيمة التي يسارع لانتهازها اللَّبقُ، والكرخ: محل ببغداد، والضمير في "أحلني" راجع إلى الأزاذ، من باب إسناد الفعل للسبب.
4- السواد: ريف العراق وقُراه، والنسبة إليه سواديٌّ، والمراد رجل من أهل السَّواد، وهم – في أغلب الأحوال – أغرار لا يفطنون لدقيق الحيل.
5- أراد بالصيد ذلك الرجل، ثم أقبل عليه يحادثه ويكالمه، ويتدخل معه، ينال منه ما أراد.
6- أخذ يُدخلُ بحيلته في روع السَّوادي أنه أليف قديم وصاحبٌ من عهد بعيد، فلما أخطأ تكنيته، وخشى ألا تجوز حيلته، عمد إلى انتحال المعاذير، بطول أمد الفراق، وبعد عهد التلاق.
7- المراد بالدِّمنة القبر، والربيع هنا: النبات، وكنى بذلك عن موته منذ عهد ليس بالقصير.
8- البِدار: المبادرة والمسارعة، والصِّدار: ثوب يلبس مما يلي الجسد، والمعنى أنه حين سمع بموت أبيه بادرَ إلى ثوبه ليمزقه؛ إظهاراً للجزع، وتأكيداً للحيلة بأنه صديق أبيه.
9- جُمْع اليد، بضم الجيم: قَبضَتها، والمعنى أنه قبض بكل يده عليه ليمنعه من تمزيق صِدَاره.
10- استفزته: استهوته وحركته بشدة، والحمة في الأصل: إبرة العقرب التي تلسع بها، ثم حملت على الشدة مطلقاً، والقَرَم: الشهوة البالغة لأكل اللحم، واللقم: السرعة في الأكل، والمعنى أن شدة حبه للطعام وعظيم شوقه إليه أسْرعا به إلى موافقتي.
11- الجوذابة: رغيف يخبر وفوقه طائر أو قطعة لحم.
12- السماق: حب صغير أحمر حامض يعتبر من المُشهِّيات.
13- الساطور: سكين عظيمة، وبهذا الاسم تعرف عند العامة من أهل مصر إلى يومنا هذا.
14- اللوزينج: نوع من الحلوى يتخذ من الخبر، ويسقى بدهن اللوز، ويحشى بالنَّقْل، ومعنى كنوه ليليَّ العمر أنه صنع ليلا، ومعنى كونه نهاريَّ النَّشر أنه قد ظهر نهاراً، ليكون – بعد مضي هذا الوقت – قد شرب دهنه وعسله.
15- يشعشع: يخلط، ومن ثم قيل للخر: مشعشعة؛ لأنها تشرب مخلوطة بالماء كثيراً، قال عمرو بن كلثوم:
مُشَعشَعةً كَأنَّ الحُصَّ فِيها ******إذا ما الماء خَالَطَها سَخِينا
16- ويقمع: يقهر، والصارة: شدة الحر، ويفثأ: يكسر ويخفف، والمعنى إننا في حاجة إلى الماء المخلوط بالثلج، ليبرد عنا سطوات الحر، ويخفف من حدة هذا الأكل في أجوافنا.
17- اعتلق: تعلَّق أمسك، أي أن الشَّوَّا لم يتركه يخرج، بل أمسك به ليستوفي حقه منه.
18- أكلته ضيفاً: أي كنت مدعُواً لتناول هذا الطعام، فلا يحل لك أن تطالبني بثمنه؛ لأن الضيف لا يدفع ثمن ما يأكل.
19- هاك: اسم فعل بمعنى خُذ، والمعنى: تناول من الضرب واللكم ما أنت به خليق.
20- القِحَة: الوقاحة وسوء الأدب، ومعنى زن عشرين: أعْطِ وزن عشرين درهما.
21- المعنى: لا تكن خائر القوى فتقعد عن طلب الرزق وأنت تعلم أنه لا يأتيك حتى تعمل له، ولا يُقبِل عليك حتى تسير إليه، بل أجهد نفسك، وادأب في السعي إليه، ولا تدخر وسعاً في تحصيله.
22- أي أنه لا بد أن يأتي على المرء يوم يعجز فيه عن القيام بحاجته؛ فانتهز فرصة شبابك وقوتك، واغتنم من فتوتك، وحداثة سنك ما يساعدك على القيام بعظائم الأمور، وجلائلها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مُقتطفٌ من
هُنا .
وهنا تَحميل شرح المَقامات بتحقيق مُحمد مُحيالدّين بالضّغط
هُنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نفعكُنّ اللهُ.







توقيع سنا
اللّهمّ إنّي أسألك الجنّة.
سنا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:14 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .