العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة القرآن وعلومه

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-02-09, 11:19 PM   #1
دعاء عبد الله
~نشيطة~
Post حكم كتابة البسملة في المصحف الشريف



البسملة في المصحف الشريف


معني كلمة (( البسملة ))

في البداية نود أن نذكر معني كلمة (( البسملة )) وهي اسم لكلمة باسم الله ، صيغ هذا الاسم على مادَّةٍ مؤلفة من حروف الكلمتين باسم والله على طريقة تسمى النَّحْت ، وهو صوغ فعللِ مُضِيٍ على زنة فَعْلَل مؤلفةٍ مادِّتُه من حروف جملة أو حروفِ مركَّب إِضَافِيَ ، مما ينطق به الناس اختصاراً عن ذكر الجملة كلها لقصد التخفيف لكثرة دوران ذلك على الألسنة . وقد استعمل العرب النحت في النَّسَب إلى الجملة أو المركب إذا كان في النسبِ إلى صدر ذلك أو إلى عَجزه التباس ، كما قالوا في النسبة إلى عبد شمس عَبْشَمِيّ خشية الالتباس بالنسب إلى عبدٍ أو إلى شمس ، وفي النسبة إلى عبد الدار عَبْدَرِيّ كذلك وإلى حضرموت حضرمي قال سيبويه في باب الإضافة ( أي النسَب ) إلى المضاف من الأسماء : «وقد يجعلون للنسب في الإضافة اسماً بمنزلة جَعْفَري ويجعلون فيه من حروف الأول والآخر ولا يخرجونه من حروفهما ليُعْرَف» إ.هـ ، فجاء من خلفهم من مولدي العرب واستعملوا هذه الطريقة في حكاية الجمل التي يكثر دورانها في الألسنة لقصد الاختصار ، وذلك من صدر الإسلام فصارت الطريقة عربية.
فأصل بسمل قال بسم الله ثم أطلقه المولدون على قول بسم الله الرحمن الرحيم ، اكتفاء واعتماداً على الشهرة وإن كان هذا المنحوتُ خِليَّاً من الحاء والراء اللذين هما من حروف الرحمان الرحيم ، فشاع قولهم بسمل في معنى قال بسم الله الرحمن الرحيم ، واشتق من فعل بسمل مصدر هو البسملة كما اشتق من هَلَّل مصدر هو الهيللة وهو مصدر قياسي لفعلل . واشتق منه اسم فاعل في بيت عمر بن أبي ربيعة ولم يسمع اشتقاق اسم مفعول([1]). .


حكم البسملة

ولا خلاف بين أهل العلم في أنّ البسملة بعض آية من سورة النمل، ولا خلاف أيضا بأنها ليست آية بين سورتي الأنفال والتوبة، ولكنهم يختلفون في البسملة هل هي آية من القرآن أو ليست بآية على خمسة أقوال، والذي يلوح رجحانه أنّ البسملة آية من سورة الفاتحة، وليست بآية من أول كلّ سورة، وليست آية للفصل بين السور، وإنما هي آية لابتداء السور، ويدلّ على أنّ البسملة آية كاملة من الفاتحة ما روته أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا قَرَأَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً ﴿ِبسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ(3)﴾" ([2]) ، ويؤيد هذا الحديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" إِذَا قَرَأْتُمُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) فَاقْرَءُوا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي وَ(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إِحْدَاهَا"([3]) ، والحديثان صريحان في الدلالة على أن البسملة آية كاملة من سورة الفاتحة، ولا يستقيم قول من قال إنه من كلام أبي هريرة وأمّ سلمة رضي الله عنهما، إذ يبعد أن يُدرج كلٌّ منهما في الحديث كلامه من غير التنبيه خاصة مع أهمية هذه المسألة، كما لا يصح القول بأن أبا هريرة رضي الله عنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يجهر بها فظنَّها من السورة، فقد جاء من حديث أم سلمة رضي الله عنها ما يدفع هذا الاحتمال.
كما لا يستقيم توجيه حديث أم سلمة رضي الله عنها بأن البسملة فيها آية مفردة للفصل بين السُّوَر، لأنه لو كانت كتابتها للفصل في المصحف لكتبت بين الأنفال والتوبة، ولأَمْكَن حدوثُ الفصل بدون البسملة، ولوجودها في بداية الفاتحة وليس قبلها ما يفصل بها.
أما البسملة في غير الفاتحة فهي آية لابتداء السور على الصحيح من أقوال أهل العلم، لقول ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لاَ يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تُنَزَّلَ عَلَيْهِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)" ([4])، فإن ظاهره يدل على أنها آية لابتداء السور وبها يعرف الفصل، ويؤيد هذا الحكم انعقاد الإجماع على أن سورة الإخلاص أربع آيات، وسورة الكوثر ثلاث آيات، وأن سورة الملك ثلاثون آية فلو كانت البسملة آية منها لعُدَّت مع السور السابقة، وهذا مخالف للإجماع، وقد صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ثَلاَثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِىَ (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)" ([5]) فلو كانت البسملة منها لكانت إحدى وثلاثين آية وهو مخالف لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإجماع القراء والفقهاء.
هذا، والقول بأن البسملة آية من الفاتحة لا يلزم الجهر بها في الصلاة الجهرية بل يُسِرُّ بقراءتها كالفاتحة في الأُخْرَيَيْنِ من الرباعية والثالثة من الثلاثية، ولما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)" ([6]) وفي رواية: "لاَ يَجْهَرُونَ بـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)" ([7]) وفي رواية لابن خزيمة: "كان يُسِرّ..." ([8]) الحديث.


آراء علماء القراءات

قال عاصم وقالون الكسائي وابن كثير : بقراءة البسملة بين كل سورتين ما عدا سورة براءة , وقال حمزة : بعد قراءتها بين السورتين : وسئل نافع عن قراءة البسملة في أول سورة الفاتحة فأمر بها وقال : أشهد أنها آية من السبع المثاني وأن الله أنزلها .




أما ورش وأبو عمرو وابن عامر فقد قالوا : إن القارئ مخير بين السكت والوصل .

وقد اتفق القراء على الإتيان بالبسملة في أول سورة ما عدا سورة براءة أما أجزاء السور في غير براءة فالقارئ مخير فيها بين الإتيان والترك .
وقال : وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة , لأم أكثر العلماء نص على أنها آية فإذا أخل بها القاريء كان تاركاً لبعض الختمة عند الأكثرين وإذا قرأ من أثناء السورة استحب له ذلك أيضاً .
وبعد أن ذكرنا آراء علماء القراءات في حكم البسملة , نذكر الآن رأي الفقهاء في حكم البسملة
آراء الفقهاء في حكم البسملة


رأي أي حنيفة : يرى الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه أن البسملة آية تامة من القرآن الكريم أنزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة .
رأي مالك : ويرى الإمام مالك رضي الله عنه أن البسملة ليسة آية من الفاتحة ولا من شيء من سور القرآن .
رأي الشافعية والحنابلة : ويرى الشافعية والحنابلة رضي الله عنهما أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة . ([9])



([1])الرحمة المرسلة في فضل وفوائد ومعاني البسملة : أبي عبد الرحمن سلطان علي ، ص 17

([2]) أخرجه أبو داود في الحروف والقراءات (4003)، والترمذي في القراءات (3177)، وأحمد (27324)، والحاكم في المستدرك (2910)، والدارقطني (1204)، والبيهقي (2479)، وأبو يعلى في مسنده (7022)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها. قال الدارقطني في سننه (1/651): "إسناده صحيح وكلهم ثقات". وصححه الألباني في إرواء الغليل (2/60).

([3])أخرجه الدارقطني (1202)، والبيهقي (2486)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" (1/292):"إسناده كلّ رجاله ثقات"، والألباني في السلسلة الصحيحة (1183).


([4])أخرجه أبو داود في الصلاة (788)، والبيهقي (2473)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. قال ابن كثير في "إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه"(1/122): "إسناده صحيح على شرط الشيخين"، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4864).

([5])أخرجه الترمذي فضائل القرآن (3134)، وأحمد (8195)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد (15/129)، والألباني في صحيح الجامع (2092).

([6])أخرجه البخاري في الأذان (743)، وأبو داود في الصلاة (782)، والترمذي في الصلاة (247)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (862)، وأحمد (12317)، والدارمي في سننه (1287)، والدارقطني في سننه (1218)، والحميدي في سننه (1252)، والبيهقي في سننه (2515)، من حديث أنس رضي الله عنه

([7])أخرجه ابن حبان (1802)، أحمد (13182)، والبيهقي (2473)، من حديث أنس رضي الله عنه، قال الزيلعي في "نصب الراية"(1/329): "رجاله كلهم ثقات مخرج لهم في الصحيحين".

([8])أخرجه ابن خزيمة (498) كتاب الصلاة، باب "ذكر الدليل على أن أنسا إنما أراد بقوله لم أسمع أحدا منهم يقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" أي لم أسمع أحدا منهم يقرأ جهرا "بسم الله الرحمن الرحيم"، وأنهم كانوا يسرون "بسم الله الرحمن الرحيم" في الصلاة، لا كما توهم من لم يشتغل بطلب العلم من مظانه وطلب الرئاسة قبل تعلم العلم"، من حديث أنس رضي الله عنه.

([9])كتاب أثر القراءات في الفقه الإسلامي : الدكتور صبري عبد الرّءوف محمد عبد القوي ص179-190.



.
دعاء عبد الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بشرى المصحف النبوي الشريف للنشر الحاسوبي من مجمع الملك فهد.. المزدانة بدينها مكتبة طالبة العلم المقروءة 5 15-07-07 10:45 PM
لا بأس بالقراءة من المصحف للإمام الذي لا يحفظ القرآن أم هشام روضة الفقه وأصوله 2 09-10-06 01:16 PM


الساعة الآن 12:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .