![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
نفع الله بك الأمة
|
![]() المجلس العاشر شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبيل المتن: ومن السُّنَّةِ الَّلازِمةِ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً -لم يَقْبَلْهَا ويُؤْمِنْ بِهَا -لَم يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا:الإيمَانُ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، والتَّصْدِيقُ بِالأَحَادِيثِ فِيهِ،وَالإِيمَانُ بِهَا لا يُقَالُ:لِمَ ؟وَلاكَيْفَ؟ إنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ بِهَا وَالإيمَانُ-بِهَا-. الشرح: سبق أن :الإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بمراتبه الأربع وهي: العلم،ثم الكتابة، ثم المشيئة ، ثم الخلق والإيجاد، هذه مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر "العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد". بمعنى أن الله يعلم بأن سيوجد فلان ثم يكتب هذا في اللوح المحفوظ ثم إذا جاء وقت وجوده شاء الله أن يكون ثم بعد ذلك يخلقه جل جلاله وعظم سلطانه . * الاستفصال في كون الإنسان مخير أم مسير: إطلاق كلا هذين اللفظين: مسير ومخير في وصف الإنسان لفظ محدث ،فليس في كتاب الله تعالى ولا في السنة المطهرة وصف الإنسان بأنه مسير مجبور ولا فيهما أنه مخير تخييرًا يخرج به عن علم الله وقدرته وإرادته. فمثل هذه الألفاظ المطلقة المتقابلة لم يكن السلف والأئمة يطلقونها بل كانوا يستفصلون فيها وينكرون إطلاقها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: 8/293 "وسلف الأمة وأئمتها ينكرون هذه الإطلاقات كلها لا سيما كل واحد من طرفي النفي و الإثبات على باطل، وإن كان فيه حق أيضًا بل الواجب إطلاق العبارات الحسنة وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة". وقد أنكر سلف الأمة إطلاق وصف الإنسان بالجبر وعدمه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:8/461: " حتى في لفظ الجبر أنكروا على من قال: جبر، وعلى من قال: لم يجبر. والآثار بذلك معروفة عن الأوزاعي وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم من سلف الأمة وأئمتها وقال في موضع آخر من مجموع الفتاوى 16/237: "ولهذا نص الأئمة كالإمام أحمد ومن قبله من الأئمة كالأوزاعي وغيره على إنكار إطلاق القول بالجبر نفيًا وإثباتًا فلا يقال: إن الله جبر العباد. ولا يقال: لم يجبرهم. فإن لفظ الجبر فيه اشتراك وإجمال. فإذا قيل: جبرهم أشعر بأن الله يجبرهم على فعل الخير والشر بغير اختيارهم. وإذا قيل: لم يجبرهم أشعر بأنهم يفعلون ما يشاءون بغير اختياره وكلاهما خطأ". قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى" مراتب ذلك –أي القدر- أربع لا يتم الإيمان بالقدر إلا بتكميلها : الإيمان بأنه بكل شيء عليم , وأن علمه محيط بالحوادث ، دقيقها وجليلها ، وأنه كتب ذلك باللوح المحفوظ ، وأن جميعها واقعة بمشيئته وقدرته . ما يشاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأنه مع ذلك مكَّن العباد من أفعالهم فيفعلونها اختيارا منهم بمشيئتهم وقدرتهم كما قال الله تعالى "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ"الحج: 70.وقال "لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ *وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"التكوير:28-29.ا.هـ . سؤال وجواب في أهم المهمات :.67 *وأصدق ما يوصف به الإنسان مما يتعلق بهذا المعنى ما جاء به الكتاب والسنة من وصف الإنسان بأنه مُيَسَّر. ففي الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلَّا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، ومَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أفلا نَتَّكِلُ علَى كِتَابِنَا، ونَدَعُ العَمَلَ؟ قالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له" ثم قرأ "فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى" الليل:5-7. الراوي : علي بن أبي طالب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4949 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر - والله تعالى أعلم.المصدر: موقع الشيخ خالد المصلح. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:فالإنسان مُخيَّرٌ ومُسَيَّرٌ، أعطاه الله عقلًا، وأعطاه الله إرادةً، وأعطاه مشيئةً، فهو مُخيَّرٌ من هذه الحيثية، يعمل عن مشيئةٍ، وعن إرادةٍ، كما قال تعالى" تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ "الأنفال:67، وقال: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ " وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" وقال" إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"النور:30، خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"آل عمران: 153 " إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"يونس:36، فلهم فعلٌ، ولهم مشيئةٌ، ولهم اختيارٌ، ولكن لا يشاؤون إلا ما شاءه الله، كما قال تعالى"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"التكوير:29. "هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ" يونس:22. فهو مخيَّرٌ من جهة أنَّ له إرادةً، وله مشيئةً، وله اختيارًا، يعرف الضَّارَّ من النافع، والطيبَ من الخبيث، يأكل ويشرب باختياره، يزور إخوانه باختياره، ينام باختياره، يقوم باختياره، له اختيار، يأتي الطاعة باختياره، ويأتي المعصية باختياره، لكن هذا له مشيئة سابقة، وله قدر من الله سابق ، لا يخرج عن مُلك الله، ولا عن إرادته جلَّ وعلا" إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" يس:82. فهو مُخيَّرٌ من جهة ما أعطاه الله من المشيئة والقُدرة والاختيار والفهم، ومُسَيَّرٌ من جهة أنه لا يخرج عن قدر الله.الشيخ ابن بازرحمه الله . فالإنسان تارة مخير وتارة ميسر. فما يقع في الإنسان- مثل حركة القلب والأمعاء والدورة الدموية ....وأي شيء واقع فيه - وما يقع عليه- مثل من يعتدي عليه بضرب أو يصاب بمرض ، أو يموت .... وأي شيء واقع عليه -هو مسير فيه ولا اختيار له فيه ولا يحاسب عليه. أما ما يقع منه بإرادتهوهو بالغ رشيد قادر، فهو مخير فيه ومجازى عليه ،وهو بقدر الله وعلمه الأزلي ومشيئته ورحمته وحكمته سبحانه.ولذلك فالاختيار مع وجود العقل وعدم الإكراه هو مناط التكليف إذا فُقِد ارتفع التكليف. ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه إذا سلب ما وهب أسقط ما أوجب. إن الله - تعالى - حَكَمٌ عدل، علي حكيم ،لا يظلم مثقال ذرة، جَوَاد كريم ،يضاعف الحسنات، ويعفو عن السيئات، ثبت ذلك بالفعل الصريح والنقل الصحيح فلا يتأتى مع كمال حكمته ورحمته وواسع مغفرته أن يكلف عباده دون أن يكون لديهم إرادة واختيار لما يأتون وما يذرون وقدرة على ما يفعلون، ومحال في قضائه العادل وحكمته البالغة أن يعذبهم على ما هم إلى فعله ملجؤون وعليه مُكْرَهُون، وإذًا فَقَدَر اللهِ المحكم العادل وقضاؤه المبرم النافذ من عقائد الإيمان الثابتة التي يجب الإذعان لها وثبوت الاختيار للمكلفين وقدرتهم على تحقيق ما كلفوا به من القضايا التي صرح بها الشرع وقضى بها العقل، فلا مناص من التسليم بها والرضوخ لها، فإذا اتسع عقل الإنسان لإدراك السر في ذلك فليحمد الله على توفيقه، وإن عجز عن ذلك فليفوض أمره لله، وليتهم نفسه بالقصور في إدراك الحقائق فذلك شأنه في كثير من الشؤون، ولا يتهم ربه في قَدَرِه وقضائِهِ وتشريعِهِ وجزائِهِ فإنه - سبحانه - هو العلي القدير الحكيمالخبير، قال تعالى"سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ"180" وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ"181 *وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"الصافات:182.وليكف عن الخوض في ذلك الشأن خشية الزلل والوقوع في الحيرة، وليقنع عن رضا وتسليم بجواب النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه – رضي الله عنهم - لما حاموا حول هذا الحمى، فقالوا: يا رسول الله ، أفلا نتكل؟ فقال لهم "اعملوا فكل مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ"رواه البخاري :4949. *وسئل شيخنا العلامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى – مثل هذا السؤال : هل الإنسان مسير أو مخير ؟ فأجاب –رحمه الله تعالى: "على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها ؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير؟ ثم يسأل نفسه هل يصيبه الحادث باختياره ؟هل يصيبه المرض باختياره ؟ هل يموت باختياره ؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير . والجواب: أن الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب واسمع إلى قول الله تعالى"فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا"النبأ:39- وإلى قوله تعالى " مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ"آل عمران :152. وإلى قوله تعالى "وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا"الإسراء:19. وإلى قوله تعالى " فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ "البقرة :196.حيث خير الفادي فيما يفدي به . ولكن العبد إذا أراد شيئًا وفعله علمنا أن الله -تعالى -قد أراده -لقوله -تعالى" لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"التكوير:28-29. فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السموات والأرض إلا بمشيئته تعالى ، وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت والحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة . والله الموفق."ا.هـ وقال –رحمه الله تعالى – " هل الإنسان مسير أو مخير ؟ وهل له إرادة وهل له إرادة أو ليس له إرادة ؟ فنقول : الإنسان مخير إن شاء آمن وإن شاء كفر بمعنى أن له الاختيار وإن كان ليس سواءً لا يستوي الكفر والإيمان لكن له اختيار أن يختار الإيمان أو أن يختار الكفر وهذا أمرٌ مشاهدٌ معلوم فليس أحدٌ أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحدٌ أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر كفر باختياره والمؤمن آمن باختياره كما أن الإنسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه باختياره وكما أن الإنسان يدخل المدرسة الفلانية باختياره ويدخل الجامعة الفلانية باختياره وكما أن الإنسان يسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك وهذا أمرٌ لا إشكال فيه ولا جدال فيه ولا يمكن أن يجادل فيه إلا مكابر نعم هناك أشياء لا يمكن أن تكون باختيار الإنسان كحوادث تحدث للإنسان من انقلاب سيارة أو صدم أو سقوط بيتٍ عليه أو احتراق أو ما أشبه هذا هذا لا شك أن لا اختيار للإنسان فيه بل هو قضاءٌ وقدر ممن له الأمر ولهذا عاقب الله سبحانه وتعالى الكافرين على كفرهم لأنهم كفروا باختيارهم ولو كان بغير اختيارٍ منهم ما عوقبوا ألا ترى أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفرًا ،أو على القول ولو كان كفرًا فإنه لا يُعَاقب عليه لأنه بغير اختيارٍ منه، ألا ترى أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجدًا لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره فالشيء الذي لا اختيار للإنسان فيه لا يعاقب عليه فإذا عاقب الله الإنسان على فعله السيئ دل ذلك على أنه عوقب بحقٍ وعدل لأنه فعل السيئ باختياره , وأما توهم بعض الناس أن الإنسان مسير لا مخير من كون الله سبحانه وتعالى قد قضى ما أراد في علمه الأزلي بأن هذا الإنسان من أهل الشقاء وهذا الإنسان من أهل السعادة فإن هذا لا حجة فيه وذلك لأن الإنسان ليس عنده علمٌ بما قدر الله سبحانه وتعالى إذ أن هذا سرٌ مكتوم لا يعلمه الخلق فلا تعلم نفسٌ ماذا تكسب غدًا وهو حين يقدم على المخالفة بترك الواجب أو فعل المحرم يقدم على غير أساس وعلى غير علم لأنه لا يعلم ماذا كتب عليه إلا إذا وقع منه فعلاً فالإنسان الذي يصلي لا يعلم أن الله كتب له أن يصلي إلا إذا صلى والإنسان السارق لا يعلم أن الله كتب عليه أن يسرق إلا إذا سرق وهو لم يجبر على السرقة ولم يجبر المصلي على الصلاة بل صلى باختياره والسارق سرق باختياره ولما حدث النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بأنه " ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " قالوا : يا رسول الله ألا ندع العمل ونتكل ؟ قال " لا اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له " فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطراريًا ولا إجباريًا فإذا كان يقول - عليه الصلاة والسلام"اعملوا فكلٌ مُيسر لما خلق له" نقول للإنسان اعمل يا أخي صالحا اعمل صالحًا حتى يتبين أنك ميسر لعمل أهل السعادة وكلٌ بلا شك إن شاء عمل عملاً صالحًا وإن شاء عمل عملاً سيئًا ولا يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر على الشرع فيعصي الله ويقول هذا أمرٌ مكتوب علي، يترك الصلاة مع الجماعة ويقول هذا أمر مكتوب علي، يشرب الخمر ويقول هذا أمر كتب علي ،يطلق نظره في النساء الأجنبيات ويقول هذا أمرٌ مكتوبٌ علي ،ما الذي أعلمك أنه مكتوبٌ عليك فعملته , أنت لم تعلم أنه كتب إلا بعد أن تعمل لماذا لم تقدر أن الله كتبك من أهل السعادة فتعمل بعمل أهل السعادة , وأما قول السائل هل للإنسان إرادة ؟ نقول : نعم له إرادة بلا شك قال الله تبارك وتعالى" مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ "آل عمران : 152- وقال تعالى " وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ"الإسراء . 19- وقال تعالى "مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ"الشورى :20- والآيات في هذا معروفة وكذلك الأحاديث معروفة في أن الإنسان يعمل باختيار وإرادة ولهذا إذا وقع العمل الذي فيه المخالفة من غير إرادة ولا اختيار عفي عنه قال الله تعالى " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا"البقرة :28- فقال الله : قد فعلت . وقال تعالى " وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ"الأحزاب :5- وهذا أمرٌ ولله الحمد ظاهر ولا إشكال فيه إلا على سبيل المنازعة والمخاصمة , والمنازعة والمخاصمة منهيٌ عنهما إذا لم يكن المقصود بذلك الوصول على الحق وقد خرج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذات يوم على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فتأثر من ذلك عليه الصلاة والسلام لأن هذا النزاع لا يؤدي إلى شيء إلا إلى خصومة وتطاول كلام وغير ذلك وإلا فالأمر واضح ولله الحمد." ا.هـ-صيد الفوائد -
قال صلى الله عليه وسلم"إنَّ اللَّهَ خلقَ كلَّ صانعٍ وصنعتَهُ"الراوي : حذيفة بن اليمان - المحدث : الوادعي- المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 305 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. فهو خالِقٌ للفِعلِ وللفاعلِ، ولِقُدرةِ الفاعلِ وقُوَّتِه التي حصَلَت الصَّنعةُ بها، فلا يستطيعُ الصانعُ أنْ يَصنَعَ شيئًا إلَّا إذا أرادَ اللهُ عزَّ وجلَّ إيجادَ هذا الشيءِ؛ فالمرادُ بالصَّنعةِ هنا: العمَلُ الذي يعملُهُ العبدُ، حركاتُه وسكونُه، سواء كانَ عمَلًا جَسديًّا أو كانَ عمَلًا قلبيًّا.الدرر التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي تراب ; 28-07-22 الساعة 04:10 AM |
![]() |
![]() |
![]() |
#12 |
نفع الله بك الأمة
|
![]() المجلس الحادي عشر شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبيل *سبق وقلنا :والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بمراتبه الأربع وهي:
العلم،ثم الكتابة، ثم المشيئة ، ثم الخلق والإيجاد، هذه مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر "العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد". بمعنى أن الله يعلم بأن سيوجد فلان ثم يكتب هذا في اللوح المحفوظ ثم إذا جاء وقت وجوده شاء الله أن يكون ثم بعد ذلك يخلقه جل جلاله وعظم سلطانه . وتم شرح المراتب الثلاثة الأُوَل . المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد: وهو الخالق للأشياء كلها عن مشيئة وعن حكمة وعن علم سابق، هو الخالق لكل شيء كما قال تعالى" اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ "الزمر:62، "هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ "فاطر:3، فهو موجد للأشياء من سماء وأرض وأنهار وبحار وجبال ودواب ومعادن وغير ذلك، فالله الذي أوجدها بمشيئته سبحانه وتعالى قال لها: كوني، فكانت بأمره سبحانه" إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "يس:82. فعلى العبد رجلًا كان أو امرأة على العبد أن يؤمن بهذه الأشياء وأن يعلم أنها حق، ثم يستفيد من ذلك فيعمل ويكدح وهو يعلم أنه لن يخرج من قدر الله، وأن الفضل لله فيما يوفقه له من الخير، وأن له الحكمة فيما يصيبه من الشر، فإن أصابه خير حمد الله وشكره وجد في الخير وسارع إلى الخيرات، وإن أصابه ما يكره قال: قدر الله وما شاء فعل، إن لله وإنا إليه راجعون، وصَبَرَ واحتسب، وعَلِمَ أن هذا ليس عبثًا، بل وقع عن حكمة بالغة، وعن قدر سابق من ربه ؛ فعندها يطمئن ويتعزى، ويقول"إنا لله وإنا إليه راجعون، كما قال سبحانه" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ "البقرة:155-157. ثم قد يكون هذا الشيء الذي وقع وهو يكرهه خيرًا له وهو ما يدري، رُب ضارة نافعة، فكم من مصيبة كرهها وصار فيها الخير له والعاقبة الحميدة، كما قال تعالى"فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا "النساء:19، وقال تعالى" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "البقرة:216، ويقول صلى الله عليه وسلم"الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ." صحيح مسلم. احرص على ما ينفعك يعني في الدنيا والآخرة، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء يعني مما تكره فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان إن أصابك شيء يعني فات المحبوب أو حصل المكروه الذي أنت فار منه فلا تجزع ولا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا وكذا، لو أني عرضته على الطبيب كان يمكن شفي من هذا المرض، لو أنه ما سافر يمكن ما مات في هذا البلد اللي سافر إليها، لو أنه ما راح مع فلان كان كذا وكذا، لا، الأمر قد مضى في علم الله فلا تجزع، ولا تقل: لو، كل شيء بقضاء الله وقدره، اطمئن، واعلم أن الأمر قد فرغ منه، وأن ما شاءه الله كان وإن لم يشأ الناس، وبهذا يحصل للمؤمن الطمأنينة والراحة وراحة الضمير ما لا يحصيه على الكمال إلا الله سبحانه وتعالى، ويحصل له من الخير من الطمأنينة والراحة والفرح ما لا يحصيه إلا الله ؛ فيشكر الله على إنعامه وعلى فضله وإحسانه ويتعزى بعزائه ويصبر على ما أصابه ويعلم أن ذلك من عنده" قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "التوبة:51. فالمؤمن هكذا عند المكروه صبور، وعند المحبوب شكور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كل له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، هكذا المؤمن صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء؛ لأنه يعلم أن الرخاء والنعمة من فضل الله عليه فيشكر الله هو الذي ساق ذلك إليه، ويعلم أن ما أصابه من البلاء عن حكمة بالغة من الله لا عن عبث ولا عن ظلم، فالله لا يظلم مثقال ذرة، بل له الحكمة البالغة في ذلك، فيقول" إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل" قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا "التوبة:51. ويعلم أن لله أسرارًا وحكمًا لا يدريها العبد فله الحكمة البالغة في كونه جعل الصلوات خمسًا، وجعل الفجر ثنتين، والمغرب ثلاثًا، والعشاء والظهر والعصر أربعًا، له الحكمة في ذلك . ولو شاء لجعلها غير ذلك، هكذا له الحكمة في كون الصيام شهرًا واحدًا في رمضان خاصة بين شعبان وبين شوال ولو شاء لجعله غير ذلك، له الحكمة فيما شرع من جهة الحج وأعمال الحج، ولماذا صار في مكة ولماذا صار في البقاع المعروفة له الحكمة البالغة في أعمال الحج وفي مشاعر الحج وفي جميع ما شرعه هناك، وهكذا في الزكاة ونُصبها في المال كذا والواجب كذا في السَّنة كذا وفي الزرع كذا له الحكمة البالغة فيها سبحانه وتعالى، وهكذا إذا فكر المؤمن في جميع الأمور رأى العجب العجاب مما يعطيه مزيدًا من الإيمان مزيدًا من البصيرة لحكمة الله تعالى، وعظيم علمه وكمال حكمته جل وعلا وكمال إحسانه. فعلى العبد أن يفكر كثيرًا في هذه الأمور ويتدبر كثيرًا حتى يزداد علمًا وبصيرة، وحتى يعلم أن الله له الحكمة البالغة؛ فيشكره على إحسانه، ويصبر على ما أصابه من الأذى، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويزداد شكرًا لله في أداء ما شرع من الطاعات، وفي الحذر مما حرم من المعاصي، والوقوف عند حدود الله، هكذا الواجب عليه أن يكون شكورًا مسارعًا للطاعات، مؤديًا لما أوجب الله عليه، نشيطًا في ذلك، حذرًا من كل ما يعوقه عن ذلك، وأن يكون أيضًا حريصًا على ترك المعاصي بعيدًا عنها وعن أسبابها ووسائلها، سائلًا ربه أن يعينه على ذلك، وأن يعيذه من شر نفسه وشيطانه، وأن يعيذه من جلساء السوء وشياطين الإنس والجن، ويصبر على ما شرع الله له وما حرمه الله عليه، فيبتعد عن المحارم، ويسارع إلى الطاعات والخيرات، ويقف عند حدود الله مؤمنًا بالله مؤمنًا بشرعه ، وبهذا يعلم أن الخير كله فيما شرع، وأن البلاء والمحن فيما حرم عليه، فيحذر ذلك ويقف عند حدود الله شاعرًا بأنه عبده وابن أمته وابن عبده يتصرف فيه سبحانه كيف يشاء، فهو الحكيم العليم شرع له ما في النجاة والسعادة ونهاه عما يضره في الدنيا والآخرة، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.الشيخ ابن باز رحمه الله. الذي ينسب إلى الله الخلق والإيجاد وهذا مبني على الحِكْمَة، فيكون خيرًا بالنسبة لله؛ لأنه خُلِقَ لحكمةٍ لكنه شرٌ بالنسبة للعبد، الكفر والمعاصي شر بالنسبة للعبد الذي باشر المعاصي وفعلها فيتضرر ويعذب عليها، والذي ينسب إلى الله الخلق والإيجاد فهو مبني على الحكمة. الإيمان بالقدر لا ينافي فعل الأسباب، بل إن فعل الأسباب مما أمر به الشرع، وهو حاصل بالقدر، لأن الأسباب تنتج عنها مسبباتها، ولهذا لما توجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام، ذكر له في أثناء الطريق أنه قد وقع فيها الطاعون، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم، هل يستمر ويمضي في سيره، أو يرجع إلى المدينة؟ فاختلف الناس عليه، ثم استقر رأيهم على أن يرجعوا إلى المدينة، ولما عزم على ذلك، جاءه أبو عبيدة عامر بن الجراح، وكان عمر رضي الله عنه يجله ويقدره، فقال: يا أمير المؤمنين، كيف ترجع إلى المدينة، أفرارًا من قدر الله؟ قال رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله. وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكان غائبًا في حاجة له، فحدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الطاعون " إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه" قال صلى الله عليه وسلم"إنَّ هذا الوباءَ رِجزٌ أهلكَ اللهُ بهِ الأممَ قبلَكم ، و قد بقيَ منه في الأرضِ شيءٌ ، يَجيءُ أحيانًا و يذهَبُ أحيانًا ، فإذا وقَعَ بأرضٍ فلا تخرُجُوا منها فِرارًا ، و إذا سَمعتُم بهِ في أرضٍ فلا تأتُوها"الراوي : أسامة بن زيد - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 2253 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. "أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، خَرَجَ إلى الشَّأْمِ، حتَّى إذَا كانَ بسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأجْنَادِ، أبُوعُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وأَصْحَابُهُ، فأخْبَرُوهُ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لي المُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وأَخْبَرَهُمْ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قدْ خَرَجْتَ لأمْرٍ، ولَا نَرَى أنْ تَرْجِعَ عنْه، وقَالَ بَعْضُهُمْ: معكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وأَصْحَابُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لي الأنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، واخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لي مَن كانَ هَا هُنَا مِن مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِن مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ منهمْ عليه رَجُلَانِ، فَقالوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بالنَّاسِ ولَا تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ في النَّاسِ: إنِّي مُصَبِّحٌ علَى ظَهْرٍ فأصْبِحُوا عليه. قَالَ أبُوعُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ: أفِرَارًا مِن قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِن قَدَرِ اللَّهِ إلى قَدَرِ اللَّهِ، أرَأَيْتَ لو كانَ لكَ إبِلٌ هَبَطَتْ وادِيًا له عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُما خَصِبَةٌ، والأُخْرَى جَدْبَةٌ، أليسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ - وكانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَالَ: إنَّ عِندِي في هذا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.صحيح البخاري. الحاصل قول عمر رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فهذا يدل على أن اتخاذ الأسباب من قدر الله عز وجل، ونحن نعلم أن الرجل لو قال: أنا سأؤمن بقدر الله، وسيرزقني الله ولدًا بدون زوجة، ولو قال هذا لعد من المجانين، كما لو قال: أنا أؤمن بقدر الله ولن أسعى في طلب الرزق، ولم يتخذ أي سبب للرزق، لعد ذلك من السفه. فالإيمان بالقدر إذن لا ينافي الأسباب الشرعية أو الحسية الصحيحة، أما الأسباب الوهمية التي يدعي أصحابها أنها أسباب وليست كذلك، فهذه لا عبرة بها، ولا يلتفت إليها. ثم اعلم أنه يرد على الإيمان بالقدر إشكال وليس بإشكال في الواقع، وهو أن يقول قائل: إذا كان فعلي من قدر الله عز وجل فكيف أعاقب على المعصية وهي من تقدير الله عز وجل؟ والجواب على ذلك أن يقال: لا حُجَّة لك على المعصية بقدرِ الله، لأن الله عز وجل لم يجبرك على هذه المعصية، وأنت حين تقدم عليها لم يكن لديك العلم بأنها مُقَدَّرة عليك، لأن الإنسان لا يعلم بالمقدور إلا بعد وقوع الشيء، فلماذا لم تُقَدِّر قبل أن تفعل المعصية، أن الله قدر لك الطاعة، فتقوم بطاعته، وكما أنك في أمورك الدنيوية تسعى لما ترى أنه خير، وتهرب مما ترى أنه شر، فلماذا لا تعامل نفسك هذه المعاملة في عمل الآخرة، أنا لا أعتقد أن أحدًا يقال له: إن لمكة طريقين: أحدهما: طريق مأمون ميسر، والثاني: طريق مُخَوّف صعب، لا أعتقد أن أحدًا يسلك الطريق المخوف الصعب، ويقول: إن هذا قد قُدِّرَ لي، بل سوف يسلك الطريق المأمون الميسر، ولا فرق بين هذا وبين أن يقال لك: إن للجنة طريقًا وللنار طريقًا، فإنك إذا سلكت طريق النار، فأنت كالذي سلك طريق مكة المخوف الوعر، وأنت بنفسك تنتقد هذا الرجل الذي سلك الطريق المخوف الوعر، فلماذا ترضى لنفسك أن تسلك طريق الجحيم، وتدع طريق النعيم، ولو كان للإنسان حُجة بالقدر على فعل المعصية، لم تنتف هذه الحجة بإرسال الرسل وقد قال الله تعالى"رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل" النساء: 165.كتابفقه العبادات للعثيمين قال الشيخ الألباني: أدلة الوحي تفيد أن للإنسان كسبا وعملًا وقدرة وإرادة، وبسبب تصرفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار. هذا؛ ويجب التنبه إلى البعد عن الخوض في القدر، عملًا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه: إذا ذُكِرَ القدرُ فأمْسِكُوا. رواه الطبراني وصححه الألباني. إسلام ويب. |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
أم حذيفة المصرية |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من أحداث السيرة فى شهر شوال .. غزوة الخندق | مسلمة لله | روضة السنة وعلومها | 6 | 08-10-08 01:11 PM |
متن الأربعين النووية (مقسم على أسبوعين) | مسلمة لله | المتون العلمية | 3 | 26-03-08 08:29 AM |
الدليل إلى المتون العلمية | أمةالله | المتون العلمية | 58 | 17-01-08 10:11 PM |