الأربعاء 16 شوال 1445هـ الموافق 26 أبريل 2024م

حياكم الله جميعا 

هذه قناتي في التليجرام ينشر فيها النتاج العلمي والفكري . 


قناة عبد السلام بن إبراهيم الحصين

التخصصات العلمية في الأقسام الأكاديمية

الخاطرة

Separator
التخصصات العلمية في الأقسام الأكاديمية
1243 زائر
26-09-2017 09:56

التخصصات العلمية في الأقسام الأكاديمية بين الاختيار والاضطرار

حين يقودك العنوان إلى التخصص

في آخر سنة من سنوات الدراسة الجامعية، في الفصل الأخير منها، حضرت في مكتب عميد الكلية في ذلك الوقت فضيلة الدكتور عبد الله الوهيبي، وأخبرني برغبة الكلية بترشيحي للإعادة، وأن أختار القسم الذي أرغب فيه؛ الفقه أو أصول الفقه، كان ميلي إلى الفقه أكبر، وتعلقي به أظهر، فاخترت أن أكون معيدًا في تخصص الفقه.

وكان ممن رشح معي في تلك السنة؛ 1412 أخوان فاضلان، وزميلان عزيزان؛ فضيلة الدكتور إبراهيم بن صالح التنم، واختار الإعادة في قسم الفقه، وفضيلة الدكتور فيصل بن سعود الحليبي، واختار الإعادة في قسم أصول الفقه.

أشار علي بعض الأخيار أن أدرس في المعهد العالي للقضاء؛ لأن الحصول فيه على الدرجة العلمية أيسر وأسرع من كلية الشريعة، فلما طلبت من فضيلة الدكتور عبد الله الوهيبي أن يكون ابتعاثي إليه، أبى علي، وقال: "كلية الشريعة أنفع لك".

شددنا الرحال نحن الثلاثة إلى كلية الشريعة في الرياض، وهي قلب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأكبر كلياتها، وأجلها.

عام 1413

كانت سنة عظيمة النفع والفائدة، وكانت الدراسة فيها مشتركة بين قسمي الفقه وأصوله، وإنما يكون الافتراق بين هذين التخصصين في الرسالة فقط.

ويسر الله فيها أن أحضر بعض دروس الشيخ ابن باز، والتي تقام بعد صلاة الفجر في جامع عبد الله بن تركي في الرياض.

كما حضرت بعض دروس الشيخ عبدالله بن غديان، فقال لي مرة: من أين تأتي؟ فأخبرته؛ فقال: مكانك بعيد عن مكان الدرس، وهذه الدروس يحضرها المبتدئ وغيره، فيكون الشرح بقدر ما يناسب المبتدئين، فلو أنك جلست في البيت، وقرأت ما تيسر لك قراءته، وما أشكل عليك منه تراجعني فيه، وأشرحه لك.

فكان لكلمته أثر في ملازمة البيت، والعكوف على قراءة كتب التخصص، وتسجيل الفوائد والإشكالات، ومراجعة المتخصصين بعد ذلك فيما أشكل منها.

عام 1414

شرعت في البحث عن موضوع في أول هذه السنة، ووقع الاختيار على عنوان جميل، وموضوع نافع مفيد، وهو: (القبض في المعاملات المالية)، وتقدمت بخطة مبدئية للموضوع إلى قسم الفقه، ولم أكن أعلم أن الداخل إلى قسم الفقه مفقود، والخارج منه مولود!

حاز الموضوع إعجاب الأغلب، لكن أظهر بعضهم وجود دراسة علمية أكاديمية سابقة، وهي كتاب الحيازة في العقود المالية للدكتور نزيه حماد، فكان لا بد من بيان الفرق بين رسالتي وتلك الرسالة.

شرعت في قراءة رسالة د. نزيه حماد، وبحثت عن كل ما يتعلق بموضوع القبض، وأبرزت عددًا من الفروق، وأعدت بناء الخطة بناء محكمًا، ودخل القسم مرة أخرى، وانتهى الفصل الأول من تلك السنة، ودخلنا في الفصل الثاني، والموضوع ينتظر دوره للعرض، وفي منتصف الفصل الثاني تقريبا رفض الموضوع؛ بسبب أنه سجلت رسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه في نفس الموضوع من قسم الفقه في المعهد العالي للقضاء!

وكانت خيبة أملي كبيرة، حيث ذهبت قرابة السنة دون أن أسجل موضوعًا.

عام 1415

تقدمت بموضوع: (الشعر وأحكامه في الفقه الإسلامي)، فلم يحظ بموافقة بعض المشايخ في القسم، ممن لرأيهم في قبول الموضوعات ووزن، ورأوا أنه موضوع لا يستحق البحث، وليس من المناسب أن أنزل من موضوع القبض إلى هذا الموضوع!!!

وقد سُجل هذا الموضوع بعد ذلك مباشرة في جامعة الملك سعود، وجامعة أم القرى، ونال به طالبان درجة الماجستير!!

شرعت في البحث عن غيره؛ فتقدمت بموضوع اختيارات ابن تيمية في المعاملات المالية، وجمعت عددًا من المسائل، ولكن القسم ذكر أن في الموضوع رسالة دكتوراه في اختيارات ابن تيمية للدكتور أحمد موافي؛ فاضطررت لإبراز الفروق بين موضوعي ورسالته، وأظهرت قريبًا من تسعين مسألة في المعاملات المالية لم يتناولها موافي في رسالته، ولكن برزت مشكلة أخرى، وهي وجود رسالة في اختيارات ابن القيم، وهو تلميذ ابن تيمية، وفي الغالب فإن اختيارات ابن القيم لن تخرج عن اختيارات ابن تيمية، فما الفائدة من إعادة دراسة المسائل مرة أخرى؟!! وكان قائل هذا الكلام فضيلة رئيس القسم، وهو شيخ جليل، لم أستطع أن أخالف رأيه.

ثم إن القسم بعد ذلك افتتح مشروعًا في مرحلة الدكتوراه في اختيارات ابن تيمية!!!

وهكذا بدأت الرحلة في البحث عن موضوع آخر -وأنا أسابق الزمن-، واقترح علي بعض المشايخ الفضلاء أن يكون الموضوع حول الموضوع السابق، وهو التقعيد الفقهي عند ابن تيمية في ضوء اختياراته في المعاملات المالية، وشرعت في بناء الخطة له، وتقدمت بها إلى القسم، فلما طرحت هذه الفكرة على بعض أساطين القسم الكبار قالوا: هذا موضوع أصولي!

كنا في نهاية السنة الدراسية 1415، وكنت قد مللت من هذا القسم الذي أخرني سنتين كاملتين، كان من الممكن أن أكون فيهما قد أنهيت رسالتي، أو أوشكت.

فحزمت أمتعتي، وحملت أوراقي، وتوجهت بها إلى قسم أصول الفقه، وكتب عميد كليتنا في ذلك الوقت، فضيلة الأستاذ الدكتور صالح الحسن، خطابًا إلى عميد كلية الشريعة في الرياض يطلب فيه الموافقة على انتقالي إلى تخصص أصول الفقه.

تقدمت على قسم أصول الفقه بهذا العنوان: القواعد والضوابط الفقهية للمعاملات المالية عند ابن تيمية، فلم يتأخر كثيرًا، بل وافق القسم عليه مباشرة، وكانت هذه بوادر خير مع هذا القسم الجديد.

ومن هنا بدأت رحلتي في قسم الأصول اضطرارًا، بسبب عنوان البحث، وقد أحسن بي ربي إذ قدر لي في قسم أصول الفقه فضلا وخيرًا مما أظن وأتمنى.

   طباعة 
1 صوت

روابط ذات صلة

Separator
الخاطرة السابق
الخواطر المتشابهة الخاطرة التالي

جديد الخواطر

Separator