الأربعاء 18 شهر رمضان 1445هـ الموافق 29 مارس 2024م

حياكم الله جميعا 

هذه قناتي في التليجرام ينشر فيها النتاج العلمي والفكري . 


قناة عبد السلام بن إبراهيم الحصين

عرض المعتقدات على العقول أذهب روحانية الإيمان

الاستشارة

Separator
عرض المعتقدات على العقول أذهب روحانية الإيمان
1054 زائر
05-11-2018 06:13
السؤال كامل
جواب السؤال
بيني وبينها جرى هذا الحديث في ذهاب الروحانية من القلب بسبب عرض المعتقدات على العقول..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالك يا دكتور ان شاء الله أنك بخير
أرغب بنصيحة منك بعد طول غياب ..
لدي مشكلة لا أعلم مدى حجمها بالنسبة لكم لكن أرى أنها كبيرة بالنسبة لي ..
مشكلتي يا دكتور أني أي شيء أعرضه على العقل مع كوني مقتنعة بما أنا عليه و أسأل الله السلامة من التبديل +مع إيماني بالوحي ..
مؤمنة أنه ثمة أمور إذا عرضت على العقل لا تعارض التسليم و ثمة أمور التسليم بها هو الأكمل لأن الإنسان يعجز عن تعقلها ..
مؤمنة بهذا لكن ..
كنت قبل هذا ( أي عرض الأمور على العقل) أشعر بقداسة الأمور و أشعر بالروحانية ، ولكن عندما بدأت بعرضها كنت في بداية الأمر أشعر بروحانية فائقة و قداسة جميلة .
لكن أشعر مؤخراً أني أفتقد لذة التعقل و أفتقد الروحانية التي تتعلق بها ..
أفتقدها لدرجة الألم ..
لا أحب كوني هكذا ..
أشعر أن العقلانية في بداية الامر لذة لكنها تخلف اللامبالاة ..
عذراً إن كانت رسالتي غريبة ، لكن فعلاً أحتاج نصيحتكم
شكراً جزيلا لك
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلا وسهلا بك يا بنيتي
وأسأل الله لي ولك التوفيق والسداد والهداية والثبات
فنحن في هذه الحياة في جهاد، وهو جهاد عظيم يحتاج إلى صبر ومصابرة، ومرابطة، صبر مع النفس، ومصابرة مع الغير، وتواصي بالصبر، وتواصي بالحق.
وهذه المشكلة التي تشعرين بها هي كبيرة فعلا، ليس بالنسبة لك فقط، بل بالنسبة لكل آدمي على هذه الأرض، ولكنها بحمد الله يسيرة حين يفزع العبد فيها إلى ربه، ويسأله الهداية والتوفيق، هذا الرب الكريم الرحيم، الودود الروؤف، البر الرحمن، السميع العليم، الجواد اللطيف، المنان القيوم، الغني الحميد.
هذا الرب الذي يحب من أحبه، ويكرم من أقبل إليه، ويعطيه أفضل عطاء وجد في هذا الكون.
والعقل قائد صحيح، وموجِّه إلى الحق لا ريب فيه، ولولا أنه كذلك ما خاطبنا الله باسم العقول، ولما أمرنا بالتفكر والتأمل، ولنهانا عن ذلك أشد النهي، ولأمرنا بالاستجابة بدون تفكير، ولكنه يأمرنا في كل أمر من أوامره أن نتفكر فيه، ونتأمل حكمته، ونبحث عن مصلحته، أوليس هو القائل: {وما يذكر إلا أولو الألباب}، فأصحاب العقول هم الذين يتفكرون، ويتذكرون، ويحسنون استعمال عقولهم.
وليست المشكلة في أن نفكر، وأن نتعقل، وأن نؤمن بعقلانية، ولكن المشكلة هي في الهوى الذي يصاحب التفكير، وفي الوساوس الشيطانية التي يلقيها الشيطان في مجال التفكير، ويلبسها بلبوس العقل.
والمشكلة كذلك حين نحمل العقل فوق طاقته، ونطلب منه أن يصور لنا شيئا ليس له مثال، فهو يقف عاجزًا، كما تقف العين عاجزة عن رؤية تلك الحيوانات الصغيرة جدًا، المنتشرة في البيئة من حولنا، أو أن نكلف السمع أن يسمع أدق الأصوات، وما هما بمطيقان.
لنقف مع شيء واحد فقط، وهو الروح التي تحرك أجسادنا، حاولي أن تضعيها أمام عقلك، وتطلبين منه أن يصورها لك؟
كيف تدخل إلى بطن الأم وتستقر في بدن الجنين؟
كيف تتحرك في الجسد إلى أجل مسمى؟
ثم كيف تخرج منه، دون أن يراها أحد، ولا يتحكم فيها أحد، ولا يمنعها أحد، ولا يحجزها شيء أبدا؟
وهل أرواحنا مثل أرواح البهائم، وسائر المخلوقات؟
مجرد الوقوف عند هذه الظاهرة -الروح- تجعل العقل يقف حائرًا.
ثم هنا ينقسم التفكير الإنساني، فبعضهم يحمله هذا العجز على الاعتراف بقدرة الرب وقهره، وأنه إذا كان يمكن أن يمنع العقل من الوصول إلى ماهية هذه الروح التي تحرك جسدي، وهي أغلى شيء أملكه، أفلا يمكنه أن يقهرني بمنع الوصول إلى ماهيات أشياء كثيرة حاضرة أو غائبة؟!!
فيكون القلب في هذه الحالة مخبتًا لربه، سليمًا من الهوى، مطيعًا منيبًا أواهاً لواما، يلوم صاحبه على المعصية والتفريط في الواجبات، فيبادر إلى التوبة والأوبة إلى ربه.
يفر من ربه إليه، ويستعيذ به منه، ويلتجأ إليه من كل شيء، ويرى كل خير هو فيه من ربه، حتى هذه الهداية التي يحس بها، هي منه، وأنه شرح صدره ليقبل الحق بلا تردد وكبر.
والصنف الثاني من الناس، يحس بالكبر في نفسه أن يحال بينه وبين فهم ظواهر الأمور، أو غائبها شيء، وأنه بحكم تصرفه الظاهري فيما حوله، يستحيل أن يوجد شيء خارج عن تفكيره، لا يمكنه أن يتصور حقيقته، وأن هذا الكون يمكن السيطرة عليه، والاستيلاء على مقاليد الحكم فيه، بالتطور العلمي، والاكتشافات المختلفة، هذا الكبر يغذيه إبليس، ويذكي نيرانه في النفس، فيغمض عيني قلبه عن كل حقيقة يمكن أن تدله على الطريق الصحيح، فينحصر تفكيره في هذه الحياة، لا يرى غيرها، ويظل يمشي في طريقه المرسوم، حتى يكون قَهْرُه بالموت، الذي لا مفر له منه، وحينها يكتشف الحقيقة كما هي بعد فوات الأوان.
كيف تذهب الروحانية من قلب المؤمن، وهو يرى ربه أكبر كل شيء، يرى قوته فيخافه، ويرى رحمته فيرجوه، ويرى فضله، فيؤمل هدايته، والثبات على دينه، والرفعة في الدنيا والآخرة.
وأخيرا
هذا ما تيسر كتابته، وجرى به القلم، وفي النفس من الكلام كثير، أرجو أن أعود إليه بإذن الله.

أجابت:
جزاكم الله خير شيخنا
كم لهذا الكلام من أثر كبير ، بمثابة صحوة في بعض الأمور ..
مؤمنة بحديثك إيماني بالله الكريم الكبير ..
فقط التأمل بأسماء الله التي ذكرتها في الرساله أورث سكينة و طمأنينة عجيبة .
مثل هذه الرسالة فيها كثير من الإياب و التفكر و التأمل
جزاكم الله خير شيخنا
شكرا لك على وقتك
ممتنة

قلت:
وجزاك أنتم خيرا
فأنا ممتن لك كثيرا على سؤالك
فهذا السؤال اثار في قلبي تفكيرًا عجيبا
وثقي أنك بسؤالك تصنعين لي الصبر كذلك على الحق الذي نعتقده
فولا سؤالك لكنت غافلا عن هذا المعنى الذي هداني الله له، وأعانني على قوله، وبسؤالك ازداد يقيني وإيماني بحمد الله تعالى
وفقك الله، وهدانا جميعا للحق، والثبات عليه

أجابت:
هذا المعنى ظاهر شيخينا في رسالتك
أتردد دائماً في إرسال مثل هذا الطرح
و اعلم و الله أني أرسلته في لحظة ضعف ، على أمل أن أتقوى منكم فضيلتك ..
فكرت ملياً إن كان من اللائق الرد على هذا الرسالة ، و توصلت إلى أنه من الواجب علي اخبارك شيخي عن نتيجة رسالتك و أعتقد أنه من باب رد الفضل إلى متفضله و إن كان المتفضل الأول هو الله و لا ريب .

بعدما انتهيت من قراءة الرسالة وجدت فيها كثيرأ من ضالتي ، قرأتها مرارً لأني أعتقدت أنك تعني كل كلمة ، كلمات كانت مرشدة و هادية و صادقة ..
فكرت اثناء قراءة ردكم كم هي ألطاف الله كبيرة عليّ ، شعرت أنَّ ما يمر به الانسان في نفس هذه المشاعر كان أحد الطاف الله التي تخبرنا كم ابتعدنا و حان وقت الرجعة ..
بعدما انتهيت من قراءة رسالتك وجدت أنك دائما ما تذكر آية إن كان في هذه الرسالة أو ما مضى من الرسائل ..
ففتحت القرآن كان فيه كثير مما قلت خاصة في نهاية سورة الحجر و في الأوجه الأولى من سورة النحل .
مثل قوله ( و لقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون*فسبح بحمد ربك و كن من السجدين *و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين )
و قوله ( لا جرم أن الله يعلم ما يسرون و ما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين ) فأخذت من فضيلتك كم هو القرآن قريب مني و كم هو بعيد عني ، لا يتسنى لي دائما قراءة القرآن ع الوجه الصحيح الذي كان سيكفيني عن ارسال مثل هذه الرسالة لكم .
كما أنك قمت بتذكيري بمحدودية العقل فزدت يقيناً على يقيني ..
و عندما بدأت بذكر أصناف التفكير الإنساني ، كنت أعي النوع الأول لكنه وعي تنظيري ، لكن لا أعلم إن وقعت في شراك النوع الثاني ، أم أني بينهما ..
أكثر تلك الكلمات أثراً و أشدها وقعاً حديثك عن كيفية ذهاب الروحانية و نحن نعي أن الله أكبر من كل شيء ..
الله أكبر من كل شيء في كل صلاة أكرر هذه الحقيقة ، في هذه الأيام نرددها أكثر من أيّ وقت كان ..
كنت اتساءل كيف نفقد الروحانية ..؟
تلك المشاغل و تلك الملهيات..!
و الله أكبر من كل شيء

أعتذر على الإطالة
مهلاً
هل فكرت يوماً يا شيخي أن كثرة الدراسة والإنشغال بمجالس العلم قد تفقد الروحانية يوماً..؟
كنت أعتقد أني عندما أدرس كثيراً سأكون أكثر روحانية و قربا لكن كنت أهرول خلف إنجاز هذا و قراءة هذا و إن لم تكن قراءة واعية كنت أنافس الوقت ..
أعتذر على الإطالة و الحديث طويل و آثرت على أن أتوقف
أعلم بأنك فضيلتك منشغل هذا الوقت فعذراً ..

جواب السؤال صوتي
   طباعة 

جديد الاستشارات

Separator