![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
|الحياة العيش مع القرآن|
تاريخ التسجيل:
28-05-2008
المشاركات: 2,003
![]() |
![]() ![]() ![]() :: السؤال :: اذكري لنا مثال من الاعجاز البياني في القرآن الكريم ( مع الشرح ). [ 4 نقاط ] ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
~مشارِكة~
|
![]()
أولاً- يقول الله عز وجل في توبيخ الكفار وتقريعهم :﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِيخَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّالْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَاوَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ *ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِاِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَسَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّاالسَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِالْعَلِيمِ ﴾(فصّلت: 9- 12) .
فيخبر سبحانه أنه خلق الأرض في يومين . وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام . ثم استوى إلى السماء فقضاهن سبع سموات في يومين . ويقول جل وعلا : ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾(السجدة: 4) . ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾(ق: 38) . فيخبر سبحانه في هاتين الآيتين أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام . ويخيَّل لبعض الملحدة أن بين هاتين الآيتين ، وآيات فصِّلت تناقضًا ، حيث نصت آيات فصِّلت – حسب فهمهم - على أن خلق السموات والأرض وما بينهما قد كان في ثمانية أيام ، في حين تصرح الآيتين الأخيرتين بأن خلق ذلك كان في ستة أيام . ثانيًا- ويجمع علماء التفسير – قديمًا وحديثًا – في الإجابة عن هذه الشبهة بشبهة أخرى ، فيقولون : إن ما أجمل في الآيات الأخيرة جاء مفصلاً في الآيات الأولى ؛ لأنهم فهموا منها أنخلق الأرض تمَّ فى يومين . وخلق الرواسي والمباركة وتقدير الأقوات استغرق ما تمم اليومين أربعة أيام . أي : استغرق هو الآخر يومين ، ومثلوا لذلك بقول القائل : من الكوفة إلى المدينة عشرون يومًا ، وإلى مكة ثلاثون يومًا . يريد : أن جميع ذلك هو هذا القدر ، ثم استغرق خلق السموات السبع يومين ، فكان المجموع ستة أيام ، وهي الأيام الستة التي نصَّت عليها صراحة بقية الآيات ، وعليه فلا تناقض بين هذه الآيات . قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى من سورة فصِّلت :﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِيخَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾(فصّلت: 9- 12) الآيات ، قال :« وهذا المكان فيه تفصيل لقوله تعالى:﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾(الأعراف: 54)، ففصَّل هاهنا ما يختصُّ بالأرض ، ممَّا اختصَّ بالسماء ، فذكر أنه خلق الأرض أولاً ؛ لأنها كالأساس ، والأصل أن يُبْدَأَ بالأساس ، ثم بعده بالسقف » .ثم قال :« وخلق الأرض في يومين ، ثم خلق السماء ، ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ ، فسواهن في يومين آخرين ، ثم دَحَى الأرض ، ودَحْيُها : أن أخرج منها الماء والمرعى ، وخلق الجبال والجماد والآكام وما بينهما في يومين آخرين ، فذلك قوله :﴿دَحَاهَا﴾ . وقوله :﴿ خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ ، فَخُلِقت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام ، وخلقت السموات في يومين » .. هذا ما قاله ابن كثير بنصِّه . وزعم الزمخشريأن قوله تعالى:﴿ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ فذْلكة لمدة خلق الله تعالى لما في الأرض ، فقال :« فإن قلت : هلا قيل : في يومين ؟ وأي : فائدة في هذه الفذلكة ؟ قلت : إذا قال : في أربعة أيام ، وقد ذكر أن الأرض خلقت في يومين ، علم أن ما فيها خلق في يومين ، فبقيت المخايرة بين أن تقول : في يومين ، وأن تقول : في أربعة أيام سواء، فكانتفي ( أربعة أيامٍ ) فائدة ليست في ( يومين ) ؛ وهي الدلالة على أنها كانت أيامًا كاملة بغير زيادة ولا نقصان . ولو قال : في يومين - وقد يطلق اليومان على أكثرهما - لكان يجوز أن يريد باليومين الأولين والآخرين أكثرهما » . وأورد الرازي على قوله تعالى :﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ سؤالين جمع في الجواب عنهما بين قول ابن كثير ، وقول الزمخشري : السؤال الأول : أنه تعالى ذكر أنه خلق الأرض في يومين ، وذكر أنه أصلح هذه الأنواع الثلاثة في أربعة أيام أُخر ، وذكر أنه خلق السموات في يومين ، فيكون المجموع ثمانية أيام ؛ لكنه ذكر في سائر الآيات أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ، فلزم التناقض . واعلم أن العلماء أجابوا عنه بأن قالوا : المراد من قوله :﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ مع اليومين الأولين ، وهذا كقول القائل : سرت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ، وسرت إلى الكوفة في خمسة عشر يومًا . يريد كلا المسافتين . ويقول الرجل للرجل أعطيتك ألفًا في شهر وألوفًا في شهرين ، فيدخل الألف في الألوف ، والشهر في الشهرين . فريق النقاء |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
~مشارِكة~
|
![]() سر رفع السموات بغير عمد ترونها والعَمَد هي الدعائم ؛ وهو اسم جمع عند الأكثرين ، ويدل على الكثرة . والمفرد : عِماد . أو : عَمود . وقرأ أبو حيوة ، ويحيى بن وثاب :﴿عُمُدٍ ﴾ ، بضمتين ، جمع : عِماد ؛ كشهاب وشهب . أو جمع : عَمود ؛ كرسول ورسل . ويجمعان في القلة على : أعمدة .. واختلف المفسرون في تأويل قوله تعالى:﴿ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ على قولين: أحدهما:أنها مرفوعة بغيرعمد مرئية . قاله قتادة ، ومجاهد ، وإياس بن معاوية ، وغيرهم . قالوا : وذلك دليل على وجود الصانع الحكيم ، تعالى شأنه . والثاني : أنها مرفوعة بعمد ؛ ولكنها لا تُرَى . قال ابن عباس رضي الله عنهما :« يقول : ترونها بغير عمد . ويقال : بعمد لا ترونها ». وجمهور المفسرين على أن السموات لا عمد لها ألبتة . ولو كان لها عمد ، لاحتاجت تلك العمد إلى عمد ، ويتسلسل الأمر . قالوا : فالظاهر أنها ممسكة بالقدرة الإلهية ، بدليل قوله تعالى :﴿وََيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾(الحج: 65) ، ونحو هذا من الآيات . وقد انبنى على هذا الخلاف بينهم خلاف آخر في موضع جملة ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ من الإعراب، فذكروافيها ثلاثة أقوال : الأول : أنها استئنافية ، جيء بها للاستشهاد على كون السموات مرفوعة بغير عمد ؛ كأنه قيل : ما الدليل على ذلك ؟ فقيل : رؤيتكم لها بغير عمد . قالوا : فهو كقولك : أنا بلا سيف ، ولا رمح تراني . فالضمير في﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ للعمد . والثاني : أنها حالية من السموات . أي : رفعها مرئيَّةً لكم بغير عمد . فالضمير في﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ للسموات . والثالث : أنها صفة للعمد . أي : بغير عمد مرئية . فالضمير للعمد ،واستدل لذلك بقراءة أبي بن كعب :﴿ تَرَوْنَهُ ﴾، بعوْد الضمير مذكرًا على لفظ :عمد . فعلى تقدير الاستئنافية والحالية تكون السموات مرفوعة بغير عمد . وأما على تقدير الوصفية فيحتمل توجُّه النفي إلى الصفة والموصوف ، فيكون حكم السموات كحكمها في التقدير الأول والثاني ؛ لأنها لو كان لها عمد ، لكانت مرئية . ويحتمل توجه النفي إلى الصفة دون الموصوف ، فيفيد أن للسموات عَمَدًا ؛ لكنها غير مرئية . وهذا القول هو الصواب ، وبيانه : أولاً- أن نفي الذات الموصوفة بأداة من أدوات النفيقد يكون نفيًا للصفة دون الذات، وقد يكون نفيًا للذات والصفة معًا ؛ فمن الأول قوله تعالى:﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ﴾(الأنبياء:8). أي : بل هم جسد يأكلونه. فالنفي هنا هو للصفة دون الذات. ومن الثاني قوله تعالى :﴿لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ﴾(البقرة:273). أي: لا سؤال لهم أصلاً، فلا يحصل منهم إلحاف ؛ وهو نفي للذات والصفة معًا . ويسمَّى هذا النوع عند أهل البديع :« نَفْيُ الشيء بإيجابه ». وعبارة ابن رشيق في تفسيره:« أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء ، وباطنه نفيه بأن ينفى ما هو من سببه؛ كوصفه، وهو المنفي في الباطن ». وقال غيره :« أن ينفى الشيءُ مقيدًا، والمراد نفيه مطلقًا مبالغة في النفي، وتأكيدًا له ». ثانيًا-لفظ ﴿غَيْر ﴾موضوع- في الأصل- للمغايرة ، وهو مستلزم للنفي ، ومعناه عند الجمهور ؛ كمعنى ﴿لَا ﴾ النافية ؛ إلا أن بينهما فرقًا من وجهين : أحدهما : أن ﴿غَيْر ﴾ اسم . و﴿لَا ﴾ أداة ( حرف ) . والثاني : أن ﴿غَيْر ﴾ معناها : المغايرة بين الشيئين . و﴿لَا ﴾ معناها : النفي المجرد . ويتضح لك هذا الفرق بينهما أنك إذا قلت :«أخذت فلانًا بذنبٍ » ، فـ﴿ذنب ﴾ هو الذي أخذته به . وإذا قلت :«أخذته بلا ذنب» ، فـ﴿ لا ذنب ﴾ هو الذي أخذته به ، وهو بمنزلة ﴿ ذنب ﴾ في الإثبات . فإذا قلت :«أخذته بغير ذنب» ، فـ﴿غَيْر ﴾ هو الذي أخذته به ، و﴿ ذَنْب ﴾ لم تأخذه به ؛ لأنلفظ ﴿غَيْر ﴾ مسلوب منه ما أضيف إليه . وما أضيف إليه هنا هو ﴿ ذَنْبٌ ﴾ ، فهو المسلوب منه . ومثل ذلك قوله تعالى :﴿وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾(آل عمران: 112) . فـ﴿غَيْر ﴾ هو الذي قتلوا به . وأما ﴿ حَق ﴾ فلم يقتلوا به ؛ وإنما أضيفلفظ﴿غَيْر ﴾إليه ؛ لأنه اسم مبهم ، لا يفهم معناه إلا بالإضافة . ولما كان مدلول ﴿غَيْر ﴾ المغايرة ، كان معنى ﴿بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾ : بباطل . ثالثًا-النفي بـ﴿غَيْرٍ ﴾ يرد في اللغة على أوجه ؛ منها: أن يكون متناولاً للذات ، إذا كان غير موصوف ؛ كقوله تعالى :﴿وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾(آل عمران: 112) . وقوله تعالى :﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾(الحج: 40) .فإذا كانت الذات موصوفة ، كان النفي بـ﴿غَيْر ﴾ واقعًا على الصفة دون الذات ؛ كما في قوله تعالى :﴿ رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾(الرعد:2). فالمنفي بـ﴿غَيْر ﴾ هنا هو الرؤية ، لا العمد . وعليه تكون السموات مرفوعة بعمد لا تُرَى . وهذا ما أثبته العلم الحديث .. فتأمل ذلك ، فإنه من الأسرار الدقيقة في البيان القرآني المعجز !!! فريق النقاء |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
~مشارِكة~
|
![]() من أسرار الإعجاز البياني في القرآن تشير هذه الآيةالكريمة إلى حقيقتين من حقائق هذا الكون ، تدلان على إلهية الله تعالى ووحدانيته ، وأنه لا مبدع ولا خالق سواه : الأولى منهما تتعلق بوحدة هذا الكون العجيب الصنع . والثانية تتعلق بسرِّ الحياة في هذا الكون الفسيح . والخطاب في الآية الكريمة يراد به عموم الذين كفروا ، وإن كان في حقيقته موجهًا لليهود ؛ لأنهم المعنيون به ، فهم الذين كفروا بوجوده سبحانه وبقدرته وسرِّ صُنعه ؛ ولهذا أنكر الله عز وجل عليهمكفرهم بآياته ، في أول الآية بقوله تعالى :﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ ، ثم وبَّخَهم على كفرهم في آخرها بقوله تعالى :﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾، فجاء آخر الآية مُطابقًا لأولها. أي: أفلا يكفِهم ذلكدليلاً على الإيمان!! أما الحقيقة الأولى فيشير إليها الشِّقُّ الأول من الآية الكريمة ؛ وهو قوله تعالى :﴿ أََوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾. أي: أولم يرَ هؤلاء أن السموات والأرض ، كانتا منضمتين إلى بعضهما . أي : ملتحمتين ، لا فضاء بينهما ، ففصلناهما عن بعضهما . أي : كانتا كرة واحدة ، ثم انفصلتا بإرادة الله وقدرته ! أخرج الطبري عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال :«كانتا ملتصقتين» . وعن عبيد بن سليمان ، قال :« سمعت الضَّحَّاك يقول في قوله تعالى :﴿ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ ، كان ابن عباس يقول :كانتا ملتزقتين ، ففتقهما الله » . وقالالبَغَوِيُّ :« قال ابن عباس- رضي الله عنهما- وعطاء وقتادة : كانتا شيئًا واحدًا ملتزقتين ، ففصلنا بينهما بالهواء » . والرَّتْقُ في اللغة : السَّدُّ . والفَتْقُ : الشَّقُّ . يقال منه : رَتَقَ فلان الفَتْقَ : إذا سَدَّه ، فهو يرتقه رَتْقًا ورُتًوقًا . ومن ذلك قيل للمرأة التي فرجُها ملتحمٌ : رَتْقَاءُ . وقوله تعالى :﴿ أََوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾استفهام إنكاري ، الغرض منه : التنبيه ، أو التذكير . وكوْنُه كذلك يقتضي أن ما بعده قد وقع ، وعلم به الناس إما عن طريق المشاهدة ، أو عن طريق السماع ؛ كما في قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾( يس : 77 ) . فهذا تنبيه وتذكير للإنسان ، ممسوق لبيان بطلان إنكارهم البعث بعدما شاهدوا في أنفسهم ما يوجب التصديق به . وقيل في تفسير قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بٍأًصْحَابِ الْفِيلِ ﴾( الفيل : 1 ) : الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو وإن لم يشهد تلك الوقعة ؛ لكن شاهد آثارها ، وسمع بالتواتر أخبارها ؛ فكأنه رآها . وكذلك قوله تعالى :﴿ أََوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ يقتضي أن الذين كفروا رَأَوْا هذه الظاهرة العجيبة ؛ إما عن طريق المشاهدة . أو عن طريق السماع . ولو لم يكونوا شاهدوها حقًّا ، أو سمعوا بها ، لما جاز خطابهم بهذا الخطاب الذي يقتضي أن ما بعده قد وقع، وأنهم شاهدوه ، أو شاهدوا آثاره وسمعوا به . ويدلك على ذلك ما ذكره الفخر الرازي عند تفسير هذه الآية الكريمة من قوله :« اليهود، والنصارى كانوا عالمين بذلك ؛ فإنه جاء في التوراة : إن الله تعالىخلق جوهرة ، ثم نظر إليها بعين الهيبة ، فصارت ماء ، ثم خلق السموات والأرض منها ، وفتق بينهما . وكان بين عَبَدَةِ الأوثان ، وبين اليهود نوع صداقة بسبب الاشتراك في عداوةمحمد صلى الله عليه وسلم ، فاحتج الله تعالى عليهم بهذه الحجة بناء على أنهم يقبلونقول اليهود في ذلك » . والخطاب في الآية الكريمة لم يكن مقتصرًا على الكفار في عصر النبوة من اليهود والنصارى ، وغيرهما ؛ لأن المراد به العموم ، فيشمل الكفار في كل زمان ومكان . فإن لم تكن الرؤية قد تحققت للكفار في العصور القديمة ، فقد تحققت لهم في عصرنا هذا ، فرأوا بأعينهم هذه الظاهرة العجيبة التي أخبر الله تعالى عنها منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة مضت . ومذهب المفسرين أن الاستفهام في الآية الكريمة للتقرير ؛ ولهذا قال الزمخشري :« فإن قلت : متى رأوْهما رَتقًا ، حتى جاء تقريرهم بذلك ؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما : أنه واردٌ في القرآن الذي هو معجزة في نفسه ، فقام مَقام المَرْئِيِّ المُشاهَد . والثاني : أن تلاصق الأرض والسماءوتباينهما ، كلاهما جائزٌ في العقل ؛ فلا بدَّ للتباين دون التلاصق من مخصِّص ، وهو القديم سبحانه » . وحَمْلُ هذا الاستفهام على التقرير لا يستقيم مع المعنى المراد من الآية الكريمة ؛ لأن التقرير هو حَمْلُ المخاطب على أمر قد استقرَّ عنده ، وعلم به ثم جَحَدَه . وهؤلاء لم يَجْحَدوا ما علموا به ، ولم ينكروا ما رأوه ؛ ولكنهم بدلاً من أن يؤمنوا كفروا عنادًا واستكبارًا . وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى :﴿وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ﴾( البقرة : 89 ) . وهذا ما أنكره الله تعالى عليهم بقوله :﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا.. ﴾ ؟ لأن المتوقع ممن شاهد آثار هذه الظاهرة الكونية ، و سمع بها أن يعترف بوحدانية الخالق جل وعلا وقدرته ، وأن يؤمن به ولا يشرك به أحدًا من خلقه ؛ ولهذا أنكر سبحانه وتعالى عليهم كفرهم به ، ثم وبخهم عليه في نهاية الآية بقوله :﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ ؟ ولهذا لا يجوز حمل هذا الاستفهام على استفهام التقرير ؛ لما ذكرنا من أن التقرير هو حمْل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد علمه واستقرَّ عنده ، ثم جحد به عنادًا واستكبارًا ، يبين ذلك قوله تعالى :﴿فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ *وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً﴾( النمل : 14 ) . ويؤكِّد العلماء المعاصرون من الكفار خاصة في أبحاثهم على أن الكون كله كان شيئًا واحدًا متصلاً من غاز ، ثم انقسم إلى سَدائمَ ، وأن عالمَنا الشمسي كان نتيجة لتلك الانقسامات . والسَّدائمُ جمع سَديمٍ ، يراد به السحب ،ويطلق فَلَكِيًّا على مجموعة هائلة من النجوم . ويؤيدون أقوالهم بأنهم استدلوا على أن الشمس تتألف من سبعة وستين عنصرًا من عناصر الأرض ، وأن عناصر الأرضتبلغ اثنين وتسعين عنصرًا ، وسيزيد المستدل عليه من العناصر في الشمس ، إذا ما ذللت الصعوبات التي تقوم في هذا الشأن . ومن هذه العناصر : الهيدروجين ، والهليوم، والكربون ، والآزوت ، والأوكسجين ، والفسفور ، والحديد .. الخ . وقد استدلوا على ذلك كله بالتحليل الطيفي ؛ وهو الذي يستدل به الكيمّاويون اليوم في معاملهم على ماتحتويه المواد الأرضية من عناصر ، يكشفون عن نوعها ومقدارها . فالعناصر التي فيالشمس هي عينها في الأرض ، والشمس نجم يتمثل فيه سائر النجوم . والنجوم هي الكون . وهذا يعني : أن العناصر التي بُنِيَ فيها الكون على اختلافها هي عناصر واحدة . هذامن جهة .ومن جهة أخرى ، فإن النيازك هي الأشياء الملموسة الوحيدة التي حصل عليهاالعلم من الفضاء الخارجي ، فقد لاحظ العلماء أن أكثر العناصر شيوعًا في الأرض هيالعناصر الشائعة في النيازك الحجرية . وأما الحقيقة الثانية- وهي سِرُّ الحياة- فقد أشار إليها الشق الثاني من الآية الكريمة ؛ وهو قوله تعالى :﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ . أي : أوجدنا من الماء كل شيء حيٍّ ، وكوَّناه بقدرتنا . وقال تعالى :﴿وَجَعَلْنَا ﴾ ، ولم يقل :﴿خَلَقْنَا ﴾ ؛ لأن جعل لفظ عام في الأفعال كلها . ولمَّا كان قوله تعالى:﴿ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ مرادًا به عموم المخلوقات ، ناسب التعبير عنهبفعل يدلُّ على العموم . وقال تعالى هنا :﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ ، وقال في سورة النور :﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ﴾( النور : 45 ) ، فأتى بلفظ الماء في الأول معرفة ، وفي الثاني نكرة . أما تعريفه في الأول فلأن المعنى : أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس الذي هو الماء ، فجاء ذِكْرُ الماءِ- هنا- معرَّفًا بأل الجنسية ؛ ليشمل أجناس المخلوقات المختلفةالأنواع . وأما تنكيره في الثاني فلأن المعنى : أن الله سبحانه خلق كل دابة من نوع مخصوص من الماء ؛ وهو النطفة ، ثم خالف بين المخلوقات بحسب اختلاف نطفها : فمنهاهوامٌ ، ومنها ناسٌ ، ومنها بهائمٌ ؛ كما قال تعالى :﴿ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ ﴾( النور : 45 ) . وتحرير الفرق بين القولين : أن الغرض من الأولإظهار الآية بأن أشياء متفقة في جنس الحياة ، قد تكونت بالقدرة من جنس الماء المختلف الأنواع . أما الغرض من الثاني فهو إظهار الآية بأن شيئًا واحدًا ، قد تكونت منه بالقدرةأشياء مختلفة .. فتأمل أسرار الله تعالى في خلقه ، وفي كلامه الذي سجد لبلاغته وفصاحته البلغاء والفصحاء . فريق النــــــــــــــــقاء محمد إسماعيل عتوك |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حملة إجازة صيفية مفيدة .. | رقية مبارك بوداني | النشرات الدعوية | 18 | 20-06-13 08:14 PM |
-::[ ألوان × ألوان ]::- | جرافيكسـ | قسم التصميم | 24 | 20-02-08 01:31 AM |