العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات رياض الجنة (انتهت)

الملاحظات


دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-03-08, 12:11 PM   #1
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
Icon56 تفريغ الدرس الثالث كاملا ومدقق..

[بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد..
فمرحباً بكم معاشر الأخوان والأخوات وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا المجلس خالصاً لوجهه الكريم ومقرباً إلى مرضاته, وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح..

كان حديثنا أيها الأحبة ؛ آخر ما تحدثنا عنه هو ما يتصل بأركان الإيمان بالأسماء الحسنى , وقلنا إنه يجب على المسلم أن يؤمن بكل اسم سمى الله به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم , أن يؤمن بالإسم.

والأمر الثاني : أن يؤمن بما تضمنه هذا الاسم من صفة لله تعالى
والركن الثالث : هو ما سنتحدث عنه هذه الليلة إن شاء الله وهو ما يتعلق بالآثار التي تتعلق بالأسماء الحسنى.
وهذا الركن له تعلق بما قبله , فالإنسان اذا آمن بالإسم لا بد أن يؤمن بما تضمنه هذا الاسم من صفة , ولا يمكن أن يؤمن بالأثر المترتب على ذلك إلا إذا آمن بالصفة؛ وآمن قبل ذلك بالاسم, فلا بد من فهم معاني الأسماء, أن نعرف معانيها وما دلت عليه, فأسماء الله تعالى لها آثار في هذا الخلق الذي نشاهده , ولها آثار أيضاً فيما يتصل بأمر الله عز وجل وحكمه الشرعي وما شرّعه لعباده فمن نظر في هذا وهذا رأى آثار الأسماء الحسنى ظاهرة جلية لا خفاء فيها..
انظروا أيها الأحبة وحديثنا إنما هو عن الأسماء التي لها أثر, الأسماء المتعدية وتعلمون أن من أسماء الله عز وجل ما ليس بمتعدٍ , فاسم الله تعالى: الحي – العظيم؛ هذه من أسماءه غير المتعدية , فهذا نؤمن بالاسم ونؤمن بما تضمنه من الصفة, وقلنا كل اسم يتضمن صفةً, وهناك أسماء متعدية يعني لها آثار متعدية فلا بد من الإيمان بتلك الآثار مع الإيمان بالإسم والإيمان بالصفة التي تضمنها ذلك الاسم.
ولذلك نقول بأن هذه الآثار التي يجب أن نؤمن بها يجب على كل مسلم أن يؤمن بها إجمالاً وأما ما يتعلق بالتفصيل فإن ذلك لا يجب على كل أحد ولكن الناس يتفاضلون في هذا و يتفاوتون تفاوتاً كبيرا وهذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء, فكل بحسبه والله لا يكلف نفساً إلا وسعها.

أيها الأحبة ..
إذا تأملت أسماء الله تعالى التي تكون متعدية وجدت أن آثارها تترتب عليها ترتُّب الملزوم على لازمه, والمقتضى على مقتضيه, والمرحوم وأسباب الرحمة على الراحم, وكترتب المرزوق والرزق على الرازق, وكترتب المرئيات والمسموعات على السميع والبصير ... وهكذا.
فلا بد من ترتب الآثار على هذه الأسماء المتعدية
ولهذا فإن الحافظ ابن القيم رحمه الله اعتبر العلم بالأسماء الحسنى أنه أصل للعلم بكل معلوم , ووجه ذلك أن كل المعلومات لا تخرج عن أمرين:
إما أن تكون هذه الأشياء التي نعلمها هي من قبيل خلق الله عز وجل فيدخل في ذلك جميع أنواع العلوم التجريبية , العلوم المادية.
وإما أن يكون ذلك من قبيل العلم بأمره جل جلاله فيدخل في هذا العلم بالله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه, كل ذلك داخل فيه.
فهذه العلوم إما علم لما كوَّنَه الله عز وجل وخَلَقًه
أو علم بما شرَّعه , فمصدر الخلق إنما هو عن أسماءه تعالى
وهكذا أيضاً مصدر الحُكم والشرع
كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله:

أسماءه على دلت على أوصافه **** مُشتقة ٌ منها اشتقاق معاني
وصفاته دلّت على أسمائه **** والفعل مرتبط ٌ به الأمران
والحُكم نِسبتُها إلى متعلقاتٍ **** تقتضي آثارها ببيان


فأنت لو تصورت الآن في هذا العالـَم , هذا الخلق الذي تشاهده
لو كان الحيوان بِجُمْلَته معدوماً, الله يرزق من؟
( الحيوان يقصدون به كل ما هو نامي فيُدخلون في جملته الإنسان , يعني الأشياء الحية التي فيها روح )
فالله عز وجل يقيمها ويرزقها فأقواتها وقيامها إنما هو بإقامة الله عز وجل لها, فهو الذي يرزق الحيتان في البحر , والديدان تحت الأرض, وهو الذي يرزق سائر المخلوقات بجميع أنواعها ..
فلو تُصُوِّر أنها معدومة فالله يرزق من ؟!
وإذا فُرِضت المعصية والخطيئة منتفية عن العالم
الناس في عِصمة عن المعاصي , فالمغفرة لمن؟؟
عمن يعفو الله تعالى وعلى من يتوب؟
وهكذا أيضاً لو فُرِض أن جميع الناس أغنياء, أنهم مستغنون عن رازق يرزقهم فأين السؤال والتضرع والإفتقار إلى الله عز وجل والإنطراح بين يديه؟ وأين ما يترتب على ذلك من إجابة سؤال السائلين ودعاء الداعين, وجبر كسر الضعيف, أصحاب القلوب المنكسرة؟
وهكذا أيضاً ظهور إفضاله وإنعامه على عبيده
الله تبارك وتعالى من أسماءه العفو الغفور الرحيم الرازق , كل هذه أسماء لله عز وجل , فلو أن الناس كلهم قد استغنوا عن العطاء والرزق , أو أن كلهم ما يعصون الله عز وجل فلمن تكون المغفرة؟ ولمن تكون الرحمة؟ ولمن تكون التوبة؟؟ فمن أسمائه تعالى التواب..
فلن تظهر آثار الأسماء الحسنى وإنما اقتضت حكمته تبارك وتعالى أن يوجد ذلك جميعاً في الخليقة من أجل أن تظهر آثار أسمائه وكمالاتِه عز وجل.
فاسمه الخالق يقتضي مخلوقاً, والبارئ يقتضي مبروءاً , والمصور يقتضي مُصَوَّراً, فلا بد من ذلك أصلاً, فهذه كلها من الأسماء المتعدية التي تقتضي أثراً ينتج عنها
ولذلك يُقال أيها الأحبة : إن أسماءه الغفار والتواب يقتضي مغفوراً له ومن يُتاب عليه .. وهكذا أيضاً أموراً يُتاب منها لا بد من أمور يتوب العبد منها , وهكذا أيضاً من تأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة كما يمثل الحافظ ابن القيم على الأسماء الأولى التي وردت في أول سورة الفاتحة (( الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين )) فهو يقول الله والرب والرحمن , يقول هذه الأسماء الثلاثة نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب , وهي التي جمعت الخلق وفرقتهم فلها الجمع والفرق , يقول اسم الرب له الجمع
الجامع لجميع المخلوقات
هل يخرج أحد من ربوبية الله؟
الجواب: لا, فهو رب للجميع, للمؤمن وللكافر, وهو رب للجماد والحيوان والنبات , لا يخرج أحد عن ربوبيته تعالى, واجتمع الخلق بهذا الإعتبار تحت صفة الربوبية, وأما صفة الإلهية فقد افترقوا فيها إلى مؤمنين وكفار فلها الفرق , الربوبية لها الجمع
والإلهية لها الفرق.. فصار الناس إلى طائفتين, سعداء وأشقياء , انقسموا إلى مؤمنين وكفار
فالدين والشرع والأمر والنهي مظهره وقيامه من صفة الإلهية
والخلق والإيجاد والتدبير صفة من صفات الربوبية
والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك
فالله تعالى أمرهم بإلهيته وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته
وعاقبهم بملكه وعدله


وأما الرحمة فهي التعلق والسبب الواصل بين الله عز وجل وبين العباد لا ينفكون عن رحمته بحالٍ من الأحوال, لو تخلى عنهم لهلكوا جميعاً , فالتأليه منهم له والربوبية منه لهم والرحمة هي السبب الواصل بين الخالق والمخلوق بها أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب ووفق من شاء إلى الهدى, وبها أسكنهم دار الكرامة الجنة
وبها رزقهم وعافاهم وأعطاهم وأنعم عليهم..... وهكذا..
فهذه الآثار وهذه الأسباب التي خلقها الله عز وجل هي من لوازم كماله وملكه وقدرته وحكمته , فظهور تأثيرها وأحكامها في عالم الشهادة هو تحقيق لهذا الكمال.
كيف نعرف أن الله تعالى القادر, العزيز, القوي والمتين, يُهلك أقواماً من العُتاد من الضالين من المكذبين من المحادِّين له ولرسله عليهم السلام
فيظهر من ذلك آثار هذه الأسماء
إذا أجدب الخلق تضرعوا إليه فأغاثهم وأعطاهم؛ فتظهر آثار جملة من الأسماء .. الرازق , الرحمن , الرحيم وهكذا... إذن ظهور آثار هذه الأسماء الحسنى هو من جملة كماله المُقدَّس
ولا يمكن أن نُثبت لله أو أن يَثبت لله عز وجل أو أن يثبت العبد الكمالات لله إلا إذا أثبت هذه الآثار في الخلق والأمر , في قضاء الله وقدره , في وعده ووعيده , ومنعه وإعطاءه , وإكرامه وإهانته, وعدله وفضله , كل هذه الأشياء تظهر وتعرِّفنا بالمعبود جل جلاله وهي ناشئة وناتجة بل هي من مقتضيات أسمائه الحسنى
فيظهر نتيجة لذلك أنه العفو المنعم ويظهر سعة حلمه ويظهر أيضاً شدة بطشه , وهكذا اقتضى كماله أنه في كل يوم له شأن
فمن جملة شؤونه أنه يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويشفي مريضاً ويفك عانياً وينصر مظلوماً ويُغيث ملهوفاً ويُجير مستجيراً ويجبر كسيراً ويغني فقيراً ويُجيب دعوة ويُقيل عثرة ويُعز ذليلاً ويذل متكبراً ويقسم جباراً ويميت ويحيي ويُضحك ويُبكي, يضحك أقواما ويبكي آخرين, ويخفض ويرفع ويعطي ويمنع .
فإذا عطـّل العبد الرب تبارك وتعالى عن أسمائه الحسنى وصفاته العليا فإنه بذلك يكون معطلاً لإلهيته وربوبيته ورحمته وملكه, قد عطـّله عن كمالاته المقدسة , وبهذا تعرفون شُئم مذاهب المُعَطـِّله الذين نفوا الأسماء والصفات, أو الذين أثبتوا الأسماء وقالوا إنها لاتدل على أوصاف لله تعالى, فهذا تعطيل للربوبية والإلهية والملك والعزة والرحمة الحكمة , كل هذه تتعطل وتنتفي , ولهذا أنكر الله عز وجل على أولئك الذين قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ فقال تعالى(( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ)) فإن حكمته ورحمته تقتضي أن يُرسل للعباد رسلاً يبينون لهم ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام ويُعرِّفونهم بالمعبود جل جلاله ويُعرَِّفونهم ويشرحون لهم الطريق التي توصلهم إلى ربهم وباريهم وخالقهم تبارك وتعالى..
هذا كله من مقتضيات أسمائه,
والله تعالى قال في حق أولئك الذين أنكروا البعث والمعاد والعقاب (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه))
لأنهم اعتقدوا أن هذا الخلق هذا الانسان إذا تحول إلى تراب أنه لا يستطيع أحد أن يعيده مرة أخرى إلى هذا الخلق الذي نشاهده (( فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة))
((أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة ))
فلتكونوا أقوى ما يمكن أن يتصوره العقل البشري, حجارة صلبة أو حديد , الله قادر على أن يعيدكم مرة أخرى, فهؤلاء ما قدروا الله حق قدره , أولئك الذين قالوا إنه لا يقدر على إعادة الإنسان بعد أن صارت عظامه رميماً وتحول إلى تراب, وأنكر أيضاً على أولئك الذين جوزوا عليه التسوية بين المختلفين , بين أهل الإيمان وأهل الكفر , بين الأبرار والفجار, بين المجرمين والأخيار
((أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون))
فإن مقتضى الأسماء الحسنى يأبى ذلك , وأخبر أن هذا حكم سئ لا يليق بالله عز وجل ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لاإله إلا هو رب العرش العظيم))
نزه نفسه عن هذا الحكم والظن السئ والحسبان الذي تأباه أسماؤ&ه الحسنى وصفاته العلى جل جلاله
وهذا نظائره في القرآن كثيرة
انظر إلى أسمائه تبارك وتعالى : الحميد - المجيد فإن هذه الأسماء تأبى أن يترك الإنسان مهملاً معطلاً سدى لا يُؤمر ولا يُنهى ولا يُثاب ولا يُعاقب , وهكذا أيضاً اسمه الحكيم , فكما أن اسمه الملك يقتضي مملكة وتصرفاً وتدبيراً وإعطاءً ومنعاً وإحساناً وعدلاً وثواباً وعقاباً؛
وهكذا اسمه البر - المحسن - المعطي - المنان, كل هذه تقتضي آثارها وموجباتها, فتصور أولئك الذين فسدت عقائدهم فلا يؤمنون أصلاً بأسماء الله وصفاته , أوأولئك الذين يثبتونها ويقولون هي مجرد أعلام جامدة لا تدل على صفات الكمال
كيف هؤلاء يكون نظرهم واعتقادهم بربهم جل جلاله؟
كيف تقبل عليه قلوبهم؟ وكيف تتوق نفوسهم إلى ألطافه و رحماته وعطائه وبره وكرمه وجوده؟
إذا أصابت الواحد الفاقة أو المرض أو وقع في بلية فإن قلبه كيف يتحرك إلى مولاه ليُخلصه ويرفعه ويُعافيه
وبهذا تعرفون أيها الأحبة أثر فساد الإعتقاد على سلوك الإنسان وعمله وعبادته وتفكيره ونظره في الأمور كلها والمقصود أن الخلق مرتبط بقدرته تعالى تمام الارتباط وهذا يقتضي أن لا يخرج شئ موجود عن قدرته كما أنه مرتبط بعلمه, فعلمه يقتضي أنه تبارك وتعالى قد أحاط بكل شئ علما, وهو أيضاً مرتبط بحكمته وذلك يقتضي أن يقع على أحسن الوجوه وأكملها, كل ما يقع في هذا الكون فإنه وقع على وفق حكمة الله عز وجل وليس ذلك يقع اتفاقاً أو يقع لمجرد مشيئةٍ قد رجحت مِثلاً على مثلٍ بلا رُجحان
كما يقول بعض القدرية الذين لم يُقدِّروا الله عز وجل حق قدره وما عرفوه حق معرفته
تأمل في هذا العالم وأجزاءه كيف صار منتظماً هذا الإنتظام, فإن ذلك يدل على كمال قدرة الخالق سبحانه وتعالى وكمال علمه وكمال حكمته وكمال لطفه .
الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى يمثل هذا العالم هذه الدنيا بالبيت المبني المعد , فيه جميع ما يحتاج إليه ساكنه , فيه مصالحه وآلاته, فالسماء سقفه المرفوع والأرض مهاد و بساط وفراش ومستقر لهؤلاء الساكنين , والشمس والقمر سراجان يُضيئان, والنجوم مصابيح وزينة,
والجواهر والمعادن مخزونة فيه كالدخائر, وظروفالنبات مُهئ لمآربه , وصروف الحيوان مصروفة لمصالحه فمنها الركوب ومنها الحلوب ومنها الغذاء ومنها اللباس والأمتعة والآلات ومنها الحرس الذي يحرسه , كيف ركبه الله عز وجل وكونه وأوجده بهذه الطريقة وبهذا الإنتظام؟؟, وتتحقق بذلك مصالح العباد ويكون محلاً صالحاً لإقامة العبودية لله تعالى وعمارة الأرض , هذا كله لا شك مرتبط بقدرته وحكمته وعلمه ومشيئته وأسمائه وصفاته..



توقيع سمية ممتاز
,,



التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 11-03-08 الساعة 01:38 PM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 11-03-08, 12:28 PM   #2
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الركن الرابع
الذي لا بد منه حتى يكون العبد محققاً للإيمان بأسماء الله الحسنى : هو أن يدعو ربه بها


والدعاء هنا يشمل النوعين : دعاء العبادة - ودعاء المسألة


1-دعاء العبادة يقتضي أن يتعبد العبد لربه بمقتضى هذه الأسماء فتؤثر معرفة هذه الأسماء في عبوديتنا الظاهرة والباطنة.


هناك أسماء لله عز وجل أيها الأحبة يحب من عباده أن يتصفوا بموجبها فهو تعالى عفو يحب العفو وأهله , جواد يحب الجود وأهله, جميل يحب الجمال , رحيم يحب من عباده الرحماء , وتر يحب الوتر, رفيق يحب الرفق, حكيم كريم ماجد محسن ودود صبور شكور, يُطاع فيشكر ويُعصى فيغفر , ولا أحد أحب إليه الثناء من الله تعالى, والله محسن يُحب المحسنين, طيب يحب كل طيب, عليم يحب العلماء من عباده , كريم يحب الكرماء, قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف, بر يحب الأبرار, عدل يحب أهل العدل, حيي ستير يحب أهل الحياء والستر, عفو غفور يحب من يعفو عباده ويغفر لهم ويتجاوز عن زلاتهم وأخطائهم و إساءاتهم, وهو صادق يحب الصادقين, ولمحبته تعالى لمقتضيات أسمائه جل جلاله أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل والإحسان والبر والعفو والجود والصبر والمغفرة والرحمة والصدق والعلم والشكر والحلم والأناة والتثبت وما إلى ذلك ’ وهذا كله يرجع إلى الأسماء التي يليق بالعبد أن يعمل بمقتضاها أو كما يعبر بعضهم أن يتعبد الله عز وجل بها, فالكبر مثلاً؛ الله من أسمائه المتكبر فلا يليق بالعبد أن يقول أريد أن أحقق هذه الصفة لأن الله عفو يحب العافين عن الناس وكريم يحب الكرماء فهو المتكبر يحب المتكبرين!


لا , الكبر لا يصلح إلا للخالق جل جلاله , وهكذا ما كان من الصفات التي لا تليق بالمخلوق أن يتصف بها


والمقصود أيها الأحبة أن أكمل الناس عبودية لله عز وجل هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر مما يصلح لمثلهم أن يتصفوا به, فلا تحجبه عبودية اسم من هذه الأسماء عن عبودية اسم آخر, كمن يحجبه مثلاً التعبد لله باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم,, أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والاحسان عن أسماء العدل والجبروت والعظمة ونحو ذلك


هذا بالنسبة للتعبد بأسمائه تعالى.


2-والنوع الثاني مما يتصل بالتعبد بها أيضاً وهو السؤال .


فيسأل العبد ربه والله يحب الداعين والسائلين (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)) فيسأل ربه تعالى بهذه الأسماء الحسنى في كل مقام بما يناسبه ويليق به, فالله تبارك وتعالى يحب من عبده أن يفعل ذلك ,


فيقول الداعي: اللهم اغفرلي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم


كما جاء في الأدعية التي ذكرها الله تعالى في كتابه (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))


(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب))


وسليمان عليه السلام (( قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب))


والخليل وإسماعيل عليهما السلام كان من دعائهما (( وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))


وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور.


ولما سألته عائشة رضي الله عنها عما تدعو به في ليلة القدر علمها أن تقول : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني


فلا يقول اللهم إنك أنت القوي العزيز الجبار فاغفر لي!


وإنما يقول يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ويا رزاق ارزقني ويا جبار اجبرني... وهكذا في كل مقام بحسبه.


وإذا تأملت الثناء والدعاء على الله في القرآن: وجدت أن الثناء غالباً يأتي مضافاً لأسماء الله الحسنى الظاهرة دون الضمائر , نقول الحمد هذا ثناء , إضافة المحامد إلى الله عز وجل, وتكريره ثانياً هو الثناء, وذكره ثالثاً هو التمجيد


كما قال ابن تيمية رحمه الله


الحمد لله , أضافه إلى اسمه تبارك وتعالى الظاهر هنا , يعني ما أضافه إلى الضمير ما قال الحمد له , قال الحمد لله رب العالمين


الرحمن الرحيم أضاف الحمد بأسمائه الظاهرة


وسر ذلك - والله أعلم - كما يقول الحافظ ابن القيم: بأن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى لما تضمنته معانيها من صفات الكمال ونعوت الجلال فيأتي بالإسم الظاهر ولا يأتي بالضمير- لماذا؟ لأن الإسم الظاهر له دلالات لا يؤديها الضمير, لو تقول الحمد له فإن الضمير هنا لا يدل على صفة , لكن حينما تقول الحمد لله ( الله تعالى) هذا الاسم الكريم متضمن لصفة الإلهية وصفة الإلهية تتضمن كثيراً من الصفات


فإنه لا يكون إلهاً إلا من كان رباً, إلا من كان قادراً حكيماً عليماً مدبراً لهذا الكون يفعل ما يشاء, لا راد لحكمه ولا معقب لقضاءه ’ هذا هو الإله, ولهذا تقول الحمد لله الحمد لربي الحمد لخالقنا الحمد للكريم الحمد للعزيز الجبار المتكبر


فأنت تضيف الحمد أو الثناء للأسماء الظاهرة من أسماء الله الحسنى ولا تضيفه إلى الضمائر وذلك لأن هذه الأسماء تدل على أوصاف الكمال التي استحق الرب جل جلاله الحمد من أجلها ..


وأما الدعاء فإنه يأتي غالباً متعلقاً باسم الرب تبارك وتعالى


لماذا؟


أكثر دعاء الأنبياء كما قال الشاطبي وقال ذلك أيضاً الحافظ ابن القيم يأتي مع اسم الرب إذا تأملت ((ربنا ظلمنا أنفسنا)) (( ربنا فاغفر لنا ذنوبنا)) (( رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ))


وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي , وسر ذلك والله أعلم أن العطاء والتدبير والمنع والتصريف كل ذلك من معاني الربوبية, فإذا قال العبد رب اغفر لي فإنما يصدر من الرب تعالى من غفرٍ أو رزق أو إحياءٍ أو إماتة أو غير ذلك كل هذا من معاني ربوبيته


فإذا دعا العبد قال رب ارزقني, رب انصرني, رب اغفر لي وهكذا والله تعالى أعلم , فنحن نثني على الله تعالى بإلهيته المتضمنة بإثبات جميع ما يجب له من الصفات العُلى والأسماء الحسنى, ونسأله تعالى بربوبيته , وعلى كل حال انظر وتأمل ما في القرآن ((سبحان الله ))


((سبحان ربك رب العزة عما يصفون)) ((سبح لله ما في السماوات والأرض)) ((تبارك الله رب العالمين)) وما شابه ذلك.


هذه أربعة أركان لا بد منها للعبد حتى يؤمن بأسماء الله تبارك وتعالى وقد ذكر الحافظ ابن القيم في نونيته معتقد أهل السنة والجماعة في هذا الباب, قال:


واشهد عليهم أنهم قد أثبتوا **** الأسماء والأوصاف للديان


وكذلك الأحكام أحكام الصـ **** ـفات وهذه الأركان للإيمان


قالوا عليمٌ وذو علم ويعلم **** غاية الإسرار والإعلان


إلى أن قال :


والوصف معنىً قائم بالذات **** والأسماء أعلام له بمزان


أسمائه دلت على أوصافه **** مشتقة منها اشتقاق معاني


وصفاته دلت على أسمائه **** والفعل مرتبط به الأمران


والحكم نسبتها إلى متعلقات **** تقتضي آثارها ببيان



هذه أمور أربعة..

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 05-04-08 الساعة 02:21 AM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 11-03-08, 12:29 PM   #3
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

رابعاً: وهو ما يتعلق بإحصاء الأسماء الحسنى


الحديث الذي ذكرناه في أول هذه الدروس (( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))


ما معنى هذا الإحصاء ؟


هذه اللفظة في كلام العرب تأتي بمعنى العد - تقول مثلاً حصيت الحصى إذا عددته


ومن ذلك قول الأعشى:


ولست بالأكثر منهم حصى *** وإنما العزة للكاسر


ويقولون للعد يقولون له إحصاء , فهذا معناه


ومن المعاني التي تأتي لهذه اللفظة العقل ، يُقال حَصاة العقل


ومنه قول الشاعر:


وأن لسان المرء ما لم تكن له *** حصاة على عوراته لدليل


يقول أن اللسان إذا مافي عقل يحجزه من الإنفلات و الإنطلاق فيتكلم الإنسان في كل شئ ويحرف بما لا يعرف فإنه بذلك يدل على عوراته



وهناك معنى ثالث أيضاً: وهو الإطاقة (( علم أن لن تحصوه)) يعني تطيقوه فيما يتعلق بقيام الليل (( فتاب عليكم ))


طيب إذا كانت هذه معاني الإحصاء في كلام العرب فما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم (( من أحصاها دخل الجنة)) ؟


هل المراد به العد ؟ أو المراد عقل معانيها ؟ أو المراد بذلك معنى آخر؟


***- من أهل العلم من قال المراد بها العد, من أحصاها يعني استطاع أن يعدها, يعني جمعها, حفظها, أحاط بها والمقصود بالإحاطة عند هؤلاء يعني أنه استطاع أن يستقرأ هذه الأسماء وأن يجمعها يعني أن يعرف ألفاظها. فهذا معنى ذهب إليه كثير من أهل العلم بالحديث واحتجوا برواية للحديث عند البخاري في الصحيح


وهي قوله صلى الله عليه وسلم (( من حفظها دخل الجنة))


***وهناك من قالوا إن كلمة أحصاها تحتمل عدة معاني وهذه الرواية تبين الإجمال الذي وقع فيها , من أحصاها أي حفظها,


وهذا ذهب إليه الإمام البخاري رحمه الله وقال به جماعة كالخطـّابي والنووي وعزاه النووي لأكثر أهل العلم وهو اختيار عبد الرحمن ابن الجوزي ,


قال: إن الناس يتفاوتون في ذلك؛ وهذا المعنى التفاوت قد صرّح به القرطبي رحمه الله يقول إن مقتضى رحمة الله عز وجل أن يحصل هذا الإفضال والعطاء دخل الجنة على أقل ما يصدق عليه هذا اللفظ , من أحصاها , وهو مجرد حفظ بالألفاظ , يقول: فضل الله عز وجل عظيم؛ والله كريم؛ لماذا نُعقِّد هذه القضية ونقول الإحصاء أصعب مما تتخيلون وأمره ليس بالسهل وأمره شديد ولا يقع إلا للواحد بعد الواحد , لا , فنقول يصدق على أقل ما يمكن أن يُراد بهذه اللفظة , فمن عدّها فقد أحصاها ثم الكمال على درجات


يأتي فوقه من عرف معانيها, ويأتي فوقه من تعبد الله تعالى بهذه الأسماء وتعبده بالدعاء وتعبده أيضاً كما ذكرنا من ألوان العبوديات التي تقتضيها هذه الأسماء الحسنى , وهذا القول له وجه .


***- ومن أهل العلم من قال إن الإحصاء هنا المراد به الإطاقة ،قالوا إن قوله من أحصاها مفسراً بقول الله تعالى ((علم أن لن تحصوه )) أي أن لن تطيقوه


والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (( استقيموا ولن تُحصوا))


يعني لن تقدروا ولن تطيقوا أن تأتوا بالإستقامة على الوجه الكامل لكن سددوا وقاربوا


وقالوا المراد هنا أن العبد أن يطيق الأسماء الحسنى بمعنى أنه يُحسن المراعاة لها بعد أن يعرف ألفاظها هذه الأسماء المحصورة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله(( إن لله تسعاً وتسعين اسماً )) فإذا استطاع العبد أن يستقرأها عرف ألفاظها وأحسن المراعاة لها وعمل بمقتضاها


فإذا قال الله سميع بصير يعلم أن الله يسمعه ويراه وأنه لا تخفى عليه خافية فيخاف من الله عز وجل في سره وعلانيته , قالوا هذا هو المراد بالإحصاء.


***- وذهبت طائفة أخرى من اهل العلم إلى أن المراد بالإحصاء هو المعرفة وعقل المعاني


فيكون المراد((من أحصاها)) أي عرفها وعَقل معانيها وآمن بها دخل الجنة..


وهذا قال به أبو نعيم وقال به المفسر أبو عطية .


***- ومن أهل العلم من حمله على أكمل معانيه وهو الذي ذهب إليه الحافظ ابن القيم رحمه الله


قال( إن الإحصاء لا يكون إلا بمعرفة الأسماء بأن يجمعها العبد ويعرف ألفاظها وأن يعرف معانيها وأن يتعبد لله تعالى بمقتضاها, لا بد من هذه الأمور الثلاثة .)


-*** ومن أهل العلم من قال بأن المقصود بالإحصاء هو أن يقرأ القرآن كاملاً ,, وهذا يمكن أن يوجه كما قال الحافظ ابن الحجر رحمه الله أنهم قصدوا بذلك أن هذه الأسماء موجودة في القرآن فإذا قرأ العبد كتاب الله فإنه يكون بذلك قد مر على جميع الأسماء الحسنى


يعني أنه يتتبع ذلك من القرآن ..


* * *


وعلى كل حال لا شك أنه من تمام المعرفة بأسماء الله وصفاته التي يستحق بها ما ذكر في الحديث دخل الجنة, نعم , هو أن يعرف العبد الألفاظ وأن يعرف مدلولات هذه الألفاظ وإذا كان ذلك لا يؤثر فيه عملاً ولا إيماناً فإن هذا العلم من العلم الذي لا يُنتفع به فيحتاج العبد إلى أن تظهر آثارها عليه بقلبه ولسانه وجوارحه وهذا الذي ذكره كثير من أهل العلم , كالطلمنكي من أهل السنة وطائفة


ومثل القرطبي قال هذه مراتب ثلاث لأهل الإيمان كما يُقال مثلاً بأن هناك مرتبة للسابقين ومرتبة للصديقين ومرتبة لأصحاب اليمين, فمن عرف ألفاظها فقط فهذا من أهل اليمين , ومن عرف المعاني فهذا من الصديقين, ومن عمل بمقتضاها فهو من السابقين.


وعلى كل حال هذا المعنى ذكره جماعة ولا حاجة للتطويل فيه أكثر من هذا.



خامساً: هل أسماء الله تعالى محصورة بعدد معين ؟


الحديث يقول (( إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )) ما المقصود ؟


هل المقصود أن أسماء الله محصورة في التسعة وتسعين؟


أو المقصود أن هذه الأسماء التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم لها مزية معينة وهي أن من أحصاها دخل الجنة؟


العلماء مختلفون في عدد أسماء الله الحسنى


فعامة أهل العلم الذي عليه الجمهور يقولون: أن أسماء الله الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد يمكن أن يصل إليه الخلق و أسماء الله أكثر من أن نحيط بها , هذا الذي عليه عامة أهل العلم وهو القول الذي لا ينبغي العدول عنه وهو مذهب سلف هذه الأمة , بل إن من أهل العلم كالنووي قال إنه محل إجماع !


والصحيح إن الإجماع لا يثبت في هذا لأن هناك من خالف كابن حزم والسهيلي والرازي قالوا إنها محصورة , والذين قالوا إنها محصورة اختلفوا في العدد..


** فبعضهم قال إنها محصورة بثلاثمائة اسم؛؛ وهذا لا دليل عليه.


** ومنهم من قال ألف .


** ومنهم من قال ألف وواحد .


** ومنهم من قال أربعة آلاف.


** ومنهم من يقول مائة ألف و أربعة وعشرون ألفاً {عدد الأنبياء} وهذا لا دليل عليه.


** ومنهم من يقول أسماء الله تسعة وتسعون اسماً فقط , هكذا فهموا من الحديث.


ومجموع ما ذكره العادون مما يصلح أن يكون اسماً لله عز وجل أو ألا يكون يعني الذين حاولوا جمع الأسماء كثير , خلق من العلماء , بعضهم من ألّف بذلك مصنفاً مستقلاً وبعضهم ذكرها ضمن كتاب من كتبه...


فلو استقرأنا , حاولنا أن نستقرأ كل ما ذكروه مما يصلح أن يكون اسم لله وما لا يصلح فإن ذلك يزيد على مائتين وثمانين اسماً, هذا جملة ما عده العادون .


وعلى كل حال مما يدل على أن أسماء الله عز وجل لا تُحصر بعدد


ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم (( اللهم اني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ))


وجه الإستدلال أنه لو كان يُحصي جميع الأسماء الحسنى لأحصى الثناء على الله تبارك وتعالى ,هكذا استدل به أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض وغيره, وكذلك حديث الشفاعة الطويل وفيه: (( ثم يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحدٍ قبلي )) وكذلك أيضاً حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما أصاب عبداً همٌ ولا حَزَن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك .......... إلى أن قال ......... أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ..))


هذا أوضح الأدلة على أن من أسماء الله عز وجل ما لم يُطلع عليه أحداً من الخلق لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلا ..


فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل الأسماء على هذه الأقسام الثلاثة


-قسم أنزله في كتابه
-وقسم علمه أحد من خلقه
- وقسم استأثر به في علم الغيب عنده ,
وبهذا نعرف أن الواجب علينا إزاء أسماء الله عز وجل وصفاته التي استأثر بها في علم الغيب عنده أن نقر بالعجز والوقوف عند ما أُذن لنا فيه من ذلك , نؤمن بالأسماء التي أخبرنا عنها ونكل علم مالم نعلم إلى عالمه .


وأما الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))


فإن قوله صلى الله عليه وسلم من أحصاها دخل الجنة هذه صفة وليست بخبر يعني إن لله تسعة وتسعين اسم لها شأن خاص {فهمتم هذا؟} إن لله تسعة وتسعين اسماً من بين أسمائه لها مزية خاصة كما تقول مثلاً{لفلان خمسة دور قد أعدها للضيوف}وكما تقول {لفلان ألف ريال قد أعدها للصدقة }


هل تفهم من هذا أن كل ما يملك هو ألف؟ أو أن كل الدور التي عنده هي خمسة فقط ؟


لا .. وإنما هذه الألف من شأنها كذا.


فالله تعالى له تسعة وتسعون اسماً لها مزية وشأن خاص وهو أن من أحصاها دخل الجنة , وهذا لا ينفي عنه أن يكون له أسماء أخرى غير هذه الأسماء, كما قال المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية والخطابي والحافظ ابن حجر والقرطبي صاحب المفهم والبيهقي , بل نقل الامام النووي أن هذا الحديث المذكور ليس للحصر قال إن هذا باتفاق العلماء وهو الذي قال به الحافظ ابن كثير رحم الله الجميع.


نحن لا زلنا في المقدمات ولمّا ندخل بعد في الكلام عن كل اسم على حده و لكن أرى أن هذه المقدمات في غاية الأهمية وهي توطئة لما سيذكر في الكلام عن الأسماء فنحن سنتكلم عن معنى كل اسم وسنتكلم عن ما يتعلق به من حكم وسنتحدث عن آثاره الإيمانية وما أشبه هذا, فإذا عرفنا هذه القضايا التي نذكرها الآن بعد ذلك يمكن للإنسان أن يُدرك ما يُقال ويربط بين هذه القضايا ويعلم أن هذا كله يدخل تحت الإيمان بهذه الأسماء الكريمة , وكنت أريد أن أذكر كل هذه المقدمات في درس واحد في الدرس الأول ثم رأيت أن مثل هذا ربما يُجهض الفكرة ولا يحصل منه المقصود


فأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يُحب ويرضى.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 25-03-08 الساعة 04:11 PM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 11-03-08, 12:30 PM   #4
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

* أسئلة *


يقول السائل: ورد في الحديث ( أو علمته أحداً من خلقك ) وورد أن أسماء الله توقيفية ؟
الأخ فهم الحديث على غير المراد, أو علمته أحد من خلقك ليس بمعنى ذلك أنه أنشئه هذا المخلوق الذي علمه الله إياه ليس هذا المراد وإنما علمه الله إياهُ أن يوحي به إلى نبي من الأنبياء فأسماء الله توقيفية ليس لأحد أن يسمي الله باسم من عند نفسه فليس هذا هو المراد في الحديث قطعاً

هل التعرف على أسماء الله وصفاته ودراستها يجعل الإنسان يخشى الله كثيراً وتقربه منه ؟
الجواب نعم وسيأتي الكلام على هذا ان شاء الله تعالى في الآثار
وهل هي تساعد على الإخلاص؟
الجواب نعم
أي كتاب تنصحنا بقراءته؟
سأذكر لكم ان شاء الله كثيراً من الكتب التي أ ُلفت في هذا الموضوع, وقد أتحدث ان شاء الله إذا في سعة من الوقت عن هذه الكتب ما هو الجيد منها وما هو الذي يستحق أن يُقتنى وما هي الأشياء التي هي عبارة عن تكرار لمؤلفات أخرى .

هل من حرج في الإعتقاد بمخلوقية النطق بكلام الله كصفة من صفاته؟
لا تشتغل بهذا.. لا تشتغل بهذا.

قال تعالى (( الله نور السماوات والأرض )) هل النور من أسماء الله عز وجل؟
النور: من أهل العلم من أثبته لله , شيخ الاسلام رحمه الله يقول بأن الله نور السماوات والأرض ويثبت هذا في الأسماء وكذلك أيضاً من أثبته الحافظ ابن القيم وأثبته جماعة على كل حال آخرون
ومن أهل العلم من لم يثبته , ولما ذكرنا لكم الضوابط فيما يُطلق على الله عز وجل من الأسماء ذكرنا منها ما يتعلق بالإضافة
فمن أهل العلم من يقول إن الأسماء التي تكون لله عز وجل لا تكون جائت بصيغة الإضافة أو التقييد , ما تكون مقيدة ولا مضافة
فقالوا هذا جاء بصيغة الإضافة ( الله نور السماوات والأرض)
وأما ما جاء في الحديث ( نور أنى أراه) فما حملوه على أنه من أسماء الله عز وجل , وفي رواية أخرى ( رأيت نوراً) فقالوا إن هذا ليس من باب التسمية , وعلى كل حال المسألة لا شك محتِمِلة .
ومن أهل العلم من يعد ما كان بصيغة الإضافة من جملة الأسماء,
يقولون مثلاً اسم الرب جميع المواضع في القرآن ما جاء إلا مضافاً ( رب العالمين ) ومع ذلك هو من أوضح الأسماء الحسنى, وكما أشرت لكم عند الكلام عن هذا القيد أنه ليس محل اتفاق, ولذلك فإن عد أسماء الله عز وجل كما ذكرنا في المرة الماضية اختلف العلماء في العد فمنهم من يذكر بعض الأسماء ومنهم من لا يذكره الا واحد ومنهم من يتفقون عليه ومنهم يذكره أكثرهم فهي مسالة متعلقة بالاجتهاد.

هل هناك صفات مشتقة وغير مشتقة مع المثال؟
لا. جميع الصفات مشتقة , يعني إذا قلنا أن جميع الأسماء مشتقة وان هذا هو القول الراجح اللي عليه عامة أهل العلم ومذهب أهل السنة فالقول بأن الصفات مشتقة من باب أولى لأن الصفة لا تكون إلا مشتقة.

ما حكم قول: اللهم إني أسألك بغناك وفقري وقوتك وضعفي وعزتك وذلي بين يديك , وغير هذا مما يتضمن التذلل؟
مثل هذا يُعتبر من قبيل التوسل لله عز وجل بأسمائه الحسنى فهذا لا إشكال فيه .

يسأل عن كتاب شرح أسماء الله الحسنى للدكتورة حصة الصغير يقول في أسماء لم نسمع بها من قبل فما رأيك بهذا الكتاب؟
لعلي أذكره إن شاء الله وأتحدث عنه
هو كتاب على كل حال إلى الإختصار أقرب ويستفيد منه من قرأه وإن كان في جملته هو نقلٌ نقدٌ عن غيره إما عن الحافظ ابن القيم أو عن آخرين كالدكتور عمر الأشقر مثلاً وبعض من كتبوا في الأسماء الحسنى وكثير من هذه النقولات بدون إحالة ولا أقواس ولا شئ يعرف من قارن أو من يعرف أساليب أهل العلم, أحياناً نقرأ كلاماً نعرف أن هذا الكلام لإبن القيم , أحياناً نقرأ كلاماً نعرف أنه لإبن تيمية , بل حتى بعض المعاصرين أحياناً نقرأ ونعرف أن هذا كلام فلان , فإذا قارنت مع الكتب أحياناً تجد هذه النقولات معزوة
على كل حال الكتاب مفيد.

هناك أشرطة واسطوانات شرح أسماء الله الحسنى للداعية عمرو خالد بعنوان (باسمك نحيا) وهي بسيطة وواضحة وسهلة ؟
الأسماء الحسنى تحتاج إلى كلام يعني لا بد أن يُزم بزمام العلم سواء في نفس الإسم يعني ما هو الإسم , هل هذا اسم لله أو لا؟ هذه واحدة , ثم بعد ذلك ما يتعلق به من الصفة , ماهي الصفة اللي نثبتها؟ , ثم بعد ذلك ما يتعلق بالأثر , كل هذه الأشياء الثلاثة لا بد فيها من علم , فلا يؤخذ هذا ممن لم يتحقق بالعلم , هذه قضايا تتعلق بالإعتقاد.

ما حكم دعاء الله بقوله يا نور النور؟
هذا من التكلف, ما هذا , الله تعالى يقول ( الله نور السماوات والأرض) مثل هذه العبارات التي لم ترد في الكتاب والسنة .

إذا كان الساتر ليس من أسماء الله فما حكم قولنا يا ساتر ؟
لا نقول يا ساتر , نقول يا ستير ( إن الله حيي ستير ).

ما حكم اسم جلال وملاك وهل يجب عليه تغيير الإسم ؟
جلال ليس من أسماء الله عز وجل ومن عد من أسماء الله عز وجل شئاً يتعلق بهذه اللفظة قالوا ذو الجلال, أما اسم جلال هكذا ليس من أسماء الله ولا أعلم أحداً من أهل العلم أثبته في الأسماء.
وأما لفظة ملاك فإن هذه اللفظة تتعلق بمعنى آخر أو بمحظور آخر وهو التزكية, فإنه حينما يُقال ملاك يُقصد به أن هذا الإنسان قد بلغ مرتبة لا يقع منه فيها الخطأ والذنب والزلة والمعصية تقول فلان ملاك , يعني أنه إنسان لا يُخطئ ولا يزل ولا يعتدي على أحد ولا يحصل منه ما لا يليق وهذا تزكية والنبي صلى الله عليه وسلم كان يغير الأسماء التي فيها تزكية فيُغيَر مثل هذا الإسم.

ما حكم اسم جار الله؟
يقصد هنا بجار الله ليس المجاورة بالمعنى أنه المقاربة وإنما يقصد به جار الله من الإجارة فمثل هذا ان شاء الله أنه لا محظور فيه.

يقول إذا كنت في المسجد هل أقول إني ضيف الله ضيف عنده ؟
أنت في بيت من بيوته, والحجاج ضيوف الله ودعوا التكلف .

هل يجوز التسمية غرم الله؟
لو سألنا من سمى ولده بغرم الله ماذا يقصد , هل يقصد أنه في ذمة الله؟ أنا سألت عدد من الناس ما يعرفون ما المعنى ,
هل المقصود من الغرام وهو المحبة الشديدة ؟
عبد رب الرسول هذا لا إشكال فيه.

هل يجوز التسمية بهذه الأسماء: عبد الحنّان ؟
إذا أثبتناه نعم لأنه ورد في الحديث, ومن ضعّف الحديث قال لا يثبت, أكثر أهل العلم ما أثبتوا الحنان وقد ثبت في الحديث , فلا إشكال .

فضل الرحمن؟
لا إشكال .

رحمة الله؟
لا إشكال .
لكن هذه الأسماء متَكلَفة , هذه من أسماء الأعاجم , وإنما الانسان يُعبِّد, تُعبد الأسماء لله نقول عبد الله وعبد الرحمن .

صفي الرحمن - رحمة علي؟
هذه كلها جائت من العجم , صفي الرحمن يعني الذي اصطفاه الرحمن قد يصدق عليه إذا كان مسلماً لكن لا يخلو من تزكية .
رحمة علي , يسمون شوكة وعزة ومدحة وهذه أسماء أعجمية فهي أسماء رخوة كما يقول الشيخ بكر أبو زيد , رحمة علي لا محظور فيه .

هل الجميل من أسماء الله؟
نعم ( إن الله جميل يحب الجمال )

من أسماء الله الحسنى الهادي { وتكلمنا عليه من قبل} فهل لنا أن نقول هي هداية كلية للبشر أم جزئية ؟ بمعنى أن الله يهدي البشر والناس ؟
هذا وهذا.. الله هداهم إلى معايشهم وما تقوم به حياتهم ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) كما أنه تعالى أيضاً أرسل إليهم الرسل هداية الإرشاد كما أنه هو الذي يملك هداية التوفيق فوفق من شاء للهدى .


انتــــــــــــــــــــهى

التعديل الأخير تم بواسطة سمية ممتاز ; 11-03-08 الساعة 12:40 PM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 1
محب التوحيد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التوحيد أولاً يادعاة الإسلام أم خولة روضة العقيدة 2 14-02-15 10:05 PM


الساعة الآن 08:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .