عرض مشاركة واحدة
قديم 27-03-09, 11:22 PM   #6
د.سهيرالبرقوقي
نفع الله بك الأمة
افتراضي

[frame="3 80"]ـ النــوع الثانــي :
" التشــابه النســبي " :
[/frame]


وهـو الاشـتباه أي خفـــاء المعنــى بحيـث يشـتبه علـى بعـض النــاس ‏دون غيرهـم ، فيعلمــه الراسـخون فـي العلـم دون غيرهـم
( وهـذا ‏تشـابه نسـبي ـ وهـذا النـوع يُسـأل عـن اسـتكشافه وبيانـه ؛ لإمكـان ‏الوصـول إليـه )

وقـد انقسـم النـاس فـي ذلـك إلـى قسـمين :

القســم الأول : ‏

الراسـخون فـي العلـم : ويقولـون :
" آمنـا بـه كـل مـن عنـد ربنـا "
‏وإذا كـان مـن عنــده ـ سـبحانه ـ فلـن يكـون فيـه اشـتباه يسـتلزم ‏ضـلالاً أو تناقضـًا ، وَيَــرُدُّون المتشـابه إلـى المحكـم فصـار مـآل ‏المتشـابه إلـى الإحكـام . ‏

القســم الثانــي :

أهـــل الضــلال والزيـغ : وهــم يتبعـون المتشـابه ويجعلـوه مثـارًا ‏للشـك والتشـكيك ، فَضَلُّـوا ‏وأَضَلُّـوا . ‏
وقـد يـؤدي هـذا التشـابه إلـى توهـم الواهـم : ‏
ـ مـا لا يليـق بالله تعالـى , ‏
ـ أو مـا لا يليـق بكتـابه , ‏
ـ أو مـا لا يليـق برسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ , ‏
ويفهـم العالـم الراسـخ فـي العلـم خـلاف ذلـك مـن المتشـابه.

فيمـا يتعلـق بالله تعالـى :‏
‏# مثـال أول :
أن يتوهـم واهـم من قولـه تعالـى :

" بَـل يَـدَاهُ مَبسُـوطَتَانِ " ( ‏سورة المائدة / آية :64 ‏)أن للـه يديـن مماثلتيـن لأيـدي المخلوقيـن .
نـرد هـذا المتشـابه إلـى المحكـم ليكـون الجميـع مُحْكَمـًا كالآتـي : ‏الراسـخون فـي العلـم يقولـون : إن للـه تعالـى يديـن حقيقيتيـن علـى ما ‏يليـق بجلالـه وعظمتـه ، لا تماثـلان أيـدي المخلوقيــن ، كمـا أن لـه ـ ‏سـبحانه ـ ذاتـًا لا تماثـل ذوات المخلوقيـن ؛ لأن الله تعالـى يقـول :
" ‏لَيـسَ كَمِثلِـهِ شَـيءٌ وَهُـوَ السَّـمِيعُ البَصِيـرُ " (سورة الشورى / آية : 11 ‏).
فـردّوا المتشـابه الـذي هـو ----> " بـل يـداه مبسـوطتان " الغيـر واضـح ‏الدلالـة ، إلـى المحكـم الواضـح الدلالـة الـذي هـو ----> " ليـس كمثلـه ‏شـيءٌ وهـو السـميع البصيـر " . ‏
ليصيـر الجميـع محكمـًا واضـح الدلالـة .
‏ ‏
‏# مثــال ثــان :‏
أن يتوهـم واهـم مـن قولـه تعالـى :
" إِنَّـا نَحـنُ نُحيـيِ المَوتَـى " ( ‏سورة يس / آية : 12 )‏
ومـن قولـه تعالـى :
" إِنَّـا نَحـنُ نَزَّلنَـا الذِكْـرَ وَإِنَّـا لَـهُ لَحَافِظُـونَ " ‏‏ ‏ (‏سورة الحجر / آية : 9) ‏

ونحوهمـا ممـا أضـاف الله فيـه الشـيء إلـى نفسـه بصفـة الجمـع .

ـ فاتبـع الضـال الـذي فـي قلبـه زيـغ هـذا المتشـابه وادَّعَـى تَعَـدُّد ‏الآلهـة وتـرك المحكـم الـدال علـى أن الله واحـد . ‏
ـ وأمـا الراسـخون فـي العلـم فيحملـون الجمـع المتمثـل فـي لفظـة " ‏نحـن "
علـى التعظيـم لتعـدد صفـات الله وعظمهـا ، ويـردُّون هـذا ‏المتشـابه إلـى المحكـم فـي قولـه تعالـى :
" وَإِلَهُكُـم إِلَـهٌ وَاحِـدٌ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُـوَ "
( ‏سورة البقرة / آية : 163 ) ‏

فيمـا يتعلـق بكتـاب الله : ‏

‏# مثـال أول : ‏
‏ أن يتوهـم واهـم تناقـض القــرآن وتكذيـب بعضـه بعضـًا :‏
لقولـه تعالـى :
" مَـا أَصَابَـكَ مِـن حَسَنَـةٍ فَمِـنَ اللهِ وَمَـا أَصَابَـكَ ‏مِـن سَـيِّئةٍ فَمِـن نَّفسِـكَ "
( ‏سورة النساء / آية : 79)

ولقولـه تعالـى فـي موضـع آخـر : ‏

‏" وَإِن تُصِبَهُـم حَسَـنَةٌ يَقُولُـوا هَـذِهِ مِـن عِنـدِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُـم ‏سَـيِّئةٌ يَقُولُـوا هَـذِهِ مِـن عِنـدِكَ قُـل كُـلٌّ مِّـن عِنـدِ اللهِ " ( ‏سورة النساء / آية : 78 )


فـرد هــذا النـص المتشـابه ، ظاهــر التناقــض ‏إلـى المحكـم الواضـح الدلالـة ليكـون الجميـع محكمـًا كالآتـي : ‏

رأي أول :

الراسـخون فـي العلـم يقولـون : إن الحسـنة والسـيئة كلتاهمـا بتقديـر الله ‏عـز وجـل ، لكن الحسـنة سـببها التفضـل مـن الله تعالـى علـى عبـاده ، أما ‏السـيئة فسـببها فعـل العبـد ؛ كمـا قـال تعالـى : " وَمَـا أَصَابَكُـم مِّـن ‏مُّصِيبَـةٍ فَبِمَـا كَسَـبَت أَيدِكُـم وَيَعفُـو عَـن كَثِيـرٍ " ‏
‏ (‏سورة الشورى آية : 30 ) ‏
فإضافـة السـيئة إلـى العبـد مـن إضافـة الشـيء إلـى سـببه ، لا مـن ‏إضافتـة إلـى مقـدِّرِهِ ، أمـا إضافـة الحسـنة والسـيئة إلـى الله تعالـى فمـن ‏بـاب إضافـة الشـيء إلـى مُقَـدِّرِهِ ، وبهـذا يـزول مـا يُوهِـم الاختـلاف ‏بيـن الآيتيـن لانفكـاك الجهـة . ‏
‏ { تفسير سورة البقرة / محمد صالح بن ‏عثيمين / ج : 1 / ص : 48 } ‏
‏-رأي ثــان :‏

قــال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :

" إن الله قَـدَّرَ مقاديـرَ الخلــقِ ‏قبــل أن يخلـق السـموات والأرض بخمسـين ألـف سـنة "
(‏رواه مسلم / حديث رقم : 653 ) ‏




يُـــتْـــبـَــعُ



توقيع د.سهيرالبرقوقي
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
http://www.tvquran.com/


{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }

د.سهيرالبرقوقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس