27-03-09, 11:26 PM
|
#10
|
نفع الله بك الأمة
|
ختام المحكم والمتشابه
الحكمــة فــي تنــوع القــرآن إلـى محكـم ومتشــابه
====================================
لـو كـان القـرآن كلـه محكمًـا:
= لفاتـت الحكمـة مـن الاختبـار بـه تصديقًـا وعمـلاً لظهـور معنـاه ،
= وعـدم المجـال لتحريفــه والتمسـك بالمتشـابه ابتغــاء الفتنــة وابتغـاء تأويلـه ،
ولـو كـان كلُّـه متشـابهًا
= لفـات كونـه بيانـًا ، وهـدى للنـاس ،
= ولمـا أمكـن العمـل بـه ، وبنـاء العقيــدة السـليمة عليـه ،
ولكـن الله تعالـى بحكمتـه جعـل منه آيـات محكمـات ، يُرْجَـع إليهـن عنـد التشـابه ،
وأُخَـر مشـابهات امتحانًـا للعبـاد ؛ ليتبيـن صـادق الإيمـان ممـن فـي قلبــه زيـغ .
فـإن صـادق الإيمـان يعلـم أن القـرآن كلـه مـن عنـد الله تعالـى ، ومـا كـان مـن عنـد الله فهـو حــق ، ولا يمكـن أن يكـون فيـه باطـل ، أو تناقـض لقولـه تعالـى :
" لاَّ يَأْتِيِـه الْبَاطِـلُ مِـن بَيْـنِ يَدَيـهِ وَ لاَ مِـن خَلْفِـهِ تَنزِيـلٌ مِّـنْ حَكِيـمٍ حَمِيـدٍ "
( سورة فصلت / آية : 42 )
وأما مـن فـي قلبـه زيـغ فيتخـذ مـن المتشـابه سـبيلاً إلـى :
- تحريـف المحكـم
- واتبـاع الهـوى فـي التشـكيك فـي الأخبـار
- والاسـتكبار عـن الأحكـام ،
ولهـذا تجـد كثيـرًا مـن المنحرفيـن فـي العقائـد والأعمـال ، يحتجـون علـى انحرافهـم بهـذه الآيـات المتشـابهة .
{ تفسـير القـرآن الكريـم / سـورة البقـرة / ج : 1 / ص : 51 }
# ومـن حِكَـم تنـوع القـرآن إلـى محكـم ومتشـابه :
نقـل السـيوطي عـن الكرمانـي فـي غرائبـه أنه قـال :
" إن قيـل :
ما الحكمـة فـي إنـزال المتشـابه ممـن أراد لعبـاده البيـان والهـدى ؟
قلنـا :
إن كـان ( أي المتشـابه ) ممـا يمكـن علمـه فلـه فوائـد :
ـ منهـا الحـث للعلمـاء علـى النظـر الموجـب للعلـم بغوامضـه والبحـث عـن دقائقـه ، فـإن اسـتدعاء الهمـم لمعرفـة ذلـك مـن أعظـم القُـرَب .
ـ ومنهـا ظهــور التفاضــل وتفـاوت الدرجـات ؛ إذ لـو كـان محكمًـا لا يحتـاج إلـى تأويـل ونظــر لاسـتوت منـازل الخلـق ، ولـم يظهـر فضـل العالـم علـى غيـره.
وإنَ كـان ( أي المتشـابه ) ممـا لا يمكـن علمـه ( بـأن اسـتأثر الله بـه ) ، فلـه فوائـد :
ـ منهـا ابتـلاء العبـاد بالوقـوف عنـده
- والتوقـف فيـه
- والتفويـض والتسـليم ،
{ مناهل العرفان في علوم القرآن / ج : 2 / ص : 319 }
# تســـاؤلات والـــرد عليهــا :
س : هـل كـل مـن يتبـع المتشـابه يُحْكَـم عليـه بأنـه فـي قلبـه زيـغ ؟ !
ج : لا .
ـ إذا تـرك المسـلم النـص المحكــم وأخـذ بالنـص المتشـابه ، فإنـه ليـس علـى سـبيل الإطـلاق يُحكـم عليـه بأنـه مـن الذيـن يوصفـون بـأن فـي قلوبهـم زيـغ ، فقـد يكـون " المتشـابه " عنـده " محكـم " وذلـك بعـد اجتهـاده وبحثـه وصدقـه فـي طلـب الحـق وفـي اتبـاع الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وهـذا أمـر يُوكَــل إلـى عَـلاَّم الغيـوب الـذي يعلـم مـا تخفـي الصـدور ، بـل قـد يكـون هـذا الشـخص عنـد الله مأجـورًا وإن أخطـأ!!!!
ـ وأمـا إذا تـرك المسـلم النـص المحكــم وأخـذ بالنــص المتشـابه ، تَرَخُّصًـا واتباعـًا للهـوى أو المصلحـة أو غيـر ذلـك ـ بينمـا أمامـه النصـوص المحكمــة واضحـة الدَّلالـة ، فهـذا علـى خطـر عظيـم ، والله أعلـم بحالـه ، وقـد يُعَـدّ ممـن يوصـف بأنـه فـي قلبـه زيـغ .
س : هـل المحكـم والمتشـابه يكـون فـي آيـات القـرآن الكريـم فقـط ؟ !
ج : لا .
المحكـم والمتشـابه قـد يكـون أيضًـا فـي الأحاديـث النبويـة :
# وأمثلـة ذلـك :
ـ نـوم ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ مـع النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وزوجتـه في فـراش واحـد !!! - فتتولـد شـبهة الاختـلاط ومـا إلـى ذلـك
- ثـم عنـد النظــر فـي الأحاديـث الـواردة فـي هـذا الأمـر نجـد أن هـذه الزوجـة هـي ميمونـة زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـي خالـة ابـن عبـاس
- فيـزول الإشـكال
{ صحيح سنن أبي داود / ج : / أحاديث رقم : 1205 ، 1215 ، 1216 }
ـ تحديـث عائشـة ـ رضي الله عنها ـ لأحـد الصحابـة بأمـر شـخصي !!!!
عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
{ قَبَّــلَ امـرأة مـن نسـائه ثـم خـرج إلـى الصـلاة ولـم يتوضـأ }
قـال عـروة : فقلـتُ لهـا : مـن هـي إلا أنـت ؟ .... فضحكـتْ .
{ صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / حديث رقم : 165}
هـذا المُـزَاح بيـن أم المؤمنيـن عائشـة ـ رضي الله عنها وهـذا الصحابـي يثيـر الشـبهات !!!!!!! - نـرد هـذا المتشـابه إلـى المحكـم
- وذلـك بـأن نَكِـل حقائــق الأمــور إلـى الله ولا نشـك فـي الصحابـة ،
- ولا نشـك فـي النصـوص التـي تحـرم الاختـلاط
- وبالتتبـع وجـد أن : عـروة هـو عـروة بـن الزبيـر وهـو ابـن أختهـا
- فيـزول الإشـكال .
{حاشية صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / ص : 36 }
قاعـــدة :
ـ إذا كان لدينـا نصـوص محكمـة وأخـرى متشـابهة ، وليـس لدينـا وسـيلة أو أي أدوات للترجيـح ، فعلينـا أن نتهـم أنفسـنا بعـدم الإلمـام بكـل النصــوص الخاصـة بهـذه المسـألة ، وألا نحيـد عـن المحكـم فـي هـذه المسـألة إلـى المتشـابه فيهـا.
ـ وعنـد تعـارض قـول أو فعـل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـع قـول أو فعـل غيـره ، فـلا يجـوز تـرك قـول أو فعـل النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لأحـد كائنًـا مـن كـان ، سـواء كـان صاحبيًّـا جليـلاً أو عالمـًا جليـلاً 0 وهـذا هـو منهـج الصحابـة الكـرام.
* عـن صالـح بـن كيسـان عـن ابـن شـهاب أن سـالم بـن عبـد الله حدثـه أنـه سـمع رجـلاً مـن أهـل الشـام ، وهـو يسـأل عبـد الله بـن عمــر عـن التمتـع بالعمـرة إلـى الحـج ، فقـال عبـد الله ابـن عمـر :
هـي حـلال .. فقـال الشـامي :
إن أبـاك قـد نهـى عنهـا
قـال عبـد الله :
أرأيـت إن كـان أبـي نهـى عنهـا ، وصنعهـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أَمْــر أبـي يُتَّبَـع أم أمـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؟ !
فقـال الرجـل : بـل أمـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ 0
فقـال : لقـد صنعهـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
{أخرجه الترمذي , وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في كتابه :
الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / ج : 5 / كتاب السنة / ص : 36 }
فعنـد مـا نناقـش مسـألة : سـفر المـرأة مـع ذي محـرم منهـا :
نجـد أن هنـاك أحاديـث كثيـرة عـن الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ توجـب سـفر المـرأة مـع ذي محـرم منهـا :
{ فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" لا يحــل لامــرأة تسـافر مسـيرة يـومٍ وليلـةٍ إلا مـع ذي محـرم عليهـا " متفق عليه ـ نيل الأوطار}
ثـم نجـد أثـر عـن بعـض أمهـات المؤمنيـن أنهـن سـافرن بـدون محـرم !!!!
فهـذا الأثـر مـن المتشـابهات التـي لا نعلــم مـا وراءهـا مـن حقائــق ، فـلا نتهـم أحـد بعـدم الاتبـاع ..... - فهـذا فعـل صحابـه واجتهادهـم وهـم غيـر معصوميـن
- ولا نعلـم حقيقـة الأمـر ولا حجتهـم ،
- ونَكِـلُ أمـرَ الحكـم علـى فعلِهـم إلـى اللهِ ،
- وأما بالنسـبة لمـن بلغـه الأحاديـث الـواردة فـي تحريـم سـفر المـرأة بـدون محـرم ،
- وهـي نصـوص محكمـة وفـي أعلـى مراتـب الصحـة ،
- فعليـه تـرك العمـل بهـذه الآثــار المتشـابهة ، واتبـاع النصـوص المحكمـة ،
- ولا يحيـد عـن المحكـم إلـى المتشـابه .
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***************
|
|
|