[frame="5 80"]الأحاديث الضعيفة :
هل يُعمل بها في فضائل الأعمال أم لا ؟
[/frame]
نبدأ مستعينين بالله بهذه المقدمة أولاً:
[frame="6 80"]
تمهيد فى الأحاديث الضعيفة والموضوعة
[/frame]
وهي للشيخ العلاَّمة ناصر الدين الألبانيّ -رحمة الله تعالى عليه - إذ يقول:
من المصائب العظمى التى نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم؛ لااستثنى أحدا منهم , ولو كانوا علماء هم ؛ إلا من شاء من أئمة الحديث ونقاده ؛ كالبخارى ,وأحمد , وابن معين , وأبى حاتم الرازى , وغيرهم .
وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة :
= منها ماهو من الأمور الاعتقادية الغيبية ,
= ومنها ماهو من الأمور التشريعية ؛
وسيرى القارىء الكريم الأمثلة الكثيرة لما ندعيه فى كثير من الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالى .
وقد اقتضت حكمة العليم الخبير –سبحانه وتعالى- أن لايدع هذه الأحاديث التى اختلقها المغرضون لغايات شتى؛ تسرى بين المسلمين دون أن يقيض لها من يكشف القناع عن حقيقتها ؛ ويبين للناس أمرها ؛
@ أولئك هم أئمة الحديث الشريف , وحاملوا ألوية السنة النبوية الذين دعى لهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله :
"نضر الله امرءا سمع مقالتى ؛ فوعاها , وحفظها , وبلغها , فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (1)
@ فقد قام هؤلاء الأئمة –جزاهم الله عن المسلمين خيرا- :
= ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة , أو ضعف, أو وضع ,
= وأصَّلوا أصولا متينة ,
= وقعدوا قواعد رصينة ؛
@ من أتقنها وتضلَّع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أى حديث , ولو لم ينصوا عليه ؛
@ وذلك هو علم أصول الحديث ؛ أو مصطلح الحديث .
@ وألف المتأخرون منهم كتبا خاصة للكشف عن الأحاديث , وبيان حالها:
= أشهرها وأوسعها كتاب
"
المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الأحاديث المنتشرة على الألسنة "
للحافظ السخاوى ؛
= ونحوها كتب التخريجات ؛ فإنها
تبين حال الأحاديث الواردة فى كتب من ليس من أهل الحديث ؛ ومالا أصل له من تلك الأحاديث , مثل:
o كتاب " نصب الراية لأحاديث الهداية " للحافظ الزيلعى,
o و" المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار فى تخريج مافى الأحياء من الأخبار " للحافظ العراقى ,
o و " التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير " للحافظ ابن حجر العسقلانى ,
oو" تخريج أحاديث الكشاف " له ,
oو" تخريج أحاديث الشفاء"
للشيخ السيوطى , وكلها مطبوعة.
ومع أن هؤلاء –جزاهم الله خيرا- قد سهلوا السبيل لمن بعدهم من العلماء والطلاب ؛ حتى يعرفوا
درجة كل حديث بهذه الكتب المذكورة ؛
فإننا نراهم – مع الأسف الشديد- قد انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة :
= فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التى حفظوها من مشايخهم ,
= أو يقرؤونها فى بعض الكتب التى لاتتحرى الصحيح الثابت ,
ولذلك لانكاد نسمع:
- وعظا لبعض المرشدين , أو
- محاضرة لأحد الأساتذة , أو
- خطبة من خطيب ,
إلا وتجد فيها شيئا من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة ؛
وهذا أمر خطير
,يخشى عليهم جميعا أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله –صلى الله عليه وسلم-:
" من كذب على متعمدا (2) فليتبوأ مقعده من النار "
{ حديث صحيح متواتر }
فإنهم ؛ وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة , فقد ارتكبوه تبعًا , لنقلهم الأحاديث التى يقفون عليها جميعها ,
وهم يعلمون أن فيها ماهو ضعيف وما هو مكذوب قطعا ؛
وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبى-صلى الله عليه وسلم-
" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ". (رواه مسلم ) فى "مقدمة صحيحه "
(1/8 ), وغيره من حديث أبى هريرة .
ثم روى عن الإمام مالك أنه قال :
" اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ؛ ولايكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ماسمع " .
وقال الإمام ابن حبان فى "صحيحه " ؛
(ص27) :
" فصل :
ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشىء إلى المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وهو غير علم بصحته"
ثم ساق بسنده عن أبى هريرة مرفوعا :
" من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " .
وسنده حسن ؛ وأصله فى الصحيحين بنحوه .
ثم قال :
"ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه فى الباب المتقدم . "
ثم ساق بسنده عن سمرة بن جندب قال :
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- :
" من حدَّث عنى حديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .
وهو حديث صحيح ؛ أخرجه مسلم فى " مقدمة صحيحه "
(1/7)
من حديث سمرة والمغيرة بن شعبة معا وقال : "إنه حديث مشهور " .
ثم قال ابن حبان :
"ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه " .
ثم ساق حديث أبى هريرة الأول .
فتبين مما أوردنا أنه لايجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها ؛وإن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
وقد قال-صلى الله عليه وسلم -:
" إن كذبا على ليس ككذب على أحد ؛ فمن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
(رواه مسلم وغيره).
ولخطورة هذا الأمر رأيت أن أساهم فى تقريب سبيل الاطلاع على الأحاديث التى نسمعها فى هذا العصر , أو نقرأها فى كتاب متداول ؛ مما ليس له أصل يثبت عند المحدثين ؛ أو له أصل موضوع , لعل فى ذلك تحذيرا وتذكيرا لمن يتذكر أو يخشى .
ولم أتقيد فى سوقها بترتيب خاص ؛ بل حسبما اتفق .
ولذلك فإنى أبتدئها بذكر حديثين قرأتهما فى مقال نشر فى العدد (2404 ) من " جريدة العلم " الغراء لأحد المرشدين الفضلاء فى صدد بحث له مفيد فى إسراء النبى -صلى الله عليه وسلم- وعراجه إلى السماء ؛ والله ولى التوفيق .
دمشق , رمضان سنة 1374 ه
محمد ناصر الدين الألبانى
________________________________
الحاشية:
(1) أخرجه أبو داود ؛ والترمذى وصححه – والسياق له- وابن حبان فى " صحيحه " عن ابن مسعود .
وقد ثبت عن جماعة من الصحابة بنحوه ؛ فانظر "التعليق الرغيب " (1/ 63 ) , و" الصحيحة " (404).
(2) لفظة " متعمدًا " صحيحة ثابتة فى الحديث .
وإن حاول التشكيك بها مؤلف كتاب "الأضواء",
بل إنه جزم ببطلانها , وأنها من وضع بعض المحدثين ؛ ليروج بها قوله :
إنه يجوز رواية الحديث بالمعنى !!
وإنكار المؤلف المذكور لها لايدل فقط على جهله بالحديث وطرقه ؛ بل إنه يدل على جهله أيضا بأصول الشريعة وقواعدها
فإن هذه اللفظة لو لم ترد فى الحديث مطلقا ؛ فإن تقديرها فى الحديث لامناص منه كما لايخفى ؛ وإلا كان المؤلف المذكور أول من يشمله الحديث ؛لأنه -على الأقل- ليس معصوما من الخطا فى رواية حديث ما .!!
يُتْبَعُ