(30) خلاصة كلام الإمام الشاطبى
فعلى كل تقدير :
"كل ما رغب فيه إن ثبت حكمه أو مرتبته فى المشروعات من طريق صحيح ؛ فالترغيب [فيه] بغير الصحيح مغتفر ؛
وإن لم يثبت إلا من حديث الترغيب فاشترط الصحة أبدا ؛
وإلا خرجت من طريق القوم المعدودين فى أهل الرسوخ .
فلقد غلط فى هذا المكان جماعة ممن ينسب إلى الفقه ؛ ويتخصص عن العوام بدعوى رتبة الخواص .
وأصل هذا الغلط عدم فهم كلام المحدثين فى الموضوعين ؛ وبالله التوفيق . "
قلت :
هذا كله من كلام الإمام الشاطبى ؛ وهو يلتقى تمام الالتقاء مع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمهما الله تعالى- ؛
ومن الطرائف أن هذا مشرقى وذاك مغربى ؛ جمع بينهما –على بعد الدار- المنهج العلمى الصحيح .
(31) صعوبة تمييز الضعف الذى يجوز العمل به حديثيا وفقهيا
وبعدما عرفت أيها القارىء هذا الشرط الفقهى فى جواز العمل بالحديث الضعيف ؛
وذاك الشرط الحديثى المتقدم : أن لايكون شديد الضعف
يتبين لك أنه كان من الواجب على الحافظ المنذرى أن يميز الحديث الضعيف , والضعيف جدا , والموضوع ,
ويعطى كل حديث من أحاديث كتابهالضعيفة مرتبته من هذه المراتب الثلاث ؛
وأن لايجمل القول فيها بتصديرها كلها بصيغة { روى } ؛
خشية أن يبادر أحد من القراء إلى العمل ببعض الواهى والموضوع منها ؛
فيقع فى المحظور السلبق بيانه ولو كان من الفقهاء .
هذا من الناحية الحديثية :
وأما من الناحية الفقهية :
فليس يخفى أنه من غير الميسور تمييز الحديث الضعيف الذى يجوز العمل به ؛ من الذى لايجوز العمل به ؛
إلا على المحدثين الفقهاء بالكتاب والسنة الصحيحة وما أقلهم !
ولذلك فإنى أرى أن القول بالجواز بالشرطين السابقين نظرى غير عملى بالنسبة إلى جماهير الناس ؛
لأنه من أين لهم تمييز الحديث الضعيف من الضعيف جدا ؟ ومن اين لهم تمييز مايجوز العمل به منه فقهيا بما لايجوز ؟
فيرجع الأمر عمليا إلى قول ابن العربى المتقدم :"أنه لايعمل بالحديث الضعيف مطلقا "
وهو ظاهر قول ابن حبان :"لأن ما روى الصعيف ولم يرو فى الحكم سيان" (1) .
وهذا هو الذى أنصح به عامة الناس ؛
وهو الذى نصحت به فى مقدمة كتابى :"صحيح الجامع الصغير وزيادته" و "ضعيف الجامع ..." (ص 51) فليرجعه من شاء .
--------------------------------
(1) انظر : "سلسلة الأحاديث الضعيفة " وتعليقى عليه :
(ج2-ص3-تحت الحديث 504) .
نتابع معًا بإذن الله تعالى....
|