عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-09, 03:18 AM   #15
د.سهيرالبرقوقي
نفع الله بك الأمة
c1 تمام المنة " للشيخ الألبانى


[frame="7 80"]
(3) " تمام المنة " للشيخ الألبانى /
القاعدة الثانية عشرة ‏‏/
من ( ص 34 إلى ص 38 )
[/frame]

القاعدة الثانية عشرة
‏‏( ترك العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال)


اشتهر بين كثير من أهل العلم وطلابه أن الحديث الضعيف يجوز العمل ‏به فى فضائل الأعمال . ويظنون أنه لاخلاف فى ذلك .

كيف لا والنووى ‏‏–رحمه الله- نقل الاتفاق عليه فى أكثر من كتاب من كتبه ؟ وفيما نقله ‏نظر بين ؛ لأن الخلاف فى ذلك معروف ؛ فإن بعض العلماء المحققين ‏على أنه لا يعمل به مطلقا ؛ لافى الأحكام ولا فى الفضائل
.

قال الشيخ ‏القاسمى –رحمه الله- فى: "قواعد التحديث "
(ص94):

< راجع " ‏قواعد التحديث ">

‏" حكاه ابن سيد الناس فى " عيون الأثر" عن يحيى بن معين ؛ ‏ونسبه فى" فتح المغيث" لأبى بكر بن العربى ؛ والظاهر أن مذهب ‏البخارى ومسلم ذلك أيضا .. وهو مذهب ابن حزم .." ‏

قلتُ : وهذا هو الحق الذى لاشك فيه عندى لأمور :

الأول : أن الحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح ؛ ولا يجوز ‏العمل به اتفاقا ؛فمن أخرج من ذلك العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ‏لابد أن يأتى بدليل ؛ وهيهات ! ‏

الثانى : أننى أفهم من قولهم :"..فى فضائل الأعمال "

أى:الأعمال ‏التى تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعا ويكون معه حديث ‏ضعيف يسمى أجرا خاصا لمن عمل به ,ففى مثل هذا يعمل به فى فضائل ‏الأعمال لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ؛ وإنما فيه بيان فضل خاص ‏يرجى أن يناله العامل به .

وعلى هذا المعنى حمل القول المذكور بعض ‏العلماء كالشيخ على القارى-رحمه الله-فقال فى" المرقاة"( 2/381) :

‏‏"قوله :

إن الحديث الضعيف يعمل به فى الفضائل وإن لم يعتضد ‏إجماعا كما قال النووى؛محله الفضائل الثابتة من كتاب أو سنة "

‏وعلى هذا ؛ فالعمل به جائز إن ثبت مشروعية العمل الذى فيه بغيره مما ‏تقوم به الحجة ؛

ولكنى أعتقد أن جمهور القائلين بهذا القول؛ لايريدون ‏منه هذا المعنى مع وضوحه ؛

لأننا لانراهم يعملون بأحاديث ضعيفة لم ‏يثبت ماتضمنته من العمل فى غيره من الأحاديث الثابتة ؛ مثل استحباب ‏النووى وتبعه المؤلف إجابة المقيم فى كلمتى الإقامة بقوله

" أقامها الله ‏وأدامها " ؛ مع أن الحديث الوارد فى ذلك ضعيف كما سيأتى بيانه ؛ ‏فهذا قول لم تثبت مشروعيته فى غير هذا الحديث الضعيف ؛ ومع ذلك ‏فقد استحبوا ذلك مع أن الاستحباب حكم من الأحكام الخمسة التى لابد ‏لإثباتها من دليل تقوم به الحجة ؛ وكم هناك من أمور عديدة شرعوها ‏للناس واستحبوها لهم إنما شرعوها بأحاديث ضعيفة لاأصل لما تضمنته ‏من العمل فى السنة الصحيحة , ولايتبع المقام لضرب الأمثلة على ذلك ‏وحسبنا ما ذكرته من هذا المثال ؛ وفى الكتاب أمثلة كثيرة سيأتى التنبيه ‏عليها فى مواطنها إن شاء الله .

على أن المهم ههنا أن يعلم المخالفون ‏أن العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ليس على إطلاقه عند القائلين ‏به ؛ فقد قال ابن حجر فى" تبيين العجب" (ص 3-4):

< اشتهر أن أهل ‏العلم يتساهلون فى إيراد الأحاديث فى الفضائل وإن كان فيها ضعف مالم ‏تكن موضوعة,وينبغى اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ‏ضعيفا ؛ وأن لايشهرذلك لئلايعمل المرء بحديث ضعيف فيشرع ماليس ‏بشرع ؛ وأن يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة ؛ وقد صرح ‏بمعنى ذلك الأستاذ أبومحمد بن عبد السلام وغيره ؛

وليحذر المرء من ‏دخوله تحت قوله-صلى الله عليه وسلم-:

{ من حدث عنى بحديث يرى ‏أنه كذب فهو أحد الكاذبين} ؛

فكيف بالعمل به؟ ولا فرق فى العمل ‏بالحديث فى الأحكام أو فى الفضائل إذ الكل شرع > .

فهذه شروط ثلاثة مهمة لجواز العمل به : ‏ ‏

1- أن لايكون موضوعا . ‏ ‏
2- أن يعرف العامل به كونه ضعيفا. ‏ ‏
3- أن لا يشهر العمل به . ‏

ومن المؤسف أن ترى كثيرا من العلماء فضلا عن العامة متساهلين ‏بهذه الشروط ؛ فهم يعملون بالحديث دون أن يعرفوا صحته من ضعفه ؛ ‏وإذا عرفوا ضعفه لم يعرفوا مقداره ؛ وهل هو يسير أو شديد يمنع ‏العمل به .

ثم هم يشهرون العمل به كما لو كان حديثا صحيحا !! ولذلك ‏كثرت العبادات التى لاتصح بين المسلمين ؛ وصرفتهم عن العبادات ‏الصحيحة التى وردت بالأسانيد الثابتة.

ثم إن هذه الشروط ترجح ما ‏ذهبنا إليه من أن الجمهور لايريد المعنى الذى رجحناه آنفا ؛ لأن هذا ‏لايشترط فيه شىء من هذه الشروط كما لايخفى . ‏

وكما يبدو لى أن الحافظ –رحمه الله- يميل إلى عدم جواز العمل ‏بالضعيف بالمعنى المرجوح لقوله فيما تقدم :

" ....ولافرق فى العمل ‏بالحديث فى الأحكام أو فى الفضائل إذ الكل شرع " .

وهذا حق لأن الحديث الضعيف الذى لايوجد ما يعضده يحتمل أن ‏يكون كذبا ؛ بل هو على الغالب كذب موضوع ؛ وقد جزم بذلك بعض ‏العلماء فهو ممن يشمله قوله-صلى الله عليه وسلم-:"..يرى أنه كذب" ‏أى يظهر أنه كذلك.

ولذلك عقبه الحافظ بقوله:" فكيف بمن عمل به ؟"؛ ‏ويؤيد هذا ما سبق نقله عن ابن حبان فى القاعدة الحادية عشرة .

‏‏< فكل شاك فيما يروى أنه صحيح أو غير صحيح ؛ داخل فى الخبر > .

‏فنقول كما قال الحافظ :" فكيف بمن عمل به .......؟!!" .

‏فهذا توضيح مراد الحافظ بقوله المذكور ؛ وأما حمله على أنه أراد ‏الحديث الموضوع وأنه لافرق فى العمل به فى الأحكام أو الفضائل كما ‏فعل بعض مشايخ حلب المعاصرين ؛ فبعيدا جدا عن سياق كلام الحافظ ؛ ‏إذ هو فى الحديث الضعيف لا الموضوع كما لايخفى !! ‏

ولا ينافى ما ذكرنا أن الحافظ ذكر الشروط للعمل بالضعيف كما ‏ظن ذلك الشيخ لأننا نقول :

إنما ذكرها الحافظ لأولئك الذين ذكر عنهم ‏أنهم يتسامحون فى إيراد الأحاديث فى الفضائل مالم تكن موضوعة ‏فكأنه يقول لهم :

إذا رأيتم ذلك فينبغى أن تتقيدوا بهذه الشروط ؛ وهذا ‏كما فعلته أنا فى هذه القاعدة ؛ والحافظ لم يصرح بأنه معهم فى الجواز ‏بهذه الشروط ؛ ولاسيما أنه أفاد فى آخر كلامه أنه على خلاف ذلك كما ‏بينا .

‏وخلاصة القول :

أن العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال لايجوز ‏القول به على التفسير المرجوح ؛ إذ هو خلاف الأصل ولا دليل عليه ؛ ‏ولابد لمن يقول به أن يلاحظ الشروط المذكورة وأن يلتزمها فى عمله ؛ ‏والله الموفق .

ثم إن من مفاسد القول المخالف لما رجحناه أنه يجر المخالفين إلى ‏تعدى دائرة الفضائل إلى القول به فى الأحكام الشرعية ؛ بل والعقائد ‏أيضا ؛ وعندى أمثلة كثيرة على ذلك لكنى أكتفى منها بمثال واحد .فهناك ‏حديث يأمر بأن يخط المصلى بين يديه خطا إذا لم يجد سترة ؛ ومع أن ‏البيهقى والنووى هما من الذين صرحوا بضعفه فقد أجازوا العمل به ‏خلافا لإمامهما الشافعى ؛ وسيأتى مناقشة قولهما فى ذلك عند الكلام ‏على الحديث المذكور.

‏ومن شاء زيادة بيان وتفصيل فى هذا البحث الهام فليراجع

مقدمة " ‏صحيح الترغيب"(1/16-36).
‏ ‏

جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏







توقيع د.سهيرالبرقوقي
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
http://www.tvquran.com/


{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }

د.سهيرالبرقوقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس