وعليك السلام ورحمة الله وبركاته:
هذا ليس بصيغة سؤال، ولكنه تقرير لأمر واقع، والكلام عليه من وجوه:
الأول: ما ذكر من أن اختلاف العلماء في تغطية الوجه هو من الاجتهاد السائغ، الذي يعذر فيه المخالف، فهو أمر صحيح؛ فإن مسألة تغطية الوجه قد وقع فيها نزاع، والأدلة فيها محتملة، وإن كان القول بالوجوب هو الأقرب للصواب؛ لدلائل كثيرة جدًا.
وقد اختلف أهل العلم هل ينكر على المخالف في هذه المسألة؟ فمنهم من يرى الإنكار، ومنهم من يرى عدم الإنكار؛ لأن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها.
الثاني: التيسير مطلوب ولا شك، وبخاصة حينما يكون على المكلف مشقة في تطبيق الحكم الشرعي، وفي مثل هذه الحالة المذكورة التي تحدثت عنها الأخت؛ فإن القول بوجوب تغطية الوجه قد يكون فيه مشقة كبيرة؛ بسبب الأوضاع المذكورة في السؤال، وهنا تكون المشقة جالبة للتيسير حتى مع كون الشيء واجبًا بإجماع، فكيف وفي المسألة خلاف قوي؟ لا شك أن التيسير هنا أولى.
الثالث: إن الآيات التي نزلت في أمهات المؤمنين ليست خاصة بهن بإطلاق، وقوله تعالى: {لستن كأحدن من النساء}، لا يقرر نفي المساواة في الأحكام، وإنما يقرر نفي المساواة في المؤاخذة على الفعل، وفي امتثال الحكم الشرعي، ولهذا قال في أول الآيات: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين..، ومن يقنت منكن لله ورسوله نؤتها أجرها مرتين..}، فمضاعفة العذاب ضعفين خاص بهن لشرف قدرهن، وعظم وقوع الجرم منهن، ومضاعفة الثواب لهن لعلو مكانتهن، وصبرهن على ضيق العيش، وكثرة أعباء النبي صلى الله عليه وسلم..
ويدل على ذلك أن الأحكام المذكور تشترك معهن سائر النساء في كثير منهن، وإنما وقع النزاع فقط في تغطية الوجه، وفي الخروج من البيت، أما الخضوع بالقول، وقول المعروف، وعدم التبرج، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله، فهي مشتركة بين جميع المؤمنات، ولكن أولى النساء بذلك هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم...
|