العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة آداب طلب العلم

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-08, 07:05 PM   #2
أم خولة
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي ثانياً الإحسان

الإحـســان


ثانيـاً : الإحـسان : لقوله تعالى : {. . . وَكَذَلِكِ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }(1)، وذلك بعد ما أخبر سبحانه عن يوسف وموسى عليهما السلام ، وما آتاهما من العلم ، وأصبغ عليهما من الفضل.


والإحسان كما فـي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ، ومسلم ابن الحجاج ، وأصحاب السنن : (( أن تعبد اللَّه كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك )) (2).


وليس المراد ، ولا المقصود بالعبادة ههنا ما قد علمت ، وعملت فحسب ، بل العبادة : (( اسم جامع لكل ما يحبه اللَّه ويرضاه من الأقوال ، والأعمال الباطنة والظاهرة ))(3).


واقرأ إن شئت قوله تعالى :{ . . . وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }(4)، فهذا من العبادة ؛ أي : مما يحبه اللَّه ويرضاه.


قال ابن رجب رحمه اللَّه تعالى : (( قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تفسير الإحسان : (( أن تعبد اللَّه كأنك تراه . . . إلخ )) يشير إلى أن العبد يعبد اللَّه على هذه الصفة ، وهي استحضار قربه ، وأنه بين يديه كأنه يراه ، وذلك يوجب الخشية ، والخوف ، والـهيبة ، والتعظيم،كما جاء فـي رواية أبي هريرة : (( أن تخشى اللَّه كأنك تراه )).


ويوجب أيضاً النصح فـي العبادة ، وبذل الجهد فـي تحسينها وإتمامها وإكمالـها )) (5).


قلت ( أبو عبيد العمروني): والخشية ثمرة من ثمار المعرفة والعلم باللَّه الذي أثنى الله على أهله بقوله : { . . . إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ . . . }(6)، فالخشية رأس الإحسان ، وليست لأحد كما ينبغي إلا لمن قدر اللَّه حق قدره ، ومن جاء بها فقد جاز القنطرة فـي العلم ، والعبادة معاً.


فالعلم باللَّه وما هو عليه من كبرياء ، وعظمة ، وجبروت ؛ يثمر الخشية ، ويولد الخوف ، وذلك مدعاة إلى الإحسان فـي القول ، والعمل.

فعلى هذا الإحسان من روافد العلم ، كما التقوى ، وبالعلم يستزاد من الاثنين معاً ، فلا بد لنيلهما من العلم ، ولا طريق إلى العلم إلا بهما.


فتعرَّف على اللَّه تكن من المحسنين ، وأحسن تكن من العارفين.

وفـي الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه اللَّه : (( إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته )) (7).


وبالجملة فقد اشتمل الإحسان من المعاني على كل جميل ، ضمنه اللَّه قوله : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِـي رَسُولِ اللَّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(8).


فالأسوة الحسنة التي لنا فـي رسول الله هي مقام الإحسان الذي أنزله الله إياه فـي جميع العبادات ؛ فليس فوق الإحسان إمكان ونبينا صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كما قد عُلم أكمل الخلق فـي جميع مقامات العبودية ، وقد كان خلقه القرآن كما أخبرت بذلك أمنا عائشة رضي اللَّه عنها والقرآن يهدي للتي هي أقوم وقد كان صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم : (( يصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويكسب المعدم ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق )).

ـــــــــــــــــ
(1) سورة يوسف الآية : (22) ، والقصص الآية : (14).
(2) البخاري ( كتاب الإيمان )( باب سؤال جبريل النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان،وعلم الساعة ) ، ومسلم ( كتاب الإيمان )( باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان )( حديث رقم / 1) ، وأبو داود ( كتاب السنة )( باب في القدر )( حديث رقم/ 4695 ) ، والترمذي ( أبواب الإيمان )( باب ما جاء في وصف جبريل للنبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم الإيمان والإسلام )( حديث رقم/ 2610) والنسائي ( كتاب الإيمان وشرائعه )( باب نعت الإسلام )( حديث رقم / 4993 ) ، وابن ماجه ( كتاب السنة )( باب في الإيمان )( حديث رقم/ 63 ).
(3) ابن تيمية ( رسالة العبودية )( مجموع الفتاوى )( 10/ 149).
(4) سورة آل عمران الآية : (143).
(5) ابن رجب الحنبلي ( جامع العلوم والحكم )( 1/ 126) تحقيق شعيب الأرناؤوط ، و إبراهيم باجس.
(6) سورة فاطر الآية : ( 28 ).
(7) مسلم ( كتاب الصيد والذبائح )( باب الأمر بإحسان الذبح والقتل،وتحديد الشفرة )( حديث رقم 1955) ، وأبو داود ( كتاب الضحايا )( باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة )( حديث رقم 2814) ، والنسائي ( كتاب الضحايا )( باب حسن الذبح )( حديث رقم 4417، 4418، 4419 ) ، وابن ماجه ( أبواب الذبائح )( باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح )( حديث رقم 3170 ).
(8) سورة الأحزاب الآية : (21).
أم خولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسباب الثبات على طلب العلم أمةالله روضة آداب طلب العلم 9 28-10-13 07:46 PM
أسباب التسخط والجزع حسناء محمد روضة التزكية والرقائق 9 09-04-09 09:14 AM
التوفيق بين قوله تعالى : {هدى للناس} وقوله : {هدى للمتقين} أم يوسف و هبة روضة القرآن وعلومه 4 01-12-07 03:12 PM


الساعة الآن 04:21 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .