مجموعة نور القرآن

[بنت إبراهيم]

دعني اضرب لك مثلا واضحا عندما تقول
ذهب محمد إلى المسجد، "ذهب" أليست كلمة؟ وهي عبارة عن فعل، "محمد" اسم وهي الفاعل، "إلى" حرف جر، "المسجد" اسم مجرور، هذه الجملة تكونت من كم كلمة؟ ثلاث كلمات (ذهب ، محمد، المسجد) وحرف واحد (إلى)، هذا الحرف يسمى حرف معنى، لم؟! لأنه له دلالة ، له معنى، هذا المعنى ماذا دل عليه حرف إلى هنا ؟ دل على أن محمد وصل إلى المسجد، أو أنه ذهب إلى المسجد. إذن فالدلالة التي أفادتني "إلى" في هذا الموطن أن غاية محمد من الذهاب هي أن يصل إلى المسجد، فأفادتني شيء يسمى الغاية، غايته أن يذهب إلى المسجد، ذهب محمد إلى المسجد.
عندما تقول مثال آخر، شربت من الكأس، "شربت" فعل وفاعل، "من" حرف جر، "الكأس" اسم مجرور، "من" هذه دلت على ماذا؟ على أن الشرب مبدأه كان من الكأس.
تقول : دخلت في البيت، "دخل" كلمة وهي فعل، "ت" فاعل، "البيت" اسم مجرور، هذه كلها كلمات ظاهره، فعل وفاعل، لكن عندنا الآن دخل حرف "في" بين كلمتين، مالذي أفاده هذا الحرف؟ الظرفية، أني أنا حين دخلت، دخلت في البيت، أني الآن موجود في البيت، وأن البيت أصبح ظرفا لي إذا عندنا هنا كلمة وعندنا حرف معنى ، إذا اجتمعت كلمة وكلمة مع حرف معنى عند إذٍ يحصل لنا من هذا كله مايسمى بـ"الجملة"
فعندنا كلمة، بعد ذلك حروف معاني، ثم بعد ذلك جملة، تكونت هذه الجملة، بعد هذه الجملة عندنا عندما ننظر في الآية، نجد أن الآية تتكون من عدة جمل، هذه الجملة ثم بعد ذلك جملة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة .... نجد أن هذه الآية تكونت من عدة جمل هذه الجمل لما اتحدت واجتمعت فإنها حين إذن كونت لنا مانعرفه بالآية.
فمثلا اضرب لك مثلا على مايتعلق بالجمل، عندما نقرأ قول الله سبحانه وتعالى :{ فإذا جاءت الصاخة، يوم يفر المرء من أخيه، وأمه أبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}
دعونا نأخذ هذه الآيات ونفصلها شيئا شيئا حتى نصل إلى مرادنا من هذه القسمة وإلى بيان هذا الاستقراء الذي دلنا على هذه المراحل لما نأتي إلى قول الله عز وجل { فإذا جاءت الصاخة} نفصل هذه الآية حتى ننظر ماذا فيها فعندنا فإذا جاءت الصاخة، "فإذا" عبارة عن ظرفية، "جاءت" فعل ماضي، "الصاخة" فاعل، يوم يفر المرء من أخيه، يوم عبارة عن ظرف زمان أي شبه جملة، يفر فعل المرء فاعل، هذه "الجملة الفعلية" و"شبه الجملة" كونت آية كاملة، لو نأخذ الآية التي تليها يتضح الكلام أكثر،لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، لكل جار ومجرور شبه جملة، يومئذ أيضا ظرف شبه جملة، شأن يغنيه جملة، فعندنا عدة جمل هنا جملة اسمية وجملة فعلية اجتمعت فكونت لنا ما يسمى بآية.
خذ مثلا أخير في هذا الباب قوله سبحانه في سورة العصر: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}
في الآية الأخيرة كم جملة عندنا؟!
إلا الذين آمنوا جملة ،وعملوا الصالحات هذه جملة فعلية، وتواصوا بالحق جملة فعلية، وتواصوا بالصبر أيضا جملة فعلية، إذا كم جملة فعلية في هذه الآية عندنا أربع جمل كونت آية واحدة، إذا بعد ذلك فكلمة فحروف معاني ارتبطت ببعضها كونت جملة عدة جمل كونت آية، وقد تكون الآية من جملة واحدة، لكن أغلب الآيات تتكون من عدة جمل هذه الجمل لما اجتمعت وتكونت لنا هذه الآية، هذه الآية عبارة عن آية ضمن آيات أليس كذلك.
ماعندنا سورة في كتاب الله عز وجل تكونت من آية واحدة أبدا، ليس عندنا سورة في كتاب الله عز وجل تكونت من آية واحدة أبدا، فعندنا إذن الآية لماتجتمع مع أخواتها من الآيات الأخرى فعندئذ يتكون ما نسميه بالسورة، فهذه الآيات اجتمعت فكونت هذه السورة، هذه السورة هل جاءت لوحدها مبتورة أم أنها لها مايسبقها ولها مايلحقها؟ لها مايسبقها وما يلحق بها، اللهم إلا أطراف كتاب الله عز وجل من جهة إن كان المقصود من هذا التدوين في المصاحف أوالآيات وآخرها أو أيضا كذلك ماكان من تنزل القرآن أول ما بدأ بسورة العلق إلى آخر آية نزلت من كتاب الله عز وجل، هذا الترتيب بالنسبة لكلمات القرآن، حروف القرآن، جمل القرآن, آيات القرآن، سور القرآن, ثم القرآن كله من أوله إلى آخره، هذا الترتيب هو الذي سيعينك على فهم الآية كما ينبغي, كيف هذا؟ سيعينك أنك عندما تقرأ في القرآن ستمر بك يا أخي المبارك كلمة قد لاتفهم معناها فتحتاج إلى أنك تفهم معنى هذه الكلمة، فإذا فهمت معنى الكلمة, هل فهمت الجملة من أولها إلى آخرها؟ لن تستطيع أن تفهم الجملة حتى تعرف ما يتعلق بحروف المعاني بدلالة هذه الحروف فإذا فهمت دلالة هذه الحروف على وجهها عندئذ تكون فهمت الجملة كاملة ولن تفهم الآية كاملة حتى تفهم هذه الجملة وتلك الجمل التي تكونت منها الآية كل جملة وما دلت عليه لأن الجمل كما تعلمون منها مايكون جملة ابتدائية ومنها ماتكون جملة فعلية وجملة حالية وغير ذلك من الجمل في لغة العرب لكل جملة نوع من أنواع الدلالة فعندما تجتمع هذه الجمل هذه جملة ابتدائية لها دلالة وهذه جملة فعلية لها دلالة وهذه جملة خبرية وهذه جملة حالية ونحو ذلك عندما تجتمع هذه الدلائل من الجمل تعطيك دلالة كاملة للآية من أولها إلى آخرها عندما تضم هذه الآية مع آيات أخرى من نفس السورة مع ما سبق هذه الآية من الآيات ومع ما لحق بها من الآيات وهو ما يسمى بالسياق يتضح لك المعنى جليا بينا ظاهرا بعد ذلك تأتي بالسورة من أولها إلى آخرها وتنظرفي مضمون السور وفي مقصودها وفي موضوعها الذي تنزلت من أجله هذه السورة ثم تنظر في موضوع السورة الذي هو عنوانها التي سطر المصحف الشريف عليها، السورة عندك اسمها سورة المسد، سورة الإخلاص، سورة الكافرون، ونحو ذلك هذه الأسماء فانظر فيها وفي الأسماء الأخرى المدونة في كتب التفسير ستعطيك شيئا ستعطيك شيئا من الدلالة هذا الحديث عبارة عن تمهيد للمراحل السبعة، حتى تفهم ماذا نعني بالمراحل السبعة، بعدها سندخل بإذن الله إلى مضمون هذه المراحل السبعة.
وأرجو إذا بدأنا بذلك أن تكون مستعدا استعدادا كاملا من جهة الذهن ومن جهة القلب والرهبة لأن الأمر يحتاج شيئا من حضور الذهن واستحضار القلب.
أسأل الله عز وجل لنا ولكم علما نافعا وعملا صالحا وقلبا خاشعا وإيمانا كاملا ولسانا ذاكرا وعينا من خشيته دامعة اللهم إنا نسألك لنا جميعا الفردوس الأعلى في الجنة وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.