العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أرشيف الدروس العلمية في معهد العلوم الشرعية๑¤๑ > أرشيف المقررات الدراسية في الخطة السابقة > حلقة علوم القرآن > مادة أصول في التفسير

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-01-09, 08:04 AM   #1
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon59 تابع الشريط الثاني

المتن :



فوائد معرفة المدني والمكي :


معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة ، وذلك لأن فيها فوائد منها :


1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة .


2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ .


3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها .


4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها .



شرح الشيخ :



1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة .


ولهذا فسر علماء البلاغة , ان البلاغة هي مطابقة الكلام بمقتضى الحال , هذه هي البلاغة , والفصاحة : موافقته لقواعد اللغة العربية




القرآن الكريم لا شك انه يأتي مطابقا لمقتضى الحال وذلك لمعرفة المكي والمدني ,



2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ .



وهذا من حكمة الله عز وجل لان الناس لو أتاهم الشرع جملة واحدة لشق عليهم ذلك فلا بد ان يأتيهم شيئا فشيئا , وهل الحكمة ان نبدأ بالأهم فالأهم او بالمهم دون الأهم ؟


الاول طبعا هو الحكمة , كذلك الاوامر نعطيها شيئا فشيئا وليس جملة , لو رجل ذهب الى قوم يدعوهم الى الله عز وجل ورأى ما هم عليه من البدع والخرافات , فأراد ان يتكلم بأشياء يطمئنون اليها اولا , مثل الصلاة والجنة .. حتى تلين قلوبهم . ام انه يبتدأ من الاول ويقول : ايها المبتدعون الضالون المخالفون ... ؟


طبعا الاول , انظر الى قوله تعالى :


-( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )- [الأنعام/108]



ابدأ اذن بالشئ المتفق عليه اولا الذي ليس فيه معارضة , وافتح لهم ابواب العلم التي اعطاك الله , حتى يعرفوا انك رجل عالم , ويقبلوا منك .



3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها .


يقول تعالى :


-( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [البقرة/269]


فالانسان الحكيم يعرف كيف يتصرف , انظر الى حال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ينزل الجاهل منزلته , وما يظهر منه عناد منزلته , جاء رجل اعرابي احتاج الى قضاء الحاجة , فتنحى ناحية المسجد وجعل يبول , يظن ان المسجد كالخلاء او البر , فصاح به الناس وزجروه فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام , فلما قضى بوله , امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يراق على بوله ماء , فزالت المفسدة من هذا البول بتطهيره , ثم دعى الرجل وقال ان هذه المساجد لا يصلح فيها شئ من القذارة , انما هي للتسبيح والتكبير او قراءة القرآن,


الاعرابي انشرح صدره من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ضاق صدره من زجر الصحابة له , فظهر ما بالباطن على اللسان وقال :


اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا


ضيق الرحمة الواسعة التي وسعت كل شي لان هؤلاء ضيقوا صدره , لكن الصحابة معذورون لان هذا منكر , الا ان الحكمة فيما فعل النبي عليه الصلاة والسلام , يقول العلماء انه صار هناك مفسدة :


لانه اما ان يكون كاشفا عورته لئلا يصيبه البول , وهذه مفسدة , واما ان يغطي عورته فتصيب ثيابه البول , وهذه مفسدة , واذا قطع بوله فهذا ضرر عليه , لو قام فتتسع رقعة النجاسة .


فانظر الى الحكمة النبوية التي كانت مطابقة لحال هذا الاعرابي ,


ام الموضع الثاني موضع الشدة : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجل يدعى عبد الله بن اللجبية على الصدقة , فلما رجع قال : هذا لكم وهذا لي .


غضب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب بالناس قال :


ما بال احدكم نستعمله فيرجع ويقول هذا لي وهذا لكم , فهلا جلس في بيت ابيه فينظر ايجى له ام له .


كلمات قوية لان المقام يقتضي ذلك


ولما رأى رجل عليه خاتم ذهب والذهب محرم , فأخذ الخاتم ونزعه ورمى به .


وهذا اسلوب شديد وقال : ايعمد احدكم الى جمرة فيضعها بيده .


اذن ارجو من اخواني الدعاة ان نستعمل هذا الاسلوب وان نتأنى ونصبر , نصبر على ما ينالنا من أذى ونصبر على ما كان من إخواننا المدعوين من مخالفة , لا يمكن ان تأتي الامور بين عشية وضحاها .


4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها .



النسخ ثابت في الشريعة الاسلامية وفيما قبلها ايضا , اقرأ قوله تعالى :


-( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة )- [آل عمران/93]



-( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم )- [النساء/160]




-( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم )- [آل عمران/50]



فالنسخ اذن ثابت في الشريعة السماوية , لكن له شروط , من أهمها ان نعلم التاريخ , لان معنى النسخ ان الاول باطل وملغى , وتجد ان كثير من الماس اذا عجز احدهم عن الجمع بين آيتين يقول هذا منسوخ , وهذا خطأ خطير , لان قولك هذا منسوخ يتضمن الكذب على الله عز وجل انه نسخ هذا بهذا فأبطل الحكم الاول وأثبت الثاني .


يقول ابن القيم : ان النسخ لا يبلغ اكثر من عشر مواضع , مع انك لو اردت ان تنظر الى كلام كثير من العلماء لوجدت اشياء كثيرة , وذلك ان بعض الناس اذا عجز عن الجمع بين النصوص قال هذا منسوخ .

التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:15 PM
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
قديم 13-01-09, 08:07 AM   #2
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon59 تابع الشريط الثاني .........

المتن:



الحكمة من نزول القرآن الكريم


من تقسيم القرآن إلى مكي ومدني ، يتبين أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا . ولنزوله على هذا الوجه حكم كثيرة منها :


1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (يعني كذلك نزلناه مفرقاً)كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً(32) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ (ليصدوا الناس عن سبيل الله) إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33)


2- أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا ، لقوله تعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106 )


3- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القران وتنفيذه ، حيث يتشوق الناس بلهف وشوق إلى نزول الآية ، لا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان.


4- التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال ، كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه ، وكان من الصعب عليهم أن يجابهوا بالمنع منه منعا باتا ، فنزل في شأنه أولا قوله تعالى : (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: الآية 219) فكان في هذه الآية تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث إن العقل يقتضي أن لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه .




ثم نزل ثانيا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)(النساء: الآية 43) فكان في هذه الآية تمرين على تركه في بعض الأوقات وهي أوقات الصلوات ، ثم نزل ثالثا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (المائدة:92) فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منها باتا في جميع الأوقات ، بعد أن هيئت النفوس ، ثم مرنت على المنع منه في بعض الأوقات .



شرح الشيخ :



تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم : لا شك ان الوحي اذا نزل عليه كل يوم مرة او باليومين مرة او بالثلاثة مرة , لا شك انه يزداد ثبوتا , انت اذا كلمك صاحبك كل مرة ازددت تمسكا به ومحبة له , واذا بقي شهر او شهرين لا يكلمك الا مرة ماتت المودة .؟



يقول تعالى :


(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً)


هذه شبهة منهم يقولون الرسل كلهم تنزل عليهم الكتب مرة واحدة , فلما هذا الرجل ينزل عليه مفرقا , وهذه عند الجاهل شبهة . قال تعالى :


كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً


كذلك: يعني نزلناه مفرقا , لذلك يحسن الوقوف على قوله ( جملة واحدة ) , وهذا من عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم ان يثبت فؤاده بنزول القرآن مفرقا , ومن نعمة الله علينا نحن ان ترد على قلوبنا ما تكون سببا لتثبيت القلب وحياته بعد موته وذكره بعد غفلته , وذلك يحصل بالتأمل , احيانا انسان تأتيه ساعات يتأمل في مخلوقات الله , فيجد قلبه يزداد ايمانا, هذا التفكير بمنزلة سقي الشجرة اذا كانت عطشة , ولذلك يجب ان نلاحظ قلوبنا في هذه الناحية , حتى لا تستولي عليها الغفلة .


يقول تعالى :


وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33)


اللهم لك الحمد , هذا من نصر الله لنبيه , يعني اي مثل يأتون به ليصدوا الناس عن سبيل الله فإن الله تعالى يأتي بالحق وأحسن تفسيرا اي بيانا ووضوحا .


ثانيا :



أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا وهذه فائدة عظيمة , ان اذا نزل شيئا فشيئا سهل على الناس فهمه , وكذلك حفظه والعمل به , ( الحفظ والفهم والعمل به )


ايضا من الفوائد التدرج في التشريع , وهذا من الحكمة العظيمة , ان لا يجابه الناس بالشرائع مرة واحدة فانهم ان حصل لهم ذلك صعب عليهم الامر , ولكن بالتدريج , والشريعة كلها مبنية على هذا


ارايت قول النبي صلى الله عليه وسلم قال : مروا أبنائكم بالصلاة , لسبع واضربوهم عليها لعشر .


هذا تدريج , اولا الامر ثم الضرب .


اذن التدرج بالتشريع من الحكمة .


كذلك التدرج في الامر والنهي , فيما كمل تشريعه , كحالنا اليوم , الشريعة اليوم تمت , فاذا وجدنا أحدنا مقصرا في شئ من الامور وايمانه ضعيف , لو اوردنا عليه الامور جميعا لانتكس , فهل لنا ان ندرجه ؟ نعم , لاننا لا نحاول انسلاخه من الدين او اقراره على معصية , نحاول انتشاله من المعصية , لكن بطريق يسهل عليه , لو رأينا مبتلى بشرب الدخان وقلنا له اترك الدخان فانه لا يسهل عليه ان يتركه مرة واحدة , فاذا قال : اشرب باليوم مرتين , نقول له نعم . ثم بالتدريج ربما ينته ,فالمهم متى كان التدريج في تغيير المنكر انفع فاننا نفعل .


اما الواجب فلا نتساهل فيه , لو قال اسمحولي اصلي الظهر والعصر والمغرب , والعشاء والفجر صعب علي , ماذا نقول ؟


يلزمنا ان نقول ان تصلي الجميع .


وان كان جاء في الصحيح ان قوما أتوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا , فاشترطوا عليه على الا يصلوا , قال لكم هذا , فقيل يا رسول الله :كيف ؟ قال : انهم اذا اسلموا صلوا .


هذا الذي يشترط على ان لا يصلي العشاء والفجر , نقول اذا صلى الثلاث وهو عن ايمان ويقين فلا بد له ان يصلي العشاء والفجر .


لكن مع ذلك لا تقتنع نفسي ان أقول لا بأس ان نوافقه على هذا الشرط بل نقول ان الصلوات خمس وهي سهلة .


لكن في مسألة المحرمات فلا بد من التدريج في هواه .


كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه , وكان من الصعب عليهم ان يجابهوا عليه بالمنع منه منعا باتا , يقول النبي عليه الصلاة والسلام : كل مسكر حرام .


والخمر هو مسكر


فما معنى الاسكار ؟ الاسكار هو تغطية العقل على وجه الطرب واللذة , ولذلك لا نقول ان البنج خمر لانه يغطي العقل لكن ليس على سبيل الخمر واللذة , السكران والعياذ بالله , يجد نشوة عظيمة كأنه يطير بين السماء والارض , كانه ملك من الملوك ,ويقول الشاعر الجاهلي :


ونشربها فتتركنا ملوكا


وانظر الى قصة حمزة عم الرسول عليه الصلاة والسلام , جاء علي يشكو عمه حمزة للرسول صلى الله عليه وسلم لان عليا كان له بعيرا فمر بحمزة وهو سكران , وعنده جارية تغنيه , فتقول : الا يا حمز للشرف النواعي .


تحثه على النحر , فقام وجب أسنتهما وبقر بطونهما وأكل من أكبادهما , فجاء علي الى النبي يشكو اليه عمه , فذهب النبي صلى الله عليه وسلم اليه ومعه الناس ,لما أقبل عليه فاذا هو ثمل , سكران , فقال : يا عم ماهذا ؟ فقال : اذهب فهل انتم الا عبيد ابي .


من يعني ؟ الرسول وأصحابه وعلي بن ابي طالب , فتراجع النبي عليه الصلاة والسلام , لان هذا القول لو قاله عن صحوة لكان كفرا ,لانه في غاية ما يكون عداء للرسول عليه الصلاة والسلام , لكنه لا يؤخذ بقوله .


اذن الخمر يغطي العقل على وجه اللذة والارتفاع والسلطان والنشوة , كان حلالا في اول الاسلام , لان الله أقرهم عليه , وقيل انه كان حلالا في قوله تعالى :


-( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون )- [النحل/67]


اي ان هذا اباحة صريحة لهم , انزل الله به قوله تعالى :


-( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )- [البقرة/219]


ولم يقل حرام , بل قال إثم كبير ومنافع للناس , وهذا ليس تحريما , لم يقل فاجتنبوهما , وتامل قوله ( ومنافع ) منافع : صيغة جمع , منتهى الجموع , والاثم واحد لكنه بالكيفية أشد من قول المنافع , لان المنافع من حيث الكمية أكثر , والاثم الكبير من الحيث الكيفية أعظم , ولهذا قال إثمهما أكبر من نفعهما ولم يقل أكثر لان هذا بالكيفية لا بالكمية .


فما هو الميسر ؟ الميسر هو القمار , وهو كل معاملة يقوم بها الانسان بين غارم او غانم , فكان في هذه الآيو تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث ان العقل يقتضي ان لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه , فالعاقل امتنع عنه .


ثم نزل ثانيا قوله تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )- [النساء/43]


فكان في هذه الآية تمرين على الترك في بعض الاوقات وهي أوقات الصلوات , وقوله حتى تعلموا ما تقولون , فيه دليل على ان السكران لا يعلم ما يقول , فستفاد منه فوائد كثيرة :


1" لو ان السكران اعتق جميع عبيده , هل يعتقون ؟ لا لانه لا يعلم ما يقول .


2" لو ان السكران لو طلق نساءه , هل يعق الطلاق ؟ لا لانه لا يعلم ما يقول


3" لو انه أوقف امواله , لا يقع ذلك ...


ويقاس عليه الغضبان اذا كان من شدة الغضب لا يعلم ما يقول , فإنه يلحق بذلك


ولهذا كان القول الراجح ان طلاق الغضبان الذي لا يعلم ما يقول لا يقع .


ويؤخذ من هذا , انه يجب ان يصلي وهو يعلم ما يقول ,فيكون في هذا دليل على وجوب الخشوع بالصلاة , وهو احضار القلب لانه لا يمكن ان يعلم ما يقول الا اذا كان قلبه حاضرا , فان لم يكن حاضرا صار ركوعه وسجوده وتسبيحه وقرآنه من غير قصد , بل آلة ميكانيكية , وقد ذهب الى هذا بعض العلماء وقال انه اذا غلب الوسواس ( الهواجيس ) على أكثر الصلاة فإنها تبطل .


هل نقول على هذا القول أنه يستلزم انه يجب ان تبطل صلوات الناس الآن ؟ ام لا ؟


لا , لا يلزم , بل يلزم على هذا القول ان الناس يستقيمون على احضار قلوبهم , لانه لو جاء يستفتيك وقال انه صلى لكن كل صلاته كان غائبا ما استحضر الا بالتشهد الاخير ,فنقول : أعد الصلاة , ولكن ما ظنكم بالصلاة المقبلة ؟


هل يوسوس ام لا ؟ لا طبعا , اذن هذا القول يحزم الناس على الخشوع , لكن القول الراجح انه لا تبطل الصلاة ,


لان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ان الشيطان اذا أذن المؤذن أدبر وله ضراط , فإذا فرغ من الأذان أقبل على الانسان فاذا أقيمت الصلاة ولى , فإذا انتهت الاقامة حضر وصار يقول للانسان في صلاته اذكر كذا وكذا ,,, يعني يذكره بالاشياء , ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ان صلاته تبطل .



ثم نزل قوله تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]


يقول ابن مسعود رضي الله عنه : اذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا , فارعها سمعا , فإنها اما خيرا تؤمر به وإما شر تنهى عنه .


قال تعالى : فاجتبنوه : اذا هو شر تنهى عنه ,


الانصاب : ما يعبد من دون الله


الأزلام : ما يستقسم به , وكانوا في الجاهلية يستقسمون بالازلام , بدل ان يصلي الاستخارة يستقسمون بها .


هنا انزل الله تعالى هذه الاربعة لحكم واحد , فهل هي متساوية في هذه الحكم ؟


الجواب : لا , معلوم ان الانصاب أشد من الخمر والميسر , اذ ان الانصاب كفر ,والازلام دون الانصاب والميسر والخمر دونهما , وعلى هذا فيكون الاشتراك في أصل الحكم لا في نوعه , وانما قرن الله تعالى ذلك بالانصاب التي هي عبادة الاصنام لشدة التحذير منها , وانها تنافي كمال التوحيد .


وقوله رجس من عمل الشيطان , الرجس : هو النجس , سواء حسيا او معنويا ,


الحسي هو النجاسة الحسية , المعنوي : هي النجاسة المعنوية


قوله تعالى :


-( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم )- [الأنعام/145]


هنا الرجس الحسي , ما قوله تعالى :


-( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )- [الأحزاب/33]


هنا الرجس المعنوي , وقوله تعالى :


-( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )- [الحج/30]


هنا الرجس المعنوي .


بالعودة الى قوله تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]



هنا الرجس معنوي , ولهذا قرنت بانها من عمل الشيطان , بدليل هل في الميسر نجاسة حسية ؟


لا , فهي مغالبة بالاموال , والنصب هو اما حجرا او خشبة او غيرها


اذن نجاسة معنوية , والخمر هو نجاسة معنوية , ولو اصاب الثياب فانه لا ينجسها , فان قال قائل : أليس هو حرام ؟


نقول : بلا , لكن هل يلزم من التحريم النجاسة ؟ لا , لا يلزم .


فها هو السم حرام وليس بنجس كذلك الدخان , فإذا قال قائل ان الرسول الكريم سماه انه أم الخبائث .


نقول : أي الخبائث ؟ هي الخبائث المعنوية . اذن لا دليل على ان الخمر نجس نجاسة حسية , وقد جاءت السنة في بيان طهارته , حرمت الخمر وهي في أوان الصحابة فخرجوا بها الى السوق وأراقوها , ولم يغسلوها ولم يؤمروا بغسلها , ولو كانت نجسة لأؤمروا بغسلها .


ان قال قائل : حكم بنجاستها بعد ان تخمرت , فتكون في اول الامر طاهرة ولذلك لم يؤمروا بغسلها ,


نقول هذا ينتقض بلحوم الحمر , حرمت الحمر ولحمها يغلي في القدور , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقتها وكسر القدور قالوا : يا رسول الله أو نغسلها ؟ قال : اغسلوها , فأمر بغسلها مع أنها لم تحرم الا بعد ان كانت في القدور ,


ثم نقول , الصحابة رضي الله عنهم , بعد ان حرمت أراقوها في الاسواق , وهل يمكن ان يراق الشئ النجس في اسواق المسلمين , لا يمكن فيلوث عليهم ثيابهم وابدانهم


ثم نقول , أتى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم براوية من خمر , الراوية هي قربة كبيرة , يريد ان يتودد بها الى رسول الله , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها حرمت , والمحرم لا يجوز قبوله , فتكلم معه أحد الصحابة سرا , مع الرجل , فقال له بما ساررته , قال : قلت له بعه . قال : لا ان الله اذا حرم شيئا حرم ثمنه , ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل له اغسل الراوية , وهذا دليل واضح على عدم نجاستها , ولو كان الخمر نجس نجاسة حسية لوجب ان يعلمه الرسول عليه الصلاة والسلام لانه رجل جاهل .


وهذه أدلة واضحة على ان الخمر ليس نجس نجاسة حسية , والقول بانها نجاسة حسية لا يقتضي ان يلزم الناس بتجنبها , يكفي ان نقول انها نجاسة معنوية لمن كان مؤمنا , اما غير المؤمن لا يهمه , انك لترى أناسا يبولون ويقومون من البول دون استنجاء ولا استجمار لا يهمهم .


اذن الخمر طاهر طهارة حسية , ونجسة نجاسة معنوية لا شك في هذا , وكيف يطهر الناس منها ؟ يطهرون منها بالردع , يعني التأديب


كان الرجل يؤتى به على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شاربا , قيقوم النس اليه , هذا يضربه بيده وهذا بنعله ..... نحو اربعين جلدة


وفي عهد ابي بكر تقرر اربعين جلدة


وفي عهد عمر رضي الله عنه تقرر اربعين جلدة , ثم كثر شرب الناس للخمر لانهم حديثوا عهد بالاسلام , والفترحات بعهد عمر كثرت فدخل بالدين من ايمانه ضعيف فكثر شرب الخمر , وكان من عادة امي المؤنين عمر على كونه صائب الرأي , من عادته ان الامور العامة يجمع الناس لها , فجمعهم وقال : ان الخمر قد كثر كما ترون ,


فقال عبد الرحمن بن عوف : يا امير المؤمنين أخف الحدود ثمانين , ( يعني حد القذف ) فجعل عمر رضي الله عنه عقوبة الخمر ثمانون , وهذا مع ما سبق يدل على ان عقوبة شارب الخمر ليست حدا , وانما هي ردع وتعزير لان عبد الرحمن بن عوف طرح القضية وكل الصحابة وافقوا عليها , ولو كان عقوبة شارب الخمر حدا لكان أخف الحدود اربعين , فعلم بهذا على ان عقوبة شارب الخمر ليست حدا لكنها تعزير الا انه لا يقل عن الاربعين , هذا دليل واضح .


ويدل له ايضا , على ان شارب الخمر جلده عقوبة وليس حدا , انه لو كان حدا اربعين جلدة هل يمكن لعمر او غيره ان يرفعه اذا كثر الناس فيه ؟ لا طبعا , ولهذا لو كثر الزنى , هل نقول بدل المئة جلدة مئتين ؟ لا لان الحدود لا تتعدل .


آخر , ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في شارب الخمر , اذا شرب فاجلدوه ثم اذا شرب فاجلدوه , ثم اذا شرب فاجلدوه ثم اذا شرب فاقتلوه .


هل حدد الجلد ؟ لا , اجلدوه , يعني الجلد الرادع , اطلق الجلد ولم يرد عنه حديث صحيح في التحديد فهو اذن عقوبة


وفي الرابعة يقتل , يعني اذا جلد ثلاث مرات ولم يرتدع , ما بقي لبقاءه فائدة وبقاؤه في الدنيا ضرر على نفسه , واعدامه خير من ابقاءه فلهذا كان في الرابعة يقتل ,


وهل يقتل وجوبا او بحسب ما يراه الامام من المصلحة ؟


الثاني , لكن ابن حزم علي بن محمد رحمه الله , منجنيق العرب وسليط اللسان , عفى الله عنه , أبى ذلك , وقال يقتل في الرابعة وجوبا حدا , وكيف نخالف امر رسول الله عليه الصلاة والسلام , والخير بما أمر به , فيقتل بكل حال , وكلامه جيد في الواقع , اذا صححنا الحديث فليس لنا بد من العمل به , والحديث صحيح , لكنه عند الجمهور منسوخ والنسخ في هذه المسألة أبعد من الثريا عن الثرى , لماذا ؟


يحتاج الى العلم بالتاريخ , ويحتاج الى تعذر الجمع , فأين هذا .


اما شيخ الاسلام رحمه الله , حبر زمانه , فصل في الامر , قال اذا لم ينته الناس الا بالقتل في الرابعة قتلوا , فجعله تعزيرا راجعا الى الامام , كلام الشيخ رحمه الله كلام جيد ولا مانع ان يحمل الحديث على هذا , لان هذا الذي تكرر منه شرب الخمر ثلاثا مرات ويجلد في كل مرة , معناه انه ليس منته عما يفعله ,


والثلاث غاية لاشياء كثيرة :


الاستئذان , والسلام واعادة الكلام لمن يفهمه


فالذي يترجح هو كلام شيخ الاسلام رحمه الله , انه اذا لم ينته الناس من دون القتل في الرابعة قتلوا , واذا قتلناه أحيينا امة كثيرة , وخلصناهم من شرب هذا الخبيث , ومع الاسف الشديد انه يوجد في البلاد الاسلامية اليوم من يحلون الخمر بقولهم حلال , قد لا يستطيع الحاكم ان يقول حلال , لكن تمكينه بعلان هذا الخمر ووضعه في البقاليات وفي البرادات , هذا بمنزلة استحلاله , لكنه استحلال عملي لا قولي ,


وهذا يؤسف له , ولذلك كتب الذل على من جوازاتهم مسلم , لانه ما بقي من الاسلام الا اسمه ولا من القرآن الا اسمه , ولهذا كتب الذل والعار والخزي على هذه الامة التي تتسمى بالاسلام , لو كانت مسلمة حقيقة يلعب عليها نذل من الانذال ؟ لكن ذلوا فأذلهم الله عزوجل ,ويذكر عن عمر رضي الله عنه , انه كان يقول : نحن قوم أذلاء اعزنا الله بالاسلام فمتى ابتغينا العزة بدونه أذلنا الله .


يقول تعالى :


-( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]


لعل هنا : للتعليل , يعني لتفلحوا , والفلاح هو حصول المطلوب والنجاة من المرهوب .


انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة , اذن كل عمل يوجب العداوة بيننا هو من وحي الشيطان , وهو من مرادات الشيطان , الشيطان مراده ان يوقع العداوة والبغضاء في الخمر والميسر


العداوة ضد الولاية , والبغضاء ضد المحبة , فلا محبة ولا ولاية وانما هي عداوة


ولذلك تجد ان الشطان يلعب بابن آدم , اذا سمع من اخيه كلمة تحتمل الخير والشر , يوسوس له الشيطان ويقول له احملها على الشر .


وقوله في الخمر والميسر : اي بسببهما , اذن الفاء للسببية , وهل تاتي في للسببة ؟ نعم كثيرا , ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :


دخلت النار امرأة في هرة حبستها


يعني بسبب هرة .


وقوله :(ويصدكم عن ذكر الله ) الله اكبر , ولهذا يقول بعض الناس انه يلحقه الارق عند النوم , فاذا شرع يسبح نام على طول , أتى الشيطان له بالنوم ليصده عن ذكر الله , فالشيطان حريص منا ان يصدنا عن ذكر الله , وقد لا يصدنا عن الذكر باللسان ولكن يصدنا عن الذكر بالجنان , بالقلب ,


وقوله : ( وعن الصلاة ) الصلاة من الذكر , بل هي افضل انواع الذكر , لان فيها قرآن , تسبيح , دعاء , هيئات تدل على التعظيم والذل , ونص عليها لشرفها , لان ذكر الخاص بعد العام يدل على شرفه .


ومنه قوله تعالى :


-( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر )- [القدر/4]


المراد بالروح جبريل وهو منهم , ولكن التنصيص عليه يدل على شرفه .



طيب , هل الشيطان يصدنا عن الصلاة ؟ نعم كثيرا , اذا أذن والانسان يعمل شيئا يقول سانهي عملي بسرعة واذا به تفوته الصلاة , وهذا واقع كثيرا , ثم اذا قدر ان الانسان دحر الشيطان وذهب يصلي , صده من جهة اخرى وهي الوسوسة


ولهذا شكى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسوسة , فقال له : ذلك شيطان يقال له خنزة .(علم هذا الاسم بالوحي ) فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله منه , ففعل الرجل , يقول : فذهب عني ما اجد ,.


لماذا ؟ لانه فعل ذلك عن ايمان , وتصديق فصار الدواء ناجعا , اما الواحد من الناس فقد يتفل عن يساره ثلاثا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم لكن لما يذهب الى الصلاة يأتيه , لان الايمان بهذا الدواء ضعيف .



يتبع الشريط الثالث
الملفات المرفقة
نوع الملف: doc الشريط2.Doc‏ (144.3 كيلوبايت, المشاهدات 1497)

التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:17 PM
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-09, 05:31 PM   #3
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
c8 تفريغ الشريط الثالث ...............

بسم الله الرحمن الرحيم


محتوى الشريط :




تابع شرح الآية :


-( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]



ترتيب القرآن


مراحل جمع القرآن


الفرق بين جمع ابوبكر وعثمان رضي الله عنهما


- التفسير


- الواجب على المسلم في التفسير


- المرجع في التفسير : كلام الله تعالى




تابع شرح الآية :


-( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]






هل الشيطان يصدنا عن الصلاة ؟


نعم كثيرا , اذا أذن والانسان يعمل شيئا يقول سانهي عملي بسرعة واذا به تفوته الصلاة , وهذا واقع كثيرا , ثم اذا قدر ان الانسان دحر الشيطان وذهب يصلي , صده من جهة اخرى وهي الوسوسة


ولهذا شكى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسوسة , فقال له : ذلك شيطان يقال له خنزة .(علم هذا الاسم بالوحي ) فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله منه , ففعل الرجل , يقول : فذهب عني ما اجد ,.


لماذا ؟ لانه فعل ذلك عن ايمان , وتصديق فصار الدواء ناجعا , اما الواحد من الناس فقد يتفل عن يساره ثلاثا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم لكن من حين ما يذهب الى الصلاة يأتيه , لان الايمان بهذا الدواء ضعيف .


ولهذا من أهم ما يكون ان يصدق الانسان بالدواء


ثم قال عز وجل :


-( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين )- [التغابن/12]


ويقول عز وجل :


-( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون )- [آل عمران/132]


لكن في بعض الاماكن يحتاج الى ذكر الطاعة للرسول بخصوص , كلما كان الامر اهم ذكرت طاعة الله ورسوله ,


يقول عزوجل :


-( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين )- [المائدة/92]


احذروا : اي احذروا مخالفتها , فان توليتم : ولم تحذروا المخالفة , فاعلموا انما على رسولنا البلاغ المبين : هذه تنبيه عظيم اي اعلموا ان الرسول لا ينفع , وانه ليس مسؤول عنكم , وهذا فيه حصر , اداته (انما ) يعني ما عليه الا البلاغ , اذا بلغ برأت ذمته , وقوله المبين :يعني البيّن , او المبين اي : الموضح , وبلاغ الرسول عليه الصلاة والسلام جامع بين الامرين , فهو بيّن لنفسه ومبين لمن يسمعه . ومن ورث الرسول عليه الصلاة والسلام من العلماء ماذا عليه ؟ ما عليه الا البلاغ المبين , يقول تعالى :


-( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وأنتم لا تظلمون )- [البقرة/272]


ولهذا ينبغي لطلبة العلم اذا وعظوا ونصحوا والناس لم ينصاعوا , عليهم الا يثوروا على الناس وان يقولوا :انتم بهائم ما تعرفون , لانهم اذا قالوا هذا أوغروا القلوب عليهم ولم يقبل احد منهم شيئا , وعليه ان يصبر ويقتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول :/ اذا كان رسولي ليس عليه الا البلاغ فانا من باب اولى .


فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منعا باتا , في جميع الاوقات بعد ان هيأت النفوس ومرنت على المنع منه في بعض الاوقات , والله أعلم .


سؤال : حديث : ما أسكر كثيره فقليله حرام , لكن هل يقام عليه الحد ؟


جواب الشيخ : لا , اذا كان قليله حراما فلا يقام عليه الحد , ما يقام الحد الا على من سكر .



من سكر وقتل انسان , هل يقام عليه الحد ؟


جواب الشيخ : نحن نتكلم عن حد من حدود الله , قتل القاتل عمدا ليس حدا وانما هو قصاص , ولهذا لو ان السكران أحرق دكان انسان مثلا لضمنه لان هذا حق آدمي , ولاكلام على حق الله , على ان عثمان رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين , قال : لا طلاق على سكران , مما استدل ؟ طبعا هناك أدلة , لكن بقي ان نسأل ما حجة القائلين بوجوب وقوع الطلاق ؟ قالوا : زيادة في الردع , فنجيبهم : بأمرين :


اولا انكم تقولون ان عقوبة الخمر هي حد , والحدلا يزاد عليه . ثانيا : ان ايقاع طلاقه ليس عقوبة عليه وحده , بل وعلى امرأته وأولاده , كيف نعاقبهم ؟ فالقول بان على السكران حد ضعيف جدا .


الصواب انه لا طلاق عليه , لكن ما يتعلق بحقوق الآدميين فانه يجب استيفاؤه , لكن هل يقتل فيما اذا قتل عمدا , او نقول ان هذه لا عقل له فلا حد له ؟ قول كثير من العلماء انه يقتل , وبعضهم قال لا يقتل الا اذا علمنا انه شرب الخمر ليقتل عمدا . لو كان فقيها وقال ما اريد ان اقتل عمدا ولكن يشرب خمرا لكي يسكر ويقتل , فهذا يقتل لان الحيل لا تبطل الاحكام الشرعية .



نتابع فوائد والحكمة من نزول القرآن مفرقا :


تنشيط الهمم , لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه , حيث يتشوق الناس اليها , فتنزل وهم أشد ما يكونون لها شوقا , ومعلوم اذا أتى الانسان على شئ بتلهف فانه يمكث في ذهنه ويرسخ ويجد له لذة وحلاوة ,


وقد تقدم الكلام عن الافك , وهمت في مسألة الذين خاضوا في الافك , وقلت انهما رجلان وامرأة , الرجلان هما مسطح وحسان بن ثابت مع انه كان يقول في وصف عائشة :


حصان رزان ما تشان بريبة,


والمرأة هي حمنة بنت جحش , أخت زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومع انها ضرة عائشة لكن حماها الله تعالى في الخوض في هذا.




المتن :


ترتيب القران :


ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور .


وهو ثلاثة أنواع :


النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته ، فلا يجوز أن يقرأ : لله الحمد رب العالمين بدلا من (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)


النوع الثاني :ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4) ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) قد نسختها الآية الأخرى يعني قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234) وهذه قبلها في التلاوة قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه .


وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (15)


النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد فلا يكون واجبا وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها " أهـ .



شرح الشيخ :



القرآن لا شك انه مرتب في السور والآيات والكلمات والحروف , و ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور .


والترتيب معناه جعل الشئ بعد الشئ , فترتيب القرآن بالنسبة للانسان هو ان يتلوه كما ورد , مرتبا في آياته وكلماته وسوره


يقول هو ثلاثة أنواع :


النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته , ومثال ذلك :


-( الحمد لله رب العالمين )- [الفاتحة/2]


هل يجوز ان يقول : لله الحمد رب العالمين ؟ لا يجوز مع لله فيها حصر ومع ذلك نقول لا يجوز , لانه خلاف ترتيب القرآن . والله تبارك وتعالى تكلم به على هذا الترتيب , فلا يحل لاحد ان يقدم كلمة على كلمة وهذا محل اجماع لا خلاف فيه



الثاني :


ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4)


وهو أقل من المخالفة في ترتيب الكلمات , لان هذا غايته ان يقدم آية على آية لكن ترتيب الكلمات في الآية حسبما جاء في القرآن ومع ذلك هو حرام لا تجوز مخالفته , وترتيب الآيات هو ترتيب توقيفي ,ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى :


(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) يعني اذا توفى الانسان فانه يجب عليه ان ينصف لزوجته ان تبقى بالبيت , لمدة حول كامل , لا تخرج و لكن ان خرجت فلا بأس , انما على الورثة أن يبقوها بالبيت حولا كاملا , بوصية من زوجها المتوفى ,


يقول قد نسختها الآية الأخرى قوله تعالى :


( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234)



وأيهما الاولى بالترتيب ؟ الثانية , مع انها ناسخة , قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه .


وهذا دليل على ان ترتيب الآيات توقيفي , ليس على حسب النزول ولا على حسب المعنى , انما هو توقيفي من عند الله عز وجل .


وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي 0من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا


فلا يجوز ان يبدأ بآية قبل أخرى اذا كانت بعدها في التلاوة .


النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد, ممن ؟ من الصحابة رضي الله عنهم .


وبعضه ثابت بالتوقيف كما سيذكر , فلا يكون واجبا.


وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما .


وهذا مخالف في ترتيب المصحف , لكنه لا بأس به لانه من باب الاجتهاد


لكن بعضه توقيفي فانها توقيفية , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ : قل أعوذ برب الفلق , قبل قل أعوذ برب الناس


كذلك : سبح والغاشية , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في الجمعة ويبدأ بسبح .


كذلك الجمعة والمنافقون فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بهما في الجمعة ويبدأ بالحمعة .


بمثل هذا نعرف انه توقيفي .


اذا قال قائل كيف خالف الصحابة رضي الله عنهم في تقديم آل عمران على النساء ؟


الجواب من وجهين :


الاول : ان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بينهما في الفرض , اي بين البقرة وآل عمران , كما في قوله : اقرؤوا الزهراوين فانهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان او فرقان من طير صافّ , يظللان صاحبهما يوم القيامة ., فجمع بينهما


الوجه الثاني : لعل العرضة الاخيرة التي عرض فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على جبريل , لعل الترتيب تغير بعد ان سمعه حذيفة .


وحينئذ يزول الاشكال .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها "


لكن استثنى بعض اهل العلم ما اذا كان ذلك للتعليم .فانه لا بأس ان يقدم السورة المتأخرة لأن ذلك أيسر وأهون , وهذا هو المعمول به الآن , وأظنه من قديم الزمان , الصبيان في المدارس , يتعلمون من آخر القرآن فيقرأون الناس قبل سورة الفلق , وهكذا .


فيكون مخالفة الترتيب من أجل الحاجة الى تفهيم الصبيان .




يتبع .......

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 03-11-09 الساعة 01:33 PM
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-09, 05:40 PM   #4
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
c8 تابع الشريط الثالث ................

المتن :


كتابة القرآن وجمعه


لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل :


المرحلة الأولى : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة ، لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ، ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها ، أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ، ورقاع الجلود ، ولخاف الحجارة ، وكسر الأكتاف وكان القراء عددا كبيرا.


ففي " صحيح البخاري "([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .



شرح الشيخ :


كان الناس في عهد رسول اله صلى الله عليه وسلم يعتمدون على الحفظ اكثر من الكتابة , لاربعة اسباب


1" قوة الذاكرة , فانه لا شك ان عند العرب قوة ذاكرة عظيمة , يأتي الشاعر منهم الى المجلس ويتنشد القصيدة تبلغ خمسين بيتا او مئة بيت , مرة واحدة ثم يحفظونها ويتناقلونها


2" سرعة الحفظ , وبينهما فرق , قوة الذاكرة :انه اذا اراد شيئا استحضره بسرعة , اما سرعة الحفظ : يعني يحفظ بسرعة , والناس في هذا اقسام :


1-- سريع الحفظ والنسيان ,


2--بطئ الحفظ والنسيان


3-- بطئ الحفظ سريع النسيان


4--سريعالحفظ بطئ النسيان .


وأحسنهم الرابع ,


3" قلة الكاتبين , الكتبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلون , لان العرب امة أمية , قال تعالى :


-( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )- [الجمعة/2]


وقال رسول الله صلى اله عليه وسلم :


" انّا أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ,"


لكن بعد ذلك , بعد الاسلام , صاروا علماء , بل علماء العالم كله ,



4" قلة وسائل الكتابة , الاوراق قليلة والمداد قليل , ولهذا يكتبون في العظام ويكتبون في اللخاف وفي عسف النخل , كما سيأتي


ولذلك لم يجمع في مصحف , بل كان من سمع آية حفظها , أ, كتبها فيما يتيسر له , من عسف النخل ورقاع الجلود ولخاف الحجارة , وغيرها


وكان القرّاء عددا كبيرا , والقرّاء هم الذيم يحفظون القرآن عن ظهر قلب , ففي صحيح البخاري ,


عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .


وهذا دليل على ان الصحابة يعتمدون على الحفظ أكثر ,



المتن :




المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة . وسببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ، سالم مولى أبي حذيفة ، أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم .


فأمر أبو بكر رضي الله عنه بجمعه لئلا يضيع ، ففي صحيح البخاري" (19)أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ، فتوقف تورعا ، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ، وعنده عمر فقال له أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما . رواه البخاري مطولا .


وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ، حتى قال على رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله .


شرح الشيخ :



الله أكبر . مولى من الموالي , امر الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة منهم :


سالم مولى أبي حذيفة , وهو مولى , يؤخذ عنه كلام الله عز وجل , لكن الفضل يؤتيه الله من يشاء ,


وابو بكر الصديق امر بجمع القرآن , وهذا هو الجمع الاول في عهد ابو بكر رضي الله عنه , وقد وافق المسلمون ابا بكر علىذلك , وعدوه من حسناته , حتى قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : اعظم الناس في المصاحف أجرا ابو بكر


رحمة الله على ابو بكر ,وفي هذا وخزة وطعنة , في صدور الرافضة الذين يبغضون ابو بكر وبعضهم يلعنه والعياذ بالله , فهذا علي الذي يروا فيه انه إمام الأئمة , يقول فيه ذلك , لأن علي بن ابي طالب رجل مؤمن تقي عاقل عادل , فقال الحق , لكن الرافضة على العكس من ذلك , ولذلك يخالفون علي في مسائل , خالفوه في المتعة , وهو رضي الله عنه ممن روى تحريم المتعة , وخالفوه في المسح على الخفين , وهذا يدل على انه انما أتوا به للترويج على العامة وانهم ينتصرون لآل البيت .



المتن :



المرحلة الثالثة : في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة الخامسة والعشرين ، وسببه اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة رضي الله عنهم فخيفت الفتنة ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد ؛ لئلا يختلف الناس ، فيتنازعوا في كتاب الله تعالى ويتفرقوا.



شرح الشيخ :


جزاه الله خيرا , أحسن الى الأمة إحسانا لا مثيل له , لو بقيت الصحف وفيها بعض الاختلاف , لكان قتال بين الأمة , والقتال الآن واقع مع اتحاد الصحف لكن اختلفوا في الفهم , واختلفوا بالتأويل , لكن الحمد لله , ان الله حفظ هذا القرآن عزيز , كما قال تعالى :


-( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )- [الحجر/9]



المتن :


ففي " صحيح البخاري " (20)أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، ففعلت ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وكان زيد بن ثابت أنصاريا والثلاثة قرشيين - وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .


شرح الشيخ :


ما هي الصحف التي عند حفصة ؟ الصحف التي جمعها ابو بكر ثم أخذها من بعده عمر رضي الله عنه , ثم جعلها عمر عند حفصة , لان حفصة رضي الله عنها امرأة عاقلة , وهي إحدى أمهات المؤمنين , ولهذا لما وقّف عمر رضي الله أرضه في خيبر جعل الناظر عليه حفصة ومن بعدها أولوا الرأي من آل عمر ,


وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش .


لماذا ؟ لان القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ورسول الله من قريش , فغلبت لغة قريش على غيرها .


النقطة الثانية :


يقول :وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .


كيف يحرق القرآن ؟ نعم درء المفاسد أولى من جلب المصالح , لانه لو بقيت لكان الاختلاف وضلل قوم آخرين


وقد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم ، لما روي أبن أبي داود (21)عن على رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملاء منا ، قال : أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا ، فنعم ما رأيت .


وهذا من عدل أمير المؤمنين رضي الله عنه ,لكي لا يظن الظان ان عثمان تصرف من نفسه , وقوله عن ملئ منا : يعني عن اتفاق منا معه .


وقال مصعب بن سعد(22): أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال : لم ينكر ذلك منهم أحد ،


طيب هل يمكن ان نأخذ من هذا دليلا على ان المصحف اذا لم يكن صالحا للتلاوة ان يحرق ؟


نعم . لكن ينبغي ان يحرق في مكان ويدفن , لان بعض المصاحف اذا احرقتها لا تذهب بعض الحروف , ولهذا ينبغي ان تدفن , وان لم يمكن دفنها فينبغي ان تدق حتى تكون رمادا .


يقول :


وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها ، وكانت مكملة لجمع خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه .



المتن :


والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر رضي الله عنهما أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر الله عنه تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف ، حتى لا يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الاجتماع على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لاختلاف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الاجتماع على مصحف واحد .


وأما الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد ، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات.


وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع الأمة ، واتفاق الكلمة ، وحلول الألفة ، واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق الأمة ، واختلاف الكلمة ، وفشو البغضاء ، والعداوة .


وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ، يتلقاه الصغير عن الكبير ، لم تعبث به أيدي المفسدين ، ولم تطمسه أهواء الزائغين . فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين .



شرح الشيخ :


اذن ابو بكر جمع المصحف لئلا يضيع , لا لاجل أن يتفقوا على مصحف واحد , ولهذا كان كل من الصحابة مصحفا يقرؤه كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ,


ام في عهد عثمان فإن الغرض من جمعه , هو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد يحمل الناس على الاجتماع عليه ,


أيهما أوجل ؟


الاول , لكي لا يضيع . والثاني ايضا فيه قوة , لانه لو بقيت هذه المصاحف واختلف الناس في القرآن , صار تفرقا عظيم , وصارت الأمم الأخرى تعيبنا , وتقول : انتم الذين تقولون ان اليهود حرفوا التوراة والنصارى حرفوا الانجيل, وانتم حرفتم القرآن بدليل اختلافكم فيه .









يتبع .....................
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-09, 05:42 PM   #5
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
c8 تابع الشريط الثالث ........

المتن


التفسير


التفسير لغة : من الفسر ، وهو : الكشف عن المغطى .


وفي الاصطلاح . بيان معاني القرآن الكريم .


وتعلم التفسير واجب لقوله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29) ولقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)


وجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛ أن يتدبر الناس آياته ، ويتعظوا بما فيها .


والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها ، فإذا لم يكن ذلك ، فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها .


ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه .


ووجه الدلالة من الآية الثانية أن الله تعالى وبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم ، وعدم وصول الخير إليها .


وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن .


وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم . ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه .


والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره .




شرح الشيخ :


التفسير : لغة من الفسر , وهو الكشف عن المغطى , ولذلك اذا كشف الانسان كمة انكشف ما تحتها , ويقال فسر ثوبه يعني : ابان ما تحته


في الاصطلاح : بيان معاني القرآن الكريم , فسر القرآن اي بين معناه , وبيان معاني القرآن واجب وتبينها واجب لان المقصود من انزاله هو فهم معناه والعمل به , واذا كنا لا نفهم المعنى صار القرآن بيننا كأنه عربي بين عجمي , لا يعرف معناه ولا المراد به , والانسان ول اراد ان يعمل بكتاب فقه من كتب الفقهاء فانه لا بد ان يعرف معناه . ولو ألقي اليه وهو يطلب علم الطب, كتاب فيه الطب وانواعه وما يتعلق به ولم يشرح له لم يستفد منه . اذن فلا بد من ان نفهم معنى القرآن . وهل فهم معنى القرآن صعب ؟ لا , قال تعالى :


-( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )- [القمر/17]


اي هل من متذكر ؟ وهلهنا للتشويق , لانهلما اخبر واكد انه يسره للذكر شوّق الى ادكاره وفهمه , فانت اذا اقبلت بصدق لتفهم معنى كلام ربك عز وجل , فانه لا بد ان ييسر لك , اما بفتح يفتحه الله عليك , واما بجلب عالم يبين لك معناه , واما بكتب تفسير توضح لك المعنى , لان الله تعالى أخبر واكد هذا الخبر بالآية الكريمة السابقة .


وتعلم التفسير واجب واستدل المؤلف بذلك , ولكن هل هو واجب عين , على كل واحد ؟


الجواب : اما ما يحتاجه الانسان فانه يجب عليه وجوب عين ان يفهم معناه واما ما لا يجب فان تعلمه فرض كفاية , اذا قام به احد سقط عن الباقي , واما ان يبقى المسلمون كلهم لا يفهمون معنى القرآن فهذا خطب عظيم , واننا لنأسف لقوم يعتنون غاية العناية بالحديث وليس في الحديث ايضا دراية بل هواية , في اسانيده واقسامه ورجاله وما أشبه ذلك . لكنك تجدهم في فقه الحديث ضعفاء , وفي تفسير القرآن أضعف وأضعف , وهذا لا شك انه حسن من وجه , لكنه فيه قصور عظيم , لانه كون الانسان يعتني هذه العناية التامة ويعرض عن القرآن ويقول في نفسه : القرآن والحمد لله ثابت ولا حاجة لان أبحث عن رجال سنده.... نقول نعم ولكن هل انت تفهم معناه ؟


كثير من هؤلاء لو عرضت عليهم آية ليست صعبة المعنى , عجز عنها ولم يعرفها ولا اعرابها ولا بلاغتها , وهذا قصور . وانا رأيي انه يجب ان نبدأ في طلب العلم بالقرآن , نفهم معناه ونعمل به , ثم بالسنة لان السنة تحتاج الى نظرين :


النظر الاول : ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم , فننظر في السند والرجال والاتصال وغير ذلك .


النظر الثاني : النظر في المعنى .


اذن علم التفسير واجب , لكن من كان يحتاج الى شئ معين منه فهو فرض عين عليه , مثل ان يكون رجلا عنده مال يريد ان يزكي , ويعطي الزكاة أهله , لا بد ان يفهم معنى الآية الكريمة :


-( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )- [التوبة/60]


من أجل ان يقوم بما أوجب الله عليه , وهكذا


ايضا الوضوء :


-( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6]


لابد ان يعرف ما معنى الغسل , ما هو حد الوجه ؟ ويعرف غسل الرجلين , متى يكون واجبا ومتى يجوز المسح على الخفين ... وما أشبه ذلك .


اما ما عدا هذا فهو فرض كفاية , يجب على المسلمين عموما ان يقومون به , ان قام به احد يكتفى به , لكونه مأمونا موثوقا ومرجعا للمسلمين في التفسير ...


قال تعالى :


-( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29]


يعني هذا كتاب وانما قدرنا هذا لان ما قبلها حروف هجائية , ليس لها محل من الاعراب , والقول الرجح ان هذه الحروف الهجائية ليس لها معنى في ذاتها , والقرآن نزل بلغة العرب والعرب لا يرون لهذه الحروف معنى , لكنها ليست لغو , لا , لها مغزى عميق بليغ , وهو ان هؤلاء العرب الذين هم أبسط الناس ركبوا كلامهم من هذه الحروف , وجاء القرآن بهذه الحروف , ومع ذلك أعجزهم , لا يستطيعون ان يؤلفوا مثله , هولو جاء بحروف جديدة لكان للعرب عذر ان لا يعارضوه, لكنه لم يأتي الا بالحروف التي هم يكونون كلامهم منها زلذلك لا تجد سورة مبدوءة بالحروف الهجائية الا وبعدها ذكر القرآن . هذا هو الغالب , وما ابرك من هذا القرآن ؟ لماكان المؤمنون يعملون به ظاهرا وباطنا , سرا وعلنا , عقيدة وعملا , وخلقا وأدبا , نالوا بركته وسادوا به العالم , وجاهدوا به أعداء الله . ولما تخلفوا عنه نزعت بركة القرآن منهم وصاروا يعظمون القرآن تعظيم طقوس , لا تعظيم عمل به , يكتبونه في الجدران وفي الاحراز والحجب , وما أشبه ذلك ....


تعظيم القرآن هو العمل به تصديقا بأخباره وعملا بأحكامه . ليدبروا آياته : كل الآيات سواء طالت ام قصرت , فمثلا يجب علينا ان نتدبر آية الدين في سورة البقرة , وهي أطول آية في القرآن , وكذلك قوله تعالى :


-( ثم نظر )- [المدثر/21]


وهي من الآيات القصار في القرآن . يجب ان نعرف من الذي نظر ؟ وهل نظر بفكره ام بعينه ؟ لا بد ان نعرف هذا , وقوله : وليتذكر أولوا الالباب .. أولوا العقول , يتعظون بالقرآن . ولذلك فاعلم انه اذا لم تتعظ بالقرآن فانه لا عقل لك .


لانه لا يتذكر بالقرآن الا اهل العقول . وقال تعالى :


-( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )- [محمد/24]


والاستعلام هنا للتوبيخ , (أم) هنا منقطعة , بمعنى بل أي :" بل على قلوب أقفالها " ووجه الدلالة من الآية الاولى ان الله تعالى بين ان الحكمة من انزال القرآن مبارك ان يتدبر الناس آياته ويتعظوا بما فيها , والتدبر والتأمل في الالفاظ , للوصول الى معانيها واذا لم يكن كذلك فاتت الحكمة من انزال القرآن , وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها , ولانه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه .


ووجه الدللالة من الآية الثانية ان الله تعالى وبخ أؤلئك الذين لا يتبرون القرآن واشار الى ذلك من الاقفال على قلوبهم وعدم وصول الخير اليهم .


وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن .


وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .


تعلموا القرآن اي ألفاظه والعلم يعني معانيه , والعمل اي العمل بما فيه .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم


وصدق رحمه الله , الانسان اذا قرأ كتابا لا بد ان يفهم معناه , ولا لم يستفد منه , لو قرأت كتابا بالنحو كالآجرومية مثلا , هل تستفيد منها بدون معرفة المعنى ؟ لا . فكيف بكلام الله عز وجل ؟


ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى :


( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه .


اذن طريقة السلف في القرآن انهم يتعلمون ألفاظه , ومعانيه ويعملون به . اذا نزلت آيات في البيع تعلموها وعملوا بها


-( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )- [الجمعة/9]


أيظن الظان ان الصحابة يدعون الصلاة ويقبلون على البيع ؟


لا ابدا , بل هم عملوا بذلك , وهكذا بقية الآيات , حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم لما خاطب النساء وأمرهن بالصدقة وقال انكن أكثر أهل النار , ماذا فعلن ؟


صارت المرأة تأخذ قرطا من أذنها وخاتمها من اصبعها وتلقيه الى بلال رضي الله عنه .


قال :


والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره .


تصديق الاخبار : هذه من غايات علم التفسير , ان تصدق الخبر , وتمتثل للخبر لا مجرد ان تفهمه فقط .


مثلا اذا قال الله تعالى " ان الله كان سميعا بصيرا "هذا خبر ام امر ؟


خبر طبعا .. الانتفاع ليس مجرد ان تعلم ان الله سميع بصير , الانتفاع ان تخشى الله , فلا تقل ما يسمع منك ما لا يرضاه , ولا تفعل ما يبصره ويراه وهو لا يرضاه . انتبه لهذا


لما قص الله علينا قصص الانبياء السابقين قال :


-( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )- [يوسف/111]


عبرة ينتفع بها الانسان اذا كانت وعيدا , وينتفع بها ان كان بها فوائد وحكما , كما في قصة ذي القرنين وقصة أصحاب الكهف , وغيرها من القصص النافعة , كما قال تعالى :


-( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )- [يوسف/3]
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-09, 05:46 PM   #6
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
c8 تابع الشريط الثالث ..............

المتن :

المرجع في تفسير القرآن


يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي :


أ- كلام الله تعالى : فيفسر القرآن بالقرآن ، لأن الله تعالى هو الذي أنزله ، وهو أعلم بما أراد به . ولذلك أمثلة منها :


1-قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)




فقد فسر أولياء الله بقوله في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63)


شرح الشيخ :



لا يمكن ان تجد تفسيرا احسن من هذا , اللهم اجعلنا من أولياؤك , الذين آمنوا وكانوا يتقون , آمنوا بقلوبهم واتقوا بجوارحهم , هؤلاء هم أولياء الله , وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله :


من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا .


فاذا ادعى مدع انه ولي لله , وقال انا ولي لله , قلنا القرآن يكذبك , بماذا ؟ فالله تعالى يقول : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)


والله تعالى يقول : -( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )- [النجم/32]


وانت الآن زكيت نفسك ولم تتق الله فلست بولي .


واذا قال انه من اولياء الله وانه يحل له ان يتزوج خمسين امرأة وان يأخذ ما اصطفى له من أموال الناس , نقول انت الآن من أعداء الله , اين الايمان والتقوى الذي تستحق ان تكون بهما وليا لله ؟ وسمعت انه يوجد في بعض البلاد من يفعل ذلك , يدعي انه ولي لله , ولكن هؤلاء أشار اليهم شيخ الاسلام رحمه الله : بأنهم قوم من الصوفية يقولون ان هذه العبادات يؤمر بها العامة , فهي وسيلة حتى يصلوا الى الغاية , فإذا وصلوا الى الغاية سقطت عنهم كالانسان المسافر يشد الرحل ويدني البعير ويحمل الزاد فإذا وصل , باع البعير .


ذكر ان عبد الرحمن الجيلاني رحمه الله , رأى في المنام نورا عظيما عظيما وسمع منه صوتا , يقول :


يا عبد القادر , وصلت الى الغاية فلا صلاة عليك , فقال له : كذبت ولكنك شيطان ,


يقول : فتمزق من فوره . فصار هذا النور من تخيلات الشيطان .


بالعودة الى الآية نقول: ان تفسير أ,لياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون , واما جزاؤهم بانه لا خوف عليهم ولا يحزنون على ما مضى, لانهم قد ملؤوا ما مضى بالايمان والتقوى , ولاحزن يكون على فوات المحبوب اما هؤلاء فقد عمروا أوقاتهم بالايمان والتقوى . اللهم اجعلنا منهم .


المتن :



2- قوله تعالى : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ) (الطارق:2)


فقد فسر الطارق بقوله في الآية الثانية : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) .


شرح الشيخ :


قوله تعالى : -( والسماء والطارق )- [الطارق/1]


هل هو للقسم ام للعطف ؟ للقسم أحسن من كونه عطف , لانه لو كانت عطف صارما بعدها تابعا لما قبلها , واذا كانت قسما صار ما بعدها مستقلا , اما تفسير الطارق فقد فسرها بانها النجم الثاقب , الثاقب هو الثاقبة للظلام بنوره ولهذا لو انك في البر ليس به اي نور لوجدت ظلك بنور بعض النجوم , ومعنى الثاقب ايضا اي الثاقب للشياطين , كما في قوله تعالى :


-( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )- [الصافات/10]


لو قال قائل : الطارق هو الطارق الذي يطرق أهله ليلا , نقول كذبت , ان الله تعالى قال هو النجم الثاقب .


المتن :


3- قوله تعالى : (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30) فقد فسر دحاها بقوله في الآيتين بعدها : (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (النازعـات:31)(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) (النازعـات:32).


شرح الشيخ :


الله تعالى ذكر في سورة فصلت انه خلق السماوات بعد الارض , كما قال ز وجل :


-( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )- [فصلت/9]


-( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )- [فصلت/10]


-( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )- [فصلت/11]


قال عز وجل :


-( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27]


نقف بعد قولنا أأنتم أشد خلقا أم السماء ثم نقول بناها


لانه لو وصلنا اختلف المعنى , ثم فصل الله تعالى بقوله :


-( رفع سمكها فسواها )- [النازعات/28]


-( أخرج منها ماءها ومرعاها )- [النازعات/31]


-( والأرض بعد ذلك دحاها )- [النازعات/30]


بين الله تعالى الدحو بقوله : أخرج منها ماءها مرعاها والجبال أرساها , متاعا لكم ولأنعامكم .






يتبع الشريط الرابع .............
الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الشريط 3.rar‏ (22.7 كيلوبايت, المشاهدات 1066)

التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:56 PM
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
قديم 11-02-09, 03:00 PM   #7
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon62 تفريغ الشريط الرابع ....

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تفريغ الشريط الرابع :



المتن :



المرجع في تفسير القرآن


يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي :


ب - كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفسر القرآن بالسنة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى، فهو أعلم الناس بمراد الله تعالى كلامه .


ولذلك أمثلة منها :


1- قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: الآية 26) ففسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى ، فيما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم صريحا من حديث أبي موسى (1) وأبي بن كعب (2) . ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة (3) في " صحيح مسلم " (4)عن صهيب بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قال فيه : " فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ، ثم تلا هذه الآية ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (يونس:26)


2- قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: الآية 60) فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي . رواه مسلم (5) ، وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه


.


شرح الشيخ :


اذن يفسر القرآن بالسنة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى وهو اعلم الناس بمراد الله بكلامه


فاذا جاءت السنة تفسر القرآن وجب الرجوع اليها , ولكن أقول لكم :


قد يكون تفسير الستة للآية ذكر بعض انواع ما يدخل في الآية , لا أن المراد تفسير كل المعنى وهذه كما تأتي بالسنة تأتي ايضا في كلام الصحابة , قد يفسرون الشي ببعض انواعه


مثال ذلك :


قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: الآية 26)



الحسنى : مبدأ مؤخر


للذين أحسنوا : خبر


والحسنى : هي الجنة يعني الدار الحسنى , اما الزيادة فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها النظر الى وجه الله تعالى ,


فهل نقول ان الزيادة هي زيادة النعيم كزيادة الاكل والشرب وغيره ؟


لا طبعا , الزيادة فوق ذلك, وهي النظر الى وجه الله الي هو من أحب الاشياء الى أهل الجنة, فيما رواه جرير وابن ابي حاتم حاتم صريحا من حديث أبي موسى (1) وأبي بن كعب (2) . ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة (3) في " صحيح مسلم " (4)عن صهيب بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قال فيه : " فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ، ثم تلا هذه الآية ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)


وما حجاب الرب عز وجل ؟ حجابه النور .


وتلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية بعد ان قال انه يكشف الحجاب , يدل على ان معنى الزيادة هو النظر الى وجه الله.


- قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: الآية 60)



الضمير في كلمة (لهم ) يعود الى الكفار , وقوله أعدوا يعود الى المؤمنين , وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة هي الرمي , بما رواه مسلم من حديث عقبة بن نافع, قال :


ألا إن القوة الرمي (كررها ثلاثا )


هناك بما يعرف بالسلاح الابيض , السكاكين والخناجر ....


وهو قوة لا شك , لكن الرمي أقوى ,لان بالرمي يقتل الانسان عدوه من بعيد , فلا شك انه أقوى .


وهل الرمي يختلف ؟ نعم , في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمي كان بالنبال ,ثم جاءالرمي بالبندقية ثم جاء الآن في عصرنا الصواريخ العابرة للقارات , هل يدخل بالرمي ؟ نعم


فكلام الرسول عليه الصلاة والسلام عام ويكون الرمي في كل وقت بحسبه .



المتن :





ج- كلام الصحابة رضي الله عنهم لا سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ، لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم ، ولأنهم بعد الأنبياء أصدق الناس في طلب الحق ، وأسلمهم من الأهواء ، وأطهرهم من المخالفة التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب . ولذلك أمثلة كثيرة جدا منها :


1- قوله تعالى:( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ) (النساء: الآية 43) فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه فسر الملامسة بالجماع(6).



شرح الشيخ :






بعد ان ننظر الى الآية ولم نجد تفسيرا لها في القرآن ولا في السنة الشريفة ننظر نرجع الى كلام الصحابة, وعلل ذلك بان القرآن نزل بلغتهم ومعلوم ان من نزل القرآن بلغته فهو اعلم الناس به .


ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة بسورة (ق )


الآن لو خطب بالناس بسورة (ق) ما يكفي , لانهم لم ينتفعوا , غاية ما هنالك ان الآيات التي فيها ترقيق للقلوب قد يبكون منها ,لكن لا يستفيدون , في عهد الرسول اذا قرأ عليهم (ق) كانما يكون في عهدنا بخطبة الكلام العادي , يعني يفهمون المعنى تماما , وكذلك نزل القرآن في عصرهم فيعرفون القرائن التي يراد بها المعنى , لان الحوادث تنزل ويعرفونها , قال تعالى :


-( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )- [البقرة/158]



لو قرأ الانسان هكذا لظن ان السعي جائز وليس بحرام , لقوله : لا جناح عليهم , لكن الصحابة يعرفون ان السبب في ذلك ان الناس كانوا يتحرجون من الطواف بينهما فنزلت الآية , اذن كان لنزول القرآن في عصرهم له أثر في معرفة المراد , ولانهم بعد الانبياء اصدق الناس في طلب الحق , لو سالك سائل : من اصدق الناس في طلب الحق بعد الانبياء ؟ لقلت الصحابة .


لهذا كان يرجع الواحد منهم لو كان اكبر واحد في المجتمع يرجع الى قول امرأة او قول صبي .


كان انس من الانصار يلومون الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على كون جاز لعبد الله بن عباس وهو صغير ان يحضر مجالس الكبار ,فجمعهم ذات يوم وسألهم ما تقولون في قوله تعالى :


-( إذا جاء نصر الله والفتح )- [النصر/1]


-( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا )- [النصر/2]


-( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )- [النصر/3]


قالوا : نقول ان الله يأمر نبيه اذا جاء النصر والفتح ان يسبح بحمده ويستغفره .


فقال : ما تقول يا ابن عباس ؟


قال : اقول ان هذا نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم , يعني االاشعار بقرب أجله .


قال عمر : والله ما فهمت منها الا ما فهمت .


اذن هو رجع الى قول ابن عباس


اذن الصحابة هم أشد الناس قبولا للحق وان كان من صغير , ولانهم أسلمهم من الاهواء


وأطهرهم من المخالفات التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب , اي مخالفات امر الله , لان المعاصي تحول بين الانسان وبين التوفيق للصواب , اللهم إنا نستغفرك , والدليل على هذا :


قوله تعالى :


-( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين )- [المائدة/13]


اذن جمعوا بين التحريف فيما يعلموه وبين النسيان لما كانوا يعلموه من قبل


لماذا ؟


لانهم نقضوا الميثاق


وقال تعالى :


-( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما )- [النساء/105]


-( واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما )- [النساء/106]


قال بعض اهل العلم , اذا نزلت بك نازلة فقدم بين يدي حلها الاستغفار , لان المعاصي تحول بين الانسان وبين الحق والتوفيق للصواب , ويدل على هذا ايضا


-( إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )- [المطففين/13]


-( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )- [المطففين/14]


هذا الرجل لم يصل حلاوة القرآن الى قلبه , بل قال ان هذا اساطير الاولين , بين الله السبب , ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فلم يقدروا القرآن حق قدره .


قال تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6] ]


فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما ,انه فسر الملامسة بالجماع , وبعض العلماء فسر الملامسة هي اللمس باليد , فاذا نأخذ بقول ابن عباس , ونقول المراد بالملامسة الجماع , وكما انه قول ابن عباس فيؤيده سياق الآية , الآية فيها ذكر الطهارتين الاصلية(فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا) والبدنية(فتيمموا صعيدا طيبا)


والكبرى والصغرى


وفيها ذكر الحدثين الاصغر(او جاء أحد منكم من الغائط ) والاكبر( او لامستم النساء ) .


وهذا قوة البلاغة , ولهذا كان القول الراجح والمتعين ان المراد بالملامسة هو الجماع ,


د- كلام التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم ، لأن التابعين خير الناس بعد الصحابة ، وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ، فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك .
وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا
شرح الشيخ :
التابعين خير الناس بعد الصحابة ، وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ، فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك
ذكر ذلك في رسالة له ( مقدمة التفسير ) وهي رسالة مختصرة مفيدة جدا ينبغي لطالب التفسير ان يرجع اليها
وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا
اذن المرجع بعد الصحابة هو أقوال التابعين .
المتن :
هـ - ما تقتضيه الكلمات من المعاني الشرعية أو اللغوية حسب السياق لقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ )(النساء: الآية 105) وقوله : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) وقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )(ابراهيم: الآية 4) .
فإن اختلف المعنى الشرعي واللغوي ، أخذ بما يقتضيه الشرعي ، لأن القرآن نزل لبيان الشرع ، لا لبيان اللغة إلا أن يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به .
مثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم الشرعي : قوله تعالى في المنافقين : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )(التوبة: الآية 84) فالصلاة في اللغة الدعاء ، وفي الشرع هنا الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعي ، لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب ، وأما منع الدعاء لهم على وجه الإطلاق فمن دليل آخر .
ومثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم فيه اللغوي بالدليل : قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)(التوبة: الآية 103) فالمراد بالصلاة هنا الدعاء ، وبدليل ما رواه مسلم (8) عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي " .
وأمثلة ما اتفق فيه المعنيان الشرعي واللغوي كثيرة : كالسماء والأرض والصدق والكذب والحجر والإنسان
شرح الشيخ :
اذن تفسير القرآن بما تقتضيه اللغة , او بما يقتضيه الشرع
اذا اتفق الشرع واللغة فالامر واضح , وان اختلفا نقدم الشرع لان القرآن نزل لبيان الشرع لا لبيان اللغة الا ان يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به ,
مثال ما اختلف فيه المعنيان وقدم الشرعي :
قال تعالى:
-( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا )- [التوبة/84]
الصلاة لغة هي الدعاء
شرعا : هنا , قوله هنا احترازا من الصلاة على غير جنازة فان لها معنى شرعيا غير هذا وفي الشرع هنا : الوقوف على الميت بالدعاء له بصفة مخصوصة
كيف الصلاة ؟
يقف المصلي عند راس الرجل وعندعجيزة المرأة ( هكذا جاء في السنة ) ولا فرق بين ان يكون الراس من الجانب الايمن او من الجانب الايسر , واما ما يظنه بعض العوام الآن انه لا بد ان يكون الراس من الجانب الايسر فهذا لا صحة له , بل لو اردنا ان نرجع الى عموم الميت لقنا يجب ان يكون الراس عن اليمين , لانه في القبر يكون الراس عن اليمين , لكن الامر واسع في هذا .
اذن قوله ( لا تصل على احد منهم مات ابدا )
هل المعنى لا تدعو لهم ؟
لا , لا تقوم عليه مصليا بالصفة المخصوصة , يقدم المعنى الشرعي لانه المقصود للمتكلم , واما منع الدعاء لهم على وجه الاطلاق فله دليل آخر , اي للكفار , ماهو ؟
الدليل قوله تعالى :
-( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )- [التوبة/113]
من السنة :
استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعظم الناس جاها عند الله وأكرمهم عند الله - استأذن ربه ان يستغفر لأمه , فلم يأذن له , فاستأذنه ان يزور قبرها فأذن له , فزاره مرة واحدة ومعه من اصحابه من كان معه , وبكى عليه الصلاة والسلام , وأخبر انه بكى رحمة بأمه لانها من اهل النار , ومعلوم ان حنان الرحم والقربى لا شك ان الانسان يبكي ان فات امه او اباه الاسلام , فبكى الصحابة معه .
لكن هل وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها يدعو لها ؟
لا ابدا لم يقف لهذا لانه عليه الصلاة والسلام هو أشد الناس امتثالا لربه عز وجل , عبد الله ورسوله , لكنه زار القبر فقط وبكى رحمة لامه من النار .
وهل شفع لها او لابيه ؟
لا ابدا , جاءه رجل يقول : يا رسول الله أين أبي ؟
فقال : ابوك في النار , ثم ناداه فقال : ابي وابوك في النار .
حتى يسليه , ولا يمكن ان يكون الرسول قد قال هذا كذبا لاجل تسلية الرجل , بل نحن نشهد بما اخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام بان اباه في النار ,
-( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )- [الحجرات/13]
ابو طالب , قال النبي له : لاستغفرن لك ما لم أنه عنك .
فنهاه الله , لكن هل أذن له أن يشفع فيه ؟ نعم أذن له ان يشفع فيه , فكان في ضحضاح من نار عليه نعلان يغلي منهما دماغه , اعوذ بالله , خفف عنه .
فاذا قال قائل : لماذا أذن له ان يشفع في عمه دون أبيه ؟وأيهما أحق ؟
الاب أحق . لا شك , لكن الله عز وجل لا يقرب احد عنده من نسب بل ان اكرمكم عند الله اتقاكم
اذن له ان يشفع لعمه لان عمه نصره , ودافع عنه وحصر معه في الشعاب وصبر على أذى قريش واعلن في قصائده المشهورة ان الرسول حق , قال
ولقد علمت ان دين محمد من خير اديان البرية دينا
لولا الملامة واحضار المسبة لرأتني سمحا بذلك مبينا
وقال
ولقد علموا ان ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الاباطل
سبحان الله اذنفهو صادق , هذا الكلام حصل له من الذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه وحمايته , لهذا أذن الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يشفع لعمه شفاعة ليست لاخراجه من النار , وانما لتخفيف العذاب عنه لانه ذب عن دين الاسلام وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام , وليس لانه عم الرسول , عم الرسول الثاني ابو لهب انزل الله فيه آيه نتقرب الى الله تعالى بتلاوتها , وتقرأ في الصلوات , لانه ما فيه خير ولا نصر رسول الله بل قام ضد دعوته .
فالمهم نحن اطلنا في هذا ليتبين ان الامر هو امر الله , وان الله لا ينظر الى الانساب ولا الى القرابات , وكفى بذلك عزا وسلطانا لرب العالمين ان يكون ابن الكافر نبيه , ابراهيم عليه الصلاة والسلام ابوه كافر , حتى النبي لما امره بالتغيير قال له : ان لم تنته لارجمنك بالحجارة , وانا اعجب من بعض الناس من يقول ان هذا عم ابراهيم عليه السلام وليس اباه , لان العم يطلق عليه اب كما في قوله تعالى :
-( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون )- [يوسف/38]
وهم اسحاق ويعقوب اعمامه , نقول نعم اذا كان عن طريق الاشتراك لا باس
لكن اما ان يسنى العم ابا ويصرح به , فهذا كذب على اللغة العربية , وما يهمنا نحن اذا كان ابا محمد او ابا ابراهيم كافرا هل يهمنا شي ؟ هل يضر الرسول شيئا , بل هو مما يدل على عظمة الله انه يخرج اصبياء الخلق من اراذل الخلق , في الكفر , لكن الحمد لله مسألة الخنا والاخلاق السافلة , هذا لا يوجد ولله الحمد لا في ابراهيم ولا محمد عليهما الصلاة والسلام , يعني انه ليس فيهم من تجرأ على الزنا والعياذ بالله , ابدا هم طاهرون مطهرون , لكن مسالة الكفر والايمان .
اذا قال احدهم لآخر : يا كافر , كم جلدة حده ؟
لا حد فيها . يضرب جلدات ليردع عن هذا القول , لكن لو قال يا زاني , ولم تقم البينة , يجلد ثمانين جلدة .
لان عيب الناس في الزنا اعظم من عيبهم في الكفر .
بالعودة الى التفسير .
مثال ما اختلف فيه المعنيان وقدم المعنى اللغوي
قوله تعالى :
-( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم )- [التوبة/103]
الصلاة هنا الدعاء بدليل ما رواه مسلم عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي
فالرسول عليه الصلاة والسلام أشد الناس امتثالا لامر الله عز وجل , اذا جاءه الناس بصدقة قال : اللهم صل عليهم . امتثالا لامر الله , ما قال دعاء آخر مثل : الله اخلف على من أنفق , ... يقول : الله صل عليه . لان الله يقول : فصل عليهم . فاراد ان يكون دعاؤه مطابقا للفظ النص .
وامثلة ما اختلف فيه المعنيان كثيرة
السماء :
لفة هو العلو وقد يراد من السماء التي هي السقف المرفوع , وكذلك في الشرع
قال تعالى :
-( أأمنتم من في السماء )- [الملك/16]
يراد به العلو .
قال تعالى :
-( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون )- [الأنبياء/32]
المراد هو السماء المبنية
كقوله تعالى
-( والسماء وما بناها )- [الشمس/5]
-( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27]
يتبع >>>>>>>>>
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من شرح الاربعين النوويه عائشه روضة السنة وعلومها 1 19-07-07 11:37 AM
هديتي لكم : الأربعين النووية مع شروحها والإستماع لها :) تواقة الى الجنة روضة السنة وعلومها 4 18-03-07 05:05 AM


الساعة الآن 04:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .