![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#11 |
نفع الله بك الأمة
تاريخ التسجيل:
18-04-2009
المشاركات: 230
![]() |
![]() باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـــــد : 3- تــــــأمـــــــلاتُ أمٍّــــ **************************************** **نتابع أخواتي الكريمات ما مرّ بي من بعض التأملات عسى الله أن ينفع بها. أبدأ مستعينة بالله سائلته التوفيق والسداد :- -أخطأ صغيري يومًا ، وكان لما يتقن جلّ الكلام بعدُ ، فضربته بشدة مغتاظة من قبيح عمله ؛ لأني كنت نبهتُه ليس مرة على قبح هذا الفعل ، وكأن هذا العقاب لم يشفِ غيظي ؛ فضممت إليه وعيدًا شديدًا ، وقرارًا أكيدًا بحرمانه مما يحب ، وكأني لم أكتفِ بعدُ ، فزدته عقابًا بحرمانه من اللعب سائر يومه ،وكانت ثالثة الأثافي بالنسبة إليه -هذا على ما أذكر بالتقريب وإلا فالأحداث بعيدة العهد - ما يعنينا في هذا المقام تعليقه -حبيبي- وأنتن في غنىً عن ذكر أنهار الدموع الجارية من مآقيه على خديه الصغيرين ، واحمرار أذنيه وأنفه وسيلان الأخير -حيث هذا المشهد لا ينفك عن ذهن إحدانا لتكراره في كل البيوت ومع كل الأطفال - * نعود لتعليقه -حبيبي- بكل كرب المظلوم يشكوني إلـيَّ -وهو يعدد على يديه الصغيرتين و لـمَّا يتقن العدّ بعدُ - : (( أنا أخطأتُ واحدًا ، و أمي ضربتْ/ واحد ، حلوى لا/ اثنين ، و لعب لا / ثلاثة )) - هذه الصيغة أقرب لما قاله حينها على ما أذكر-، رأيت في عينيه الشعور بالقهر والظلم ، كل ذلك مقترن بدموع الذل والانكسار ، قال ما سبق منتحبًا يائسًا نائحًا، فلما أتمه وفتح فاه كأنه يريد قول المزيد أطبقه ، واندفع اندفاعًا شديدًا إلى أحضاني كأنه يتوقى بي مني . -لا تسألنَ عن حالي حيث تملكني العجب ، و واتسعت عيناي دَهِشة ، فكانت كلماته المبعثرة -حبيبي - صدمات متعاقبة على عقلي ، فلم استطع فهم - أو بمعنى أدق استيعاب- ما قال ؛ حيث حالت الدهشة - التي أخذت بجماع نفسي -، و كذا نظراته الشاكية دون ذلك ، فأرجأتُ ذلك ، وأخذته في أحضاني أهدهده وأبكِّته في آنٍ : ((أنت سبب ذلك ، فلا تلومنَّ إلا نفسك ، لا تعد لمثلها إذن ....)) حتى نام على ذراعيّ - فقد كان كثيرًا ما ينام إذا بكى ، وكانت مسحة الأسى على محياه الصغير وآثر حمرة الجهد على وجهه ، وخطوط من الدموع الرطبة مرسومة على خديه الصغيرين ، أما عن نفسه وهو نائم فكان ينبأ ويفضح شديد بكائه قبل نومه لوقت ليس بالقصير . ** فقــه العقــاب ** ********************** -بعد عدة أيام كنت في مجلس مع بعض أخواتنا الفضليات بحضور معلمتنا الفاضلة -يرحمها الله- فإذا بي أحكي لهن ما حدث مع ولدي فكان لمعلمتي التعليق الآتي : ((أولا :- الناس في مسائل العقاب بين غالي وجافي ، مفْرِط ، ومُفَرِّط 1- مُفَرِّط جافي : الذي لا يأبه بعقاب ولده بله أحد من رعيته إن أخطأ ، فهو متساهل في القيام على الرعية ولا شك أنه أضاع بذلك حقوقهم في التوجيه لما يحب الله ويرضاه ، وقصّر في أن يدلهم على الصواب وهو يعلمه فلا شك أنه غاش لرعيته ، موقوف بين يدي ربه مسئول على ما قدمت يديه ، ثم استدلت -رحمها الله- بالحديث الآتي:- * عن معقل بن يسار المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :- { ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته ، إلا حرم الله عليه الجنة .} صحيح مسلم / رقم: 142. 2- مفْرِط غالي : وهذا الذي يعاقب بشدة ، ويتعدى الحدّ في ذلك ، وهذا يجب أن يسأل نفسه ما يلي :- لِـمَ نُعاقِب ؟ أ لنشف غيظ صدورنا ؟ أم لنصلح ؟ -فإذا كان الجواب : لنذهب غيظ صدورنا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، لا تنتظرى إصلاحًا فهذا سبيل الشيطان ليبغِّضكِ إلى الرعية ، وتضربي لهم مثل السوء والتعدي والظلم ، ولا تنخدعي و يقتصر نظرك على الإصلاح الفوري الظاهري في الصغر فهذا لعمري إصلاح وهمي مؤقت ، فعند أشتداد العود -بنية- لن تفلحي في أطرهم على الحق بسبب خراب نفوسهم فمن حيث لا تشعري بنيت قصرًا -ظاهريًا فقط- وهدمت بفعلك هذا مصرّا. -اتقين الله في الرعية ؛ فقد تواترت النصوص في الشرع تحض على العقاب المنصف : - (( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)) سورة النحل / الآية 126 -(( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا )) سورة النساء / الآية 123 - (( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ))سورة يونس / الآية 27 - عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال :- {كنت أضرب غلاما لي بالسوط . فسمعت صوتا من خلفي ( اعلم ، أبا مسعود ! ) فلم أفهم الصوت من الغضب . قال : فلما دنا مني ، إذ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا هو يقول ( اعلم ، أبا مسعود ! اعلم ، أبا مسعود ! ) قال : فألقيت السوط من يدي . فقال ( اعلم ، أبا مسعود ! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام ) قال فقلت : لا أضرب مملوكا بعده أبدا . وفي رواية : غير أن في حديث جرير : فسقط من يدي السوط ، من هيبته .} صحيح مسلم / رقم: 1659 نصيحة غاليــة :- اجعلن العقاب رحمة قالت - رحمها الله تعالى - ناصحة لنا :[ لا تكسلن أن تعاقبن إذا وجب العقاب ، احتسبن الأجر في ضرب أولادكن ، استحضرن نية : [* القيام على الرعية ، و* عدم غش الرعية بترك تأديبهم ،تقربن إلى الله بذلك ] -فوالله إنك إن استصحبت هذه النية حال عقابكِ لأيهم ، إلا ألهمكِ الله رشدك ، وأصلح بعقابك ، وأثابك عليه خيرا. - فلن تألفي نفسك ضاربة لوجه أو مقبحة بسوء تأثمين عليه . تعبَّدنَ بتطبيق العقاب المنصف إلى الله فهذا من الفقه . - وكرري لأولادك أتك تحبينهم فهم فلذات كبدك ، وأعلميهم : إ نكِ إنما تفعلين ذلك شفقة عليهم من النار ورغبة في صلاحهم ، فليس أحد يحبهم من خلق الله مثلك ولا يدانيك محبة لهم حتى .] **واختتمت كلامها -رحمها الله - قائلة : *العقاب رحمة ونعمة يجب علينا شكرها ؛ ألم يقل سبحانه وتعالى : (( هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن فبأي آلاء ربكما تكذبان )) سورة الرحمن / آية : فجعل سبحانه جهنم أداة عقاب المجرمين من النِّعم ، لأنها تردع المؤمن عن المعاصي ، وتحقق عدل الله في خلقه فلا يستوي الصالح بالطالح . * كذا فالله من صفاته العدل ، ويحب الإنصاف حتى إنه لما يدخل أهل النار -عياذا بالله- النار ؛ ليخلدوا فيها يحمدونه سبحانه على ذلك ،* لعلمهم ويقينهم أن ما هم فيه عدل منه فالله لم يظلمهم بل هم الذين ظلموا أنفسهم لما كفروا به سبحانه ، فيحمدونه على أنهم ليسوا أسوأ حالًا في النار. ((وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين)) سورة الزمر / آية :75] اللهم ارزقنا البصيرة والفقه والإنصاف آمين . |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأملات في النخلة | رضاك والجنة | روضة التزكية والرقائق | 7 | 04-01-14 01:06 AM |
تأملات في أسئلة الصحابيات حديث (لَقَدْ سَبَّحْتِ بِهَذِهِ ! أَلاَ أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ ..) | حسناء محمد | روضة السنة وعلومها | 0 | 28-11-13 08:01 AM |
صفحة الشيخ صالح بن عواد المغامسي / تأملات قرآنية | عدن | روضة القرآن وعلومه | 3 | 19-04-09 01:07 PM |
دروس تأملات وفؤائد من سورة الكهف( يحدث كل جمعة بإذن الله ) | الطالبة | روضة القرآن وعلومه | 12 | 11-01-08 01:36 AM |
تأملات قرآنية فى سورة الفاتحة | مسلمة لله | روضة القرآن وعلومه | 0 | 16-12-06 06:29 PM |