العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-12, 01:41 PM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي شعبان والاستعداد لرمضان

شعبان والاستعداد لرمضان



اعلم أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة عند الله -تبارك وتعالى- لاشتغال الناس بالعاداتِ والشهواتِ، وإذا ثابر عليها طالب الفلاح دل على حرصهِ على الخيرِ، قال -صلى الله عليه وسلم-:«عبادة في الهرج كهجرة إليّ» (رواه مسلم)، أي: وقت غفلات الناس.


الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله. أمابعد،


أخي الحبيب: اعلم أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة عند الله -تبارك وتعالى- لاشتغال الناس بالعاداتِ والشهواتِ، وإذا ثابر عليها طالب الفلاح دل على حرصهِ على الخيرِ، قال -صلى الله عليه وسلم-:«
عبادة في الهرج كهجرة إليّ » (رواه مسلم)، أي: وقت غفلات الناس.

وقال -صلى لله عليه وسلم-: «
أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة بالليل»، لأنهُ وقت نزول الرب -تعالى-، وغالب الناس عن هذا الوقت غافلون.


وقد كان سلف الأمة -رضي الله عنهم- يستعدون لشعبان كما يستعدون لرمضان، فعن لؤلؤة -مولاة عمار- قال: "كان عمار -رضي الله عنه- يتهيأُ لصوم شعبان كما يتهيأ لصوم رمضان."


وكان عمرو بن قيس الملائي -رحمه الله- إذا دخل شعبان أغلق حانوته، وتفرغ لقراءة القرآن في شعبان ورمضان.



أخي: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم الليل حتى تتورم قدماه، وهو الذي غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكان الصحابة يصبحون شعثًا غبرًا صفرًا، قد باتوا سجدًا وقيامًا.


وكان الواحد من سلف الأمة يقيم الليل، ولا يستطيع أن يأتي فراشه إلا حبوًا ويقول: سبقني العابدون.



كان سفيان الثوري -رحمه الله- ينام أول الليل، ثم يقوم فزعًا، وينادي: النار،النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثم يتوضأ ويصلي، ويقول: إلهي إنك علام بحاجتي غير معلم، ما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.


قالت امرأة لعامر بن عبد قيس -رحمه الله-: ما لي أرى الناس ينامون، وأنت لا تنام؟


قال: ذكر النار لا يدعني أنام.‍‍


كان الأحنف بن قيس شيخًا كبيرًا، وكان يصوم، فقيل له: إنك شيخ كبير، وإن الصيام يضعفك.


قال: إني أعده لسفر طويل.


قالت ابنة الربيع بن خيثم لأبيها: يا أبتاه، ألا تنام؟


قال: يا بنية، كيف ينام من يخاف البيات؟


ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود بكى، فقيل: ما يبكيك؟


قال: أسفًا على الصلاة والصوم، ولم يزل يقرأ القرآن، حتى مات.



كان العلاء بن زياد يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس والحسن فقالا: إن الله لم يأمرك بهذا كله، فقال كلمات تستحق أن تكتب بماء الذهب، وتنقش في قلب كل مؤمن:


"إنما أنا عبد مملوك، لا أدع من الاستكانة شيئاً إلا جئته"


وتعبد وبالغ، فكلم في ذلك، فقال: إنما أتذلل لله لعله يرحمني.


والأخبار عنهم -رحمهم الله- كثيرة طيبة، ولا يظنن ظانٌّ أن هؤلاء قوم مضوا، لا بل ما زالت قافلة الصالحين تسير بخير، والحمد الله، فلست وحدك، بل على الدرب كثيرون.



فنسأل الله أن يرحمنا، وأن يحشرنا في زمرة الصالحين، وأن يعيننا على طاعته، وذكره، وشكره، وحسن عبادته.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



23-شعبان-1427هـ/ 16-سبتمبر-2006 م

المصدر: عصام حسنين - موقع صوت السلف



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 01:49 PM   #2
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

السنة والبدعة في شعبان



يقول ربُّنا تبارك وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم}..


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله؛ {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].

أمَّا بعدُ:

فََإِِنَّ خيرَ الحَديث كِتابُ اللَّه، وخيرَ الهُدَى هُدَى محمَّد، وشَرَّ الأُمورِ مُحْدَثاتُها، وكلَّ بِدعةٍ ضَلالة.


عباد الله:

يقول ربُّنا تبارك وتعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم } [آل عمران: 31]، فالعمل لا يكون مقبولاً تُرفع به الدَّرجات، وتُكفَّر به السيِّئات؛ إلاَّ إذا كان خالصًا لله، قد شَرَعه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته بقوله أو فِعله، فكلُّ ما يُقرِّبنا إلى ربِّنا بيَّنه لنا نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم.

ومِن ذلك الصيام في شهر شعبان، فمِن سُنَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صيام ما تيسَّر من شعبان؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يصوم حتى نقولَ: لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يَصوم، فما رأيتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم استكملَ صِيامَ شهرٍ إلاَّ رمضان، وما رأيتُه أكثرَ صيامًا منه في شعبان"؛ (رواه البخاري (1969) ومسلم (1156)).


فالصِّيام في شعبانَ وشوال بمنزلة السُّنَّة الراتبة التي قبلَ الصلاة وبعدها، يَسُدُّ الخلل الواقع في الفرْض، وفي صيام شعبان تمرينٌ للبدن على الصيام، فيدخل رمضان وقد اعتاد المسلمُ الصيامَ، فتطيقه النفس، فيدخل في صيام رمضانَ بقوَّة ونشاط.


لكن يحرُم تَقدُّم رمضان بالصيام بيوم أو يومين، بنية الاحتياط، فهو من التقدُّم بين يَدي الله ورسوله، فإذا لم يرَ الهلال، سواء كانت السماء صَحوًا أم غيمًا، فلا يُصام إلاَّ برؤية هلال رمضان، أو إكمال عدَّة شعبان ثلاثين يومًا، فصوم يوم الشَّكِّ تَقدُّم رمضان، وقد نهى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «
لا يَتَقَدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصوم يوم أو يومين، إلاَّ أن يكون رجلٌ كان يصوم صومَه، فليصمْ ذلك اليوم»؛ (رواه البخاري (1914) ومسلم (1082))، فليس داخلاً في التحريم مَن كان له عادةُ صومٍ، فصادف قبلَ رمضان بيوم أو يومين، أو صام قضاءً.

وبذلك يتبيَّن لنا ضعفُ النهْي عن الصيام بعد انتصاف شعبان، فما يُروى عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «
إذا انتصف شعبانُ، فلا تصوموا حتَّى رمضان »، فهو حديث شاذٌّ عند الحُفَّاظ؛ عبدالرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وغيرهما[1]، فهو يخالف أحاديثَ الصحيحين السابقة التي فيها الصِّيام بعد انتصاف شعبان.


إخوتي:

المسلم بحاجة لمعرفة ما يُخالف هَديَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من البِدع المحدَثة؛ حتى لا يقع فيها، وقد تفطَّن لذلك حذيفةُ بن اليمان، حيث قال: "كان الناس يسألون رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشرِّ مخافةَ أن يُدركني" (رواه البخاري، ومسلم).

ويتأكَّد الأمر في هذا الزَّمن حيثُ وسائلُ الاتصال المختلفة التي قرَّبت البعيد، ومكَّنت لأهل البِدعة نشرَ بدعتهم، مع ما ابتُلي به المسلمون بمَن ينتسب للعِلم ممَّن يُهوِّنون من شأن البِدع ويسوغونها.



عبادَ الله:

لم يكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يحتفي بهذا الشَّهر بأعمال خاصَّة غير الصيام، فلم يكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو بالبركة في هذا الشهر، أمَّا ما يُروى عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه كان إذا دخل شهر رجب قال: « اللهمَّ باركْ لنا في شهرَيْ رجب وشعبان، وبلِّغْنا رمضان »، (فقد رواه البزَّار بإسناد ضعيف جدًّا، وضعَّفه الحفَّاظ؛ منهم ابن رجب في "لطائف المعارف" (ص: 143)، وابن حجر في "تبيين العجب" (ص: 38)).


ومن البدع المحدَثة تعظيمُ ليلة النِّصف من شعبان، والاحتفاء بها بالصلاة والذِّكر والاجتماع، فتخصيص ليلة النِّصف من شعبان بالقيام والذِّكر والدعاء جماعةً أو فرادى ليس من هَديِ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ولا مِن فِعْل أصحابه رضي الله عنهم فلم يثبت عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنَّهم خَصُّوا هذه الليلةَ بصلاة أو غيرِها، ولو كان خيرًا لسبقوا غيرَهم إليه، إنَّما هو فعل بعض التابعين، وقد أنكر عليهم بعضُ التابعين، وتابَعهم البعضُ على تخصيص هذه الليلة بالعبادة.


قال ابن رجب في "لطائف المعارف"، (ص: 171): "ليلة النِّصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن مَعْدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، وغيرهم يُعظِّمونها، ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخَذَ الناس فضلَها وتعظيمها، وقد قيل: إنَّه بلغهم في ذلك آثار إسرائيليَّة، فلمَّا اشتهر ذلك عنهم في البُلدان اختلف الناس في ذلك؛ فمنهم مَن قَبِله منهم، ووافقهم على تعظيمها؛ منهم طائفةٌ مِن عُبَّاد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثرُ علماء الحِجاز؛ منهم: عطاء، وابن أبي مُلَيكة، ونقله عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن فُقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كلُّه بدعة" ا.هـ.


وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في "مجموع الفتاوى" (1/186): "من البدع التي أحْدَثها بعضُ الناس: بدعةُ الاحتفال بليلة النِّصف من شعبان، وتخصيص يومِها بالصيام، وليس على ذلك دليلٌ يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديثُ ضعيفةٌ لا يجوز الاعتماد عليها، أمَّا ما ورد في فضْل الصلاة فيها، فكلُّه موضوع" ا.هـ.


و قد نهى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن تخصيص ليلة الجُمُعة من دون الليالي بالقيام، ولو كان التخصيص مشروعًا لكانتِ الجُمُعة أولى من غيرها، فيَومُ الجمعة خيرُ يوم طَلَعت عليه الشمس؛ فيه خُلق آدم، وفيه أُدخِل الجنَّة، وفيه أُخرج منها، وحين كان قيام ليلة القَدْر ممَّا يحبُّه الله، ويقربنا إليه، بيَّنه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لنا بفعله، فقامها، وبيَّن فضْل قِيامها بقوله، فهذا الدِّين كاملٌ، فمن زاد فيه فهو مبتدعٌ؛ لأنَّه استدرك على الله: {
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3].


الخطبة الثانية:


الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، الذي بيَّن البيان المُبين، فتلقَّى بيانَه من كلِّ خلف عُدولُه يُنيرون للناس به طريقَهم، ويهدونهم إلى ربِّهم.


عباد الله، مِن أسباب تعظيم ليلة النِّصف من شعبان ظنُّ البعض أنَّ ليلة النِّصف من شعبان هي الليلةُ المباركة المذكورة في قوله تعالى: {إِ
نَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ. فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [الدخان:3 -4]، كما ذهب إلى ذلك عِكرمةُ مولى ابن عبَّاس، والصحيح الذي عليه جمهورُ المفسِّرين: أنَّ هذه الليلةَ هي ليلةُ القَدر؛ كما قال تبارك وتعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر:1]، فالقرآن نَزَل في رمضان، وليس في شعبان؛ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].


ومِن أسباب تعظيم ليلة النِّصف من شعبان ورودُ أحاديثَ لا تصحُّ في فضلها؛ منها:

حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «إنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزل ليلةَ النِّصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثرِ مِن عدد شعر غَنَمِ كَلْبٍ »؛ (رواه الترمذي (739)، وأشار إلى ضعْفه، وقال: سمعت محمَّدًا - يعني: شيخه البخاري - يُضعِّف هذا الحديث).

ومنها: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «
إنَّ الله ليطَّلع في ليلة النِّصف من شعبان، فيغفرُ لجميع خَلْقه إلاَّ لمشرك أو مُشاحن »؛ (رواه ابن ماجه (1390) بإسناد ضعيف).

وجمهور المحدِّثين على تضعيف الأحاديث الواردة في فضائل ليلةِ النِّصف من شعبان؛ بل ينصُّ بعضُهم على أنَّ الأحاديث الواردةَ في فضْل ليلة النِّصف من شعبان كلها ضعيفة، قال الحافظ أبو الخطَّاب بن دحية "الباعث على إنكار البدع"، (ص: 127): " قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث ليلة النِّصف من شعبان حديثٌ يصحُّ".



إخوتي:

لنحذرْ من التهوين من بعض البدع واستصغارها، فلا يزال الشيطان بالمبتدعِ، حتى يخرجَه عن دائرة الإسلام، فالفِرَق البدعيَّة التي تكفِّر المسلمين، وتستبيح دماءَهم وأموالهم وأعراضَهم، إنَّما بدأت ببدعٍ يسيرة، مع حُسن قصْد، والرغبة في الخير، حتى خرجتْ عن دائرة الإسلام؛ فلذا قال بعض أهل العلم: البدعةُ بَريدُ الكُفر.

فبدعة الرافضة بدأتْ بالغلوِّ في بعض آل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حتى آل الأمر بهم لتكفير أكثرِ الصحابة.


وبدعة الخوارج بدأتْ بالغلوِّ في تحكيم الشَّرع، حتى كفَّروا الصحابة وعمومَ المسلمين ممَّن ليسوا على طريقتهم.


وبدعة العقلانيِّين المعاصرين، بدأتْ بالغلوِّ في تحكيم العقل، وجعله حَكمًا على النُّصوص الشرعيَّة، حتى آل الأمر بهم بردِّ الأحكام الثابتة بالكتاب والسُّنة الصحيحة، والخروج على إجماع الأمَّة، كما فعل سلفُهم المعتزلة.


وبدعة القبوريِّين الذين يطوفون بالقُبور، ويذبحون لها، ويعبدون أصحابَها، بدأتْ بالغلوِّ في محبَّة الصالحين وتعظيمهم، حتى آل الأمر بهم إلى الشِّرك الأكبر.



ــــــــــــــــــــ


[1] انظر "لطائف المعارف"، (ص: 159).


المصدر: الشيخ أحمد الزومان - موقع الألوكة
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 02:04 PM   #3
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي هكذا نستعد لرمضان

هكذا نستعد لرمضان



فقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه.
كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم..




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،


فقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه.


كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم، كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب، وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، كانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوَّام.


كانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله، ويجاهدون أعداء الإسلام في سبيل الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله، فقد كانت غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على عدوهم في اليوم السابع عشر من رمضان، وكانت غزوة فتح مكة في العشرين من رمضان حيث دخل الناس في دين الله أفواجًا، وأصبحت مكة دار إسلام، فليس شهرُ رمضان شهرَ خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس، ولكنه شهرُ جهاد وعبادة وعمل؛ لذا ينبغي لنا أن نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكريم، وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام، وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور؟


وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتُغَلُّ فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات، وتغفر الخطايا والسيئات.



- ينبغي لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب، فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته، وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات، وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ لنكون من الفائزين {
يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء:88-89]، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:71]، وأن نحافظ على فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات في رمضان وغيره عملًا بقول الله تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]، أي حتى تموت، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام:162-163].

- ينبغي أن نستقبل هذا الشهر الكريم بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا لا تقليدًا وتبعية للآخرين، وأن تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم، والأكل والشرب المحرم؛ لنفوز بالمغفرة والعتق من النار.


- ينبغي لنا أن نحافظ على آداب الصيام من تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل، وتعجيل الفطر إذا تحققنا من غروب الشمس، والزيادة في أعمال الخير، وأن يقول الصائم إذا شُتِمَ "إني صائم"، فلا يسب من سبه، ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يقابلها بالكلمة التي هي أحسن؛ ليتم صومه ويقبل عمله.


- يجب علينا الإخلاص لله عز وجل في صلاتنا وصيامنا وجميع أعمالنا، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحًا وابتغي به وجهه، والعمل الصالح هو الخالص لله الموافق لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.



- ينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة التراويح، وهي قيام رمضان؛ إقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفائه الراشدين، واحتسابًا للأجر والثواب المرتب عليها، قال صلى الله عليه وسلم: «
من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه » (متفق عليه)، وأن يقوم المصلي مع الإمام حتى ينتهي ليكتب له قيام ليلة لحديث أبي ذر رضي الله عنه الذي رواه أحمد والترمذي وصححه ولفظه: « من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة».

- ينبغي على المسلم أن يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار اتباعًا للسنة، ويسن له الاعتكاف إن تيسر.


- وينبغي عليه أن يسعى في طلب ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر -ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر-، وهي الليلة المباركة التي شرفها الله بإنزال القرآن فيها، وتنزل الملائكة والروح فيها، وهي الليلة التي من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وهي محصورة في العشر الأواخر من رمضان، فينبغي للمسلم أن يجتهد في طلبها.



- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، والمعتكف ممنوع من قرب النساء.


- وينبغي للمسلم الصائم أن يحافظ على تلاوة القرآن الكريم في رمضان وغيره بتدبر وتفكر؛ ليكون حجة له عند ربه وشفيعًا له يوم القيامة، وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة بقوله تعالى: {
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ} [طه:123].

- وينبغي أن يتدارس القرآن مع غيره؛ ليفوزا سويًا بالكرامات الأربع التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده» (رواه مسلم).


- وينبغي للمسلم أن يلح على الله بالدعاء والاستغفار بالليل والنهار في حال صيامه وعند سحوره، فقد ثبت في الصحيح: «
أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر » (رواه مسلم في صحيحه)، وورد الحث على الدعاء في حال الصيام وعند الإفطار، وأن من الدعوات المستجابة دعاء الصائم حتى يفطر أو حين يفطر، وقد أمر الله بالدعاء وتكفل بالإجابة: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].

- وينبغي للمسلم أن يحفظ أوقات حياته القصيرة المحدودة فيما ينفعه من عبادة ربه المتنوعة -القاصرة والمتعدية-، ويصونها عما يضره في دينه ودنياه وآخرته، وخصوصًا أوقات شهر رمضان الشريفة الفاضلة التي لا تعوض ولا تقدر بثمن، وهي شاهدة للطائعين بطاعتهم، وشاهدة على العاصين والغافلين بمعاصيهم وغفلاتهم.


- وينبغي تنظيم الوقت بدقة لئلا يضيع منه شيء بدون عمل وفائدة، فإنك مسئول عن أوقاتك، ومحاسب عليها، ومجزي على ما عملت فيها (مستفاد من كتاب: كيف نستقبل شهر رمضان؟ للشيخ عبد الله بن جار الله الجار لله).



شعبان... شهر القراء وشهر الزكاة:

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف: ولما كان شهر شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما شرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاضَ النفوسُ بذلك على طاعة الرحمن. رُوينا بإسناد ضعيف عن أنس رضي الله عنه قال: "كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرءوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان".

وقال سلمة بن كهيل: "كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن".


قال الحسن بن سهل: قال شعبان: "يا رب جعلتني بين شهرين عظيمين فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن".



20-شعبان-1428هـ / 2-سبتمبر-2007 م



المصدر: موقع صوت السلف
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 02:13 PM   #4
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

«كان رسول اللَّه -صلَّى الله عليْه وسلَّم- يصومُ حتَّى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيتُ رسولَ اللَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- استكمل صيام شهر إلاَّ رمضان، وما رأيتُه أكثر صيامًا منْه في شعبان»..


الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وبعد:

شهر شعبان من الأشهُر القليلة التي يهتمُّ بها المسلمون، فكان سلفنا الصَّالح يهتمُّون بصوْمِه اقتداءً برسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم ثمَّ درَج الخلف على الاهتِمام ببدع ما أنزل الله بها من سلطان، خاصَّة في ليلة النِّصْف من شعبان، ونحن نعرض لهذه السنن نُرغِّب فيها، ولهذه البدع نُحذِّر منها.


فائدة: سُمِّي شعبان بهذا الاسم لأنَّهم كانوا يتشعَّبون في الغارات بعد أن يَخرج شهر رجب الحرام، أو لتشعُّبهم في طلب الماء، والأوَّل أوْلى وأرْجح.


1 ـ صوم شعبان:


كان النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم يَحتفي بشعبان ويصوم فيه أكثرَ من غيره من الشُّهور، حتَّى يُقال: لا يفطر، كما في حديث عائشة عند البخاري ومسلم:«
كان رسول اللَّه -صلَّى الله عليْه وسلَّم- يصومُ حتَّى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيتُ رسولَ اللَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- استكمل صيام شهر إلاَّ رمضان، وما رأيتُه أكثر صيامًا منْه في شعبان ».


وعن عائشة أيضًا رضي الله عنها قالت: لَم يكُن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يصومُ شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصومُ شعبان كلَّه، وكان يقول:«
خذوا من العمل ما تطيقون فإنَّ الله لا يمَلُّ حتَّى تملُّوا»، وأحب الصَّلاة إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما دُووِم عليه وإن قلَّت، وكان إذا صلَّى صلاة داوم عليها، متَّفق عليه.

وفي رواية لمسلم: «
كان لا يصوم من السَّنة شهرًا تامًّا إلاَّ شعبان يصِلُه برمضان».


قال بعض أهل العلم: "إمَّا أن يُحمَل قولُ عائشة في صيام شعبان كلّه على المبالغة، والمراد أنَّه كان يصوم الأكثر، وإمَّا أن يجمع بين النُّصوص على أنَّ قولَها الثَّاني متأخِّر عن قولِها الأوَّل، فأخبرت عن أوَّل أمْرِه أنَّه كان يصوم أكثَر شعبان، وأخبرت ثانيًا عن آخِر أمره أنَّه كان يصومه كلَّه"، وقيل: "المراد أنَّه كان يصوم من أوَّله تارة، ومن آخِره أخرى، ومن أثنائِه طورًا فلا يُخلي شيئًا منه من صيام، ولا يخصُّ بعضَه بصيام دون بعض".



ونقل الترمذي عن ابن المبارك أنَّه قال: جائزٌ في كلام العرب إذا صام أكثر الشَّهر أن يقول: صام الشهر كلَّه، ويقال: فلان قام ليلته أجْمع، ولعلَّه قد تعشَّى واشتغل ببعض أمره.



2- صوم سُرر شعبان:

السُرر: هي الأيَّام الأواخِر من الشَّهر، سمِّيت بذلك لاستِسْرار القمر فيها، وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسْع وعشرين، وثلاثين.


وقيل: سُرَر الشَّهر أوله، وقيل: وسط الشَّهر لأنَّ السُرر جمع سُرة، وسُرَّة الشيء أوسطه، ويؤيِّده الندب إلى صيام البيض وهي وسط الشَّهر، ولأنه لم يرِد في صيام آخر الشَّهر ندب، بل ورد فيه نَهي خاص، وهو صيام آخر شعْبان لمن صامه لأجل رمضان.



وفي الصَّحيحين: عن عمران بن حصين عن النَّبيِّ صلَّى الله عليْه وسلَّم أنَّه سأله فقال: «
هل صُمْتَ من سرر هذا الشَّهر شيئًا؟ »، يعني شعبان، فقال: لا، قال:« فإذا أفطرت فصُم يومين » اللَّفظ لمسلم.


ويتبيَّن من جَمع روايات هذا الحديث أنَّ السُّؤال وقع في رمضان، والمسؤول عنه سرر شعبان، ولهذا قال في آخِره: فإذا أفطرت، يعني من رمضان، فصم يومين عوضًا عن سرر شعبان.



3- النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومَين:

عن أبي هُرَيْرة رضِي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لا يتقدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصومِ يومٍ أو يومَين، إلاَّ أن يكونَ رجُلٌ كان يصوم صوْمَه فليصم ذلك اليوم » (رواه البخاري).

قال العلماء: معنى الحديث: لا تستقْبلوا رمضان بصيام على نيَّة الاحتِياط لرمضان.


وقال الترمذي بعد أن أخرج الحديث: العمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجَّل الرَّجُل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان، ومثل هذا حديث عمَّار بن ياسر في صيام يوم الشَّكِّ ولفظه: «
مَن صام اليوم الذي يُشكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلَّى الله عليه وسلَّم »، وكذلك الحديث الَّذي أخرجه أصحاب السُّنن وصحَّحه ابن حبَّان وغيرُه عن أبي هريرة مرفوعًا: « إذا انتصف شعبان فلا تصوموا».

وقد قال بعض الشَّافعية: يُحرم تقدُّم رمضان بصوم يوم أو يومين، ويُكْرَه التقدم من نِصْف شعبان للحديث الآخر، وجُمهور العلماء يجوِّزون الصوم تطوُّعًا بعد نصف شعبان ويضعِّفون الحديث.



4- الحكمة من صيام شعبان:

ولكن ما الحكمة في إكْثار النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من صوْم شعبان؟

قيل: كان ينشغل عن صوْم الأيام الثَّلاثة من كلِّ شهرٍ لسفر أو غيره، فتجتمع فيقضيها في شعبان، وقد رُوِي في ذلك حديث ضعيف.


وقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، ورُوي في ذلك حديث ضعيف أيضًا، وقيل: كان يُكْثِر من الصَّوم في شعبان لما يفوتُه من التطوُّع في رمضان، فصيام رمضان فريضة، والنَّبيُّ صلَّى الله عليْه وسلَّم ما كان يُخلي شهرًا من الشُّهور من صيام تطوُّع، إلاَّ رمضان فلا تطوُّع فيه، فكان يكثِر من صوم شعبان لما يفوته من التطوُّع في رمضان.


وأصحُّ ما قيل في ذلك أنَّه شهر يغفل عنْه النَّاس بين رجب ورمضان، كما في حديث النَّسائي وأبي داود وابن خُزيمة عن أسامة بن زيد، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، لَم أرَكَ تصومُ من شهْرٍ من الشُّهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «
ذلك شهرٌ يغفل النَّاس عنْه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم».


5- قضاء صوم رمضان في شعبان:

يَجوز تأخير القضاء لِمن أفطر في رمضان لعُذر إلى شعبان، ويحرُم تأخير القَضاء بعد ذلك لغير عذْر شرعي.

وقد كان نساء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يؤخِّرْن صيام الأيَّام التي يُفْطِرْنَها من رمضان حتَّى يَجيء شعبان، فيقْضينها فيه، وذلك لحاجة رسول اللَّه صلَّى الله عليْه وسلَّم ففي الصَّحيحيْن من حديث عائشةَ رضِي الله عنْها قالت: "كان يكون عليَّ الصَّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضِيَه إلاَّ في شعبان".


وقد كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يكثر الصَّوم في شعبان، فلذلِك كان لا يتهيَّأ لها القضاء إلاَّ في شعبان لتصوم معَه صلَّى الله عليه وسلَّم.



ليلة النصف من شعبان:

ورد في فضْل هذه اللَّيلة -وهي اللَّيلة الخامسةَ عشرة من شعبان- أحاديثُ رواها أصحاب السنن، كالترمذي وابن ماجه وأحمد، وهي أحاديث ضعاف باتِّفاق أهل العلم، وقد قوَّى بعضُهم بعض هذه الأحاديث بشواهدها.

روى الترمذي عن عائشة قالت: فقدتُ رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، فقال: «
أكنت تَخافين أن يَحيف الله عليك ورسوله؟» قلت: يا رسول الله، إني ظننتُ أنَّك أتيت بعض نسائك، فقال: « إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- ينزل ليلة النِّصف من شعبان إلى السَّماء الدنيا، فيغفر لأكثرَ من عدد شعر غنم كلب».
قال أبو عيسى: حديث عائشة لا نعرِفُه إلاَّ من هذا الوجْه من حديث الحجَّاج بن أرطاة.
وسمعت محمَّدًا -يعْني البخاريَّ- يضعِّف هذا الحديث، وقال: يَحيى بن أبي كثير لَم يسمع من عروة، والحجَّاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى.

قال المباركفوري: ورد في ليلة النِّصْف من شعبان عدَّة أحاديث، مجموعها يدلُّ على أنَّ لها أصلاً، وساق معظم هذه الأحاديث، وحكم عليْها ما بين منقطع ومرسل، وضعيف ولين.


وممَّن حسَّن هذه الأحاديث بشواهدها الألباني رحِمه الله حيث علَّق على حديث ابن ماجه: «
إنَّ الله تعالى ينزل ليلة النِّصْف من شعبان إلى السَّماء الدنيا فيغفِر لجميع خلْقِه إلاَّ لمشرِك أو مشاحن »، فقال: حسن.

وعلى فرض صحَّة هذه الأحاديث، فليس فيها سوى أنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزل إلى السَّماء الدنيا، فيغفر لعددٍ كبير من خلْقِه عدا المشْرِك والمشاحِن.


والعجيب أنَّ أهل البدع يتعلَّقون بمثل هذه الأحاديث فيؤصِّلون بِدَعهم، كإحْداث تخصيص صيام يوم النِّصف من شعبان وقيام ليلته، وينسَون أنَّ التنزُّل الإلهي إلى السَّماء الدنيا يكون في كلِّ ليلة، كما في الحديث الصحيح: «
ينزل ربنا إلى السَّماء الدنيا في ثلث الليل الآخر فيقول: هل من مستغفِرٍ فأغفر له؟ هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائل فأعطيه؟ إلى أن يطلع الفجر ».

فهلاَّ تمسَّكوا بهدْي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في قيام الليل، والحرْص على وقت السَّحَر ليتعرَّضوا لهذه البركات.



بدع الشيعة في ليلة النصف:

في موقع للشِّيعة على شبكة الإنترنت ذكروا:
1- في هذه الليلة تكون زيارة سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام فقد روي عن الصَّادقين عليهم السلام أنَّهم قالوا: إذا كانت ليلة النصف من شعبان نادى منادٍ من الأفق الأعلى: زائري قبر الحسين بن علي مغفور لكم، ثوابُكم على ربكم ومحمد نبيكم.
ومن لم يستطع زيارة الحسين بن علي عليهما السلام في هذه الليلة، فليَزُر غيرَه من الأئمَّة عليهم السلام فإن لم يتمكَّن من ذلك أومأ إليْهم بالسلام، وأحياها بالصَّلاة والدعاء.
وقد روي أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام كان لا ينام في السَّنة ثلاث ليال: ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقول: إنَّها الليلة التي تُرْجَى أن تكون ليلة القدْر، وليلة الفطر ويقول: في هذه الليلة يُعْطَى الأجير أجرَه، وليلة النصف من شعبان، ويقول: في هذه اللَّيلة يفرق كلُّ أمر حكيم.

وقد رُوِي عن الصَّادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنَّه قال: إذا كان ليلة النِّصف من شعبان أذِن الله تعالى للملائكة بالنزول من السَّماء إلى الأرض، وفتح فيها أبواب الجنان وأجيب فيها الدعاء، فليصلِّ العبد فيها أرْبَع ركَعات يقرأ في ركعة فاتحةَ الكتاب مرَّة، وسورة الإخلاص مائةَ مرَّة، فإذا فرغ منها بسطَ يديْه للدُّعاء، وقال في دعائه: اللَّهُمَّ إني إليك فقير، وبك عائذ، ومنك خائف، وبك مستجير، ربِّ لا تبدل اسمي، ولا تغيِّر جسمي، وأعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك، إنَّك كما أثنيت على نفسك، وفوق ما يقول القائلون، صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، وافعل بي كذا وكذا، ويسأل حوائجَه، فإنَّ الله تعالى جواد كريم.


وروي أنَّه مَن صلَّى هذه الصَّلاة ليلةَ النِّصْف من شعبان غَفر الله له ذنوبَه، وقضى حوائجَه، وأعطاه سؤْلَه.



وهذه البِدَع الَّتي يروِّج لها الشيعة ولا أصل لها يُروِّج لها المتصوفة، فقد زعموا أنَّ الليلة التي يُفْرَق فيها كلُّ أمر حكيم هي ليلة النصف من شعبان، والحقُّ الذي لا مراء فيه أنَّها ليلة القدر التي أنزلَ الله فيها القرآن بالنَّصِّ القاطع، {
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4].

حديث صلاة مائة ركْعة بالإخلاص عشْر مرَّات في كل ركعة، في ليلة النصف من شعبان موضوع، كما ذكر القاري ونقَله صاحب التحفة المباركفوري.


وممَّا أُحْدِث في ليلة النصف من شعبان: الصَّلاة الألفيَّة، مائة ركعة بالإخلاص، عشرًا عشرًا بالجماعة، واهتمّوا بها أكثر من الجمع والأعياد، ولم يأْتِ بها خبرٌ ولا أثر إلاَّ ضعيف أو موضوع، ولا تغترّ بذِكْر صاحب القوت والإحياء وغيرهما.


وأوَّل حدوث لهذه الصَّلاة ببيت المقدس سنة 448هـ، وقد جعلها جهلة أئمَّة المساجد مع صلاة الرَّغائب شبكة لجمع العوام، ثمَّ إنَّه أقام الله أئمَّة الهدى في سعي إبْطالها فتلاشى أمرها وتكامل إبطالها في البلاد المصريَّة والشاميَّة في أوائل سني المائة الثَّامنة، وكذلك قام مشايِخُنا في جماعة أنصار السنَّة المحمدية بإنكار هذه البدع والتَّحذير منها.



وقيل: أوَّل حدوث الوقيد -إيقاد السرج والنيران- من البرامكة وكانوا عبدة النَّار، فلمَّا أسْلموا أدخلوا في الإسلام ما يُمَوِّهون أنَّه من سنن الدين ومقصودهم عبادة النيران.


ومن يُطالع مجلَّة التوحيد منذ نشأتها، وقبلها مجلَّة الهدي النبوي -لسان حال جماعة أنصار السنَّة المحمديَّة- يجد المقالات العديدة التي تحذِّر النَّاس من البدع عامَّة، وهذه البدع بوجه خاصّ، ولا أريد أن أخصَّ شيخًا بعيْنِه، فكلُّهم قاموا ناصرين للسنَّة قامعين للبدعة، رحِمهم الله رحْمة واسعة.


والحمد لله ربّ العالمين.




المصدر: د. جمال المراكبي
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 02:15 PM   #5
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي





















رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 02:18 PM   #6
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي واشوقاه إلى رمضان!واشوقاه إلى رمضان!


واشوقاه إلى رمضان!



يا أيها المشتاق، قم واستعد لاستقبال الضيف؛ فما بقي من الأيام لا يكفيك، فقد كان سلفنا الصالح يستقبلونه بستة أشهر، يدعون الله أن يبلغهم إياه، وهم على ما كانوا عليه من الاستقامة، فما بقي لا يكفي مثلي ومثلك؛ ممن طالت غفلته، وغلبته شهوته، وغره شيطانه...


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن شهر رمضان ربيعُ السَّنة، وغُرة الشهور، ودُرة الأيام؛ فيا له من ضيف كريم، يغيب عنا أحدَ عشر شهرًا، ويبقى فينا أيامًا معدودات.


واشوقاه إلى رؤية هلاله!



واشوقاه إلى صوم نهاره!

واشوقاه إلى قيام ليله!


واشوقاه إلى جناته التي فُتِّحت! واشوقاه إلى حسناته التي ضوعفت!


واشوقاه إلى ليله الذي أسرجت فيه المصابيح! واشوقاه إلى صلاة التراوايح!


واشوقاه إلى ليلة القدر!


فيا أيها المشتاق ادع الله أن يبلغك الشهر؛ فمَن بلَّغه الله -سبحانه وتعالى- الشهر فقد مَنَّ عليه بنعمة عظيمة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «
كَانَ رَجُلانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلاةَ السَّنَةِ؟)» (رواه أحمد، وقال الألباني: حسن صحيح).


ويا أيها المشتاق، قم واستعد لاستقبال الضيف؛ فما بقي من الأيام لا يكفيك، فقد كان سلفنا الصالح يستقبلونه بستة أشهر، يدعون الله أن يبلغهم إياه، وهم على ما كانوا عليه من الاستقامة، فما بقي لا يكفي مثلي ومثلك؛ ممن طالت غفلته، وغلبته شهوته، وغره شيطانه، وألهته دنياه!



وسوف أضع بين يديك خطوات عملية عساها تحقق لك المقصود، وتصل بك إلى أملك المنشود:


1- اغسل قلبك بدموع التوبة، وبَرد الخشية، وثلج الإنابة، ونقه من آثار الذنوب كما تنقي ثوبك من القذر.


عجيب شأني وشأنك، نرى الغبار على ثيابنا؛ فنبذل الوسع في تطهيرها، ونعمى عن مثل القار في قلوبنا.



2- تذكر ذنوبك بعد رمضان الماضي، وهَبْ كل ذنب منها حجر، اجمع الآن حجارتك، واحملها... هل تستطيع؟! {
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت:13].

ألق ذنوبك بدمع الندم، وأغرقها في بحر {
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].


3- إذا كانت هذه هي أيام الزرع؛ فطهر تربة قلبك من الشرك والنفاق، والرياء، والعجب، والحسد، والحقد، وآثار الذنوب؛ فأنى يرجى لبذر فلاح والتربة مليئة بالمهلكات {
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31].

حَدِّث نفسك: "لئن أشهدني الله الشهر لأصومن صيام مودع".


4- أتذكر إخوانك الذين صاموا معك العام الماضي؟!


لقد عاجلهم الموت، فأعيانهم مفقودة، وأماكنهم في مساجدهم خالية، وسيأتي رمضان ولن يجدهم، ولا ضمان لك؛ فاصدق في عزمك {
فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد:21].

{
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا } [الأحزاب:23]، لقد نزلت في أنس بن النضر لما قال: "لئن أشهدني الله مشهدًا آخر ليرين الله ما أصنع"!


5- ارفع همتك في العمل الصالح؛ فأحكم الفرائض، وأكثر من النوافل، وقم الليل، ورتل القرآن، وأنفق وتصدق، وتعلم وعلِّم، وانصح وذكِّر.


كان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطًا في مسجد بيته، يؤدب به نفسه، وكان إذا فترت رجله عن القيام يضربها بالسوط، وهو يقول: "قومي.. فوالله لأزحفن بك زحفًا، حتى يكون الكَل منك لا مني"! ويقوم قائلاً: "أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا؟! كلا.. والله لنزاحمهم عليه حتى يعلموا أنهم خلفوا وراءهم رجالاً"!



6- روِّض حواسك على طاعة الله -تعالى-؛ فدرب عينيك على النظر في الكتاب المنظور: "الكون"، وفي الكتاب المقروء: "القرآن"، ودرِّب سمعك على سماع الحق، ودرب يديك على البذل والفدى، وعوِّد لسانك الذكر، وكف جوارحك عن المعاصي {
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } [الإسراء:36].


7- اقطع الشواغل عن قلبك في رمضان؛ بقضاء حوائج النفس والأهل قبله؛ حتى لا يضيع عليك وقته الثمين في الشوارع والطرقات ووسائل المواصلات بلا ضرورة.



8- اجلس بين يدي كِتاب أو بين رُكَب مُرَبٍّ؛ لتتعلم أحكام الصيام وآدابه، فمن وجب عليه شيء وجب عليه أن يتعلمه، ولو كانت درجة علمية أو وظيفة مرموقة لا تنالها إلا بتعلم اللغات الأجنبية أو بدورات على الحاسوب لفعلت.



9- حدِّد أهدافك في رمضان؛ فمن حدد أهدافه وخطط لها وسعى في تحقيقها يوشك أن يحققها كلها أو قدرًا كبيرًا منها، فما أهدافك الرمضانية؟


أمسك قلمك، وسجل هذه الأهداف، واسأل نفسك: كيف تحققها؟ وما الوسائل الموصلة إليها؟



10- أنتَ في شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله؛ فأكثر من الصيام تدريبًا لنفسك، وليكن صومك قبل رمضان برهانًا على محبتك للصيام، ورغبتك فيه؛ ففي مسند الإمام أحمد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: «
لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) » (رواه أحمد والنسائي، وحسنه الألباني).


أيها المشتاق.. إن اكتحلت عيناك برؤية هلال رمضان؛ فقد صرتَ ومَنْ وجب عليه الصوم على خط سباق آخره «
إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ » (متفق عليه).


فأي الناس إلى الباب أسبق، وأيهما دونه الباب سيغلق؟


اللهم بلغنا رمضان، وأدخلنا الجنة من باب الريان.




27-شعبان-1431هـ 7-أغسطس-2010 م



المصدر: موقع صوت السلف
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 02:21 PM   #7
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي رحيل شعبان ورحيل الإنسان.. وإدراك الأمر بالتوبة

رحيل شعبان ورحيل الإنسان.. وإدراك الأمر بالتوبة





إن رحيل شهر شعبان يذكرنا برحيل الإنسان عن هذه الحياة، فلقد جاء في وقت الغفلة ومر مسرعًا، وما زال الكثير من الناس في هذه الغفلة مع أن المفترض أن يكون هذا الشهر شهر اليقظة والانتباه، لخطورة هذا الشهر، وعظمة قدره بين شهور العام..


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،
أما بعد،

فإن رحيل شهر شعبان يذكرنا برحيل الإنسان عن هذه الحياة، فلقد جاء في وقت الغفلة ومر مسرعًا، وما زال الكثير من الناس في هذه الغفلة مع أن المفترض أن يكون هذا الشهر شهر اليقظة والانتباه، لخطورة هذا الشهر، وعظمة قدره بين شهور العام.


فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: «
ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (رواه النسائي، وحسنه الألباني).

وفعلاً فالناس في غفلة من هذا الشهر -إلا من رحم الله-.. منشغلون بالدنيا أعظم انشغال.. منهمكون فيها أشد انهماك، بل إن الكثير منهم لم ينتبه لخطورة الشهر لكونه شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، أي: أعمال السنة الماضية كلها ترفع إلى الله تعالى، وبدلاً من أن يتيقظ المرء وينتبه لهذا الشهر فيدرك الأمر بالأعمال الصالحة والذكر والتوبة والاستغفار، ملأ ساعات أيامه بالمعاصي والسيئات!



حقاً هو شهر عظيم، لكن يغفل الناس عنه! والأعظم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «
وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ».

فإن من خطورة الغفلة عن هذا الشهر أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، فكيف للمرء أن ينتبه لهذا الأمر فلربما ختمت أعمال هذا العام بعمل صالح ينظر الله إليه فيعفو عما قبله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «
وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ » (رواه البخاري)، فيحسن العمل ويكثر من الصالحات فيختم له بواحدة منها.

ولربما آخر مع غفلته عن هذا الشهر وخطورته ختم له بعمل سيء -والعياذ بالله-، والأعمال أيضًا بالخواتيم -نسأل الله حسن الخاتمة-، لذا فعلى المرء أن يجتهد في عمل الصالحات، وأن يبتعد عن فعل المعاصي والمنكرات.



وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «
وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ » إشارة إلى محاسبة النفس، فغفلة الناس عن الحساب من أعظم أسباب هلاكهم، ومحاسبة النفس على الدوام من أعظم أسباب النجاة، فمعرفة الإنسان أن أعماله ترفع في هذا الشهر تجعله متيقظًا واعيًا لما يعمل، فيحسن العمل ويجتهد ويبذل كل ما في وسعه لإرضاء ربه، ولا سبيل لذلك إلا بمحاسبة النفس، ولو أدرك الإنسان خطورة الموقف وشدة الحساب بين يدي الله تعالى لهوَّن على نفسه حساب الآخرة بحساب الدنيا.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، فاليوم عملُ ولا حساب، وغدًا حسابُ ولا عمل".


ولقد أشار الله تعالى إلى محاسبة الإنسان لنفسه، وأهمية ذلك في نجاة الإنسان يوم القيامة في قوله تعالى: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:18-19]، وقوله تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281].

ومحاسبة النفس أمرٌ شاقٌ، لكنه مِن أعظم أسباب نجاة الإنسان يوم القيامة، لذا يجب على كل مسلم أن يحاسب نفسه على الدوام، وفي هذه الأيام.. خصوصًا أواخر شهر شعبان، وقبل قدوم رمضان، لعله يتدارك الأمر بتوبة.


ومحاسبة الله تعالى لخلقه يشيب منها الشباب، إذ يكفي فيها أن يقف المرء أمام الله تعالى ليس بينه وبين الله حجاب، فيسأله تعالى عن كل ذنب وخطيئة كانت في حق الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «
مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ » (متفق عليه).

فما أصعبها وأشدها من لحظات تمر على الإنسان يوم القيامة فضلاً عما سيكون من فضيحة المرء يوم القيامة على مسمع ومرأى من الخلائق، فضلاً عن عذاب الله تعالى للعصاة والمذنبين والمجرمين.



تأمل هذا الموقف من خلال هذه الآية.. قال تعالى: {
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [الكهف:49]، وقوله تعالى: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } [آل عمران:30].

فكل إنسان يجد ما في هذه الدنيا من خير وشر، من طاعة ومعصية، ثم يكون هو حسيب نفسه، وما أشد ذلك على الإنسان يوم القيامة، يقول الله تعالى: {
وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء:13].

إن موقف الإنسان من حساب الله تعالى موقف عظيم.. فماذا ستقول عند محاسبتك في قبرك؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «
لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ فِيهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ؟» (رواه الترمذي والبيهقي والطبراني، وصححه الألباني).

وقال صلى الله عليه وسلم: «
أوَّلُ ما يحاسَبُ بهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيامَةِ الصلاةُ، فإنْ صَلَحَتْ صَلَحَ له سائِرُ عَمَلِهِ، وإنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سائِرُ عَمَلِهِ» (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني).

فيا ترى.. بم ستجيب على هذه الأسئلة؟!


وماذا ستقول لله تعالى حينما يسألك: عبدي أنتَ فعلت ذنب كذا.. ساعة كذا.. ؟ أنت فعلت ذنب كذا.. ساعة كذا.. ؟



أيها الغافل غفلت عن مراقبة مولاك.. قال تعالى: {
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1]، وقال تعالى: { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [الزخرف:80].

غفلت عن مراقبة ملائكته.. قال تعالى: {
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [الانفطار:10-12].

أيها الغافل غفلت عن مراقبة أعضائك لك.. قال تعالى: {
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:65]، وقال تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ . وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت:21-23].

أيها الغافل.. أدرك الأمر بالتوبة، فإن رحيل شعبان ينذر برحيل العمر. نعم مرَّ مُسرعًا شهر شعبان، وسيمر العمر كذلك.. وسترحل عن هذه الحياة: {
وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [المنافقون:11]، وقال تعالى: { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة:8]، وقال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19]، وقال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [السجدة:11].


نعم حتمًا ستموت.. وربما لم تدرك شهر رمضان.. لتدرك التوبة، وربما طلبت العودة إلى الحياة، لتدرك ما فاتك، ولكن لا تنال ذلك. قال تعالى: {
وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [المنافقون:10-11].

وانظر لأحوال أهل النار.. وكيف يصف القرآن حالهم في قوله تعالى: {
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } [فاطر:37]، فأدرك الأمر بالتوبة لعله يختم لك بها، والأعمال بالخواتيم، والتوبة تجب ما قبلها، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]، وقال تعالى: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان:70]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» (رواه مسلم).


يـا رب إن عظمت ذنوبي كـثـرة *** فلقد علمت بأن عـفـوك أعـظـمُ
إن كـان لا يـرجـوك إلا محـسـنٌ *** فـبـمـن يـلوذ ويستجير المذنبُ
ربي دعـوت كما أمرت تضرعـًا *** فمن ذا الذي يستجـيب ويرحـمُ


فاللهم أحسن خاتمتنا، وارزقنا توبة صادقة، وتقبل منا صالح أعمالنا، إنك ولي ذلك والقادر عليه. وصلِّ اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم.

1-رمضان-1432هـ - 31-يوليو-2011 م



المصدر: أحمد كمال - موقع صوت السلف
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-12, 02:30 PM   #8
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي بطاقات فضل الصيام في شهر شعبان‏

بطاقات فضل الصيام في شهر شعبان‏















رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملف كامل عن شهر الله المحرم رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 39 22-12-13 12:49 AM
ملف متكامل عن" شهر رمضان المبارك " رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 4 20-06-13 04:41 PM
مجلة الحائط قطوف : ثمار من الخير لا تنتهي - عدد شهر شعبان 1434 هـ غريبة في دنياي النشرات الدعوية 0 13-06-13 12:17 PM


الساعة الآن 10:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .