![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
![]()
بسم الله الرحمن الحيم
قال الله عزل وجل: " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" آل عمران -آية 190 رُوِيَ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى النَّبِيّ قَامَ يُصَلِّي , فَأَتَاهُ بِلَال يُؤْذِنهُ بِالصَّلَاةِ , فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , أَتَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّه لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبك وَمَا تَأَخَّرَ ! فَقَالَ : ( يَا بِلَال , أَفَلَا أَكُون عَبْدًا شَكُورًا وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللَّه عَلَيَّ اللَّيْلَة آيَة " إِنَّ فِي خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لَآيَات لِأُولِي الْأَلْبَاب " . ثُمَّ قَالَ : ( وَيْل لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّر فِيهَا ) . قال القرطبى رحمه الله فى تفسيره: خَتَمَ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَة بِالْأَمْرِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَال فِي آيَاته ; إِذْ لَا تَصْدُر إِلَّا عَنْ حَيّ قَيُّوم قَدِير وَقُدُّوس سَلَام غَنِيّ عَنْ الْعَالَمِينَ ; حَتَّى يَكُون إِيمَانهمْ مُسْتَنِدًا إِلَى الْيَقِين لَا إِلَى التَّقْلِيد . " لَآيَات لِأُولِي الْأَلْبَاب " الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ عُقُولهمْ فِي تَأَمُّلِ الدَّلَائِل . وقال شيخنا ابن السعدى رحمه الله: يخبر تعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها، والتبصر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم قوله: { آيات } ولم يقل: "على المطلب الفلاني" إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية, فأما تفصيل ما اشتملت عليه، فلا يمكن لمخلوق أن يحصره، ويحيط ببعضه، وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة، وانتظام السير والحركة، يدل على عظمة خالقها، وعظمة سلطانه وشمول قدرته. وما فيها من الإحكام والإتقان، وبديع الصنع، ولطائف الفعل، يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء مواضعها، وسعة علمه. وما فيها من المنافع للخلق، يدل على سعة رحمة الله، وعموم فضله، وشمول بره، ووجوب شكره. وكل ذلك يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها، وبذل الجهد في مرضاته، وأن لا يشرك به سواه، ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وخص الله بالآيات أولي الألباب، وهم أهل العقول؛ لأنهم هم المنتفعون بها، الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم. ثم وصف أولي الألباب بأنهم { يذكرون الله } في جميع أحوالهم: { قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، ويدخل في ذلك الصلاة قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وأنهم { يتفكرون في خلق السماوات والأرض } أي: ليستدلوا بها على المقصود منها، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا بها، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا، فيقولون: { ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك } عن كل ما لا يليق بجلالك، بل خلقتها بالحق وللحق، مشتملة على الحق. { فقنا عذاب النار } بأن تعصمنا من السيئات، وتوفقنا للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار. ويتضمن ذلك سؤال الجنة، لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة، ولكن لما قام الخوف بقلوبهم، دعوا الله بأهم الأمور عندهم قَالَ الْعُلَمَاء : يُسْتَحَبّ لِمَنْ اِنْتَبَهَ مِنْ نَوْمه أَنْ يَمْسَح عَلَى وَجْهه , وَيَسْتَفْتِح قِيَامه بِقِرَاءَةِ هَذِهِ الْعَشْر الْآيَات اِقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا وَسَيَأْتِي ; ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ , فَيَجْمَع بَيْنَ التَّفَكُّر وَالْعَمَل , وَهُوَ أَفْضَل الْعَمَل عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي هَذِهِ الْآيَة بَعْد هَذَا . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأ عَشْر آيَات مِنْ آخِر سُورَة " آل عِمْرَان " كُلّ لَيْلَة , خَرَّجَهُ أَبُو نَصْر الْوَائِلِيّ السِّجِسْتَانِيّ الْحَافِظ فِي كِتَاب " الْإِبَانَة " مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ مُظَاهِر بْن أَسْلَمَ الْمَخْزُومِيّ عَنْ الْمَقْبُرِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّل السُّورَة عَنْ عُثْمَان قَالَ : مَنْ قَرَأَ آخِر آل عِمْرَان فِي لَيْلَة كُتِبَ لَهُ قِيَام لَيْلَة . المصادر تفسير القرطبى تفسير السعدى |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
![]()
بسم الله الرحمن الحيم
قال الله جل فى علاه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعْملون" قال الحافظ بن كثير رحمه الله فى تفسيره لهذه الآية: فَقَوْله تَعَالَى" يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه " أَمْر بِتَقْوَاهُ وَهُوَ يَشْمَل فِعْل مَا بِهِ أَمَرَ وَتَرْك مَا عَنْهُ زَجَرَ . وَقَوْله تَعَالَى " وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ " أَيْ حَاسِبُوا أَنْفُسكُمْ قَبْل أَنْ تُحَاسَبُوا وَانْظُرُوا مَاذَا اِدَّخَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة لِيَوْمِ مَعَادكُمْ وَعَرْضكُمْ عَلَى رَبّكُمْ " وَاتَّقُوا اللَّه " تَأْكِيد ثَانٍ " إِنَّ اللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ " أَيْ اِعْلَمُوا أَنَّهُ عَالِم بِجَمِيعِ أَعْمَالكُمْ وَأَحْوَالكُمْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَة وَلَا يَغِيب عَنْهُ مِنْ أُمُوركُمْ جَلِيل وَلَا حَقِير . فمحاسبة النفس أمر ضروري يعود بالنفع على صاحبه في الدنيا والآخرة، وهكذا كان هدي السلف الأبرار، والسابقين الأخيار، فهذا الحسن البصري يقول : "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته ومحاسبة النفس نوعان ******************** 1- محاسبة النفس عند الهم والإرادة، قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبدا وقف عند همه ، فإن كان لله مضى ، وإن كان لغيره تأخر . 2- محاسبة النفس بعد العمل، وهو ثلاثة أنواع : أحدها : محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى، فلم توقعها على الوجه الذي ينبغي. وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور: الإخلاص في العمل، والنصيحة لله فيه، ومتابعة الرسول فيه، وشهود مشهد الإحسان فيه، وشهود منة الله عليه، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله . الثاني : أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيراً له من فعله . الثالث : أن يحاسب نفسه على أمر مباح، أو معتاد: لم فعله ؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة ؟ فيكون رابحا، أو أراد به الدنيا وعاجلها ؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به. فوائد المحاسبة ************* 1- الإطلاع على عيوب النفس، فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات الله تعالى . 2- معرفة حق الله تعالى، ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي، وهي قليلة المنفعة جدا فمن أنفع الأمور للقلب النظر في حق الله على العباد، فإن ذلك يورثه مقت نفسه، والإزراء عليها ويخلصه من العجب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذل والانكسار بين يدي ربه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله، ومغفرته ورحمته، فإن من حقه أن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر. فالذي ينبغي على المؤمن العاقل أن يحاسب النفس ويشارطها على حفظ جوارحه: العين، والأذن، والفم، واللسان، والفرج، واليد، والرجل، ثم مطالعتها والإشراف عليها ومراقبتها، فلا يهملها، فإنه إن أهملها لحظة رتعت في الخيانة ولا بد، فإن تمادى على الإهمال تمادت في الخيانة حتى تذهب رأس المال كله، فمتى أحس بالنقصان انتقل إلى المحاسبة، فحينئذ يتبين له حقيقة الربح والخسران، فإذا أحس بالخسران وتيقنه إستدرك منها ما يستدركه الشريك من شريكه : من الرجوع عليه بما مضى . وما أحوجنا اليوم إلى المحاسبة، ونحن في زمن كثرت فيه دواعي الشهوات، وتعددت المغريات، وتنوعت الملهيات، فالأمر جد أيها الأخوة الكرام، فلا بد من الحزم والإقدام، وقبل الرحيل وفوات الأوان. ومما يعين المرء على تلك المحاسبة : معرفته أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غدا إذا صار الحساب إلى غيره، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غدا . إضافة إلى معرفته أن ربح هذه التجارة سكنى الفردوس، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، وصحبة النبيين والأخيار، وخسارتها: دخول النار والحجاب عن المولى سبحانه، مع من حجب من الأشقياء والفجار. نسأل الله أن ينفعنا بها وإلى لقاء آخر فى رحاب آية أخرى من كتاب الله عز وجل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته المصدر تفسير ابن كثير جزء من مقالة "محاسبة النفس ضرورة" الشبكة الاسلامية |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
في رحاب آية ,,, يوم الحساب | شـروق | روضة القرآن وعلومه | 2 | 20-06-07 12:18 PM |