العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة العقيدة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-04-25, 11:41 PM   #1
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mmm

ما الفرق بين التوحيد ، والعقيدة ، والإيمان ؟
·التوحيد :

تعريف التوحيد شرعًا :
هو إفراد الله سبحانه بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات .
قسم بعض أهل العلم التوحيد إلى ثلاثة أقسام :
1ـ توحيد الربوبية .
2 ـ توحيد الألوهية .
3 ـ توحيد الأسماء والصفات .
وقد اجتمعت في قوله تعالى :
" رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " .سورة مريم / آية : 65 .
وهناك من أهل العلم من قسموا التوحيد إلى قسمين :

1 ـ توحيد المعرفة والإثبات .
2 ـ توحيد القصد والطلب .
فتوحيد المعرفة والإثبات هو توحيد الربوبية والأسماء والصفات .
وتوحيد القصد والطلب هو توحيد الإلهية .
هذا ما يخص التوحيد إجمالًا . وسيأتي التفصيل إن شاء الله .

· العقيدة :
تعريف العقيدة :
أولًا : لغة : من العَقد ، وهو ضد الحل ، ومنه : العُقدة ، لأنها غير محلولة .
ومنه : العَقْدُ وهو الجمع بين المتفرقات .
عقد النكاح :جمع بين رجل وامرأة .
عقد البيع :وهو جمع بين ثمن ومثمون وبائع ومشتري .

ثانيًا : اصطلاحًا : هي المعنى الذهني الجازم .

ثالثًا : شرعًا : هي تلك المعاني التى تنجزم في الذهن والقلب والوجدان في حق الله عز وجل ، والملائكة ، والكتب ، والرسل ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، والإنس ، والجن .....
وقد تكون عقيدة فاسدة . مثل عقيدة النصارى التثليث ، وعقائد الفرق الضالة .
وقد تكون عقيدة حقة ، فهي عقيدة المسلم " التوحيد " .

· الإيمان :
تعريف الإيمان :
أولاً : لغة : هو التصديق .
لقوله تعالى " وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ".سورة يوسف / آية : 17 .
أي : وما أنت بمصدقٍ لنا ولو كنا صادقين .

ثانيًا : اصطلاحًا : هو جملة الاعتقادات والأقوال والأفعال التي يستقيم بها دين العبد .

ثالثًا : شرعًا : هو تصديق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن ربه عز وجل .
وعقيدة التوحيد هي ثمرة الإيمان :
والفوز بالتوحيد الخالص يستوجب معالجة القلوب " بالعلم " و " المحبة " .
فإذا عالجنا قلوبنا " بالعلم الصحيح " المبني على الاتباع و " المحبة الخالصة " ، قامت القلوب بعملها دون نقص .
فالقلب لا يعمل كما ينبغي وهو مريض .

وصحة القلب تركز على أمرين :
1 ـ العلم الصحيح المبني على الاتباع .
وسبب مرض القلب في هذه الجزئية " الجهل " .
والشفاء من الجهل علاجه السؤال .
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم" قتلوه قتلهم الله ، ألا سألوا إذ لم يعلموا ، فإنما شفاء العيِّ السؤال " .صحيح سنن أبى داود / مجلد : 1/ حديث رقم : 325/ص :69.
العيِّ : الجهل .
هل الناس سألوا عن دينهم ، هل حاولوا التخلص من هذا الجهل ، أم هناك " إعراض " ؟ ! !
هناك إعراض ، للغفلة عن الآخرة .

2 ـ المحبـة :
الله جل وعلا هو المحبوب بالقصد الأول ، فالحب المطلق يكون لله ، فهو سبحانه المحبوب لذاته ،وباقي أعراض الدنيا متاع الغرور .
وهذه المحبة لله تجعلك تتخذ من كل أعراض الدنيا وسيلة لإرضاء هذا المحبوب ، لا وسيلة لإغضابه ..... وينتج عن هذه المحبة ، اتحاد كل المحبات في اتجاه الله .

فمثلًا: أنت تحب " المال " ، حبك للمال الحب الشرعي ، بأن لا تحب المال لذاته ولكن تحبه لأنه وسيلة تمكنك من طاعة الله ، وذلك بإنفاقه في طاعة ونصرة دين الله ..... .
حب الأولاد لله ، حب الزوجات لله ، كـل سعـي يكون في سبيل الله .
ومحبة الله تتبعها محبة كلامه ، وهو " القرآن الكريم " ، فتقرؤه قراءة الملهوف على كل ما فيه ، مع الحرص على تدبره وفهمه وتنفيذه .

· معنى الشهادتين :
" أشهد أن لا إله إلا الله " كلمة التوحيد .
أي : لا معبود حق إلا الله .
" أشهد أن محمدًا رسول الله " .
أي : تجريد المتابعة له صلى الله عليه وعلى آله وسلم .



توقيع أم أبي تراب
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-04-25, 11:42 PM   #2
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mmm

من لوازم التوحيد

" الولاء والبراء "
من لوازم التوحيد أن توالي أهله الموحدين وتتبرأ من أعدائه المشركين ، قال تعالى :
"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"سورة المائدة / آية : 55 ، 56 .

· الولاء :
المعنى اصطلاحًا :
القرب من المسلمين بمودتهم وإعانتهم ومناصرتهم على أعدائهم ، والسكنى معهم . والموالاة ضد المعاداة .
· البراء :
المعنى اصطلاحًا :
البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار ، والمراد هنا قطع الصلة القلبية مع الكفار ، فلا يحبهم ولا يناصرهم ولا يقيم في ديارهم .
* الولاء والبراء تابعان للحب والبغض ، فإن أوثق عُرَى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ، وبهما تنال ولاية الله ، وهما من أهم لوازم التوحيد .
ولن تقوم للأمة الإسلامية قائمة ، إلا بالرجوع إلى الله والحب فيه والبغض فيه ، والولاء له ولأوليائه ، والبراء ممن أمرنا بالبراء منه ، وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
* ولما كان الولاء والبراء مبنيين على قاعدة الحب والبغض ، فإن الناس عند أهل السنة والجماعة ـ بحسب الحب والبغض في الله والولاء والبراء ـ ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : مَنْ يُحَبُّ جُمْلَة :
وهو من آمن بالله ورسولهِ ، وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظـام علمًا وعملًا واعتقادًا ، وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله ، وانقاد لأوامره ، وانتهى عما نهى الله عنه ورسوله ، وأحب في الله ، ووالى في الله ، وأبغض في الله ، وعادى في الله ، وقدم قول رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ على قول كل أحد كائنًا من كان .
الصنف الثاني : من يُحَب من وجه ويُبغَض من وجه :
وهو المسلم الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا ، فيُحَبُّ ويوالَى على قدر ما معه من الخير ، و يُبغَض و يعادَى على قدر ما معه من الشر .
فهذا عبد الله بن حِمار ، وهو رجل من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يشرب الخمر ، فأُتِيَ به إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بضربه بالنعال والجريد ، فلعنه رجل وقال : ما أكثر ما يؤتى به ..... .

فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم" لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " .صحيح البخاري / كتاب : الحدود / باب : ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة .
فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغم أنه لعن شارب الخمر وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها ، إلا أنه نهى عن لعن هذا الرجل لأنه يَحَبُّ من وجهٍ ويُبْغَضُ من وجهٍ .
يَحَبُّ من وجه : إنه يحب الله ورسوله .
ويُبْغَضُ من وجه : كونه شارب خمر .
الصنف الثالث : من يُبغض جملة :
وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ولم يؤمن بالقدر خيره وشره ، أو ترك أحد أركان الإسلام عمدًا .
فأهل السنة والجماعة يوالون المؤمن المستقيم على دينه ولاءً كاملًا ، ويحبونه وينصرونه نصرة كاملة ، ويتبرءون من الكفرة والملحدين ، ويعادونهم عداوةً وبغضًا كاملين .
أما من خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا ؛ وهم العصاة أصحاب الكبائر ؛ فيوالونه بحسب ما عنده من الإيمان ، ويعادونه بحسب ما عنده من الإيمان ، ويعادونه بحسب ما هو عليه من الشر .
الولاء والبراء القلبي :الولاء والبراء ص : 139.
من عقيدة أهل السنة والجماعة ، أن الولاء القلبي وكذلك العداوة ـ القلبية ـ يجب أن تكون كاملة .
يقول شيخ الإسلام ابن تيِّمية :
فأما حب القلب وبغضه ، وإرادته وكراهته ، فينبغي أن تكون كاملة جازمة ، لا توجب نقص ذلك إلا بنقص الإيمان ، وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته ، ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فإنه يعطَى ثواب الفاعل الكامل .
ذلك أن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها ، لا بحسب محبة الله ورسوله ، وبغض الله ورسوله .
وهذا نوع من أنواع الهوى ، فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه ... قال تعالى "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ".سورة القصص / آية : 50 .
المداهنـة وعلاقتها بالولاء والبـراء :في بيان العقيدة ص : 111 .
المداهنة : هي المصانعة والمسالمة وترك ما يجب من الغيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتغافل عن ذلك لغرض دنيوي وهوى نفساني ، فالاستئناس بأهل المعاصي ومعاشرتهم وهم على معاصيهم ، وترك الإنكار عليهم مع القدرة عليه هو المداهنة .
وعلاقة المداهنة بالولاء والبراء تظهر من معناها وتعريفها الذي ذكرناه وهو ترك الإنكار على العصاة مع القدرة عليه ، ومسالمتهم ومصانعتهم ، وهذا فيه ترك للموالاة في الله ، والمعاداة فيه وتشجيع للعصاة والمفسدين .
ويصبح المداهن داخلًا في قوله تعالى "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ"
.سورة المائدة / آية : 78ـ 80 .
المداراة وأثرها على الولاء والبـراء :
المداراة : هي درء المفسدة والشر بالقول اللين وترك الغلظة ، أو الإعراض عن صاحب الشر إذا خيف شره أو حصل منه أكبر مما هو ملابس له .
وفي الحديث : عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :استأذنَ رجلٌ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا عندَهُ فقالَ بئسَ ابنُ العشيرةِ أو أخو العشيرةِ ثمَّ أذِنَ لهُ فألانَ لهُ القولَ فلمَّا خرجَ قلتُ لهُ يا رسولَ اللَّهِ قلتَ لهُ ما قلتَ ثمَّ ألنتَ لهُ القولَ فقالَ يا عائشةُ إنَّ من شرِّ النَّاسِ من تركهُ النَّاسُ أو ودعهُ النَّاسُ اتِّقاءَ فُحشِهِ " .الشمائل للترمذي / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ص : 184 / حديث رقم : 301 .
الحديث صحيح / أخرجه البخاري .
"فألانَ لهُ القولَ " وذلك لتألفه لِيُسلِمَ قومُهُ لأنه كان رئيسهم ومطاعًا فيهم ، كما هو شأن الجفاة ، لأنه لو لم يُلِنْ له القول لأفسد حال عشيرته ، وزين لهم العصيان لأنهم لا يعصون له أمرًا " . حاشية الشمائل / ص : 184 .
ومن رسالة بيان العقيدة ، تعليقًا على هذا الحديث :
فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دارى هذا الرجل لمَّا دخل عليه مع ما فيه من الشر لأجل المصلحة الدينية ، فدل على أن المداراة لا تتنافى مع الولاء والبراء إذا كان فيها مصلحة راجحة من كف الشر والتأليف ، أو تقليل الشر .
ومن ذلك مداراة النبي للمنافقين خشية شرهم وتأليفًا لهم ولغيرهم .
*نموذج للولاء والبراء :
موقف عبد الله بن عبد الله بن أُبي بن سلول من أبيه المنافق : عن جابر بن عبد الله قال " كنا في غزاةٍ قال سفيان يرونَ أنها غزوةَ بنِي المصطلِقِ فكسعَ رجلٌ من المهاجرينَ رجلا من الأنصارِ فقال المهاجريّ ياللمهاجرين وقال الأنصاريّ ياللأنصارِ فسمعَ ذلكَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال" ما بالُ دعوى الجاهليةِ" قالوا رجلٌ من المهاجرينَ كسَعَ رجلا من الأنصارِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم" دعوهَا فإنها مُنتَنةٌ" فسمع ذلكَ عبد الله بن أبي ابن سلولٍ فقال أوقدْ فعلوها واللهِ لئن رجعنا إلى المدينةِ ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فقال عمرُ يا رسولَ اللهِ دعني أضربْ عنقَ هذا المنافقِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم" دعهُ لا يتحدثُ الناسُ أن محمدا يقتلُ أصحابَهُ" وقال غيرُ عمرَ فقال له ابنهُ عبد الله بن عبد الله والله لا تنقلبْ حتى تقرّ أنكَ الذليلُ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العزيزُ ففعلَ"
صحيح سنن الترمذي / ج : 3 / حديث رقم : 2641.
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-04-25, 11:44 PM   #3
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mmm

أنواع التوحيد

سبق أن تعرضنا لأنواع التوحيد إجمـالًا ، وسنتعرض لها هنا بشيء من التفصيل .
أنواع التوحيد تدخل كلها في تعريف عام وهو :
إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به .
هناك من أهل العلم من قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام وهي :
1ـ توحيد الربوبية .
2ـ توحيد الألوهية .
3 ـ توحيد الأسماء والصفات .

ومن كتاب : فتاوى العقيدة للشيخ العثيمين : ص : 6.
قال : والعلماء ـ علموا ذلك التقسيم ـ بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة . ا . هـ .
وهذا التقسيم إنما هو للتفهيم والبيان ، وإلا فالله لايقبل التوحيد من إنسان أخل بأحد أنواعه .

أولًا : توحيد الربوبية
هو الإيمان بأن الرب هو الخالق ، الرازق ، المحيي ، المميت ، مُنَزِّل الكتب ، مرسل الرسل ، المجازي في الدنيا والآخرة ، وإفراده سبحانه بكل هذا .
ومن خلال هذا التعريف نجد أن :
أقسام توحيد الربوبية هي :
1 ـ قدر كوني :
قال تعالى "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " . سورة القمر / آية : 49 .

وقال تعالى" إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "سورة النحل / آية : 40 .
فالقدر الكوني : كالخلق ، والرزق ، والإحياء ، والإماتة ، والنفع ، والضر .

2ـ قدر تشريعي :
وهو يشمل العلم ، والرسالات ، والكتب ، والوحي ، والتحليل ، والتحريم .
ـ ومن أدلة ذلك :
ـ العلم : قال تعالى " ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي" .سورة يوسف / آية : 37 .
وقال تعالى "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " .سورة طه / آية : 114 .
ـ الرسالات : قال تعالى "لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ" . سورة الجن / آية : 28 .
ـ الكتب : قال تعالى" تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ " سورة الرعد / آية : 1 .
ـ الوحي : قال تعالى "ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ " .سورة الإسراء / آية : 39 .
ـ التحليل والتحريم :
قال تعالى "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ " .سورة الأنعام / آية : 151 .

باختصار القدر التشريعي يشمل : افعل ولا تفعل .

3 ـ القدر الجزائي :

فالذي يجازي في الدنيا والآخرة إنما هو الرب .
من أمثلة الجزاء في الدنيا :
قوله تعالى"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ " .سورة الفيل / آية : 1 .
وقوله تعالى "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ" .سورة الفجر / آية : 6 .

ومن أمثلة الجزاء في الآخرة :
قوله تعالى "إِنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى " .سورة طه / آية : 15 .
وقوله تعالى "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" . سورة غافر / آية : 46 .
وقوله " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا " .
سورة الكهف / آية : 29 .
وقوله "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا "30" أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " .سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
فتوحيد الربوبية : كل ما نزل من الرب إلى العباد من رزق ، وإحياء ( كوني ) ، رسالات ( تشريعي ) .
ونتيجة تعاملك مع قدر الله الكوني والتشريعي ، يكون قدر الله الجزائي .
فالمعاصي جزاؤها الابتلاءات والمصائب في الدنيا ، وشدة سكرات الموت ، وعذاب القبر ، وشدة المرور على الصراط ، وعذاب النار ... .
وفي المقابل من عمل صالحًا لا يضيع أجره ، وله جزاء ذلك
مع ملاحظة أن الابتلاءات في الدنيا قد تكون لتكفير الذنوب ، أو لرفع الدرجات والتمحيص ، وليست دائمًا عقابًا .
فقد لا ينال المؤمن منزلة عالية في الآخرة بعمله ، فتكون هذه الابتلاءات والصبر عليها سبب لرفع درجاته .
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-25, 06:42 PM   #4
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mmm

ثانيًا : توحيد الألوهية
وهو إفراد الله تعالى بالعبادة ، فكل ما هو من العباد إلى الله هو ألوهية .
وهذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم .
قال تعالى"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " .سورة النحل / آية : 36.
وكل رسول يبدأ دعوته بتوحيد الألوهية ، كما قال نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " . سورةالأعراف / آية :59 ، 65 ، 73 ، 85 .
وهذا النوع من التوحيد يسمى توحيد ألوهية باعتبار إضافته إلى الله .
ويسمى توحيد عبادة باعتبار إضافته إلى العابد .
ومن كتاب عقيدة المؤمن : ص : 78.
قال : إن توحيد الألوهية جزء هام من عقيدة المؤمن ، إذ هو ثمرة توحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وجَناه الطيب .
وبدونه يفقد توحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات معناه ، وتنعدم فائدته .
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-25, 06:43 PM   #5
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mo

ثالثًا : توحيد الأسماء والصفات
وهو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله ـصلى الله عليه وسلم ـ من الأسماء الحسنى والصفات العلى ، لفظًا ومعنىً .
واعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ، وأن لها معانٍ حقيقية تليق بجلال الله وعظمته .
أي : نثبت لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات ، ونؤمن بمعناها ، وأن لها كيف .لكنْ نفوض هذا الكيف لله لعجزنا وجهلنا بهذا الكيف .
لقوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" .
سورة الشورى / آية : 11.
فقد أثبت سبحانه لنفسه صفتي السمع والبصر ، ونفى المِثلية .

·أركان الإيمان بالاسم :
1 ـ الإيمان بالاسم .
3- الإيمان بما دل عليه الاسم من معنى - أي : الصفة المشتقة منه .
3 ـ الإيمان بالحكم والأثر المرَتب على الاسم إن دل على وصفٍ متعدٍّ .
مثال :
" الرحيم "اسم يدل على وصف متعد للغير . يرحم الله عباده .
أركان الإيمان باسم الرحيم :
1 ـ الإيمان بأن " الرحيم " اسم من أسماء الله الحسنى .
2 ـ الإيمان بالمعنى الذي دل عليه الاسم .
أي : الصفة المشتقة منه ، وهي صفة " الرحمة " . ذو رحمة .
3 ـ الإيمان بما يتعلق بهذا الاسم من أثر وحكم . وهو أنه يرحم من يشاء .

" الحي " اسم من أسماء الله الحسنى يدل على وصف غير متعد .
أركان الإيمان باسم الله الحي :
1ـ الإيمان بأن " الحي " اسم من أسماء الله الحسنى .
2ـ الإيمان بأن الله يتصف بالصفة المشتقة منه وهي " الحياة " .
أسـماء الله غير محصورة بعدد معين :
والدليل على ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم :
" اللهم إني عبدُك وابن أمتك " ... إلى أن قال " أسألك بكل اسم هو لك سميتَ به نفسك ، أو أنزلتَهُ في كتابك ، أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ..... " .صحيح . جزء من حديث ابن مسعود . رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة / رقم : 199 .
والشاهد : قوله صلى الله عليه وسـلم " وما استأثرت به في علم الغيب عندك " .
وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعلم به ، وما ليس معلومًا ليس محصورًا .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " إن لله تسعةً وتسعين اسمًا ، من أحصاها دخل الجنة " .رواه البخاري / كتاب : الدعوات .
فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء ، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه تسعة وتسعين اسمًا فإنه يدخل الجنة .
" وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدَّها وسَرْدَها لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم " .ا . هـ .
فحديث الترمذي " ضعيف " ، ولا يحوي جميع أسماء الله الحسنى ، فليس فيه اسم " الرب " ، " الوتر " ، " الجميل " ، " الطيب " ، " السبوح " ، ..... .

المراد من إحصاء الأسماء الحسنى :
هناك مراتب للإحصاء :
المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعددها المحدد في الحديث : 99 اسمًا .
المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .
المرتبة الثالثة : دعاء الله بها .
كما قال تعالى " وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " . سورة الأعراف / آية : 180.

· أنواع الدعاء بأسماء الله :
1 ـ دعاء ثناء .
2 ـ دعاء عبادة .
3 ـ دعاء طلب ومسألة .

* دعاء ثناء :
وهو أن يثني على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى .
مثال : يا حي يا قيوم : دعـاء ثنـاء ، برحمتك استغيث

* دعاء العبادة :
وهو أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء ، فمقتضى " الرحيم " الرحمة ، فترحم عباد الله ، وتتصف بصفة الرحمة ، دعاء عبادة باسمه الرحيم .
وتقوم بالتوبة لأنه هو " التواب " ، وتخشاه في السر والعلن لأنه هو " اللطيف الخبير " .
مع ملاحظة أن من أسماء الله أسماء تقتضي من العبد مجرد الإقرار بها والخضوع لها ، وهي الأسماء التي يختص بها سبحانه لنفسه " كالجبار " ، و" العظيم " ، و
" المتكبر " .
* دعاء الطلب والمسألة :
وفيه يسأل في كل مطلوب باسم ـ من أسماء الله الحسنى ـ يكون مقتضيًا لذلك المطلوب .
فيقول في مقام الحاجة مثلًا : يا " معطي يا مانع " ، اعطني كيت وكيت .
ويقول في مقام الرحمة " يا رحمن " ارحمني .
وفي مقام التوبة " يا تواب " تب علي .
إذًا لابد أن يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب ، ولكن يستثنى من ذلك لفظا " الله " و " رب " فيصح قول : يا رب ارحمني ، يا ألله اغفر لي ...

· الإخبار عن الله تعالى :
إن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته .
ـ فالأسماء الحسنى والصفات العلى : توقيفية ، لا مجال للعقل فيها ، فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة .
ـ وكل اسم يشتق منه صفة ، وليست كل صفة يشتق منها اسم .
فباب الصفات أوسع من باب الأسماء .
مثال للصفات التي لا تشتق من الأسماء : الضحك ، النزول ، الاستواء ، .....

الإخبار :
يراد به ما يجوز إطلاقه على الله عن طريق الخبر ، وذلك بمعنى من المعاني لم يرد بلفظه في الكتاب والسنة ، وإن كان معناه مطلوبًا إثباته شرعًا لدلالته على معنى حسن ، أو معنى ليس فيه شائبة ذم ، قد نفاه عنه بعض المبتدعة فيخبر عنه به للرد عليهم .
كأن ينازعك في قِدَمِهِ ، أو وجوب وجوده ، فتقول مخبرًا عنه بما يستحقه : إنه قديم ، وواجب الوجود .

معنى واجب الوجود :
أي : لم يسبقـه عدم ولا يلحقه زوال .
أي : أزلي أبدي ... وهذا في حق الله .

معنى ممكن الوجود :
أي : كان بعد أن لم يكن ، وهذا في حق كل مخلوق .
من الأسماء ما لا يطلق على الله عز وجل إلا مقترنًا بما يقابله :
مثل : " الظاهر " ، " الباطن " / " القابض " ، " الباسط " / " المقدِّم " ، " المؤخِّر " / " الأول " ، " الآخر " / ... ... .
فلا يجوز لأي اسم من هذه الأسماء أن يُفرد عن مقابله ، لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه الأسماء بما يقابله .
فلو قلت : يا " ظاهر " ، يا " قابض " ، يا " مقدم " ، يا " أول " ، ..... ، واقتصرت على ذلك ، لم تكن مثنيًا عليه سبحانه ، ولا حامدًا له حتى تذكر مقابلها .

oفـائدة :
ليس معنى تقسيم التوحيد إلى أنواع ثلاثة ، ليس معناه عدم وجود علاقة بين هذه الأنواع وتلازم ، ولكن جميع أنواع التوحيد متلازمة ، فينافيها كلها ما ينافي نوعًا منها :
فمن أشرك في نوع منها فهو مشرك في بقية الأنواع .

مثال ذلك : دعاء غير الله وسؤاله ما لا يقدر عليه إلا الله :
ـ فدعاؤه إياه ، عبادة صرفها لغير الله من دون الله ، فهذا شرك في " الألوهية " .

ـ وسؤاله إياه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع شر معتقدًا أنه قادر على قضاء ذلك ؛ هذا شرك في " الربوبية " ، حيث اعتقد أنه متصرف مع الله في ملكوته .

ـ ثم إنه لم يدعه هذا الدعاء من دون الله إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب في أي وقت كان ، وفي أي مكان ، وهذا شرك في " الأسماء والصفات " حيث أثبت له سمعًا محيطًا بجميع المسموعات لا يحجبه قُرب ولا بُعْد فاستلزم هذا الشرك في " الألوهية " ، الشرك في " الربوبية " و " الأسماء والصفات " .
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-25, 06:44 PM   #6
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Home

" الإيمان وأركانه "
سبق أن بينا أن عقيدة التوحيد هي ثمرة الإيمان .
وبينا أنواع التوحيد التي تمثل " الإيمان بالله " الذي هو الركن الأول من أركان الإيمان الستة .
أركان الإيمان :
1ـ الإيمان بالله .
2 ـ الإيمان بالملائكة .
3ـ الإيمان بالكتب .
4 ـ الإيمان بالرسل .
5ـ الإيمان باليوم الآخر .
6 ـ الإيمان بالقدر خيره وشره .
وهذه الأركان الست مجموعة في حديث جبريل عليه السلام ، حين جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورة أعرابي يسأله عن الإسلام ، والإيمان ، والإحسان قال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان :
" أن تؤمنَ بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " .
رواه مسلم عن عمر بن الخطاب / ج : 1 . ورواه البخاري نحوه عن أبي هريرة / الفتح / ج : 1.


* * * * *
شرح أركان الإيمان

أولًا : الإيمان بالله
الإيمان بالله عز وجل معناه :

الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه ، وأنه الذي يستحق وحده أن يفرد بالعبادة ، وأنه المتصف بصفات الكمال كلها ، المنزه عن كل نقص .
فالإيمان بالله سبحانه يتضمن توحيده في ثلاثة : في ربوبيته ، وفي ألوهيته ، وفي أسمائه وصفاته .
فهذه ثلاثة أنواع من التوحيد تدخل في معنى الإيمان بالله عز وجل وسبق تفصيل الكلام في كل نوع .


* * * * *
ثانيًا : الإيمان بالملائكة
إن الإيمان بالغيب أصل عظيم من أصول الإيمان ، وأهم صفات عباد الرحمن .
قال تعالى"ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِوَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ".سورة البقرة / آية : 2، 3.
والغيب لا يعلمه إلا الله . قال تعالى " وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ... ".سورة هود / آية : 123.
والغيب ما غاب عنا ولا نعلم عنه شيئًا إلا ما أطْلَعَ اللهُ عليه بعضَ خلقِهِ .

قال تعالى "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا*إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا " . سورة الجن / آية : 26 ، 27 .
ومن هذا الغيب الذي أمرنا الله بالإيمان به ، الإيمان بالملائكة . قال الله تعالى "وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ...."
سورة البقرة / آية : 177 .

وهو أحد أركان الإيمان المذكورة في حديث جبريل ـ عليه السلام ـ .

· وهم خلق خلقهم الله عز وجل قبل خلق الإنسان بزمن لا يعلم مقداره إلا الله .
قال تعالى "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً". سورة البقرة / آية : 30.
فخاطبهم قبل خلق الإنسان فدل هذا على وجودهم قبله .

· وهم خلق لطيف خلقهم الله من نور .
( كما صح ذلك عند مسلم / كتاب الزهد / باب أحاديث متفرقة / حديث : 2996 ) .

* عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم"خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ." الراوي : عائشة أم المؤمنين - صحيح مسلم
· وهم خلق جميل الخلقة .

قال تعالى "فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " .سورة يوسف / آية : 31 .

وروى أحمد ـ رحمه الله ـ بسند صحيح -صححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ :
* عن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه"وقالَ جريرٌ لمَّا دنوتُ منَ المدينةِ أنختُ راحلتي ثمَّ حللتُ عَيْبتي ثمَّ لبستُ حُلَّتي ثمَّ دخلتُ فإذا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ يخطبُ فرماني النَّاسُ بالحدقِ فقلتُ لجليسي يا عبدَ اللَّهِ ذَكرني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ قالَ نعم ذَكرَكَ آنِفًا بأحسنِ ذِكرٍ فبينما هوَ يخطبُ إذ عرضَ لهُ في خطبتِهِ وقالَ يدخلُ عليكم من هذا البابِ أو من هذا الفجِّ من خيرِ ذي يمنٍ ألا إنَّ على وجههِ مِسحةَ ملَكٍ قالَ جريرٌ فحمدتُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ على ما أبلاني" . الراوي : جرير بن عبدالله - المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 271 - خلاصة حكم المحدث : حسن

هذا وقد قال ربنا عز وجل عن جبريل ـ عليه السلام ـ " ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى " .
سورة النجم / آية : 6.

نقل ابن كثير عن ابن عباس قال : ذو منظر حسن .

· وأعداد الملائكة كثيرة لا يعلمها إلا الله .
* عن مالك بن صعصعة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعًا ـ في حديث المعراج "فَرُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: هذا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فيه كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، إذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إلَيْهِ آخِرَ ما عليهم"
وهو في الصحيحين .

وثبت في " صحيح مسلم " من حديث ابن مسعود مرفوعًا"يُؤْتَى بجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لها سَبْعُونَ ألْفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها." .

وغير ذلك من الأدلة التي تدل على كثرة الملائكة .

· الملائكة يسكنون السماء ولا ينزلون إلا بإذن الله .
قال تعالي " وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ ." .سورة مريم / آية : 64.

وقال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا .." .سورة فصلت / آية : 30.

· الملائكة تتجلى ويراها بعض البشر :
مع كون الملائكة خلقًا مغيَّبًا ، فقد ثبت في غير ما حديث أن بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ رأوا بعض الملائكة حال تمثلهم في صورة بشرية .


ـ من هذه الأحاديث ، حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـقال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ : بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ.... الحديث ..... وفي آخره قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ. " . رواه مسلم .

ـ وحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
"كنتُ معَ أبي عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ وعندَهُ رجلٌ يناجيهِ - قالَ عفَّانُ وهوَ كالمعرِضِ عنِ العبَّاسِ - فخرَجْنا من عندِهِ فقالَ ألم ترَ إلى ابنِ عمِّكَ كالمُعرِضِ عنِّي فقلتُ إنَّهُ كانَ عندَهُ رجلٌ يناجيهِ - قالَ عفَّانُ فقالَ أوَ كانَ عندَهُ أحدٌ قلتُ نعَم - قالَ فرجعَ إليهِ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ هل كانَ عندَكَ أحدٌ فإنَّ عبدَ اللَّهِ أخبرَني أنَّ عندَكَ رجُلًا تُناجيهِ قالَ هل رأيتَهُ يا عبدَ اللَّهِ قالَ نعَم قالَ ذاكَ جبريلُ وهوَ الَّذي شغَلني عنكَ"رواه أحمد ـ رحمه الله ـ وهو صحيح .صححه الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين / ج : 1 / ص : 341.

ـ وحديث أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ عند البخاري ومسلم :
"أنَّ جِبْرِيلَ، أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: مَن هذا؟ أوْ كما قالَ، قالَتْ: هذا دِحْيَةُ، فَلَمَّا قَامَ، قالَتْ: واللَّهِ ما حَسِبْتُهُ إلَّا إيَّاهُ، حتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ، أوْ كما قالَ، قالَ أبِي: قُلتُ لأبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هذا؟ قالَ: مِن أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ. " .

تعليق : دحية الكلبي : هو دحية بن خليفة الكلبي .
كان صحابيًا مشهورًا بالجمال ، وكان جبريل ينزل على صورته .

* * * *

فلابد لصحة إيمان العبد ، الإيمان بالملائكة :
والمقصود به الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكة موجودين مخلوقين من نور وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، وأنهم قائمون بوظائفهم التي أمرهم الله بالقيام بها . والذي يستقصي الآيات القرآنية الكريمة ، والأحاديث النبوية الشريفة ، التي تكلمت عن الملائكة ، وأوصافهم وأعمالهم ، وأحوالهم ، يلاحظ أنها تناولت في الغالب ما يبين علاقتهم بالخالق سبحانه ، وبالكون ، وبالإنسان .
فعرَّفنا سبحانه من ذلك على ما ينفعنا في تطهير عقيدتنا .

وأما حقيقة الملائكة ، وكيف خلقهم ، وتفصيلات أحوالهم ، فقد استأثر سبحانه بها .

وهذه خصيصة عامة من خصائص العقائد الإسلامية ، تناولت الحقائق الكونية ، والتعريف بها في حدود ما يحتاج إليه البشر ، ويصلح أحوالهم في المعاش والمعاد وما تطيقه عقولهم .

والمؤمن الصادق يُقر بكل ما أخبر به الخالق ، مجملًا أو مفصلًا ، ولا يزيد على ذلك ، ولا ينقص منه ، ولا يتكلف البحث عما لم يطلع عليه ، ولا يخوض فيه .

علاقة الملائكة بالخالق :
علاقة الملائكة بالخالق ، علاقة العبودية الخالصة ، والطاعة والامتثال ، والخضوع المطلق لأوامره عز وجل .
قال تعالى " يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " . سورة النحل / آية : 50 .
وقال تعالى " لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " .سورة التحريم / آية : 6 .
علاقة الملائكة بالكون والإنسان :

وإذا كانت تلك هي صلتهم بربهم : عبودية كاملة له سبحانه ، وطاعة تامة لأوامره عز وجل ، فإن صلتهم بالكون والإنسان هي فرع تلك العبودية ، وتلك الطاعة.
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-25, 06:45 PM   #7
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
^

أولًا : علاقة الملائكة بالكون

وقد دل الكتاب والسنة على أصناف الملائكة ، وأنها موكلة بأصناف المخلوقات .
وأمثلة ذلك :
* خزنة السموات :
ـ جاء في حديث البراء بن عازب عند الإمام أحمد وأبي داود قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شأن روح العبد المؤمن" .....فيصعَدونَ بها، فلا يمُرُّون بها على مَلَأٍ مِن الملائكةِ إلَّا قالوا: ما هذا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟ فيقولونَ: هذا فلانُ بنُ فلانٍ، بأحسَنِ أسمائِه الَّتي يُسمَّى بها في الدُّنيا، حتَّى ينتَهوا بها إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيستفتِحون، فيُفتَحُ لهم، فيستقبِلُهم مِن كلِّ سماءٍ مُقرَّبوها إلى السَّماءِ الَّتي تليها، حتَّى يُنتَهى به إلى السَّماءِ السَّابعةِ ..... " .
وقال عن روح الكافر " ....فيصعَدون بها، فلا يمُرُّون بها على ملأٍ مِن الملائكةِ إلَّا قالوا: ما هذا الرُّوحُ الخبيثُ ؟ فيقولونَ: فلانُ بنُ فلانٍ، بأقبَحِ أسمائِه الَّتي كان يُسمَّى بها في الدُّنيا، حتَّى يُنتَهى بها إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيستفتِحون فلا يُفتَحُ له" .ثمَّ قرَأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم"لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ "الأعراف: 40 .
وهو . وذكره الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في الجنائز .الراوي : البراء بن عازب - المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند الصفحة أو الرقم: 150 - خلاصة حكم المحدث : حسن.

ـ ومن أدلة ذلك أيضًا حديث المعراج الطويل وفيه :
" ..... فَانْطَلَقَ بي جِبْرِيلُ حتَّى أتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فقِيلَ: مَن هذا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قيلَ: مَرْحَبًا به؛ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَفَتَحَ ..... " . وهذا في كل سماء .
رواه البخارى ومسلم / الفتح الرباني / ص : 120 .
* حملة العرش :

قال تعالى "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ" . سورة غافر / آية : 7 .
* عن جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنهما ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
" أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " . رواه أبو داود / كتاب السنة / حديث رقم : 4712 .وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع / حديث رقم : 854 .

* ملك الجبال :
* عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم "أنَّها قالَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا." .رواه البخاري / كتاب : بدء الخلق / باب : إذا قال أحدكم آمين / حديث رقم : 3231 - ورواه مسلم / كتاب :الجهاد / باب : ما لقي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ من أذى المشركين / حديث رقم : 1795 .
قرن الثعالب : ويقال لها قرن المنازل ، وهي مكان على مسيرة يـوم وليلة من مكة .
الأخشبين : جبلان عظيمان . والمقصود أن ملك الجبال باستطاعته أن يجعل الجبلين يلتقيان على أهل مكة فيموتوا جميعًا .

* الملك الموكل بالسحاب :
* عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : "أقبلتْ يَهودُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: يا أبا القاسمِ إنَّا نسألُكَ عن خمسةِ أشياءَ، فإنْ أنبَأْتَنا بهنَّ، عرَفْنا أنَّكَ نبيٌّ واتَّبعْناكَ، فأخَذ عليهم ما أخَذ إسرائيلُ على بَنيه؛ إذ قالوا: اللهُ على ما نقولُ وكيلٌ، قال: هاتوا، قالوا: أخبِرْنا عن علامةِ النبيِّ، قال: تَنامُ عَيْناه، ولا ينامُ قلبُه، قالوا: أخبِرْنا كيفَ تُؤنِثُ المرأةُ، وكيفَ تُذكِرُ؟ قال: يلتقي الماءانِ، فإذا علا ماءُ الرجُلِ ماءَ المرأةِ أذكَرَتْ، وإذا علا ماءُ المرأةِ ماءَ الرجُلِ آنثَتْ، قالوا: أخبِرْنا: ما حرَّم إسرائيلُ على نفسِه؟ قال: كان يَشْتكي عِرقَ النَّسا، فلم يجِدْ شيئًا يُلائِمُه إلَّا ألبانَ كذا وكذا -قال أبي: قال بعضُهم: يعني: الإبِلَ- فحرَّم لحومَها، قالوا: صدَقتَ، قالوا: أخبِرْنا ما هذا الرَّعْدُ؟ قال: ملَكٌ من ملائكةِ اللهِ عزَّ وجلَّ مُوكَّلٌ بالسَّحابِ بيدِه -أو في يدِه- مِخراقٌ من نارٍ، يزجُرُ به السَّحابَ، يسوقُه حيثُ أمَر اللهُ، قالوا: فما هذا الصوتُ الذي نسمَعُ؟ قال: صوتُه، قالوا: صدَقتَ، إنَّما بقِيتْ واحدةٌ، وهي التي نُبايِعُكَ إنْ أخبَرْتَنا بها؛ فإنَّه ليس من نبيٍّ إلَّا له ملَكٌ يأتيه بالخبرِ، فأخبِرْنا من صاحِبُكَ؟ قال: جِبْريلُ عليه السَّلامُ، قالوا: جِبْريلُ ذاك الذي ينزِلُ بالحربِ والقِتالِ والعذابِ عدُوُّنا، لو قلتَ: ميكائيلُ الذي ينزِلُ بالرَّحمةِ والنَباتِ والقَطْرِ؛ لكان؛ فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ"مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ..."البقرة: 97 إلى آخِرِ الآية"رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في " دلائل النبوة " .
إسرائيل : هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام
عِرقَ النَّسا : هو وجع في عرق يمتد من الورك إلى الكعب
مِخراقٌ من نارٍ : المخراق في الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضًا ، وأراد هنا آلة تزجر بها الملائكة السحاب .
صوته : يعني صوت المخراق .
* وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " بَيْنا رَجُلٌ بفَلاةٍ مِنَ الأرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا في سَحابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذلكَ السَّحابُ، فأفْرَغَ ماءَهُ في حَرَّةٍ، فإذا شَرْجَةٌ مِن تِلكَ الشِّراجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذلكَ الماءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الماءَ، فإذا رَجُلٌ قائِمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بمِسْحاتِهِ، فقالَ له: يا عَبْدَ اللهِ ما اسْمُكَ؟ قالَ: فُلانٌ، لِلاِسْمِ الذي سَمِعَ في السَّحابَةِ، فقالَ له: يا عَبْدَ اللهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فقالَ: إنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا في السَّحابِ الذي هذا ماؤُهُ يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، لاِسْمِكَ، فَما تَصْنَعُ فيها؟ قالَ: أمَّا إذْ قُلْتَ هذا، فإنِّي أنْظُرُ إلى ما يَخْرُجُ مِنْها، فأتَصَدَّقُ بثُلُثِهِ، وآكُلُ أنا وعِيالِي ثُلُثًا، وأَرُدُّ فيها ثُلُثَهُ"رواه مسلم / كتاب : الزهد والرقائق / باب : الصدقة في المساكين / حديث رقم : 2984 .
بفلاة : هي المفازة وهي الأرض التي لا ماء فيها ، وسميت مفازة تفاؤلًا واستبشارًا لأن الذي يمشي في مثل هذه الأرض يظن به الهلكة .
فتنحى ذلك السحاب : يعني اتجه السحاب ناحية معينة .
حَرة : الحرة : الأرض ذات الحجارة السود .
شرجة : القناة التي تحمل الماء .
استوعبت ذلك الماء كله : أي جمعته .
بمساحته : المسحاة : أداة من أدوات الزراعة يحول بها الماء كالفأس ونحوها .

* حراسة الملائكة لمكة والمدينة :
* عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " ليسَ مِن بَلَدٍ إلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إلَّا مَكَّةَ، والمَدِينَةَ، ليسَ له مِن نِقَابِهَا نَقْبٌ، إلَّا عليه المَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ ومُنَافِقٍ"البخاري / كتاب : فضائل المدينة / باب : لا يدخل الدجال المدينة / حديث رقم : 1881 .
مسلم / كتاب : الفتن / باب : قصة الجساسة / حديث رقم : 2943 .
نقابها : مداخلها ، والمراد بها الأبواب .
وقد ورد في " الصحيح " أن المدينة يومئذ لها سبعة أبواب على كل باب ملكان .
صافين : أي يقفون في صفوف .
ترجف المدينة : يحصل لها زلزلة وهي ثلاث رجفات ، يعني : زلازل .

* وعن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ، لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان "
البخاري / كتاب : فضائل المدينة / حديث رقم : 1879 .

* الملك الموكل بالنفخ في الصور :

"صاحبُ الصورِ واضعٌ الصورَ على فِيهِ ، منذُ خُلِقَ ، ينتظِرُ متى يؤمَرُ أنْ ينفُخَ فيه ، فينفُخَ"صححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع


* خزنة جهنم :
قال تعالى "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ" .سورة الزمر / آية : 71 ، 72 .

وقال تعالى "عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ". سورة التحريم / آية : 6 .

* عن سَمُرَة بن جُنْدب ـ رضي الله عنه ـ قال :
قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم"رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قالَا الذي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وأَنَا جِبْرِيلُ وهذا مِيكَائِيلُ." .رواه البخاري / كتاب : بدء الخلق / باب : ذكر الملائكة / حديث رقم : 3236 .

*عدد الملائكة الذين يجرون جهنم :
* عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـصلى الله عليه وسلم"يُؤْتَى بجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لها سَبْعُونَ ألْفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها."رواه مسلم / كتاب : صفة الجنة / باب : شدة حر نار جهنم / حديث رقم : 2842 .
يَومَئذٍ: يعني يوم القيامة .
كما قال تعالى في " سورة الفجر " وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ "
زمام : هو ما يجعل في أنف البعير يشد عليه المقود .
والمقود : هو الحبل الذي يشد في هذا الزمام .

* خزنة الجنة :
قال تعالى "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ". سورة الزمر / آية : 73 .

وقال تعالى "وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ" .سورة الرعد / آية : 23 ، 24 .

*الملائكة الموكلون بأبواب الجنة :
* عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ."صحيح مسلم / كتاب : الإيمان / حديث رقم : 197 .باب : قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أنا أول الناس يشفع في الجنة " .
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 1
أم أبي تراب

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
~ صفحة المتشابهات والمتكرر ~ سها أحمد حلقة معاهدة القرآن الكريم 16 07-10-19 07:00 PM
صــحــح لـــغتك الــعربية.........أخـــــطاء شــــائــــعة ورده الياسيمن روضة اللغة العربية وعلومها 9 18-03-08 01:38 PM
لنتعلم احكام التجوبد مع المصحف المرمز@ بصوت الشيخ ابو بكر الشاطرى ادخل وخد نسختك @ فرشى التراب روضة القرآن وعلومه 4 18-07-07 08:37 AM
أثر العربية في صحة المعتقد.. المزدانة بدينها روضة اللغة العربية وعلومها 5 05-06-07 01:13 PM


الساعة الآن 03:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .