العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-12-08, 06:40 PM   #1
مخبتة لربها
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 30-12-2008
العمر: 21
المشاركات: 15
مخبتة لربها is on a distinguished road
افتراضي وأنتِ أيتها الأخت المباركة لماذا لا تقنتين؟ مسائل في قنوت النوازل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه أول مشاركاتي في موضوع أعجبني نحتاجه جميعاً هذه الأيام وهو للشيخ عبدالله الفريح وأترككم مع الموضوع .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

الحمدلله معز أوليائه ولا عدوان إلا على الظالمين المارقين , والصلاة والسلام على خير من سعى في عزة الإسلام محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ثم أما بعد , , , ,

مهما طال ظلام الليل فالفجر قادم ياغزة العزيزة ويا أنصار غزة في كل مكان , فياربي مكِّن لأهلنا في غزة نصراً وعزة .
أختي المباركة : وأنتِ مما يشرع في حقك قنوت النازلة في الفرائض , لأن ما ثبت في حق الرجال فهو ثابت في حق النساء إلا ما دل الدليل على التفريق فيه بين الجنسين ولا دليل على ذلك وبهذا أفتى الشيخ ابن جبرين , فشمري وجدي وابذلي الخير تجديه إن اقل ما نقدمه لأهلنا في غزة هذه الأيام هو الدعاء وهو عظيم ليس بقليل ولكنه لا يحتاج إلى بذل كثير ولا يعذر فيه من تقاعس , وفي هذه الأسطر أقدِّم لك أختي وأخي القارئ بعض أحكام قنوت النوازل وهي مستلَّة من شرحنا لزاد المستقنع فهاكها أخي وأختي .


مسائل في قنوت النوازل وتحته مباحث

* تعريف قنوت النازلة
القنوت: يطلق على معان والمراد به هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام.
قال ابن القيم في زاد المعاد ( 1 / 276 ): " فإن القنوت يطلق على القيام, والسكوت, ودوام العبادة, والدعاء, والتسبيح, والخشوع ".
ونقل الحافظ في الفتح عن شيخه زين الدين العراقي نظم معان القنوت في أبيات فقال:
ولفظ القنـوت اعـدد معانيـه تجـد مزيداً على عشر معانٍ مرضيّة
دعاء, خشوع, والعبادة, طول سـكوت إقامتهـا, إقـراره بالعبوديّة
صــلاة, صيــام, وطــولــه كذلك دوام الطاعة الرابح القنيّة
[ والقنيّة: ما اقتني من شاة أو ناقة ونحوهما ].

وقنوت النوازل: هو الدعاء في النوازل التي تنزل بالمسلمين لدفع أذى عدو أو رفعه أو رفع بلاء ونحو ذلك.
* قال النووي في شرح مسلم: " والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر
بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات ".


* من الأحاديث الواردة في قنوت النازلة
1. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَلْعَنُ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ " متفق عليه واللفظ لمسلم.
2. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ الله عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ ( بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا) " . أخرجه البخاري.
[ قوله (كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ ) جاء في رواية ثابت أن هؤلاء القراء بعدما يحتطبون بالليل يشترون به طعاماً لأهل الصُفَّة, ويتدارسون القرآن ]
3. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ " أخرجه البخاري.
4. عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: " قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ " أخرجه مسلم.
5. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " أخرجه البخاري.
[قوله (اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ ) هؤلاء رجال من أهل مكة أسلموا ففتنتهم قريش وعذبوهم, ثم نجوا ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) من الدعاء العام بعد الخاص, وقوله (اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ) المقصود بهم كفار مضر وهي قبيلة مشهورة, واشدد وطأتك: أي خذهم بشدة والمراد به الإهلاك, وقوله (اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ ) أي كالسنين السبع الشداد ذات القحط والغلاء ليضعفهم بالجوع, وهي التي وقعت في عهد يوسف عليه السلام ].
6. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " لأقَرِّبَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ " متفق عليه.
7. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: " قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ " أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم كلهم من طريق ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس به، قال النووي: " رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح " (المجموع3/482). وقال ابن القيم: " وهو حديث صحيح " (زاد المعاد 1/280 ).
وقال ابن حجر: " هذا " (نتائج الأفكار 2/130 ) وحسنه الألباني (انظر صحيح سنن أبي داود ج3/144).


* يستفاد من الأحاديث السابقة أحكاماً عدة منها:

أولاً: مشروعية القنوت في النوازل
لدلالة الأحاديث السابقة من فعله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا سار صحابته رضوان الله عليهم والتابعين من بعدهم.
قال ابن تيمية: " القنوت مسنون عند النوازل، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث، وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين " ( مجموع الفتاوى 23/ 108). وقنوت النازلة إنما يكون في الركعة الأخيرة كما هو ظاهر حديث أبي هريرة السابق في الصحيحين.

وما الحكمة من جعل القنوت في القيام لا في السجود ؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري في فصل القنوت: ( وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأمومُ الإمام في الدعاء ولو
بالتأمين ومن ثم اتفقوا على أن يجهرَ به ).



ثانياً: أن القنوت يجوز فعله في الصلوات الخمس وآكدها الفجر
ويدل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في النوازل في الصلوات الخمس كلها، فقد ثبت في الصحيحين أنه قنت في: الفجر والظهر والمغرب والعشاء. أما العصر فقد ثبت عند أحمد وأبي داود, وهذا قول المذهب أيضاً, وأكثر ما رواه الصحابة في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يظهر من الأحاديث السابقة وغيرها - كان في الفجر، ثم المغرب والعشاء، ثم الظهر، ثم العصر.
قال ابن تيمية رحمه الله: ".. فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين ويدعو على الكفار في الفجر وفي غيرها من الصلوات، وهكذا كان عمر يقنت لما حارب النصارى بدعائه الذي فيه ( اللهم العن كفرة أهل الكتاب )" ( مجموع الفتاوى 22/270 ).
وقبل ذلك قال:" وأكثر قنوته ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان في الفجر " .( مجموع الفتاوى 22/269 ).
وقال ابن القيم: " وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة، وترْكَه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر، بل كان أكثر قنوته فيها ". ( زاد المعاد 1/273 ).
وأما النوافل فلا يُقنت فيها وهو قول المذهب أيضاً, لعدم ورود ذلك في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .

* واختلف العلماء في القنوت في صلاة الجمعة لعدم وروده في الأحاديث:
فقيل: يقنت في الجمعة, واختاره شيخنا ابن عثيمين ( في الممتع 4 / 47 ).
والأظهر والله أعلم وهو المشهور من المذهب: أنه لا يقنت, وهو اختيار شيخ الإسلام وابن المنذر, لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضي الله عنهم ولو ثبت لنقل إلينا كغيره من الصلوات المفروضة حيث نقلت كلها بلا استثناء, ولذا يكتفي الخطيب بأن يدعو للمسلمين في خطبة الجمعة.
قال ابن عبد البر ( في الاستذكار 2/282 ): " وليس عن أحد من الصحابة أنه قنت الجمعة ".
* فائدة: حديث أنس " مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " رواه أحمد والبيهقي والدارقطني وغيرهم, وهو حديث ضعيف فيه أبو جعفر الرازي, ضعفه الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية ( في مجموع الفتاوى 3/664), وابن القيم ( في زاد المعاد 1/276 ) والشوكاني ( في نيل الأوطار 1/631 ) واللجنة الدائمة ( 7/44 ) وابن
عثيمين ( في شرح بلوغ المرام (227) كتاب الصلاة ).


ثالثاً: المشروع أن يكون القنوت يسيراً
فالسنة أن يبتعد عن الإطالة ولا يشق على الناس وأن يهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم كان دعاؤه كلمات يسيرة كما هو ظاهر الأحاديث السابقة.
ويدل على ذلك: حديث أَنَسٍ رضي الله عنه لما سئل: هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ؟ قَالَ: " نَعَمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا " أخرجه مسلم. لأن العبرة بصدق الدعاء, وطهارة قلب صاحبه وعبوديته لله تعالى.
إلا أن يحتاج الإنسان للتطويل اليسير ليُلِحَّ على ربه تعالى لاسيما إذا اشتد الكرب والنازلة بالمسلمين ما لم يكن في ذلك مشقة على المسلمين فلا بأس.
قال شيخنا ابن عثيمين: " الوارد عنه صلى الله عليه وسلم في قنوت النوازل أنه قنوت قصير, يدعو لقوم أو يدعو على قوم بدون إطالة, ولكن إذا أطال الإنسان إطالة لا يحصل فيها تعب على المصلين, وكان يرى فيهم الرغبة في هذا, والدعاء لا يتجاوز ما يتعلق بالنازلة, فإن هذا لا بأس به, لأن الإلحاح في الدعاء من الأمور المشروعة, ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أعلم النهي عن إطالة القنوت إلا إذا كان شاقاً على المصلين " [ انظر فتاوى نور على الدرب في موقع الشيخ ابن عثيمين ].


رابعاً: لا يشترط في القنوت في الصلاة أن تحل النازلة ببلاد المسلمين، بل يشرع القنوت في النازلة ولو وقعت خارج بلاد المسلمين إن لحق المسلمون منها ضرر أو أذى.
ويدل على ذلك: حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- السابق نص في هذا حيث قنت الرسول –صلى الله عليه وسلم - على أولئك
المذكورين من أهل مكة، ومكة آنذاك لا تزال دار كفر.

خامساً: يجوز الدعاء لأشخاص بأعيانهم من المستضعفين المسلمين - إن دعت الحاجة لذلك- كما في حديث أبي هريرة السابق وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ....) الحديث.


سادساً: الاقتصار في الدعاء على النازلة
فلا يزيد في قنوته أدعية أخرى، وإنما يقتصر على النازلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فالسنة أن يقنت عند النازلة ويدعو فيها بما يناسب أولئك القوم المحاربين ". (مجموع الفتاوى 21/155 ).
وقال أيضاً: " وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة. وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسناً ".( مجموع الفتاوى 22/271 ).
و قال أيضاً: " عمر رضي الله عنه قنت لما نزل بالمسلمين من النازلة، ودعا في قنوته دعاءً يناسب تلك النازلة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت أولاً على قبائل بني سليم الذين قتلوا القراء، دعا عليهم بالذي يناسب مقصوده، ثم لما قنت يدعو للمستضعفين من أصحابه دعا بدعاء يناسب مقصوده. فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تدل على شيئين:
أحدهما: أن دعاء القنوت مشروع عند السبب الذي يقتضيه، ليس بسنة دائمة في الصلاة.
الثاني: أن الدعاء فيه ليس دعاء راتباً، بل يدعو في كل قنوت بالذي يناسبه، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أولاً وثانياً، وكما دعا عمر وعلي رضي الله عنهما لما حارب من حاربه في الفتنة، فقنت ودعا بدعاء يناسب مقصوده " (مجموع الفتاوى 23/109 ).
وقال أيضاً رحمه الله في " مجموع الفتاوى" ( 23/115 ): " القنوت يكون عند النوازل، وأن الدعاء في القنوت ليس شيئاً معيناً، ولا يدعو بما خطر له، بل يدعو من الدعاء المشروع بما يناسب سبب القنوت".اهـ


سابعاً: القنوت للنازلة مشروع عند وجود سببه فإذا زال السبب تُرك القنوت.
ولذلك قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً ثم ترك القنوت لما زال سببه بقدوم من قنت لهم.
ويدل على ذلك: حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ قَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فِي صَلَاةٍ شَهْرًا إِذَا قَالَ "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ " اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ ". أخرجه مسلم.
وجاء في "صحيح ابن خزيمة" ( 620 ): أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: ( فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلم يدع لهم فذكرت ذلك له فقال: أو ما تراهم قد قدموا ).
قال ابن القيم: " إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم، وللدعاء على آخرين، ثم تركه لما قَدِمَ مَنْ دعا لهم، وتخلَّصوا من الأسر، وأسلم من دعا عليهم و جاؤوا تائبين، فكان قنوته لعارض، فلما زال ترك القنوت ". (زاد المعاد 1/272 ).
* فائدة: قال بعض أهل العلم استحباب الدعاء برفع الطاعون وأنه من جملة النوازل، وقد أطال البحث فيه الحافظ ابن حجر في كتابه بذل الماعون (ص 315), والطاعون وباء معدي إذا نزل أهلك أمماً كثيرة, إذا نزل بأرض فإنه لا يجوز الذهاب إليها ولا يجوز الخروج منها لمن كان فيها كما ثبت في الصحيحين, واختلف هل يقنت لرفعه على قولين, فقيل: يدعى برفعه لأنه نازلة من نوازل الدهر, وقيل: لا يدعى برفعه لأنه شهادة فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن المطعون شهيد كما في
الصحيحين وقالوا كيف ندعو بشيء فيه شهادة.


ثامناً: يسن جهر الإمام في القنوت للنازلة.
ويدل على ذلك:حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لأحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ يَجْهَرُ بِذَلِكَ "أخرجه البخاري.
قال النووي: "وحديث قنوت النبي صلى الله عليه وسلم حين قُتل القراء رضي الله عنهم يقتضي أنه كان يجهر به في جميع الصلوات، هذا كلام الرافعي. والصحيح أو الصواب استحباب الجهر ". ( المجموع 3/482 )
* يسن رفع اليدين في دعاء قنوت النازلة
ويدل على ذلك: حديث أنس رضي الله عنه قال: " .. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ عَلَى شَيْءٍ قَطُّ وَجْدَهُ عَلَيْهِمْ ـ يعني القرَّاء ـ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِمْ ". أخرجه أحمد.
وقال النووي: " رواه ـ البيهقي ـ بإسناد له صحيح أو حسن " ( المجموع 3/479 ).
وعن أبي رافع قال: " صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقنت بعد الركوع، ورفع يديه، وجهر بالدعاء ". أخرجه البيهقي وقال: " هذا عن عمر صحيح " ( سنن البيهقي 2/212 ).

* وهنا لابد من تنبيهات
أولاً: لا يشرع مسح الوجه بعد دعاء القنوت. لأن ما ورد في المسح ضعيف لا يحتج به.
قال البيهقي ـ رحمه الله ـ : " فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، وقد روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث فيه ضعف. وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة، و أما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح ولا أثر ثابت، ولا قياس. فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة وبالله التوفيق ".
( سنن البيهقي 2/212 ).
وقال ابن تيمية: " وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه صلى الله عليه وسلم فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة ". (مجموع الفتاوى 22/519 ).
ثانياً: ظاهر الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت النوازل تبين أنه لم يكن يستفتح دعاء قنوت النازلة بحمد الله ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت في حديث أنه كان يستفتح دعاءه في قنوت النازلة بذلك ولا أصحابه من بعده.
ثالثاً: قال ابن تيمية: " ينبغي للمأموم أن يتابع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد؛ فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به ) وقال: ( لا تختلفوا على أئمتكم ) وثبت عنه في الصحيح أنه قال:
( يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم )". ( مجموع الفتاوى 23/115ـ116 ).

* متى يكون القنوت قبل الركوع أم بعده ؟
اختلف أهل العلم في ذلك:
قيل: قبل الركوع.
واستدلوا: بما رواه عبد الرحمن بن أبزى قال: صليت خلف عمر بن الخطاب فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع: "اللهم إياك نعبد...... " الحديث رواه البيهقي.
وقيل: بعد الركوع , وهو قول المذهب ( انظر المغني 2/581 ).
واستدلوا: بحديث أبي هريرة في الصحيحين: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه – يعني من الركوع – يقول سمع الله لمن حمده, يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم .... " وأيضاً حديث أنس عند البخاري وفيه: " بعد الركوع " وغيرها من الأحاديث الدالة على ذلك.
والصحيح أن الأمر في ذلك واسع فيجوز قبل الركوع ويجوز بعده وقد بوَّب البخاري [باب القنوت قبل الركوع وبعده ] لكن القنوت بعد الركوع أكثر في الأحاديث النبوية كما نص على ذلك جماعة من أهل العلم فيُغَلَّب على ما قبل الركوع, والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموعة الفتاوى ( 23/100 ): " وأما القنوت, فالناس فيه طرفان ووسط: منهم من لا يرى القنوت إلا قبل الركوع, ومنهم من لا يراه إلا بعده, وأما فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره فيجوزون كلا الأمرين لمجيء السنة الصحيحة بهما وإن اختاروا القنوت بعده لأنه أكثر وأقيس فإن سماع الدعاء مناسب لقول العبد: سمع الله لمن حمده,
فإنه يشرع الثناء على الله قبل دعائه كما بينت فاتحة الكتاب على ذلك أولها وآخرها ".


وآخر دعوانا الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف من أعز الله به الدين .

كتبه الفقير إلى عفو ربه : عبدالله بن حمود الفريح
إمام جامع الأميرة سارة
مخبتة لربها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-08, 02:27 PM   #2
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي


موضوع مميز ومهم جداً ..

أحسن الله إليكِ أختي " مخبتة لربها " وجزاكِ الله خيرا .
ونفع بكِ الإسلام والمسلمين ..

من يساعدك يا غالية ؟
أم هناك خطأ مطبعي ؟



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-09, 06:36 AM   #3
مخبتة لربها
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 30-12-2008
العمر: 21
المشاركات: 15
مخبتة لربها is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم أســامة مشاهدة المشاركة

موضوع مميز ومهم جداً ..

أحسن الله إليكِ أختي " مخبتة لربها " وجزاكِ الله خيرا .
ونفع بكِ الإسلام والمسلمين ..

من يساعدك يا غالية ؟
أم هناك خطأ مطبعي ؟
أهلاً أختي أم أسامة وسعدت بمرورك , ماذا تقصدين ياغاليتي بمن يساعدك ياغالية ؟ أم أن هناك خطأ مطبعي ؟
مخبتة لربها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-09, 10:42 PM   #4
أم رشدي
~مستجدة~
افتراضي

بارك الله فيك أختي في الله مخبتة لربها على هذا الموضوع الذي نفعني كثيرا لأنني أقنت منذ يوم الخميس و أدعو لإخواني و أخواتي في فلسطين و غزة خاصة و لكن ليس في كل صلاة فجزاك الله خيرا و جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك آمين

أم رشدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-09, 03:59 PM   #5
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أختنا مخبتة لربنا , ولا حرمك الله أجر نقلك الطيب .

لقد بحث عن مصدره وسأضعه هنا على أمل أن لا تنسي ذكر المصادر في المشاركات القادمة أيتها الحبيبة

المصدر :- من هنا-


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مخبتة لربها مشاهدة المشاركة
أهلاً أختي أم أسامة وسعدت بمرورك , ماذا تقصدين ياغاليتي بمن يساعدك ياغالية ؟ أم أن هناك خطأ مطبعي ؟
أختنا أم أسامة كانت تقصد العمر المدون في بطاقة التعريف خاصتك , انظري




توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-09, 01:59 AM   #6
ام عبد الكريم وسعد
~مشارِكة~
c1 طفلتي المباركة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله لنا فيك يابنيتي وياطفلتي الغالية
اعزك الله بالاسلام يابنتي ونفع بك الامة ياغالية والله كنت اظن القنوت بعد سمع الله لمن حمده من ركعة الوتر
اشكرك يابنتي على هذا التفصيل
وبارك الله لنا في ابنتي زهرة على حسن النية بين اثنين بووووركت يابنتي وجزاك الله خير
ام عبد الكريم وسعد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .